قبل أن أعرض مشكلتي عليكم أهنئكم على هذه الزاوية الرائعة.. أنا شاب أبلغ من العمر 26 سنة، أعيش في فلسطين داخل الخط الأخضر، أحب فتاة من الأردن وهي ابنة عم أبي، وهي من بلدتي أصلا، لكن هجروا عند قيام إسرائيل.
أحببت هذه الفتاة منذ فترة إلى أن أكملت دراستي، وقررت خطبتها بعد أن أخذت رأيها، وعند مفاتحة أهلي بالموضوع واجهوني بالرفض القاطع وخصوصا أبي بحجة أنها تكبرني بـ 7 سنوات وأن مظهرها لا يليق بنا.. وليس هذا فقط، وإنما أظهروا لأهلها أنهم غير موافقين بالمرة على هذه الزيجة.
حاولت إقناع أهلي بأن فارق السن لا يهمني، وأن اختياري ليس نابعا فقط من مشاعر وإنما اقتناعا بشخصيتها، وأني أحببتها وأحبها لأنها متحجبة، وأحد أسبابي التي تجعلني أيضا أصر على هذه الفتاة هو تمسكي لإرجاعها لوطنها والعيش معي في بلدنا. وأهل الفتاة لن يوافقوا إذا لم يوافق أهلي، وأنا والفتاة على علاقة مع بعض بالتليفون، وأزورها كل شهرين تقريبا.
آسف لأني أطلت عليكم لكن أرشدوني بالحل؛ لأني أحاول مع أهلي لكسب رضاهم، وبنفس الوقت أكسب الفتاة.
أنا في عذاب لأني لا أستطيع سد هذه الثغرة أتمنى منكم الرد، وشكرًا.
15/7/2025
رد المستشار
أحب أن أكرر دائمًا -ودون ملل- أن الاختيار الصحيح هو الأهم -في مسألة الزواج- ورفض الأهل يمكن التغلب عليه مهما كانت الظروف، ولكن الاختيار الفاسد له عواقبه الوخيمة، وكما نكرر أننا لا نختار لأحد، ولكن ألا ترى معي بهدوء أن النقاط التي ينبغي أن تفكر أنت فيها تبدو ضائعة وسط صراعك مع أهلك، ورفضك لرفضهم؟!!
تأمل معي في أسس اختيارك وتمسكك بالفتاة، فأنت تقول: "أحببتها وأحبها لأنها متحجبة"، "اختياري ليس فقط نابعا من مشاعر، ولكن اقتناعا بشخصيتها". وتقول أنت أيضًا: "أحد أسبابي التي تجعلني أصر على هذه الفتاة هو تمسكي لإرجاعها لوطنها، والعيش معي في بلدنا". وانظر معي في هدوء، وبعيدًا عن رفض أهلك، إلى ما يلي:
- واضح أن الفتاة ناضجة، وذات شخصية قوية آسرة، كما يظهر من كلامك عنها، ألا ترى معي أن فارق السن هنا مع نضج الشخصية وقوتها ستكون عائقًا أمام القوامة التي تكون للزوج على زوجته.
وأنا أقرأ الآية الكريمة: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا...}، وسبق أن كتبت على موقعنا هذا مقالين عن القوامة، لعل الاطلاع عليهما يفيدك، ويفيد غيرك، وفيهما تحدثت عن القوامة بما ليست هي، وربما حان الوقت لأكتب عن القوامة بما هي. وأحسب أن في الآية توجيهًا لما ينبغي أن يكون، أكثر من كونها تقريرًا لما هو كائن؛ أي أن المعنى: أن الرجال ينبغي أن يكونوا قوامين على النساء بالصفات التي يتميز بها كل زوج في حالة معينة على زوجته، ولا تعني الآية -كما أعتقد- أن كل الرجال قوامون على كل النساء داخل وخارج الأسرة!!
