السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأدامكم الله ذخرا لنا وللأمة، وجزاكم الله عنا كل الخير.
مشكلتي هي أنني أريد أن أتزوج من فتاة أحبها ولكن والدها غير موافق لأنه في عداوة شديدة جدا جدا مع والدي ووالدتي، هذي هي المشكلة التي تريد حلا، والحل هو أن يوافق والدي ووالدها، ولكن للموضوع جوانب عديدة، سأحاول أن أحكي قصتي بإيجاز قدر المستطاع، فتحملوا طولها وسامحوني، وجزاكم الله عني ألف خير وجزى أهلكم وأقرباءكم وجيرانكم وكل من تحبون.
أقول بسم الله وعلى بركته: إنني لم أر التي أريد الزواج منها منذ عشر سنين، نعم منذ عشر سنين كاملة، قبل ذلك كنا (عائلتي وعائلتها) مقربين من بعض جدا جدا، كنا وكأننا عائلة واحدة بل والله أكثر من عائلة واحدة، كنا في الخليج نحن وهم، وكنا ننام عند بيوت بعضنا البعض ونحن في نفس المدينة، وكان بيتهم وكل صغيرة فيه عندنا، وبيتنا وكل صغيرة فيه عندهم.
المهم، هم عائلة مكونة من بنات بدون أولاد، ونحن كنا ذكور وإناث، وبناتهم كن رائعات الجمال، وكان والدهم غنيا جدا، وكنا نحن ميسوري الحال، ونحن وهم كنا عائلتين محافظتين جدا، فبشكل غير ملحوظ أحب كل واحد من الأولاد عندنا بنتا من عندهم، وفي نفس الوقت كل واحدة من البنات عندنا أصبحت صديقة خاصة لبنت من عندهم، وتشكلت الأحزاب.. بين كل بنت من عندنا مع واحد من إخوانها وواحدة من عندهم.
وبدأت المؤامرات والتجسس، والنذالة، وأنا في ذلك الوقت باختصار كنت كسولا غبيا جدا فاشلا دراسيا وغير محبوب، وأحببت أجمل بنت من عندهم وهي أيضا أحبتني، وبالمناسبة.. في تلك الأيام كان عمري 13 سنة تقريبا.. وهي كانت ذات 9 سنين، وأنا كنت أصغر الأولاد عندنا.
وفي أحد الأيام أحب أحد إخواني من الذين هم أكبر من سنا البنت التي أنا أحبها، وترك التي كان يحبها لخلاف تافه طبعا، وبدأ يخرب عقل البنت عليّ. وبمساعدة أختي التي هي صديقتها، وبنذالة ووضاعة استطاع أخذها مني مؤقتا.
بعد ذلك بسنة تقريبا، صار معلوما لنا ولهم أننا سنفترق؛ لأنهم كانوا يريدون الهجرة لأمريكا للحصول على الجنسية، ومن كثرة تعلقنا بهم كنا سنسافر سويا.. لولا مشيئة الله، فافترقنا.. وكان ذلك سنة 2013م، وبعد سفرهم بشهور.. عاد أبوهم لأنه كان صاحب أعمال تجارية في الخليج.. فقط ذهب لتثبيت أموره وأمور أولاده هناك.. وعاد لأنه كان عنده إقامة ولا يستطيع المغادرة طويلا.
المهم.. بعودته هذه حدثت الكارثة.. حدثت المصيبة التي لا يتوقعها أحد في هذا العالم، حدثت كارثة حولت الإخوة إلى أعداء.. نعم.. لقد كان أكثر من أخ لأبي.. وأكثر من والد لي ولإخوتي.. ولكن قدر الله وما شاء فعل.. المهم.. تلك الكارثة وتلك المصيبة التي تقف منها شعور الأبدان، أصبحت قديمة جدا جدا، ولكن ذكراها فقط تلهب العداوة أكثر من الأول.
