تعقيب
تعقيب على ما أسميتموه "حديث منتصف الليل" إنه ليس حديثًا، إنه حياة بأكملها، فلا أعتبر نفسي في هذه الدنيا إلا عند الحديث معه، أعرف أن ما أقوم به خطأ؛ لذلك أعلنت الحرب، فأنا أفترق عنه؛ لأبدأ حياة الجحيم، وما زلت أقولها: إني أحبه رغم أن الأيام تفرق بيننا، صدقني لم أفكر طيلة علاقتنا في الزواج منه، ولم أشأ ذلك، ما تمنيته فقط هو أن أظل أكلمه، ستقولون لي: إنك تلهين، ولكن قد يكون سبب عدم تفكيري بهذا الأمر هو أنني أحبه، ومن أحببت لا أرضى له أن تكون زوجته مثلي، فأين الثقة التي ستزرع بيننا؟ فأنا حدثته قبل أن تكون هناك علاقة رسمية، فكيف يثق بي؟!
أتمنى أن تفهموني، وقد يكون السبب الآخر هو عائلتي التي ترغب في تزويجي لغيره دون مشورتي، أنا الآن أعيش تجربة مريرة، نهايتها مماتي؛ لأني لا ولن أنساه، أريد أن أعيش في ذكراه؛ لذلك اخترت تخصصًا صعبًا في الجامعة؛ حتى تكون عندي الجرأة في أن أرفض كل من يتقدم لي بحجة الدراسة، فأنا أعلم أن هذا التخصص لا يناسبني، ولكني سأخوضه فقط للهروب من عالمنا، وأنفرد بعالمي معه،
لقد أطلت عليكم بالحديث، أعذروني، فلم أعد أملك من أشتكي له،
فقد كان هو الإنسان الوحيد الذي يسمع شكواي، وتكون كلماته الدواء لجراحي.
3/3/2025
رد المستشار
أختي، استلمنا رسالتك، ثم عتابك على تأخير الرد، ولا تدرين ماذا فعلت بنا كلماتك، وماذا فعلنا بها؟
أقول لك لتعرفي، وليعرف أصحاب المشكلات مصير أسئلتهم، ويجدون لنا العذر في بعض التأخير عندما يحدث: أمامي الآن ردود مكتوبة من أربعة أعضاء في فريقنا بعد أن تداولنا شأنك، وقلوبنا متعلقة بكلماتك التي لولا ثقتنا فيك لقلنا: إنها منقولة من رواية درامية. ما كل هذا التعقيد يا أختي؟!!
ما كل هذا التضخيم والالتباس والمبالغة الضارة؟!
ما كل هذا العناد بلا هدف أو سبب؟!
تعيشين قصة الحب الأولى، وتعرفين أن الحب الأول أسطورة فيها من الخيال الجامح أكثر مما فيها من الواقع الحقيقي حين تظن الفتاة أو يظن الفتى أن الطرف الآخر ملاك قد نزل من السماء، أو جِنِيٌّ خرج من البحر، وأن من خلقه لم يخلق غيره، وأنه هو "الوحيد" الذي… إلخ.
والحب الأول يكون الأكبر غالباً في حياة الإنسان بحكم السن والتجربة، ولكن رصيده من الوهم والظن يكون أكثر بالطبع، ومشاعر الحب الأول كالطوفان والإعصار والزلزال، لكنها لا تدوم كثيراً ولا تصمد أمام أحكام العقل، وحسابات المنطق، والإنسان قلب وعقل وروح، ومشاعر وحقائق.
وقد لا تشعرين بنفس المشاعر ثانية؛ لأنك ستنضجين أكثر، وتتعلمين أكثر.
الحب الحقيقي يكون متبادلاً، ولا يسمح لأطرافه بهذا الانسحاق والتشظّي والضعف، أما الحب الأول فهو مفرط في المثالية والرومانسية لدرجة أنك تستكثرين على نفسك الارتباط بالشخص الذي تحملين له كل هذا الطوفان من المشاعر، وتضعين نفسك في دائرة مغلقة لا تسمحين لنفسك بالخروج منها، ولا تسمحين لغيره بالاقتراب، ثم تقدمين على قطع العلاقة القائمة – رغم غرابتها – لأسباب تبدو غامضة أو أكثر شططاً،
كل هذا وهو يجهل عظيم حبك له!! ما كل هذا الظلم للنفس؟!
وإلى ماذا يستند كل هذا التعذيب للذات؟!
ولماذا كل هذا التضييق؟ وفي أي سبيل ترسمين طريقك؟!
أولاً: ليس الذي تمارسينه حباً من أي نوع، إنما هو نوع من إيذاء النفس.
ثانياً: الهروب إلى كلية لا ترغبينها لا يبدو حلاً لأي مشكلة، بل مشكلة جديدة تضاف إلى ما سبقها.
ثالثاً: أنت أهم وأغلى بكثير من أن تضعي نفسك على حافة الهاوية دون معنى، ودون مقابل غير نيران أشعلتها في قلبك، وهو لا يدري!!.
رابعاً: كُفّي عن تصعيد الأمور مع نفسك، ومع أهلك، فأنت لا تزالين في بداية الحياة العملية، فلا تعتبري ما مررت به هو غاية التجارب والخبرات؛ فما زال أمامك الكثير من الآمال والأهداف، والأشخاص الذين يهتمون بك لو أنك أعطيتهم بعض الاهتمام.
خامساً: سأنتظر منك بريداً هادئاً أستطيع أن أتواصل معه في هدوء، غير هذه المتفجرات التي تكتبينها، وتلغين نفسك بها مثل: "الحزام الناسف".
سادساً: لا تُقْدمي على أي فعل تندمين عليه بعد ذلك، وتودين عندها لو أن الأرض انشقت وابتلعتك قبل الإقدام عليه، واعلمي أن لوم الضمير أقسى من كل لوم آخر، ففكري في عواقب الأمور وتوابعها.
سابعاً: بنظرة بسيطة، وتأمل قليل تدركين أن الحياة ذاخرة بالحياة وصورها، والحب وأنواعه، والجمال وأصنافه، والسعادة وسبلها.. فقط ألقي نظرة خارج الدائرة المغلقة التي تحبسين نفسك فيها.... وسأنتظر إفادتك القادمة.