الطهارة والاكتئاب
السلام عليكم، ربما أطيل قليلا في الشرح فاعذروني. انتقلت مع عائلتي إلى ألمانيا منذ بضع سنين وحصلت معي الكثير من الأمور والضغوط النفسية مما أدى إلى إصابتي بالقولون العصبي. بدأ الأمر بحصول الغازات من العديد من الأطعمة فتوقفت عن أكل ما يسبب الغازات مثل الثوم والملفوف والبقوليات وهي فعليا الأشياء النافعة للمعدة لكني كنت صغيرة ولم أكن أعلم شيء وكل ما كان مقصدي هو الابتعاد عن هذه الأطعمة من أجل الصلاة والوضوء.
لكن مع الوقت ومع ازدياد الضغوط النفسية تفاقم الأمر جدا بحيث أصبت بالقولون العصبي مما غير حياتي تماما، فمعدتي لم تعد تحتمل الكثير من الأطعمة وأي شيء يسبب لي الغازات والنفخة مما يؤدي لكثرة التبول والبول عندي يسيل أحيانا للخلف وأستعمل الإبريق من أجل ذلك وليس الشطاف مما يؤدي أحيانا لارتداد المياه عليّ من المرحاض وأضطر كثيرا إلى غسل الجزء السفلي وحين أدخل الحمام للتبرز كثيرا من الأحيان أمسح كثيرا بالمناديل لكن يبقى هناك أثر مما سبب لي حرجا شديدا مع أهلي بسبب فترة مكوثي في الحمام.
في وقت الدورة يزداد الأمر سوءا أصبحت أخاف من الأكل والشرب، فبسبب القولون أشعر كأن معدتي صلبة وتضغط دائما على مثانتي وحين أدخل الحمام أثناء الدورة لا ينزل مني الدم بشكل غزير إلا حين أجلس على المرحاض فلا أستطيع الاستنجاء بسبب استمرار نزول الدم بكميات كبيرة ويستمر نزول الدم لربع ساعة تقريبا ومع الاستنجاء أمكث قرابة نصف ساعة في كل مرة أدخل ولا أستطيع الاستنجاء بسبب سيلان البول.
هذا بالنسبة لي لكن لدي أيضا مشاكل مع أهلي من ناحية الطهارة. أبي على سبيل المثال شخص يصلي ومن المفترض أن يحافظ على الطهارة لكن لا أستوعب كيف يفعل ذلك بالحمام، فهو عندما يدخل للتبرز أعزكم الله يستخدم الشطاف دون استخدام المناديل فينثر البراز مع الماء في كل مكان على المرحاض ويترك أحيانا آثار البول وإخوتي الأولاد ذات الشيء حين يتبولون فأصبحت كل ما أدخل الحمام فوق مشاكلي الخاصة عليّ أيضا أن أنظف من بعدهم مما يزيد حالتي النفسية سوءا ويزيد من مشاكلي مع أهلي بسبب فترة بقائي في الداخل.
ذهبت إلى الطبيب بسبب موضوع القولون لكنه لم يأخذ الأمر بالجدية الكافية وأنا يشهد الله أني أفعل كل ما بوسعي لتخفيف المشاكل من ترك بعض الأطعمة واتباع نظام غذائي معين. لكني تعبت جدا ولم أعد أحتمل. موضوع النجاسة والتنظيف بسبب مشاكلي الخاصة أو مشاكل إخوتي وأبي دمروا حياتي وأصبحت حرفيا كالجثة، متعبة طول الوقت وليس فعلا شابة في الـ 24 من عمرها. تركت الدراسة والعمل بسبب موضوع التبول فكيف أدخل الحمام في الخارج مع كل مشاكلي هذه.
كنت أعاني جدا خلال فترة المدرسة وأمتنع عن الأكل والشرب حتى أعود للمنزل ولقد تعبت. لا أستطيع العمل بسنية إزالة النجاسة لأن كل هذه الأمور حقيقية وليست وسوسة وتعبت من التطهير لكني كشخص يحب النظافة والطهارة كأي إنسان فكيف أجلس على المرحاض عليه بول وما إلى ذلك!