فتلك الفتاة لم تغب عن بالي لحظة واحدة.. وأخي الذي أخذها مني.. بعد أن افترقنا نحن وهم.. أحب الكثير من البنات بعدها.. وهذا ما حز في قلبي كثيرا.. كيف أنه فعل ما فعل.. ثم استطاع نسيانها بكل سهولة؟
وتمر الأيام سريعا.. على أمل وعلى يقين بأنه لا مستحيل مع قدرة الله.. وكان لا بد لي أن أكبر.. لكي أجد حلا كي أقوم بإصلاح ما أفسده غيري.. ولكي أصلح بيننا وبينهم، وكي أكون كبيرا مسموع الكلام، ولست ذلك الغبي الكسول.. أنا الآن جوهرة البيت.. والذي يحسب له الحساب، ذو العقل الرزين.. ولكن طفولتي.. وحبي وحب طفولتي.. ما زال جوهره موجودا.. ولكنه أكبر بكثير من قبل.. وما زلت منذ سنوات عديدة أدعو بأن يجعلها الله زوجة لي في هذه الدنيا.. ولا أريد من هذه الدنيا سوى الشهادة في سبيله وأن تكون هي زوجة لي.. لكي تكون في الجنة زوجتي.. ولا أريد غير ذلك.. ولن تكون زوجتي في الجنة ما لم تكن زوجتي في الدنيا.. والدنيا كلها سنوات معدودة قليلة.. ولكن حياة الجنة أبدية أزلية.
وبعد طول سنين من الدعاء ألهمني الله بأنه يجب أن آخذ بالأسباب.. ولم أعلم أنها متزوجة أو مخطوبة ولا أعرف عنها أدنى خبر.. ولكن مشيئة الله فوق كل شيء.. مهما كان واضحا للجميع مدى استحالة المشكلة.. فالله موجود سبحانه تجلت أسماؤه وصفاته.. وبدأت البحث عنها.. وبدأت من الصفر.. ووصلت ولله الحمد.. وفتحنا الموضوع مع والدها.. فأنكر الموضوع أشد نكران.. وأوضح أنه من رابع المستحيلات.. وأنني لن أحصل على ظفرها ولو بكنوز الأرض كلها.. (وبالمناسبة هو الذي غلط علينا) وهو الذي كان سببا في المشكلة.. وهو الذي ارتكب الفظائع في حقنا وحق والدي، وقال لنا إنها مخطوبة.. ولو لم تكن مخطوبة.. فإن نجوم السماء أقرب لي من أن أصل إليها، ولكن الله ومشيئته فوق كل شيء.. سبحانه تجلت أسماؤه وصفاته.. ولم أفقد الأمل.
ووالله لقد أحسست ساعتها عندما قال بأنها مخطوبة ببرودة في يدي وجذعي الأيسر.. كنت سأشل.. لأنني لم ألحقها قبل فوات الأوان.. ولكن الله سبحانه قواني وثبتني.. ولم أفقد الأمل ولن أفقده مهما حدث.
واكتشفت بعد أيام قليلة بأنها ليست مخطوبة.. وأن أباها كان يكذب علينا.. فقررت ساعتها وفورا بأن أذهب له مشيا من مدينتي إلى مدينته في الخليج.. علَّ وعسى أن يغير رأيه.. فوالله لأذهبن للقمر مشيا لو كان في ذلك سبب موافقته، ولكني كما قلت بدأت من الصفر منذ ست شهور.. ففورا بدأت بالتسجيل للدراسة.. وسأنهيها بعد شهر تقريبا.. وسأحصل بعون الله على وظيفة محترمة براتب محترم.. ساعتها سأفتح الموضوع مع والدي.. مع أني أعرف أنه لن يوافق مهما حدث.
ولكن الله موجود.. والله معي ولن يخذلني.. ولو أطبقت عليّ السماوات والأرض، فإن الله سيجعل لي مخرجا.. وكتابي هذا لكم هو أحد الأسباب التي أسعى عن طريقها.. ولن يضيع الله مجهودا.
والمشكلة تطول.. والقصة لها تفرعات عديدة جدا.. وأخاف أن أثقل عليكم.. ولكن إن كنتم تعلمون أن عندكم الاستطاعة لمساعدتي.. فأرسلوا لي ردا بالله عليكم.. أستحلفكم بالله أن تساعدوني.. ماذا أقول لكم أكثر من أستحلفكم بالله.. والله لا أعرف.. ولكن كنوز الدنيا لن تعدل أن أستحلفكم بالله.. ووالله.. لو كان القمر هو الحل.. لأجلبن لكم القمر إلى الأرض.. وجربوني.. اختبروني.. والله إني لن يزيحني عنها إلا الموت.. والموت فقط.. ولا شيء غيره.. ولكن الصبر له حدود.. تفطر قلبي والله.. وأثقل كاهلي هذا الحب الذي يملأ جنبات نفسي.. ووالله اشتقت لها.. والله لأسعدنها.. ووالله إني لمستعد لأي شيء مقابل الحصول عليها.. وأعلم واعلموا أنتم أيضا أن الله على كل شيء قدير.
