السلام عليكم
يضايقني في ابني الكبير والبالغ 11 سنة أنه في أحيان كثيرة أجده متبلد الأحاسيس وقاسيا لا يتحمس لأي شيء سوى اللعب... لا يهمه أن يذاكر أو يتفوق أو أن يكون مهندمًا في مظهره أو يصلي الصلوات في وقتها أو يحفظ القرآن، ويستمتع لبكاء أخيه الصغير...
ولا تتخيلين مدى المجهود الذي أبذله معه حتى إنه أحرز 96.5% في الشهادة الابتدائية، ولكن هذا التفوق بمجهود جبار مني في الشرح والمتابعة والضغط عليه لكي يذاكر، علمًا بأني أعمل وأعود إلى المنزل في الرابعة بعد الظهر في غاية الإرهاق.
في نفس الوقت ابني الأصغر -7 سنوات- على العكس تمامًا من الطيبة والحنان والذكاء... أحاول ما في وسعي ألا أفرق في المعاملة بينهما، وأحضر لهم مدرسة لتحفظهم القرآن في المنزل... بالله عليك ماذا أفعل معه لأغير غلظة قلبه ولامبالاته؟ فهو يستحوذ على كل وقتي بسبب لامبالاته، ومع يقيني بأن الأولاد رزق من الله فأنا آخر شيء أتصوره أن يكون ابني قاسيًا. أيضًا أرجو أن تنصحيني هل الأفضل للطفل أن ينام بعد عودته من المدرسة أم يذاكر مباشرة؟
أيضًا أنا في الثامنة والثلاثين وأنا وزوجي نشتاق كثيرًا لإنجاب طفل ثالث، ولكن أمي وأصدقائي يقولون إن الأوان فات، وإن فارق السن بيني وبين المولود سيكون فظيعًا وبهذا سأجني عليه....
أفيديني أكرمك وأعزك الله،
والسلام عليكم.
14/11/2025
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
أهلاً بكِ يا "هلا"، وأشكرك على ثقتك وحرصك الكبير على تربية أبنائك تربية صالحة.
أول ما أودّ طمأنتك به هو أن كثيرًا من السلوكيات التي تشتكين منها في ابنك الأكبر هي سمات شائعة في هذه المرحلة العمرية، ولا تُعدّ دليلًا على "قسوة القلب" أو "تبلّد الإحساس"، بل غالبًا تعود إلى:
1. خصائص عمر 10–12 سنة
في هذا العمر يميل الطفل إلى:
• التركيز على اللعب والمتعة أكثر من الالتزامات.
• ضعف مفهوم المسؤولية.
• عدم تقدير العواقب.
• حساسية للمقارنة بينه وبين إخوته.
• التظاهر بالقسوة أو اللامبالاة لإثبات القوة أو لفت الانتباه.
هذه سمات نمائية وليست أخلاقية.
2. مؤشرات مهمة من رسالتك
ابنك حقّق 96.5% وهذا إنجاز واضح، لكنه تم بمجهود كبير منكِ. هذا يشير إلى أن:
• لديه قدرات جيدة،
• لكنه يعتمد على الدفع الخارجي وليس لديه دافع داخلي بعد.
هذا أمر شائع، ويمكن تعديله بالتدريج.
3. عن استمتاعه ببكاء أخيه
هذا السلوك يُسمّى Seeking Reaction أي البحث عن رد فعل. الطفل قد يتلذذ بإثارة الغيرة أو الغضب في أخيه، لكنه لا يستمتع فعليًا بألمه.
هو سلوك يحتاج إلى تعديل وليس تخويف أو عقاب شديد.
كيف تُعدّلين سلوكه بطريقة علمية؟
أولاً: فصل السلوك عن الشخصية
تجنّبي وصفه بالقاسي أو متبلّد الإحساس. قولي: "السلوك ده مش مناسب.... لكن أنت ولد طيب وأنا عارفة ده". هذا يعيد بناء صورته الذاتية.
ثانيًا: تقليل الضغط وزيادة المسؤولية
بدلاً من متابعة لصيقة وضغط مستمر، استخدمي: نظام المسؤولية التدريجي:
• يُكلَّف الطفل بمهام صغيرة: ترتيب سريره، واجبه اليومي، مراجعة صفحة قرآن واحدة...
• إذا التزم → يحصل على نقاط أو امتيازات.
• إذا لم يلتزم → يُحرم من امتياز محبوب (مثل ساعة لعب).
هذا النظام يعلم الدافع الداخلي.
ثالثًا: تعزيز المشاعر والتعاطف
ابنك يحتاج تدريبًا على المشاعر، وليس عقابًا على عدم ظهورها. جرّبي:
• قصص قصيرة قبل النوم عن التعاطف والرحمة.
• لعبة "أنا أحسّ":
• "لما أخوك بيعيط... تتوقع بيحس بإيه؟"
• "طب لو كنت أنت مكانه؟"
• مدح أي لحظة رحمة حتى لو بسيطة: "عجبتني طريقتك لما ساعدت أخوك... ده تقدّم جميل منك".
رابعًا: تقليل المقارنة بينه وبين أخيه
قد يكون لطف أخيه الشديد يجعله يشعر أنه "الأقل حُبًّا"، فيبالغ في السلوك العكسي. بدلاً من: "أخوك طيب وأنت قاسي" استخدمي:
"كل واحد فيكم ليه نقاط قوة، وأنا مبسوطة بيكوا أنتوا الاتنين".
خامسًا: تنظيم يومه بطريقة صحية
بالنسبة لسؤالك: هل ينام بعد المدرسة أم يذاكر مباشرة؟ علميًّا:
• الطفل بعد المدرسة يكون منهكًا ذهنيًا.
• الأفضل أن يحصل على راحة خفيفة (30–45 دقيقة فقط).
• ثم يتناول وجبة خفيفة.
• ثم يبدأ المذاكرة لمدة قصيرة ومتقطعة (25 دقيقة دراسة / 5 دقائق راحة).
النوم الطويل بعد المدرسة يجعل الليل متأخرًا ويقلل التركيز.
أما عن رغبتك في طفل ثالث من الناحية النفسية والطبية:
• سن 38 ليس مانعًا، وكثير من الأمهات يُنجبن في هذا العمر بأمان تام.
• الفارق بين الأبناء ليس مشكلة إن وُضعوا في جو من الحب والعدالة.
• وجود طفل جديد قد يضيف للبيت بهجة وتوازُنًا عاطفيًا.
القرار يعود لكِ ولزوجك، وليس لآراء الآخرين. إذا كنتِ صحياً قادرة، فالأمر جائز تمامًا.
خلاصة مهمة لكِ
ابنك ليس قاسيًا... هو فقط يحتاج:
• صبرًا،
• تدريبًا،
• ومساحة ليُظهر مشاعره دون حكم أو مقارنة.
ومع الوقت سيهدأ سلوكه وتنضج مشاعره بشكل واضح.
"رَبِّ اعْطِهِمْ قَلْبًا لِيَعْرِفُوكَ، وَيَعْلَمُوا أَنَّكَ أَنْتَ الرَّبُّ"