كما لا تعني أن الرجال الأزواج قوامون على النساء الزوجات هكذا تلقائيًا، أو أتوماتيكيًا، أو أن هذا التفضيل لبعضهم على بعض هو تفضيل موروث بالفطرة، أو متحقق بالبيولوجيا، إنما هو تفضيل مكتسب بالمهارات والقدرات، وكل حالة تقدر بقدرها، وأرجو أن يكون كلامي واضحًا. المهم: ألا ترى أن فارق السن مع نضج العقل وقوة الشخصية صفات تخل بقوامتك على هذه الفتاة حين تصبح زوجة لك؟!
والقوامة لا تتحقق إلا إذا اعتقدت المرأة واقتنعت بأن زوجها أنضج منها وأعقل وأحكم حتى تسلم له دفتها، ودفة البيت راضية مستريحة، وتثق فيه قائدًا وربانًا لسفينة حياتهما! وتشعر بأنه سقفها العالي الذي يحميها ويكفيها، ويظلها ويؤويها!
وتقول: إنك تحبها لأنها متحجبة.... فماذا عندما تخلع الحجاب؟! هل ستملأ عينيك كأنثى كما أعجبك عقلها، ولفتت نظرك بشخصيتها؟! وهل سيبقى هذا الإعجاب رغم فارق السن بينكما، ورغم أنها ستختلف كثيرًا بعد الحمل والولادة ومتاعبهما؟!
ماذا بعد 10 سنوات من الآن مثلاً؟! حين تكون أنت في منتصف الثلاثينيات، وفي عنفوان رغبتك بالنساء، وهي قد تخطت الأربعين، وقد صارت من "اللائي يئسن من المحيض" أو تكاد، ولا أقصد بهذا طعنًا في أنوثة من تخطت الأربعين، ولكن طعم الأنوثة وطبيعتها تختلف في هذه المرحلة من العمر، بينما ستكون أنت في مرحلة سابقة: تطلب ما لا تستطيع هي منحه، وتعطيك ما لا تشعر أنت بطعمه!! فكيف ستكون العلاقة بينكما حينذاك، وماذا بعد 15 عامًا؟! هل ستتفهم أنت هذا الوضع؟! أم ستضغط عليها؟! أم ستبحث عن أخرى؟! أم ستقول مثل صاحبنا في "شماعة ضغوط الأهل.. نضيع بلحظة غفلة" حين يندم اليوم متحسرًا، ويبرر وضعه قائلا: تزوجت بلحظة غفلة عقل!!
- وتذكر أن أحد أسبابك في الإصرار على الارتباط بها تمسكك بإرجاعها لأرض الوطن.. فهل تنوي إنشاء مؤسسة لإعادة التوطين؟! وهل رغبتك أو رغبتها في العودة إلى البلد تصلح أساسًا من الأسس الراسخة المتينة لعلاقة زوجية تستمر وتتحمل عواصف الحياة؟ أم أنها مع أول عقبة تصادفكما ستفضل الرحيل إلى حيث نشأت واعتادت أن تعيش؟ أم أنك تريد أن يكون لك مكان آخر خارج البلد؟! فكرة إعادة التوطين بالطبع فطرة رائعة، ولو أصبحت مخطَّطة ومنفَّذة لأزعجت العدو، وأحبطت بعض مخططاته، ولكنها أبدًا لا تبدو مناسبة أو كافية أو مهمة بحيث تصبح من أهداف أو دوافع الارتباط الأساسية، ولكنها ربما تصلح لكي تكون بالكاد من الدوافع الثانوية.
بعيدًا عن رفض أهلك.. أرجو أن تتأمل بهدوء في اختيارك، وتدقق في هذا القرار المصيري بدلاً من أن تربح معركتك، وتحصل على رضا أهلك -ولو بعد حين- ثم تكتشف مع الأيام أنك الخاسر الأول بسبب سوء تقديرك، وتسرعك في اختيارك، ولك تحياتي.
واقرأ أيضًا:
الزواج مع رفض الأهل.. مشاكل وضغوط
رفض الأهل ليس أهم الجوانب!
نريد شرع الله والأهل يرفضون ما العمل
حائر بين أهله وحبه رفض الأهل!