فقط للتذكير أخيرا.. المشكلة في والدها ووالدي.. نريد من يكلم الطرفين ممن يعرف عنهم العقل الراجح والحجة الدامغة والكلام الحسن.. من أمثال الشيخ جاسم المطوع.. أتمنى أن تستطيعوا الوصول إليه ليكلم والدها ثم ليكلم والدي.. هذا ما أراه هو الحل.. ولا حل غير ذلك..
أرجو منكم الرد السريع.. وجزاكم الله خيرا وشكرا جزيلا لكم على كل حال.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
1/2/2025
رد المستشار
من أنت أخي الكريم؟ هل أنت قيس ليلى أو جميل بثينة أو غيرهما من العشاق الذين أفنوا حياتهم من أجل المحبوبة؟
أكثر من عشر سنوات وأنت تحب صورة في خيالك؛ ومستعد لبذل كل رخيص وغال، ومستعد لإحضار "لبن العصفور" كما يقولون من أجل عيون المحبوبة، فمن هي المحبوبة؟
إنها فتاة آخر عهدك بها حين كانت طفلة بريئة في العاشرة أو الحادية عشرة من عمرها، عشت معها حلما جميلا لمدة تزيد عن عشر سنوات، وأرجو ألا تغضب منى أخي الكريم، فأنا أحاول بكلماتي هذه أن أنقلك من عالم السراب والحلم الجميل – الذي تعيشه والذي تلعب فيه دور البطولة – إلى عالم الواقع لنبحث المشكلة من كافة جوانبها، وبعدها يمكنك أن تقرر ماذا تفعل في مستقبلك.
وبنظرة في حالك وملابسات مشكلتك يمكننا صياغة الأمر في عدة أمور لا بد من وضعها في الاعتبار قبل اتخاذ أي خطوة. فهذا الحب الذي نشأ بينكما، نشأ وهي طفلة صغيرة لا تعلم شيئا عن الحب والزواج، وساعتها كنت أنت على أعتاب مرحلة المراهقة، تريد أن تتذوق حلاوة الحب وروعته وتطمح أن تقيم علاقة مع أي فتاة، ووجدتها أمامك، فتاة رائعة الجمال تعرف مخبرها كما تدرك مظهرها، والعلاقة بينكما لن تكون شيئا مستهجنا لطبيعة العلاقة بين الأسرتين، ووجدت منها استجابة؛ فحلقت في السماء منتشيا لأنك لم تتصور أن يحبك أي إنسان وذلك بسبب الصورة شديدة السلبية التي رسمتها لنفسك؛ وكان ما كان ونسجت هذا الحلم الجميل الذي نما مع سنوات عمرك، ومما ضاعف من شعورك بحبها ما فعله أخوك؛ فانتزاعه لها منك جعلك أكثر تصميما على الفوز بها.. تحول حبك لها إلى ما يشبه الأساطير.. وتصورت أن العقبة الوحيدة التي تحول بينكما هي حالة النزاع بين والديكما، ولكن الأمر مختلف عن ذلك تماما.
تعال نتصور ماذا يمكن أن يحدث إذا شاءت إرادة الله أن تزال أسباب الخلاف بين والدك ووالدها ووجدتها فجأة أمامك.
ألا يمكن أن تجدها على غير الصورة التي أحببتها فيها، فلن تجد نفس الصورة التي احتفظت بها في خيالك؛ قد لا يروقك شكلها أو طباعها.. وكذلك قد لا تروقها أنت وقد لا ترتضيك زوجا لها.. ويمكن أيضا أن يتم زواجكما ولكنها لا تكون الاختيار الأمثل لك؛ لأن الزواج لا يبنى على الحب فقط، ولا بد من وضع اعتبارات العقل جنبا إلى جنب مع اعتبارات القلب عند اختيار شريك الحياة.
