أنا شاب متدين ولله الحمد، أعمل في شركة والدي، وأعيش مع أبي وأمي وإخوتي في جو أسري هادئ ومستقر ولله الحمد.. ولكن مشكلتي هي أبي؟ أبي ذلك الشخص الذي هو على قدر عالٍ من الإيمان والصلاح، لم أشاهده ولم أشك أبدًا في حياتي في أنه يرتكب محرمًا أو يقع في محظور..
لقد بدأ في هذه الأيام التحدث مع امرأة عبر الهاتف المحمول، ولا أعلم سبب محادثته لتلك المرأة! لقد اكتشفت ذلك صدفة عندما كنت مارًّا من أمام مكتبه... حاولت أن أتأكد من الأمر فأصبحت أتجسس عليه.. أعلم أن ذلك خطأ، ولكن كان لا بد من ذلك، وتأكدت بأنه يتحدث مع تلك المرأة بأمور خارجة عن نطاق العمل وكذلك يستمر الحديث أكثر من ثلث ساعة تقريبًا.. لا أعلم كيف وصلت تلك المرأة إلى أبي، إنه لا يخرج من البيت أبدًا إلا إلى المسجد والعمل فقط، وأنا الذي أرافقه إلى أي مكان يذهب إليه.
خاب أملي بوالدي لم أصارح أحدًا بهذا الموضوع إلى الآن، وأنا أبحث عن حل ولم أستطع أن أصارح أخي الكبير بذلك.. فأنا أحب والدي وأعتبره القدوة الحسنة وتاج رأسي، وعمره قد تجاوز الخامسة والأربعين.. هل من المعقول أن يحدث كل ذلك من والدي؟ أرجوكم أرشدوني: ماذا أفعل؟ فلقد أصبحت منذ تلك اللحظة عكر المزاج، وأفكر كثيرًا في هذا الموضوع.. ولا أخفي عليكم بأنني خائف من ارتباط والدي بتلك المرأة!
أعترف بأن ذلك من حقه، ولكن هل جزاء زواج استمر 26 عامًا يكون بهذا الشكل؟
وما ذنب أمي المسكينة التي عاشت معه في السراء والضراء وهي إلى الآن لا تعلم أي شيء عن ذلك؟؟
15/2/2025
رد المستشار
الابن الكريم، حسنًا فعلت باستشارتك قبل أن تتصرف باندفاع، ونحن نستشعر مدى ما أنت فيه من ألم وقلق لأسباب كثيرة منها: خوفك على استقرار الأسرة، ومنها اهتزاز صورة القدوة عندك.
أولاً: ليس هناك ما يؤكد أن والدك ينوي الزواج بهذه المرأة، أو أن علاقته بها قد خرجت عن حدود اللياقة والأدب، وأنت حين تجسست عليه أخطأت بهذا الفعل الحرام، وجلبت لنفسك الشقاء بيديك؛ لأن الهواجس تكاثرت عليك، وأصبحت في الحال التي أنت عليها الآن.
ثانيًا: أما وقد حدث ما حدث فينبغي حسم الأمر، وتبديد الظن، وحتى يحدث هذا أمامك طريقتان:
الأولى: المصارحة على خلفية ما بينكما من حب وثقة، وفي إطار من الأدب الجم والاحترام الشديد دون أي انتقاص من مكانته، أو إهانة لمركزه، أو اتهام لأخلاقه، ولكن مجرد استفسار هادئ من ولد محب لأبيه الذي يقدره ويحترمه حتى تتضح الصورة.
والطريقة الثانية: هي التعويض بأن تسأله عن رأيه في الزواج الثاني لرجل في منتصف العمر؛ لأن صديقًا لك يوشك أن يتزوج أبوه ثانية، ويمكن أن يجري حوارًا عن دوافع مثل هذا الوالد - والد الصديق - للزواج ثانية، ونكون بالتالي أمام طرفين يتحاوران من وراء حجاب، وذلك ربما يعطي حرية أكثر في التعبير.
ثالثاً: سواء صدقت ظنونك أو لم تصدق، فيلزم أن تنبه والدتك بلطف، وبطريق غير مباشر للاهتمام بالوالد في هذه المرحلة الحاسمة والحرجة من العمر، مع تفهم لطبيعة "منتصف العمر" حين يحتاج الرجل إلى أن يشعر بأنه ما زال مرغوبًا، وقادرًا على تبادل العواطف، والتعبير عن المشاعر تجاه أنثى يحبها، والأصل أن تكون زوجته، ولكن بعض الزوجات يحدث عندهن - وخاصة بعد ربع قرن من الزواج - حالة من الاطمئنان الضار من ناحية أزواجهن، ويكون مضمون هذا الاطمئنان نوعًا من الإهمال، وهي لا تدري أن الزوج في قمة الاحتياج لتجديد العواطف والأشواق!!
رابعًا: يمكنك الاطلاع على إجابات سابقة لنا عن الزواج الثاني وسلبياته سنضع لك ارتباطاتها أدناه، ويمكنك أن تستخدم الحجج الموجودة ضمن هذه الإجابات في نقاشك مع الوالد، ونأخذ في الاعتبار أن الزواج الثاني يظل حلاً أحيانًا يكفل الإبقاء على البيت الأول متماسكًا بإقامة بيت آخر يدعمه - عند الحاجة لذلك- أي أنه ليس كل زواج ثان هو بالضرورة حذف وهدم للبيت الأول.
وأرجو أن تتضح أمام عينيك الصورة، وتمر العاصفة بسلام، هذا إذا كان في الأمر عاصفة من الأصل، فربما لا يعدو الأمر أن يكون زوبعة في فنجان.
واقرأ أيضًا:
الزواج الثاني: القصة برواية الأولى!
الزواج الثاني البحث عن شجرة الخلد!
حكاية جديدة عن الزواج الثاني!
بهدوء.. الزواج الثاني.. وحوار ساخن
الزواج الثاني أيقظ الاعتراض.. أخيرا