السلام عليكم..
أنا شاب متزوج.. وقبل الزواج كانت لي علاقة مع امرأة من بنات الهوى استمرت إلى ما بعد الزواج.. وكنت لفرط حبي لها أود الزواج بها.. لكنني فوجئت أنها ما زالت تزني ففارقتها.. ولكن لم أعد أصبر عنها، وأنا أعرف أن زواجي بها سيدمر حياتي على الرغم من أنني أحبها.
وقد حاولت نسيانها، لكن لم أستطع وخاصة أنها تسكن في نفس الحي.. أريد حلا..
أريد أن أمحو هذا الحب من حياتي.. وأعيش إلى جانب زوجتي.. وولدي
فهل هناك حل؟
13/6/2025
رد المستشار
أخي السائل، رغم أن الحب ميل طبيعي فطري قسري خارج عن إرادة الإنسان فإن هناك أشياء تعمق من جذور المحبة في قلب كل طرف للطرف الآخر، ولا يبدو أنك حاولت التأمل في أسباب تعلقك الشديد بهذه المرأة، فهل تريد أن نحاول معا؟!.
ربما يكون السبب أنك عرفتها أولا، ودون أن تكون لك أية خبرات في عالم النساء فصدق فيك قول الشاعر:
عرفت هواها قبل أن أعرف الهوى *** فصادف قلبا خاليا فتمكن
وربما هي التي علمتك الجنس، وأخذت بيدك إلى الإبحار في هذا العالم من اللذة الحسية، والمثل العربي يقول: "من علمني حرفاً صرت له عبداً"، والتعليم يوجد صلة حميمة من نوع خاص بين من يعلم ومن يتعلم، فما بالك بالمعاشرة، وقد يكون في هذه المرأة من إغراء الجسد، ونعومة الطبع ما يليق بعاهرة ترتزق من صيد قلوب الرجال، وكنت أنت أحدهم، ولا مجال للمقارنة أبدا بين هذه المرأة المحترفة و"خبراتها" في إغواء الرجال والاستحواذ على قلوبهم وجيوبهم، وبين زوجتك الهاوية التي ما عرفت من الرجال حتى الآن إلا أنت: إن رأت منك خيرا حمدت الله، وإن كان غير ذلك قالت كل الناس مثلنا... كما يقول العرب في وصف حال البكر الغافلة .
وقد تكون المقارنة بينها وبين زوجتك من أسباب تعميق حبك لها، وهي مقارنة غير متكافئة، وأرجو أن تقرأ إجابة تظهر على صفحتنا بعنوان: باردة كاخواتها... نزرع الثلج ونحصد الجليد.
وقد يكون من أسباب الحب أيضا أنه في حالة العاهرة يرتبط بمتعة مختلسة، وغير مسؤولة فلا تترتب عليها أية واجبات أو حقوق فهي علاقة بلا حدود أو قيود إلا بعض المال مما يسهل على بعض الرجال إنفاقه مقابل ما يحصلون عليه من متعة، وهذه هي صفقة الزنا؛ ولذا كانت أمواله من أخبث المال.
وقد يكون من أسباب تعميق الحب استحالة الزواج بينكما، والمفارقة أو الاستحالة تصنع مناخا من الرومانسية؛ لأن بعض الحب يقوى بالمدافعة، ويترسخ بالمقاومة، ومحاولة ضربه لا تفتته، ولكن تدفنه في الأرض فيصبح أعمق وأصعب، ومثل ذلك ما يحدث في إدمان الخطأ مع تكراره، ولعلك لو تتابع إجاباتنا السابقة فستجدني أقول إن طبيعة الحب تجعل له منطقا يقبل المتناقضات والمستحيلات؛ ولذلك فلا ينبغي استهداف نقد الميل القلبي مهما كان في أصل منشأه، ولا أستطيع لومك على هذا الميل في أصله، ولكنك يا أخي تحب زانية ، وقد تكون قد زنيت بها، وأنت لم تذكر هذا صراحة، ولكنك اكتفيت بمجرد كلمة علاقة، ولا أحسبها أقل من الزنا، فلماذا لم تذكر الكلمة أو اللفظ الصريح؟!
أنا أقول لك وأنت لم تذكر خطة التوبة مما مضى، وفي كل الأحوال فإن ثقافتنا ترى في الزنا فعلا شائنا ما يلبث أن يؤلم الضمير، وهو غير الحب في أصله، من حيث هو ميل قلبي قسري، فالثاني خارج عن الإرادة، والأول فعل يحدث مع سبق الإصرار والترصد؛ لذلك لا أستطيع نقدك في حبها، ولكن أبحث معك عن الأسباب، ولا أعتقد أنك يمكن أن تخلط بين عاطفتك القلبية نحوها، وبين معاشرتك لها في الحرام، فإذا كنت تخلط فأرجو أن تنتبه إلى المسافة والفارق.
والبغي المحترفة تتطبع على نفسية معينة في علاقتها بجسدها، وبالرجال الذين يعاشرونها، وترسم خطة حياتها بناءً على هذه التصورات والخبرات، وبالتالي لا تتغير هذه الصورة إلا بإرادة حديدية، وظروف مواتية، وتبقى احتمالات الانتكاس قائمة إذا ضعفت العزيمة أو تغيرت الظروف.. فهل تستطيع أنت أن تدخل في مغامرة كهذه بما تحتمله من صعوبات متعددة وثقيلة؟! بل هل تدرك بوضوح واستيعاب عميق أصلا ما هي الصعوبات التي تكتنف هذه المسألة؟
سامحني إذا قلت لك إنك ما زلت تناقش الأمور فقط من حيث المبدأ رفضا أو قبولا، ولا تغوص إلى ما تحت السطح لتدرس كل احتمال، وتقرر وتزن قدرتك على احتمال كل احتمال، وأبسط التحديات أن تتحمل كلام الناس، وأن تصبر على مسيرة توبتها هذا إذا كانت هي تريد هذا أصلاً، ومنها أن تستطيع أنت تمويل هذا كله.. فهل فكرت في تبعات هذا الاختيار جيدا؟!!
وهناك خيار آخر، وهو أن تستفيد من "خبراتك" السابقة مع هذه المرأة فتصلح من شأن زوجتك شكلا وموضوعا، فتكون البديل الأنظف والأحفظ لعقلك وشرفك ومالك وسمعتك، ولماذا تربط حبك لهذه المرأة برغبتك الجنسية فيها؟! لماذا لا تساعدها على التوبة بإيجاد وظيفة مناسبة لها أو غير ذلك؟ وفي هذا تعبير مضبوط ومحمود عن الحب الذي تحمله لها وما كان بينكما من علاقة، وندعوك مع كل قراءنا الكرام، مراجعة مشاكل كثيرة تناولنا فيها رأينا بالتفصيل في الحب وتناقضاته، منها:
الحب والخطيئة: الأصل والمسار والمصير
الحب المجنون وسياسة الأرض المحروقة
الحب شعور مبارك أم فتنة؟! سؤال بسيط
شبهات الحب وشهواته… ذنوب إليكترونية
ادرس احتمالاتك جيدا.. وابتعد عنها بالانتقال إلى حي آخر، أو مدينة أخرى إن أمكن، حتى يتسنى لك التفكير الهادئ دون مثيرات، واختر ما تراه مناسبا لنفسك وأسرتك ودينك، ولظروف هذه المرأة، وتخطيطها لمستقبل حياتها.. فالعلاقة تكون بين طرفين لا يصح أن يستقل أحدهما بتحديد مسارها وتابعنا بأخبارك.