أولاً: أشكركم على هذا الموقع الرائع.
ثانياً: مشكلتي هي.. أنني الآن أبحث عن الزوجة الصالحة، ولكن...! الحب الأول دائماً هو الحائل بيني وبين أي إنسانة، فقد أحببت بنت عمي حبًّا شديداً، وهي أيضا، وبعد الإنفاق على كل شيء رغم أنها كانت "تعلوني ماديًّا" حدثت بعض المشاكل بسبب هذا الأمر، وبضغط أهلها عليها رفضتني..
ما زال حبها يجري في دمي، بل لا أرى إنسانة غيرها، حاولت الخلاص من هذا الحب والتركيز على مستقبلي، أنا والحمد لله "أعمل" وفى بداية حياتي، ولكن مهما ألهتني المشاغل والحياة تأتي اللحظات التي أتذكرها، هي الآن بعيدة عني، في بلد آخر، وأقول لنفسي دائماً عندما ترجع فسنرجع لبعضنا، فحبُّها والتفكير في هذا الأمر هما نقطتا ضعفي، أريد أن أنساها.. لا أقدر..
حاولت وبكل الطرق، من أهمها أنني الآن أبحث عن زوجة صالحة إنسانة ملتزمة، وبالفعل وجدت إنسانة صالحة متدينة متعلمة توافقني مستواي الاجتماعي، رأيتها رؤية شرعية، حصل قبول من جانبها، ولكن.. ورغم مميزاتها إلا أنني لم أر القبول من ناحيتي! لم أر شيئاً يشدني لها! هي ليست جميلة، ولكن شكلها مقبول، فأنا حائر حتى الآن، هل أوافق عليها وربما يحدث القبول بعد ذلك؟ الأمر صعب بالنسبة لي، فكلما فكرت في هذا الموضوع يأتي حبي الأول وذكرياتي في خيالي اللذين يجعلاني ضعيفاً.
أرجوكم اهتموا بموضوعي، فأنا أصبحت إنسانا ضائعا –برغم تفوقي في عملي-، أصبحت أنتظر الحب القديم، أصبحت أنتظر وقت رجوعها من السفر على أمل رجوع حبنا.
ويبقى السؤال: هل أوافق على العروسة على أمل حدوث التوافق بعد ذلك؟ وكيف يتسنى لي أن أنسى الحب القديم، ولا أنتظره على أمل أن يرجع مرة أخرى؟
سؤال آخر: دائما أكون مترددا في قراراتي في الأشياء التي تخص المستقبل مثل اختيار الزوجة، فكيف أحسم قراراتي دون تردد؟
ولكم جزيل الشكر.. وآسف على الإطالة.
28/8/2025
رد المستشار
الأخ الفاضل: كتبت تشكو إلينا من حبك الأول لابنة عمك، وبأن الأهل قد فرقوا بينكم لضعف مستواك المادي مقارنة بها، ولم تذكر لنا هل تزوجت ابنة عمك بحيث تفقد الأمل تماما، أم توجد بارقة أمل بحيث تجتهد لتحسين وضعك المادي حتى يرضى بك الأهل، وتستعين بمن يمكنه التأثير عليهم إذا تأكدت من أنها ما زالت تريد الارتباط بك؟
فإذا كان الأمل قد فُقد تماما فيجب ألا تنظر للأمر ككلِّ مَن سبقك، وتتصور أن الحب الأول هو نهاية العالم، وأن القلب الذي يُخفق مرة يتوقف بعد ذلك عن الخفقان، وعن تذوق طعم الحب للأبد، وهذا تصور خاطئ أثبتت التجارب السابقة عكسه تماما، والمشكلة تكمن في أن الإنسان عندما يحب لأول مرة، ويتذوق طعم لذة الحب ويستعذب آلامه يتصور أن جذوة النار المشتعلة في قلبه لن تخمد أبدا، ويتناسى أن النار تزكو ويزداد لهيبها إذا غذيناها بوقود الذكريات، وجلسنا نبكي على الأطلال، وتنطفئ إذا سكبنا عليها الماء.. كلنا يعلم مقدار الآلام التي يسببها فقدان الحب – وبالذات الأول منه لما يكون فيه من تقديس للمحبوب، لما يحيط به من هالات رومانسية رائعة باعتباره أول تجربة.. ولكن الزمن كفيل بمداواة هذه الجراح، وما عليك إلا أن تستعين بالله فهو خير معين، وإذا وجدت في قلبك بعضا من المرارة فتذكر أن الله سبحانه لا يقدّر لنا إلا الخير {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم}، وتذكر أيضا "أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك".
نحن لا نعلم الغيب يا أخي، فهل كنت تضمن أنها ستكون الزوجة التي تسعدك، وتعينك على أمر دنياك وآخرتك؟ المؤكد أن اختيار الله للإنسان أفضل بكثير من اختيار الإنسان لنفسه، وستعلم ذلك عندما تجد الزوجة الرائعة التي تسعد حياتك وتقر عيناك بها، وتنعمان معا برحيق الحب الصافي، وستعلم ساعتها أن القلب يستطيع أن يستمتع بالحب أكثر من مرة إذا لم نأسره في وهم الحب الأول، وحتى تجدها؛ عليك أن تشغل نفسك بالاندماج في العمل، وتستثمر وقت الفراغ فيما يفيدك من هوايات محببة إلى قلبك أو أنشطة اجتماعية هادفة، وابتعد قدر المستطاع عن الوحدة، واختر لنفسك الصحبة الصالحة التي تعينك على فعل الخيرات.
وبالنسبة لأمر الارتباط بأخرى فلا ننصحك بذلك حتى تبرأ من آثار الحب الأول، كما لا ننصحك بالارتباط بدون قبول مبدئي؛ لأن هذا الارتباط ظلم لك وللفتاة التي سوف ترتبط بها وأنت لا ترضاها زوجة لك، ويمكنك أن تطيل فترة الارتباط قليلا حتى تتأكد من صدق مشاعرك نحوها، ومن أنها الفتاة التي تلائمك، أما التسرع في الدخول في مشروع ارتباط.. وما زال طائف الحب الأول يحوم حولك، فهذا يجعلك تعقد المقارنات الظالمة بينها وبين ابنة عمك.. فهذا أمر لا تحمد عقباه.
أما بالنسبة لموضوع التردد، فإن كان أمره يقتصر فقط على أمور الحياة الهامة – كما ذكرت - فهذا أمر طبيعي، ويحتاج منك أن تحدد ما تريد، ثم تلجأ إلى الله سبحانه تستخيره وتسأله التوفيق إلى الخير، كما يمكنك أن تستشير من تثق في حكمتهم، وبعدها توكل على الله واحسم أمرك وخض غمار الاختيار، وكلك ثقة أن الله سبحانه لن يخذلك وسيختار لك الخير دائما.
ويمكنك الاستعانة بمشاكل سابقة مثل:
الوسادة الخالية: الحب الأول
فشل الحب الأول.. آلام في العمق
توابع ضياع الحب الأول
هواجس وأوهام الحب الأول..
الحب الأول.. آخر الدواء الكي!
الحب الأول: إكرام الميت دفنه !