مساء الخير
قد تبدو حكايتي غريبة عليكم وهي فعلا غريبة، في أيام الجامعة، أصبحتُ صديقة مقربة لهذه الفتاة -لم نكن أفضل صديقتين، لكننا كنا مقربين جدًا لفترة. تغيرت الأمور بعد أن دخلت في علاقة. بدأت تُخفي قصص واتساب عني، ولم تكن تُراسلني إلا عندما تحتاج إلى شخص للخروج معه..... وبدأت صداقتنا تتلاشى تدريجيًا.
ثم في أحد الأيام، ومن العدم، راسلتني قائلةً إنها بحاجة ماسة للقاء. ذهبتُ لرؤيتها، ظننتُ أن أمرًا خطيرًا قد حدث، لكنها كانت جالسة هناك بلا مبالاة. أخبرتني أنها ستسافر قريبًا -والمضحك أنني كنتُ قد أعددتُ لها رسالة وداع لأنني شعرتُ أنها ستغادر.
جلسنا معًا، وفجأة ظهر أحد أصدقائها. لم تُخبرني أنه سيأتي. بدأ يتحدث عنها بسوء، واصفًا إياها بالغباء والمزعجة. حاولتُ الدفاع عنها قائلًا: "إنها ليست سيئة إلى هذا الحد، إنها في الواقع لطيفة... أتمنى فقط ألا يستغلها أحد أبدًا".
اتضح أن الأمر برمته كان اختبارًا! هي والشاب خططا للأمر معًا -كان من المفترض أن يتحدث عنها بسوء ليرى رد فعلي.
بعد تلك النزهة الغريبة، ودعتها، وسافرت، وانتهى الأمر. لم ترد على رسائلي مجددًا، وتوقفت عن مشاهدة قصصي، حتى أنها حذفتني من حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
مرّ أكثر من عامين منذ ذلك، ومؤخرًا، عدت أفكر فيها. جزء مني يريد التواصل وإعادة بناء صداقتنا، لكن جزءًا آخر يتساءل إن كان ذلك مجرد هراء -خاصة بعد أن أقدمت على فعل غير ناضج كـ"اختبار الولاء".
الآن أنا عالقة أسأل نفسي: هل عليّ المحاولة أصلًا، أم أن أتجاهل الأمر تمامًا؟
لا أفهم ماذا تعني رغبتي في إعادة التواصل معها؟
13/11/2025
رد المستشار
من الوصف، تبدو العلاقة بينكما غير متوازنة منذ البداية: تقارب شديد ثم انسحاب منها واستعمالك كمصدر دعم أو مرافقة عندما تحتاج فقط وجود سلوكيات مراوغة: إخفاء القصص – رسائل فقط وقت حاجتها – ثم انقطاع وأخيرًا: اختبار الولاء باستخدام طرف ثالث، وهو سلوك واضح يدل على نقص نضج عاطفي ووجود صعوبة في الثقة بالآخرين.
فالعلاقة كانت معتمدة من طرف واحد Unilateral Dependency وغير متوازنة Unreciprocated وتقوم على احتياج وليست اختيار وفيها تلاعب بسيط Manipulative Behavior وفيها تجنب بعد الحصول على الاهتمام.
هذا النموذج يُسمى في علم النفس: علاقة Approach–Avoidance أي الاقتراب الشديد عندما تحتاج دعمًا أو طمأنة ثم الابتعاد المفاجئ عندما تخف حاجتها أو عندما تشعر بأنها كشفت نفسها أكثر مما تريد.
لو حاولنا تحليل سلوكها سنجد أن هناك علامات مهمة منها
1) اختبار الولاء التي فعلته علامة على عدم أمن عاطفي فلجأت إلى اختبارات لمعرفة من معها فعلًا، بدلًا من التواصل المباشر وقد يرجع ذلك لحاجة داخلية للسيطرة والطمأنة فهي لا تختبرك لتؤذيك بل لتطمئن لحب الآخرين لها دون أن تسألهم مباشرة وهذا يعكس نمط علاقات سطحي/نفعي قليل العمق فهي تظهر فقط عندما تشعر بحاجة إلى حضور أحد أو اهتمام أحد لكنها لا تملك القدرة على الحفاظ على علاقة مستقرة. وقد تكون أرادت إنهاء العلاقة أو الابتعاد، لكن بدل من القول المباشر فضّلت الطرق الملتوية. أو أن لديها سمات نرجسية طفيفة/نزعة أنانية فهي تستعمل الناس عند الحاجة
ولو نظرنا لسلوكك أنت (لماذا تفكرين بها الآن؟)
1) أنتِ لم تحصلي على إغلاق Closure فالعلاقة انتهت فجأة وبدون تفسير واضح والعقل يعود بعد مدة إلى الثغرات العاطفية غير المغلقة فنبحث عن إعادة تواصل ليس لأن الشخص يستحق بل لأننا نريد فهم ما حدث.
2) قد تكونين شخصية وفية وذات حس مسؤولية عاطفي لذلك يصعب عليك ترك شيء بدأ بصدق، حتى لو انتهى بشكل سيء.
3) تأثير الذاكرة الانتقائية فالعقل يتذكر اللحظات اللطيفة وينسى السلوك المؤذي، خصوصًا بعد وقت طويل.
4) نزعة لإعادة تفسير الماضي فعندما نكون أكبر سنًا، نعود للماضي لنفهم هل كنتُ مخطئة؟ هل كان يمكن التعامل بطريقة مختلفة؟
وأخيرا هل يجب أن تتواصلي معها؟ لن أقول نعم أو لا بل سأعطيكِ المعايير الحقيقية لاتخاذ القرار.
لا تتواصلي معها إذا كانت لا زلتِ تتألمين من الطريقة التي عاملتك بها أو تخافين من أن تكرري نفس الدورة معها أو وجودها سيستنزف طاقتك أو ستعيد خلق علاقة تعتمد على اختبارك أو التقليل منك.
تواصلي معها فقط إذا كنت ترين نفسكِ قوية الآن، ولا تنتظرين منها شيئًا أو فقط لإغلاق دائرة فقد تتجاهلك مجددًا أو ترغبين في خطوة ناضجة من باب إنهاء الفضول لا من باب الاحتياج.
إن كنتِ تبحثين عن إغلاق: يمكنك إرسال رسالة قصيرة ومحترمة وليس هدفها عودة علاقة بل فقط إنهاء الدائرة.
إن كنتِ تبحثين عن علاقة من جديد: أنصحك بشدّة بعدم إعادة بناء علاقة معها؛ هي أظهرت نمطًا واضحًا من عدم النضج، وهذا النوع من الأشخاص يعيد نفس السيناريو مرة أخرى غالبًا.
إن كنتِ تبحثين عن سبب عودتك للتفكير فيها: السبب نفسي لا علاقة له بها كشخص فأنتِ تحاولين إنهاء صفحة لم تُغلق وهذا أمر طبيعي وإنساني وناضج.
وتابعينا.