السلام عليكم.
أنا عندي ولدين توأم الحمد لله ومن ٣ سنين زوجتي حملت وكنا متابعين الحمل، ولكن في الشهر السابع عرفنا إن الحمل في بنت وهي حتكون داون سيندروم.. والدكاترة بلغونا أن الدوان دائما بيكون عندهم مشاكل. المهم زعلت بس معترضتش وأنا وزوجتي قلنا الحمل يكمل بأمر الله.
بنتي اتولدت داون وعندها عيب خلقي خطير يستدعي عملية قلب مفتوح في أول ٣ شهور. البنت من أول ما شفتها وقعت مجنون بحبها.. بصتي ليها وهي في حضانة المستشفى كانت بصة خوف عليها مع حب عجيب. المهم بقت هي أعز حد عندي في الدنيا..
بدأت رحلة المستشفيات وعملت عملية القلب المفتوح... احنا بره مصر... والدتها بتتحجز معها في المستشفى بالشهر وأنا بشيل الأولاد ده بجانب شغلي..... بعد عملية القلب المفتوح دخلت عملية تانية بعدها بـ ٣ شهور. في بداية شهر رمضان تعبت بدور برد أو احنا كنا فاكرين دور برد أخدتها لمستشفي استثماري كبير مع وأخدت الدوا اتحسنت بعدها تعبت ثاني أخدتها لنفس الدكتور أعطاها علاج على أساس دور برد...
البنت حالتها ساءت اكتر وكان يوم جمعة كلمت الدكتور قال لي إنه مش موجود في المستشفى وطلب مني أروح مستشفى حكومي.. المهم حجزوها وعلى آخر اليوم قالوا لي إنه في اشتباه في لوكيميا خاصة أن الداون معروف عنهم قابليتهم للوكيميا وحولونا لمستشفى سرطان الأطفال أسبوع وتوفاها الله....
أنا ووالدتها كنا شبه مقيمين في العناية معاها شفنا لحظات صعبة جدا.. لكن قضاء الله نافذ. مشكلتي أنا إن وأشهد الله أن ابنتي أنا حبيتها أكثر حد في الدنيا بس تأنيب الضمير حيموتني بيقتلني بيقلي إني معنديش ضمير أو إن حبي غير صادق.... أنا مقصرتش في أي فلوس علاج أو أي حاجة تتطلب مني وكنت مستعد أعمل أي حاجة بس تعيش... بس بتذكر لحظة زعلي لما عرفت أنها داون بتذكر لحظة مدت لي يديها علشان أشيلها من الأرض وكنت جاي من الشغل تعبان ومش شلتها مع إني دايما كنت بشيلها وألعب معها وأفتخر بيها.
خايف أكون أهملت واستنيت عليها لما افتكرت أنا ووالدتها إن ده دور برد.... كمان دكتور الوراثة اللي كان بيتابعها كان قال لي إن البنت لونها شاحب وعملها تحاليل وقال لي لو طلع تحاليلها كويسة يبقى لازم تتابع مع دكتور أمراض دم بس أنا ووالدتها خفنا يدخلونا في دوامة مستشفيات تانية لأنه في العادة نروح نكشف على حاجة تطلعنا حاجة جديدة..
اللي خلانا سكتنا إننا بعدها اتحجزنا في المستشفى ٤٠ يوم وعملوا لها تحليل دم وكان سليم وبعد الـ ٤٠ يوم عملت عملية لحمية ولوز وأكيد عملوا لها التحاليل دي قبل العملية ومحدش قال حاجة. إحساس الإهمال بيموتني...
بنتي توفيت عمرها سنتين و٧ شهور قضت أكثر من نصهم محجوزة في المستشفى وكنت بقول إن دي مش حياة سوية. خايف خايف جدا إنها تحاججني أمام الله يوم القيامة بس والله ما بخلت عليها لا أنا ولا أمها... أمها سابت الدنيا كلها وتفرغت لها وأنا كنت أقول لها إني محظوظ إن ربنا اختارني ووهبني بنتي..
عدى أسبوع على وفاة بنتي وأنا رجعت آكل وأشرب وأفتح الفيس وحرجع شغلي....
حاسس إن حبي مزيف..
28/4/2025
رد المستشار
الأخ الفاضل "محسن" وأنت إن شاء الله محسن يوم الدين، أهلا وسهلا بك على موقع مجانين وشكرا على ثقتك، ومشاركتنا همومك ومشاعرك النبيلة، وعلى استعمالك خدمة الاستشارات بالموقع.
سنتان وسبعا من الشهور عشت وزوجتك وربما الأبناء في دوامة العذاب بين الخوف والرجاء من مشفى إلى آخر بالوليدة الفقيدة (وهي الآن من عصافير الجنة يا "محسن") بينما كانت رحلتك الأليمة أنت وأمها عتبة تمران عليها إلى الجنة، هكذا يجب أن تفهم ما حدث، وهذا ما سيقوله لك أي رجل دين تسأله.... وهذا الوعد يا "محسن" ليس مشروطا بألا تخطئ أو تجهل أو تغفل -إن شاء الله لك أن تخطئ أو تجهل أو تغفل- لأنك كائن بشري وفي حالة كرب مستمر على مدى أكثر من أربعين شهرا! والأهم من ذلك ألا تنسى إيمانك بأنك حتى إن لم تخطئ ولم تغفل ولم تجهل فإن ذلك لم يكن ليغير من أمر وفاتها شيئا
أنت لم تهمل وإنما مثلك مثل غالبية الآباء والأمهات في هذه الظروف يفرطون في القسوة على أنفسهم حين يراجعون ما قالوه أو قصروا في فعله من وجهة نظرهم.... مهما كان ما يجول في خاطرك بهذا الخصوص تأكد أنك أبليت بلاء حسنا في تلقيك ومناجزتك للابتلاء.
من الطبيعي والصحي نفسيا أن تأكل وتشرب بشكل طبيعي كما كنت سابقا، ومن الطبيعي والصحي نفسيا واجتماعيا أن تعود إلى ممارسة عملك بانتظام كما كنت، فكل ما حدث كان اختبارا عويصا قاسيا لكنك اجتزته بنجاح وليس من الصحي أبدا أن يؤدي رد فعل الأسى (حزنك على الفقيدة) إلى فقدان الاهتمام بصحتك أو بعملك، ولو لا قدر الله حدث ذلك فإن رد الفعل الطبيعي الحالي قد يتحول إلى اكتئاب جسيم عافاكم الله.
لا تهتم بما يراودك من أفكار تحاول إشعارك بالذنب وتتهمك بأنك لم تكن تحب ابنتك أو أن حبك كان مزيفا فهذا غير صحيح وما تمر به الآن طبيعي جدا فقط عليك ألا تطيل التأخر عن عملك ومهمات حياتك.
واقرأ أيضًا:
لوعة الأسى والحداد
بين رد فعل الأسى والحداد والاكتئاب
رد فعل الأسى عند الفاجعة
كيف أساعد أماً فقدت جنينها؟
ومرة أخرى أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعنا بالتطورات.