فلابد من دراسة طباعها ومحاسنها وعيوبها بعد أن تحدد بالضبط ما تريده أنت في شريكة حياتك، ويأتي قبل كل ذلك استخارة المولى عز وجل.
الأخ الكريم، قد يكون من المفيد أن تحرص على عودة العلاقات الطبيعية وإصلاح ذات البين بين والدك وبين صديقه؛ بغض النظر عن إتمام الارتباط بهذه الفتاة من عدمه.
الأخ الكريم: ابذل جهدك لتنزع نفسك من أحلامك وتنزل إلى أرض الواقع، وساعتها سيكون الارتباط بها - إن تم - أكثر جمالا وأكثر واقعية، ولا تنس أن تتابعنا بالتطورات.
ويضيف د. أحمد عبد الله إذا كنت تتحدث عن مشاعر الحب، وكيف تفعل بالنفوس فيمكن أن نتبادل في هذا الصدد الآراء والتعليقات، ونحن نرتحل بين القاهرة وأستراليا أو كندا "سيرا على الأقدام"، فهل لديك استعداد؟!
سيرة الحب وقصصه وملابساته ومفارقاته من أجمل ما يمكن أن يقال ويسمع، وكلماتك في هذا الصدد رائعة تخلب لب الحكيم، وتصيب المحرومين من الحب بالمزيد من الإحباط، والرثاء للذات، فشكرا لك من هؤلاء، وحنانيك على أولئك، وأنت مع ذلك كتمت أمورا لها أهميتها في غمرة وصفك للمشاعر، وهو ما يدعو للتساؤل: ما شأن هذا الجمال في الشعور والتعبير بالملابسات والتناقضات والعقبات الموجودة في واقع قصتك؟!
كررنا مرارا أن رفض الأهل وانشغال أحد طرفي العلاقة أو كليهما بهذا الرفض والتعامل معه أو التألم منه يحجب حقيقة المشهد، فهل قرأت إجاباتنا على الحالات التي تجلى فيها هذا الالتباس؟ وهي حالات كثيرة يفيدك الرجوع إليها. منها :
رفض الأهل ليس أهم الجوانب
رفض الأهل وزلزلة قرار الاختيار!
من حقك ألا تظل سابحا في بحار الحب السبعة، وتحلق طائرا في سماواته التي هي بلا حدود، ولكن حين يكون الحديث عن زواج وارتباط لا يسعفك نفس النهج، ولا تفكر بنفس المنطق، والخلط هنا خطأ وخطر، فهل هي أيضا ما زالت تحبك؟
أنت حر أن تحب طيفا فيه من الخيال أكثر مما فيه من الواقع، وحر أن تحلم أو تستعيد ذكريات زمن البراءة والمبالغات، وأن تشعر بالحنين إلى التيار الذي كان يسري في جسدك حين كنت تراها أو تتحدث إليه أو تفكر فيها، ولكن الزواج شيء آخر تماما.
فإن كانت المسألة مجرد تنقيب في صندوق الذاكرة، وتلذذ بماض هو أجمل وألذ من واقع مرحة الشباب، من مسئوليات الرزانة، فلا بأس البتة.
أما إن كنت تتحدث جادا عن ارتباط فيلزمك أولا أن تعرف جيدا ما صارت إليه فتاتك شكلا وموضوعا، فكما تغيرت أنت، وتغيرت أحوالك ونظرة الناس إليك، فهي حتما تغيرت، ويلزم معرفة الفتاة التي ستتزوجها جيدا، وأذكرك أنك لن تتزوج الفتاة التي في خيالك، ولكن ستتزوج فتاة لا تعرف النصف الأهم من عمرها الحالي!!
وبناء على هذه المعرفة المفتقدة حاليا تتخذ قرارك، وبجانب المعرفة – وهي أساسية – تبرز مسألة توافر رغبتها فيك التي تقتضي أن تعرفك هي أيضا، فهل تستطيع تحقيق هذه المعرفة المتبادلة؟
وهل ستتوافر الرغبة المتبادلة؟
إذا تحققت المعرفة، وصح العزم منكما فلن يقف دون ارتباطكما حائل.