أرجو الإجابة على سؤالي، وجزاكم الله كل خير على ما تقومون به. أنا شاب في منتصف العمر متزوج من شابة تصغرني بعامين ورزقت بطفل ذكر مؤخرًا ولله الحمد، وزوجتي تحبني كثيرًا، ولا تستطيع أن تفارقني، وهي تقوم بواجبها نحوي على أحسن وجه، وتسمع كلامي في كل شيء تقريبًا، حتى إنها كانت متبرجة نوعًا ما ولكن بعد أن ارتبطنا لم تعارض في لبس الحجاب الكامل وتغطيه الوجه أيضًا وهي تتطور في التزامها ولله الحمد. ولكن المشكلة الرئيسية تخصني، فإنني لا أحب معاشرتها كثيرًا، وأحس أنني جاف نوعًا ما معها، وتقول: "أنت لا تدلعني كثيرًا" وهي تبادر دائمًا بالمداعبة، وتحصل بعض الخلافات إذا لم أتجاوب معها، ولا أعلم لماذا لا أحب معاشرتها وهي من النوع الرومانسي جدًّا.
علمًا بأنني لا أعاني من برود جنسي أو ما شابه ذلك ولله الحمد؟، ولكن معها هي شخصيًا ينتابني هذا الشعور، علمًا بأنها كانت مخطوبة قبل أن أرتبط بها وعندما رأيتها لم أعجب بها 100 في 100، ولكن كانت من أسرة محترمة وعلى حالها وطيبة جدًّا وجميلة نوعًا ما وهي أخت أحد أصدقائي. وفي بعض الأحيان أقول: لو لم أنجب منها لانفصلت عنها لكيلا أعذبها معي، وأحس أنني مقصر معها، ولكن ينتابني شعور غريب تجاهها مع أنها لم تفعل بي شيئًا، وأيضًا تغار كثيرًا وتشك في أن لي علاقات، مع أنني منتسب لأحد الجمعيات الإسلامية، وليس عندي أي علاقة لا قبل الزواج ولا بعده، وزواجنا أيضًا تم بسرعة، وفترة الخطوبة كانت مملة لي ولها.
وتزوجت، وقلت: إن بعد الزواج سيكون الحال أفضل، وحملت أيضًا بسرعة، وعلى حسب كلامها فإنها كانت متضايقة في فترة الحمل، وتقول: إني لا أقترب منها، وهذا بالفعل، ولكن الأيام الأخيرة في حياتنا أفضل، وأحاول كسر أي حواجز، ويقول الأهل: إنها عين، علمًا بأني أتمتع بحب المداعبة والضحك مع الآخرين وذلك قبل الزواج، وكانوا يقولون لي "يا بخت اللي بتاخدها".
هذا ما لديّ، وإذا أردتم أية معلومات اكتبوا لي ، وثقتي بالله كبيرة ثم بكم.
أفيدوني جزاكم الله خيرًا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
7/4/2025
رد المستشار
إن القلب والعقل يتكاملان ويتفاعلان، وهما حين يرتبطان بالله، ويستوعبان حقائق الحياة فإنهما مع سلوك الجوارح، وتعبيرات العواطف والمشاعر تتشكل من الجميع ما يشبه الأوركسترا الموسيقي الذي يعزف لحنًا متناغمًا متسقًا لا تضارب فيه ولا نشاز. ولكن عندما تكون قناعة العقل في ناحية، ومشاعر القلب في ناحية أخرى، تنسد مسارات المشاعر، ويحدث القلق والتوتر والالتباس، وزوجتك حين تظن أن لك علاقة بغيرها إنما تحاول الوصول إلى تفسير لجمودك تجاهها، وهي لذلك تغار كثيرًا، وتحزن لأنها لا تجد لإقبالها عليك رد الفعل المناسب عاطفيًا وسلوكيًا.
ومن الناس من له قلب جاف، وعجز عن التعبير العاطفي الذي تسميه أنت الرومانسية، وحين كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يلاعب الحسن والحسين ويقبلهما ذات مرة، قال له أحد الصحابة، وكأنه يستنكر هذا من الرسول القائد والقدوة: إن لي أبناء وحفدة ما قبلت منهم أحدًا، ولعله ظن أن هذا هو حزم الرجولة، وكمال الاحترام لمقام الأبوة، فقال له الرسول الأعظم في كلمات بسيطة بليغة: من لا يرحم لا يُرحم "بضم الياء في الثانية".
فإذا لم تكن لديك أسباب مرضية عضوية أو نفسية تحول دون أن ترغب في زوجتك كما ترغب فيك وتشتهيها كما تشتهيك، وتعبر لها عن حبك أو على الأقل عن امتنانك تجاه برها بك، ورعايتها لك، فهل يمكن أن تجد لذلك سببًا معقولاً غير أنك تعاني من إعاقة عاطفية تحتاج إلى علاج وإعادة تأهيل!! والرسول الكريم يقول في إرشاد حكيم رائع: من يتصبر يصبره الله، ومن يتفقه يفقه الله... إلخ. أي أن الأمور قد تبدأ بنوع من الافتعال والعقلنة الزائدة لفعل معين أو شأن ينبغي أن تغلب عليه العاطفة ثم مع الوقت تأتي المشاعر، وتتفجر ينابيع الحب لتروي الأرض الجافة.
إن في زوجتك الكثير مما يُحَبّ، وليس في حياتك غيرها من النساء، والقلب يعشق جمال الروح والطيبة والبر والإقبال، كما تعشق العين جمال الشكل الذي قد يخفي وراءه عيوبًا هائلة في النفس والسلوك. يا أخي، أحسن معاشرة زوجتك، وتبادل معها العواطف لتنهلا من شهد الحب الحلال المصفى، الذي حين تذوقه مرة فلن ترضى عنه بديلاً، واعلم أن البئر التي لا ترد تجف، والسيف الذي لا يستخدم يصدأ، والقلب الذي يطلب الوصل فلا يجد إلا الصد يُغلق أبوابه، ولو بعد حين.