أنا شاب مهندس حاسوب مقيم في الخليج منذ ست سنوات، بعد مرور عامين من الغربة نزلت إجازة سنوية لمدة 3 أشهر، وأثناء الإجازة عرض علي أهلي الزواج أو الخطبة، ولكني رفضت بحجة أنه لم يأت الوقت بعد -علما بأني أكبر أخوتي وكان عمري وقتها فوق 27 سنة- وحالتنا والحمد لله على أحسن حال ولدي منزل منفصل في البيت خاص بي.
المهم رجعت إلى العمل، وبعد مرور عام ونص قررت الإجازة مرة أخرى، ولكن ليس في بالي زواج أو خطبة، وبعد وصولي بأيام، عرض علي الوالد الزواج وقال: "لازم، وأنت الآن استحققت الزواج ولم ينقص شيء الحمد لله".
أخبرته أني لم أجد البنت التي تعجبني حتى الآن، فقال: "أصبر أنا أشوف لك"، وبعد مرور أيام جاءني الوالد وقال لي: "وجدت لك التي تناسبك من أدب وذوق وعلم وبنت عائلتنا"، سألته: من هي؟ قال لي (....). تفاجأت أشد المفاجأة، فأخوها صديقي وصداقة عمر، لكن نظرا لظروف سفري انقطع الاتصال بيننا، وهم من العائلة فعلا، أسرتها صغيرة؛ صديقي وبنتان، توفي والدهم ولم تره البنت الأخيرة، وقام جدهم -أبو الوالدة- بالرعاية الكاملة لهم حتى تخرجوا جميعا من الجامعات.
تزوجت أختها وتزوجت هي أيضا، ولكن بعد مرور عام طلقت البنت الصغيرة -العروسة المقترحة- وجلست في البيت، وليس لديها طبعا أي أولاد من الرجل الأول، وتمتاز بالقوام والجمال. كل هذا عرفته من والدي وقلت له: دعني أفكر.
سألت نفسي عدة أسئلة، ورأيت أني شاب، وأريد بنتا لم يسبق الزواج منها، وبعد تفكير عميق واستشارة الوالدة -التي ترفض لي هذا المبدأ- قالت لي: "أنت حر وهذه حياتك، والبنت ممتازة ليس فيها عيب"، وسألتها لماذا تطلقت؟ قالت لي: "لا أعرف"، وذكرت لي بعض التفاصيل التي سمعتها من العائلة، وكانت سبب طلاقها، وأن الرجل كان غير متعلم.
توكلت على الله بعد الاستخارة، أعجبني فيها أنها متفهمة للحياة جدا، وكان هذا مرادي في الحياة، وأجبرت نفسي عليها، وأعلم أن شفيع الأمة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت معظم زوجاته مطلقات، فهل ممكن نقول شيئا بعد ذلك؟ وعزمت وتوكلت على الله وتمت الخطبة.
استمرت الزيارات وتم تحديد الزواج بعد عام إن شاء الله، وعند جلوسي معها سألتها بطريقة غير مباشرة عن سبب الطلاق فقالت لي: "إنه غير متعلم، وشكاك، وتصرفاته غير عادية، وعند اتصال زملاء الجامعة عليها من بنت أو ولد يزعل أشد الزعل، -علما عندما تم زواجها كانت في السنة قبل الأخيرة من الجامعة وكانت تواصل جامعتها وهي متزوجة- وأخبرتها أن الرجال غيورون بطبيعة الحال، وأني عندما تقدمت إليك كان الهدف أنك الإنسانة العاقلة الفاهمة، زوجة المستقبل إن شاء الله، والمسؤولة عن كل شيء من تربية وغيرها في الحياة. وأخبرتها أني أحب العيش في حياة سعيدة ترضي الله ورسوله، وأني رجل عرفت الحياة تماما والحمد لله لا أعرف بنات ولا علاقات لي إلا أيام الجامعة واحتكاكي حد الزمالة فقط ليس إلا.
وأخبرتها أيضا: أريد منك أن تخرجي لي كل ما بداخلك حتى أعرفك؛ لأني أريد حياة سليمة، فأنا لا أحب المشاكل ولا أعرف لها بابا، وقالت: "إن شاء الله ما يصير إلا الخير معاي، وأنا عايزة نفس الكلام منك أيضا، أن تخرج لي ما بداخلك"، فقلت لها: "أنا واضح وصفحة مفتوحة أمام كل الناس وأعاملك بما يرضي الله ورسوله".