لم أعد أعلم ما أفعل حتى فكرة الزواج والإنجاب أصبحت أرفضها وأقول لن أتزوج بسبب القولون فكيف أتحمل مسؤولية طفل مع كل مشاكلي هذه أأترك طفلي وزوجي وأقضي كل وقتي في الحمام...؟
تعبت جدا والله يعلم وهذا الشيء الوحيد الذي يصبرني أنه يعلم. أبحث حاليا عن شقة لي لوحدي لكن الأمر صعب والشقق قليلة أو أفكر في العودة إلى من حيث أتينا رغم صعوبة المعيشة فقط كي أرتاح وأريح الناس مني. فأنا أصبحت أشعر كيف أن أهلي وإخوتي لم يعودوا يتحملونني وأتعبني شعورهم هذا تجاهي وأني عبء.
أقاربي الذين أيضا في ألمانيا يدعونني دائما للزيارة والبقاء عندهم بضعة أيام وأرفض دائما بسبب مرضي وألا أسبب لنفسي الحرج. حياتي حرفيا متوقفة وضائعة وتعبت من التفكير ومن الكآبة، أريد أن أشعر أني حية لكني لا أستطيع، أحيانا أفكر هل أن أعيش هكذا أهم عند الله من أن أصلي مثلا بالنجاسة، ولكن أصلي براحة وحب وأكون مرتاحة البال؟ لا أعلم. أعلم أنه ابتلاء وأنا صابرة وراضية بما قدره الله.
لكني أبعث استشارتي هذه لأني امتلأت وتعبت وكرهت فكرة تفكيري بالانتحار فأنا في الحقيقة لست هكذا.
أنا أريد أن أعيش وأن أعبد الله وأن أدرس وأعمل لكني وضعي الصحي والظروف المحيطة لا تسمح ماذا أفعل؟
20/2/2025
رد المستشار
الابنة المتصفحة الفاضلة "نا" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، واستعمالك وإن شاء الله متابعتك خدمة الاستشارات بالموقع.
يبدو أن أهم ما كان يشغلك من أمر القولون المتهيج! هو الغازات ولأجل الوضوء والصلاة، ولذلك بدأ الأمر بالخوف من خروج الريح أثناء الوضوء و/أو الصلاة واشتدت إثر ذلك أعراض القولون وأصبح الشكل هو أعراض وسواس خروج الريح، ثم تلتها أو ربما صاحبتها أعراض وسواس النجاسة وبالتحديد من عدم إحسان الاستنجاء، ثم بدأ إحساسك بسريان البول إلى الخلف! وهو عرض شهير في الموسوسات! ثم اتسع الأمر ليشمل فرط تحاشي النجاسات وأوقعك ذلك مع أفراد أسرتك في مناقشات وخلافات.
لم يقتصر الأمر على الصعوبة البالغة التي أصبحت تواجهينها في ألف باء الحياة اليومية، وإنما اضطررت إلى الاستغناء عن الفسح والتزاور مع أقربائك، وساهم ذلك كله -وغيره مما لم تخبري عنه- في وصولك حاليا إلى اضطراب الاكتئاب الجسيم إضافة بالطبع إلى اضطراب الوسواس القهري. وهي اضطرابات نفسانية تحتاج إلى علاج من طبيب نفساني ولابد أن تطلبي ذلك من المكان الذي يقدم لك الرعاية الصحية حيث تقيمين.
