أنا الآن أكتب وأبكي على بكاء أمي.. المشكلة بدأت حينما سافر أخي الأكبر إلى أحد الأماكن في بلدي لكي يعمل بالسياحة، ولكن حدث له ما حدث للكثير من الشباب الذين لا يجدون المال اللازم للزواج وإكمال نصف الدين، ووقع بعد أن فعلت به الأيام ما فعلت في زواج من امرأة أجنبية، ولكنها مسلمة من دول أوروبا .
لكن الطامة أنها في سن أمي؛ حيث أخي عمره 32، وهذه المرأة عمرها 55 عاما، وهي تريد الإقامة في بلدي مصر إلى الأبد، فنزل هذا الخبر على أمي كالصاعقة.
مر على زواجه هذا الآن سنتان، ولا أدري ماذا نفعل أنا وأمي في هذه المصيبة، فلقد تغير أخي تغيرا كبيرا وأصبح كالطفل بين يدي هذه العجوز، حاولنا معه الكثير، ولكن ما الحيلة حينما نواجهه بأن هذا الوضع خاطئ غير منطقي يحاول التفلت، وعند الضغط مني أنا وأمي يبكي أمامي كالطفل؛ فهو يشعر أنه بغير هذه العجوز لا يستطيع العيش؛ لأنها تكفل له المعيشة كاملة من المأكل والمشرب والملبس، فأبلغته أن الله الرازق لم يدع الرزق في الأرض، بل حفظه في السماء، وأن مقاليد العباد تجري بأمر الله وحده، ولكنني أشعر أنه يائس من أن يبدأ من جديد الحياة.
أشيروا عليّ جزاكم الله عني وعن أمي خيرا، كيف أقتلع أخي من بين أحضان هذه العجوز؟ أرجو من الله أن أجد عندكم الحل ليهدأ قلبي، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
21/2/2025
رد المستشار
الأخ الكريم، بين يدي رسالة طويلة من صديق رأى أن يكتب لنا فصولا من "جهاده" الذي يعيشه يوميا ملايين الشباب في بلدنا الذي تعرف أنت ظروفه، ويعرفها الجميع. وهذه الرسالة موجودة على صفحتنا بعنوان :
الجنس للبعض أم الزواج للجميع؟... خبرة ملتزم
الاختيارات المتاحة أمام أي شاب مصري "عادي" - أي ليس له ظهر يسنده - معروفة، إما السفر إلى الخراج بكل ما يحمله من مخاطر وصعوبات، هذا إذا كان متاحا!! أو السفر إلى الداخل، حيث السياحة والعجائز الباحثات عن شبابهن الذي ولّى، ولذلك المفاضلة تكون بين الاختيار السيئ والأسوأ… مع احترامي الشديد لدموعك ودموع الوالدة.
ولكن تأمل معي في علاقة المصلحة المتبادلة بين أخيك وزوجته الأوربية، وهو ليس ساذجا أو مسحورا بها كما تظن أنت ووالدتك، إنما هي صفقة واضحة : يعطيها الجنس الحلال فيقضي وطره، وتقضي وطرها وتعطيه مقابل ذلك بعض المال مقابل السعادة التي تحصل هي عليها، وكلاهما يحقق لنفسه أشياء إيجابية.
ولكن علاقة كهذه لن تستمر هكذا أبدا، وانقطاعها ليس مرهونا ببكاء الوالدة وضغوطها، ولا بالشعارات الرنانة قولاً من قبيل "الرزق في السماء" ومقاليد العباد بيد الله، فهذه حقائق غيبية تتجسد فعلا في الواقع عبر الجهد البشري في طلب الرزق، والسعي في الأرض.
إذا كنت تريد ووالدتك لهذه العلاقة أن تنتهي فكفا عن البكاء، وقدما لأخيك الدعم النفسي بالقرب منه لا بمقاطعته، وتعاونوا جميعا على أن يستطيع الاستقلال المادي في عمل معقول، أو مشروع مناسب فهو حين يقف على قدميه، وتصبح له أرض يقف عليها، وسماء يستظل بها، وكيان شخصي ومعنوي سيبدأ في التفكير بالحياة السليمة من إقامة أسرة، وإنجاب أطفال، ولن يجد عناء وقتها في ترك هذه السيدة، وينبغي أن يكون هذا في تفكيره وتخطيطه قبل أن تتركه هي بحثا عن شاب أصغر يمكن أن تجد لديه ما لا يستطيع أخوك منحه مع تقدم العمر بالشكل الذي يمنحه الآن.
خفف الوطء قليلا، وتفهّم موقف أخيك حتى تستطيع مساعدته عمليا على ما تريده من إقامة الحياة السليمة المتوازنة، ودع البكاء لغيرك، فلو كان الدمع يصلح خللا أو يعدل مائلا أو يصحح الأوضاع المقلوبة، والفوضى الاجتماعية المنتشرة لجرت دموعنا نهرا دافقا بعرض الأرض العربية وطولها من المحيط إلى الخليج..
تحياتي لك ولأخيك وللوالدة، ولا تنسونا من صالح دعائكم. ,وتابعنا دائما بأخبارك