المهم اتجهت إلى عملي وأثناء سفري تعلق قلبي بها جدا، وهي تبادلني نفس الشعور ونشأ الحب بيننا، قلت لها: "أتمنى أقدر أنسيك الماضي وأنت حاولي طلعي لي كل شي داخلك".
بعد مرور شهر من سفري إذا بها تفاجئني في إحدى المرات عندما اتصلت عليها في نهاية دوامي، وأنا في غرفتي، أنها كانت مع علاقة حب شبيه بالمزيف -على لسان حالها- مع شقيق إحدى زميلاتها في الجامعة، وأنها كانت لا تصدق أن ترتبط مرة أخرى لأن النظرة للمطلقة لا تجد من يعبرها، وقالت: أنها تخاف أن يتصل بها بعد زواجها. أنا جن جنوني ولكن بعد دقائق تمالكت نفسي وقلت لها: "إن حياة الزواج طويلة فإذا كان قلبك متعلق بالرجل هذا فأنا جاهز من الآن، واعتبري كل ما بيننا انتهى، وأتمنى لك مستقبلا زاهرا"، بكت أشد البكاء، فسألتها: "هل يتصل بك الآن؟" قالت: "يوم التخرج فقط من الجامعة"، وأقسمت على ذلك وكانت الخطوبة فعلا أثناء احتفالهم بالتخرج، ولم أحضر التخريج لظروف إجراءات سفري.
المهم أصبح الاتصال معها متقطع، ودخلت في حالة تفكير كادت تؤثر على عملي -علما بأني أبعث لها بكل مصروفاتها الشهرية والهدايا- وبدأ الشك ينتابني من وقت لآخر، وقررت أن أسرع في تجهيز نفسي للزواج منها إذا في نصيب، وحاولت مع نفسي أن أتصل بأخي الدكتور -وهو أصغر مني بعامين وأخبره-، ولكن راجعت نفسي؛ فلم تنته العلاقة بعد حتى أخبر أي أحد. ولكن بعد مرور الشهور الأخيرة لم ينقطع اتصالي بها، وقمت بتجهيز كل مستلزمات الزواج وقررت أن أطلب إجازة للزواج.
اتصل بي أخي الدكتور وسألني متى تحضر للزواج؟ أخبرته بعد أقل من شهر إن شاء الله، وقام هو بتجهيز المنزل من كل شيء، وهو الوحيد في الدنيا الذي أحبه لأبعد الحدود وصديقي أيضا، ولكن إرادة الخالق فوق كل شي، ففي نفس يوم اتصاله علي في الصباح أتاني الخبر في نهاية دوامي: "إن أخاك الدكتور انتقل إلى رحمة مولاه في أبشع حادث تعرض له، فقد طعن في كل أنحاء جسمه من أولاد الحي وهم مخمورون؛ بسبب الحقد الطبقي لأبعد الحدود".
أظلمت الدنيا في وجهي وكان الخبر صاعقة علي، ونزلت ثاني يوم ولم أر أخي إلا وهو في قبره، الحمد لله على كل شيء.
بعد مرور شهرين من متابعة للقضاء والحكم، والفجوة التي تركها أخي في البيت، حاولت خطيبتي أن تخرجني من هذا الجو وتقلل علي شويه، وبعد الاستئذان من الأهل خرجنا في نزهة، وجلسنا مع بعض مرة ومرتين وكانت تبادلني الرسائل من وقت لآخر، وفي يوم من الأيام وأنا جالس عندهم في البيت أخبرتها عن رسائلي التي كنت أرسلها لها باستمرار هل هي جميلة؟ قالت: أحسن رسالة هي، وقامت بفتح الجوال أمامي لكي أرى رسالتي، وتفاجأت في نص رسائلي عندها رسالة من شاب باسم غريب سألتها من هذا؟ جاوبتني -بعد أن تغيرت ملامح وجهها- أنه زميل في الجامعة.
سؤالي هو: هل تحب شخصا غيري وتريد مطالب الحياة مني فقط ثم تتركني بعدها؟ وما هو الشك الذي بدأ ينتابني من وقت لآخر؟ لقد أخرت الزواج 6 أشهر. والآن مواصل في عملي، فأنا في حيرة من أمري أفسخ الخطوبة أم أواصل؟ أفيدوني أثابكم الله. ولكم جزيل الشكر...