كذلك فإن أسوأ ما يمكن فعله هو البحث عن مكان تنعزلين فيه عن الأسرة هذا ليس حلا بالمرة، بل الصحيح هو أن يشارك أفراد الأسرة في علاجك ويساعدوك على التعافي بالاتفاق مع المعالج السلوكي المعرفي، وهو الجزء الأهم في العلاج المتكامل لحالتك، أنت الآن مكتئبة واكتئابك بين المتوسط والشديد إن لم يكن شديدا، وهذه حالة لابد من التدخل الطبي الحاسم والسريع لمناجزتها
بعد ذلك أعلق على بعض ما ورد في إفادتك تقولين (لا أستطيع العمل بسنية إزالة النجاسة لأن كل هذه الأمور حقيقية وليست وسوسة) ومن قال لك أن سنية إزالة النجاسة خاصة بالموسوسين لأنهم يتوهمون وجود النجاسات؟ بل الصحيح أنه رأي يمكن أن يأخذ به الصحيح والمريض على حد سواء، والحديث عن النجاسة الحقيقية وليست النجاسة في عين الموسوسين أي أن النجاسة الحقيقية هي المقصودة، وإن احتجت لفهم أكثر لموضوع سنية إزالة النجاسة فستجدينه في الارتباطات أدناه، ولكن عليك أن تعلمي أن رخصة مريض الوسواس القهري أوسع من السنية لأنه غير مكلف أصلا بكل ما يرد تحت باب النجاسات فلا يطلب منه لا تنظيف ولا تطهير لأن الوسوسة تسقط التكليف، وربما تأدبا ينصح الموسوس بداية أن يأخذ بحكم سنية إزالة النجاسة بغض النظر عن مذهبه، فإذا جائنا يقول مثلما تقولين نجاسة حقيقية أو يسأل عن الكمية أو عن أثر الأخذ بالسنية على وضوئه أو على تنجيس ما يلمسه أو يستعمله نقول له أن السنية تعني أن تتجاهل النجاسة الحقيقية وبغض النظر عن المكان أو الكمية وأنت لا تتنجس ولا تنجس ولا تنقل نجاسة، ولا علاقة لك بالآخرين من حولك فهم عقلاء مكلفون إذا رأوا نجاسة تعاملوا معها ولا علاقة لك بالأمر، فإن لم يساعده هذا نقول له أنت إذن غير مكلف!
واقرئي أيضًا:
وسواس النجاسة: الأخذ بالسنية فالوسوسة بالكمية!
وسواس الصلاة: سنية إزالة النجاسة لكل الجسد! م16
وسواس النجاسة: السنية والمقولات الفقهية!
للموسوسين سنية إزالة النجاسة والأصل الطهارة!
وسواس النجاسة: سنية الإزالة رخصة دائمة!
سنية إزالة النجاسة: بغض النظر عن الذنب!
وأما سؤالك الذي يكرره عليك الوسواس (هل أن أعيش هكذا أهم عند الله من أن أصلي مثلا بالنجاسة، ولكن أصلي براحة وحب وأكون مرتاحة البال؟) بالطبع لا الأهم عند الله هو أن تصلي براحة وحب وهدوء بال، ولهذا يسقط التكليف، واقع الأمر أنك ألزمت نفسك بما لا يلزم فأثقلت لأجل عبادتك على نفسك وعلى أهلك ومن الواضح أن ذلك الوضع استمر لفترة طويلة فأرهقت واكتأبت، وأصبحت في نظر الوسواس مهيأة لما هو أسوأ، فبدأك الوسواس بالسؤال (هل أن أعيش هكذا أهم عند الله من أن أصلي مثلا بالنجاسة) بل إن صلاة الموسوس في النجاسة مقبولة ولو صلى والنجاسة تقطر منه!! لأنه غير مكلف وليس هذا على مذهب واحد، أي لا علاقة للأمر هنا بسنية إزالة النجاسة (التي قد تصح للصحيح) بل إن الموسوس مريض ولابد ليستطيع أن يصلي مستريحا راغبا أن يسقط عنه التكليف بكل أمور النجاسة والطهارة، وستجدين شرح وتعليل ما أقول هنا في إجابة: الوسواس القهري: معنى سقوط التكليف!
واقرئي أيضًا:
وسواس النجاسة: الاستنجاء أثناء الحيض م6
موسوسة من العيار الثقيل!
أخيرا تواصلي بأقصى ما يمكنك مع طبيب ومعالج نفساني ومرة أخرى أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعينا بالتطورات
ويتبع>>>>>: وسواس خروج الريح والنجاسة والاكتئاب! م