الإخوة الأفاضل...
أنا متابعة جيدة لصفحتكم، وكثيرا ما تغريني موضوعات كثيرة بالمشاركة، ولكن يحول دون ذلك مشاغل الحياة الكثيرة، وأحيانا كثيرا أنسى ما كنت أود كتابته، ولكني قرأت موضوع "عمي جامعني... فهل أنا عذراء؟ الرجال أيضا يبكون مشاركة"، وبعدما قرأته لا أخفي عليكم أنني قد بكيت كثيرا جدا؛ لقد لمستْ كلمات هدا الرجل كل مشاعري وهزتها بقوة؛ مما جعلني لم أنم جيدا.
وظللت أفكر في هدا الموضوع طوال الليل، ظللت أتخيل ما وصفه في تصرف خال زوجته مع زوجته وأختها في الماضي (فتركني وذهب إلى أختي الكبرى التي تجاوزت سن البلوغ، واندس بجانبها، وسمعت نحيبها بصوت منخفض)، لكم هي مشاعر مؤلمة ومهينة لكل بنت في مجتمعنا الشرقي!!! وللأسف لا أحد يعطي ذلك اهتماما كبيرا. ترى ماذا فعلت الأم بعدما علمت بجريمة أخيها؟ لا شيء سعت لتزويجه فقط.
إنني أبكي حال كل هؤلاء الفتيات، ولكن هذا ليس حلا، كيف أكون مطمئنة على إخوتي الصغيرات؟ كيف سأطمئن على بناتي في المستقبل؟ كيف تعيش بناتنا مع إخوانهن وأعمامهن وأخوالهن في أمان؟ كيف أضمن أن أي واحدة تتعرض لمثل هذا الموقف أن تصرخ وترفع صوتها... ترفع صوتها من أجل الحق؟!
وإني من خلال صفحتكم أوجه كلمه لكل بنت من الممكن أن تتعرض لهذا الموقف أو ما شابهه حتى لو كانت لمسة أو كلمة ألا تسكت، ولا تستسلم لا بد أن يُفضح الجاني حتى تستطيع البنت على مر الأجيال أن تتكلم وتشتكي، ولا يظل الصمت والاستسلام هو الموروث في مجتمعنا.
وأقول للأمهات والآباء أن يزيدوا رقابتهم على بناتهم. فلعلنا نجد حلا لهذه المشكلة التي أعتقد أنها لن تحل إلا بمعاقبة كل جانٍ على جريمته ليصبح عبرة للجميع،
شكرا لأنكم أتحتم لنا فرصه المشاركة والتعبير عن رأينا.
22/8/2025
رد المستشار
الأخت الفاضلة، شكرا على مشاركتك، والحقيقة أن صفحتنا هذه لا ترضى بمجرد إتاحة الفرصة للتعبير عن الرأي فقط، ولكن أيضا بفتح العقول والقلوب، والمسارات الفكرية والعملية الاجتماعية لتغيير أصبحنا أحوج ما نكون إليه.
ليس "التحرش الجنسي" هو مشكلتنا الوحيدة التي تستدعي الألم، وتستوجب العمل، وليست اليقظة المنشودة، والجهد المطلوب هو مجرد الانتباه والبوح، فنحن نعيش حالة من الاغتصاب الجماعي للأحلام والحريات، وبالتالي فإننا نبدو مهزومين مشلولين عاجزين، رغم أن لدينا طاقات هائلة.
أطمح أن تكون لدينا الشجاعة والإرادة لوضع قائمة من الاهتمامات في بؤرة وعي أهلنا في كل الأقطار بدلا من القائمة التافهة التي تشغل "الرأي العام" من أخبار النجوم، وفضائح النخبة، ومسائل لا يؤدي الخوض فيها إلى شيء غير استمرار التخلف والغفلة، والانحطاط الذي نعيشه منذ عقود.
كيف يمكن أن تنشأ قائمة أولويات واهتمامات أخرى، إلا إذا تخلصنا جميعا من الكسل العقلي، والركود الروحي، والانعزال الاجتماعي، وخرجنا على الآخرين بملفات جاهزة عن مشكلات مزمنة تنحر في أرواحنا، ونسيج مجتمعاتنا؟!! وإلى متى سنظل نحصد زرع أخطاء الأنظمة والنخبة وسلبية الناس؟!
ينبغي أن يتحول كل منا - في محيطه، وحسب قدرته- إلى جهاز إعلام ورصد متطور وفعال في استقباله وإرساله، فهو ينتبه ويتأمل فيما يحيط به من مظاهر، وظواهر، ومستجدات، وينقلها لنا فتعم الفائدة، وتكون اليقظة، وهو أيضا يكتب فيما تحت يديه من وسائل فيرسل المقالات والخطابات إلى الصحف والمجلات، ويتداخل مع برامج الفضائيات، وساحات الحوار، وغرف الشات حاملا فكره ومعلوماته عن قضايانا الحقيقية التي لا يناقشها أحد فيغرق الجميع في محيط واسع من الغثاء واللغو!!
نحتاج إلى دراية أعمق بحالتنا الاجتماعية والثقافية، ونحتاج إلى شجاعة أكبر، وجهد منتظم -كل في مكانه، وبحسب قدرته مع أهمية تطويرها- لنشيع مناخا من الحيوية والتفاعل، والإيجابية والمشاركة لنتجاوز بذلك مع الناس تلك الثقافة المستقرة "ثقافة الإنكار والانتظار"... فهل تبدئين بنفسك؟! ومتى نبدأ جميعا إن لم يكن في هذه الأيام تحديدا؟!