عندي مشكلات كثيرة مع أسرتي خاصة أمي، والتي تجعلني دائمًا أنام والدموع في عيني، وأنا أفعل كل ما أستطيع لإرضائها لكنها لا ترضى، علمًا بأنني أعاني من السكري وأمي دائمًا تذكرني بذلك.
أرجوكم أن تجدوا لي حلاً؛
فأنا لم أعد أجد في نفسي القوة لاستمرار الحياة معها.
22/2/2025
رد المستشار
أختي الكريمة، يمكن النظر إلى شكواك من عدة زوايا كلها صحيحة، وتتكامل في رسم الصورة أمام عينيك.
هناك سوء تفاهم تاريخي بين الأم والابنة رآه الفلاسفة والنفسانيون صراعًا، ونحن نحاول أن نراه أعمق من ذلك.
البعض يصف الابنة وكأنها الضَّرّة الخفية للأم في حب الأب مثلاً، والبعض يراها التحدي الحي كشمس طالعة، وربيع صاعد في مقابل شمس الأم الغاربة، وآخرون يرونها امتدادًا لمسيرة قمع الذات، ومصادرة الرغبات والحريات تحت شعارات مثل: "عشت تعيسة فلماذا تسعدين؟!".
وفي أحسن التأويلات، فإن رغبة الأم في إسعاد ابنتها، وخوفها على صحتها ومستقبلها وشرفها وأخلاقها…إلخ هذه الرغبات تخرج عند الفعل في صورة قيود وأوامر، أسلاك شائكة، وكلاب بوليسية، وربما يخفف من وطأتها وجود الأب بما يعنيه غالبًا من حضور قوي في ذاته، يهمّش بقية القوى والسلطات، ومنها سلطة الأم.
ونحن لا نبرر الخطأ مهما كان مصدره، ولو كان مصدره الأم منبع الحب والرحمة، وقدس الأقداس، ولكننا ينبغي أن نتجاوز – وبخاصة مع الوالدين- منطق الصواب والخطأ دون إلغائه، إلى منطق التفهم والتعاطف والتواصل، وليس صعبًا -مع بعض النضج والحكمة- أن نحصل على ما نريد بأقل ضجيج ممكن، وللحصول على الحقوق طرق كثيرة، أفشلها في حالة الوالدين أن نصادم ونتحدى فالنوايا غالبًا حسنة، وإن كانت التعبيرات مزعجة، ولا يساندنا في الصدام دليل من منطق، أو تعاطف من مجتمع، أو حتى أثر من دين.. بينما في الحكمة -وهي هنا اللين والرفق إلا في مواضع قليلة للغاية -متسع لكل من يريدون الحياة الحرة الطيبة.
ليست أمك هي التي تحادثني لأنصحها بالحكمة، ومحاولة تفهم منطق الشباب بتمرده ونفوره، ونزعته للاستقلال، وإثبات الذات، وهي لوازم فطرة، ومعالم نمو.. أنت التي أتحدث إليها، ولك أقول: ستمر بك اختبارات أصعب كثيراً من كسب قلب أمك، والأم الصعبة هي ميدان رائع للتدريب على الديبلوماسية والحكمة والنضج، فانتهزي الفرصة، وغداً تقولين: أين أيامك يا أمي؟!
وأسألك صادقًا: هل فهمت من كلامي هذا أننا ننحاز للوالدين على طول الخط على حساب الأبناء أو على حساب الحق.. أنا أسألك؛ لأن هذه التهمة ألصقها بنا الكثيرون من رواد هذا الباب.
واقرئي أيضًا:
من أم أسطورة إلى امرأة غريبة: الأم العربية!
نفسي في أم غيرها!: أخي بكل احترام وأنا بالجزمة
أمي، الأم دائمة الانتقاد: كيفية التعامل؟!
أمي تستنزف حياتي!
مثل كثيرات : أنا وأمي ..... سيرة ومسيرة !
فتاة... هل من حل لكره أمي لى؟
مشكلتي أمي: استفزاز... وخصام... وتمييز مادي
مثل كثيرات: أنا وأمي: حياة مسمومة– مقادير خلطة الترياق م1
أمي... هلا أحببتني؟!
أمي تعرقل حياتي: الأم النرجسية