مشكلتي بدأت منذ أن أنهيت خطبتي؛ لأني لم أجد في خطيبي ما كنت أتمناه من التزام ديني، فلقد تسرَّعت بالموافقة؛ لأني كنت أراه بعين المحب وأعني بالالتزام السلوك والتصرفات لا العبادة فقط فهو كان يصلي ويصوم.
ومن ذلك الوقت عرض عليَّ عدة أشخاص، ولكن لم يكونوا مناسبين، سواء من ناحية المستوى الاجتماعي أو الديني والفكري. والآن أنا أشعر بإحباط كبير؛ لعدم تقدم الشخص المناسب لي، وبدأت أشعر بفقد شهيتي لرؤية البشر والتفاعل مع الأحداث، وأشعر بغيرة شديدة رغمًا عني، إذا رأيت من هن أصغر مني قد خُطِبن، ولكني لا أتمنى أن تزول عنهن نعمة الله.
فاتني أن أخبركم أن خطيبي السابق قد خطب سريعًا بعد انتهاء خطبتي له، وهذا ضايقني، بمعنى أنه تمكن لأنه رجل من بَدْء ارتباط جديد، ولم أتمكن أنا من ذلك لمجرد أني فتاة لم أصادف بعد من يشاركني اهتماماتي.
فما الحل لمشكلتي من وجهة نظركم؛ لأني ضقت ذرعًا من الانتظار؟
وجزاكم الله خيرًا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
29/1/2025
رد المستشار
الأخت الكريمة، هذه أمور لا يصلحها الانتظار، بل ينبغي التحرك في دروب الحياة فيعرفك الناس، وتعرفينهم.
ما هي اهتماماتك التي تتحدثين عنها هنا؟! وهل أنهيت دراستك، وتعملين في عمل مناسب؟!
أتفق معك أننا نعيش في مجتمع متناقض، فهو يلوم الفتاة إذا لم تحسن الاختيار، ويعتبر إنهاء الخطبة وصمة في سجلها، فما بالنا بالطلاق؟!
والمجتمع الإسلامي الأول لم يكن مجتمعاً فاضلاً فحسب، بل كان ناضجاً، ومن علامات نضجه سهولة الطلاق والانفصال لمن استحالت بينهما العشرة، فالمفسدة المترتبة على زواج متهاوي الأساس أكبر بكثير من ألم فصم علاقة غير متوازنة، وغير مرشحة لمستقبل واعد.
ومن المظالم الشائعة أن هناك تمييزًا يحدث بين النظرة إلى الذكر، والنظر إلى الأنثى في هذا الأمر، رغم أننا ينبغي أن نشعر بالتقدير لهذه الفتاة التي رفضت أن تظلم نفسها، أو الإنسان الذي التزمت معه بوعد الزواج، حين رأت أنها لن تستطيع أن تكون سعيدة معه، وبالتالي لن تستطيع إسعاده.
إن هذه الفتاة أفضل بالتأكيد من أخرى تخشى من كلام الناس، أو من العنوسة، فتقول: "عصفور في اليد" أفضل من عشرة على الشجرة، وتمضي في إجراءات الزواج، ثم تحيل حياة البيت إلى جحيم ساخن أو بارد، كلاهما من ألوان العذاب.
إن لدينا الكثير من بيوت العنكبوت التي تتهاوى مع أول هبة ريح، وهي كذلك لأن الرضا المتبادل لم يكن هو الأساس، وإنما اعتبارات السمعة والوجاهة والمنظر الاجتماعي.
ورغم ذلك أعتقد أن النظرة الاجتماعية تنضج تدريجيًّا - أو هكذا أود – باتجاه قبول إنهاء الخطبة بوصفه جزءًا من روتين الحياة الحديثة التي لا يعرف فيها أحدٌ أحدًا إلا بعد فترة من التعامل المباشر، وبالتالي فإن أثر الوصمة المؤنثة القديمة يخف تدريجيًّا، وربما ينبغي أن يتكامل مع هذا مضاعفة كفاءة القدرة على الاختيار السليم بتحديد رغبات كل طرف في الطرف الآخر، وما هو مطلوب منه أن يفعله؛ ليتعرف على وجود هذه الصفات، ويحدد السلبيات قبل الإيجابيات، ويحسم أنه قادر على تحملها إن لم تتغيَّر.
أرجو أن تكوني أقدر على الاختيار السليم في حينه، وألا تضغط عليك عوامل الملل من الانتظار فتقبلي بما لا يناسبك، وأرجو أن تتحركي كما أسلفت في دروب الحياة حتى لا تكوني رهينة المحبسين بين شقي الرحى: الوصمة، والانتظار تحت الشجرة، رزقك الله بمن تقر به عينك، وتهنأ به نفسك، ويكون فيه الخير بإذنه تعالى.
واقرئي أيضا:
أحزان حائرة تنتظر شريك الحياة!
تأخر الزواج.. والأخذ بالأسباب!!
الاعتكاف في البيت: .. حل مرفوض