19/7/2025
رد المستشار
عذرا يا أخي...
قبل أن أجيب عن سؤاليك، لا يمكنني أن أتجاوز سؤالا ظل يقفز في عقلي كلما قرأت المزيد من سطورك، وهو: أين أنت مما يُرتب لك؟ أو ما هي متطلباتك الخاصة؟ فلم تكن فكرة الزواج فكرتك، ولم يكن اختيار عروسك اختيارك، ولم تتحمل مسؤولية بناء عش الزوجية كما يحدث في الغالب، فالبراءة والتوكل على الله ليس معناهما ألا يكون للإنسان خريطة لنفسه يضع فيها طرقًا للوصول لما يريده في الحياة ما دام لا يتعارض مع الشرع أو المجتمع.
وبسبب فقدان هذه الخريطة لديك لم تستطع حتى أن تشعر بشخصية خطيبتك!، فلم تتمكن من تكوين إحساس بشخصيتها لتحكم هل هي بريئة أم لعوب؟ فلا أنت الحبيب الذي تعميه مرآة الحب فلا يرى تجاوزاتها، ولا أنت الشخصية المتزنة التي تستطيع أن تزن الأمور وتقدرها فتحكم عليها حكمًا قريبًا من الصواب، وتتصور أن من سطورك أنني سأستطيع أن أحكم على براءتها أو لهوها؟!!
لم أحدثك هذا الحديث لتغضب؛ ولكن لتبدأ في تكوين حياة تخصك تطمح لتحقيقها، فيها الزواج وبداخله اختيار زوجة بمواصفات تتمنى وجودها قدر الإمكان، فيها العمل، فيها طريقة تربية أولادك فيما بعد.... إلخ.
وها أنت ترى معي أن والديك في قمة البراءة، فلم يسألا على سبب طلاقها بالرغم من أنه السؤال الوحيد المنطقي والمشروع حين نرغب في الزواج ممن سبق لها الزواج في ريعان شبابها وطلقت بعد عام واحد!، وعلى أي حال أريد أن أقول: لعن الله الشك ما أخبثه.
ما أراه هو أن فتاتك صريحة وبريئة معك لدرجة تجعلها لا تحتاط لغيرة الرجل بالشكل المناسب، فالفتاة اللعوب أو الحكيمة (برغم الفارق الكبير بينهما)، لا ترد ببساطة وصدق عندما تُسأل أسئلة مثل الأسئلة التي سألتها لها، ولا تفتح لك جوالها لترى معها أحلى رسائلك لها وتترك رسالة من رجل غيرك لها فتراها وهي تعلم، فهي إنسانة طبيعية تتعامل مع الزملاء الفتيات والشباب ووقعت في قصة حب غير مكتملة في وقت من الأوقات وانتهى الموضوع، ولكنها مع صدقها ترتعد من الخوف لفكرة حدوث انفصال بينكما فتكون تجربة ثانية لنفس السبب!.
وسؤالك تحديدًا: "هل تحب شخصا آخر؟ ولا تحتاج منك غير متطلبات الحياة" هو سؤال غير منطقي؛ لأنها اختارت أن تتزوج منك وتعيش معك، لتكوّن معك بيتا وتسعد بأبناء منك، وشكك فيها شك يحدث بسبب سوء تصرفها وليس لسوء سلوكها.
وكل ما أتمنى أن تقوم به هو ألا تقبل أي شيء ترفضه، وألا تتحمل ما لا تطيقه أو ترضاه، ولتكن واضحا جدا معها في أنك لا تتحمل فكرة أن يتواصل معها زميل عبر الرسائل أو الاتصال ما دام ليس له داع أو سبب دراسي لا يغطيه إلا زميل، فكن "بصدق"، كما تريد أن تكون فإن لم يكن لديك مانع من وجود تعامل طبيعي فلا مشكلة، وإن كنت غيورا ولا تحتمل هذا فلتوضح لها "بحسم" وأيضا لن يكون هناك مشكلة، ولتترك فترة الأشهر الستة الباقية تلك لقياس مدى تفهمها وحسن تصرفها، وللتعرف عليها أكثر لتتأكد وتقرر أي الشخصيتين هي؟