السلام عليكم
مشكلتي مع تسنيم (4 سنوات) ذات الخيال الواسع والذكاء العالي والحساسية المفرطة هي عدم التعامل معي على أني أمها، بل تتعامل معي كند لها، وعصبيتها لا حد لها، وعلما أنها في هذا مثل أبيها، وكذلك لا أنكر أني أتعصب كثيرًا، ولكني أجاهد نفسي في ذلك كثيرًا.
هي ذات ذكاء حاد وهي وديعة عندما لا تتعصب، أما إذا وصلت لمرحلة التعصب تكون جامحة وتتوعدني بالويل عندما يحضر أبوها. وهي تكرر ما قد أتوعدها به إذا أخطأت، وإذا صرخت في وجهها لخطأ ما تصرخ وتتوعد وتقاطعني، وقد تدفعني وتظل تعاتبني كثيرًا.
وهي تحكّم أباها الذي تحاورت معه كثيرًا ألا يحكم بيننا كأختين وأن يرفع قدري أمامها ولا جدوى، وربما قال إنها على حق وأنت متشددة معها، ثم يوجهها وهي غير مقتنعة أنها مخطئة، وهي من أجل أبيها تصالحني.
أشعر بالألم يعتصرني وابنتي لا تحترمني أمام الناس وأمام نفسي. وأنا أحاول معها بتعميق الحب باللعب والنقاش، وهي بعد الخصام تأتي وتعتذر، ولكن بمجرد تكرار الموقف يتكرر رد الفعل، وهي في حضور أبيها تتقرب إليه بشدة كأنها تعاندني بذلك، رغم أن ذلك يسعدني، وعندما يغضبها أبوها فهي مأساة حتى يرضى عنها.
أحاول أن أفعل معها كل شيء لتكون ابنة صالحة، وهي ذات تقدير عال جدًّا لنفسها، حتى إنها تحرجنا بعدم السلام على الضيوف أو تتخير من تحب وتتجاهل الباقي، وليس كل الناس عندها سواء فهم مراتب ودرجات، وأحيانًا أشعر أني من الناس الذين في الدرجات السفلى لديها رغم قربي الشديد منها.
أرجو إفادتي كيف أعامل ابنتي حتى تحترمني وتشعرني أني أمها...
وأرجو إفادتي في ألفاظ غير لائقة يتلفظ بها أخوها الأصغر ابن السنتين، ومعذرة للإطالة، وجزاكم الله كل الخير.
6/12/2025
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
أهلاً بكِ "أمّ تسنيم"، وبارك الله لكِ في أسرتكِ. ما تصفينه مع ابنتكِ ذات الأربع سنوات مفهوم تمامًا من منظور النمو النفسي: فأغلب الأطفال الأذكياء ذوي الحساسية العالية يُظهرون اندفاعًا، وشعورًا قويًّا بالذات، وصعوبة في تقبّل الحدود، خصوصًا عندما يكون الوالدان حسّاسين أو عصبيين، أو حين يختلف أسلوب الأبوين في التعامل.
سأرتّب لكِ الإجابة في نقاط واضحة تساعدك على تغيير المسار بإذن الله:
أولًا: فهم سلوك ابنتكِ
1. الخيال الواسع والذكاء والحساسية العالية يجعلونها تشعر بذاتها بقوة، وتقلّد ردود الأهل حرفيًا، وتُبالغ في التعبير عن مشاعرها.
2. حين تقول: "سأتوعّدك عند حضور أبي" فهذا ليس تحدّيًا حقيقيًا، بل محاولة للبحث عن الأمان والسيطرة عندما تشعر أنكِ غاضبة أو أن الموقف يفوق قدرتها.
3. أما التعامل معكِ كندّ فهو شائع عند الأطفال الذين لديهم حسّ قوي بالعدالة، ويشعرون أن ردود أمهاتهم أو آبائهم غير متّسقة (مرة حنان شديد، ومرة عصبية).
ثانيًا: جذور المشكلة داخل الأسرة
1. تناقض ردود الأب أمامها ("هي على حق وأنتِ متشددة") يفقدكِ سلطتك، ويجعلها تستخدمه ك"حَكَم" دائمًا.
2. عصبيتكِ – رغم محاولتكِ السيطرة عليها – تجعلها تتعلم الصراخ كوسيلة رد.
3. حبّها الشديد لأبيها طبيعي، لكن المبالغة في ذلك أمامك يحدث عندما تشعر بأن العلاقة بينكما مشحونة.
ثالثًا: خطوات عملية قوية وواقعية
1) قاعدة الشراكة بينكِ وبين الأب (ضرورية جدًّا)
اطلبِي من والدها أن يتّفق معكِ على قاعدة واضحة:
لا يوجد لوم أو توجيه لأحدكما أمام الأطفال.
وأي توجيه أو نقد يكون بينكما على انفراد.
وعليه أن يقول أمامها بوضوح وبهدوء: "ماما هي القائدة في البيت وقت غيابي، وأنا أتفق معها." هذه الخطوة وحدها تغيّر 40% من السلوك.
2) ثبات الحدود بلا عصبية
الأطفال الأذكياء لا يستجيبون للصراخ، بل يزدادون تحديًا.
لكنهم يستجيبون جدًّا لـ الثبات الهادئ:
انزلي لمستواها، انظري في عينَيها، وقولي:
"أنا أحبكِ، لكن هذا السلوك غير مسموح." لا تشاركيها الصراخ، ولا ترفعي صوتك مهما كان. إن دفعتكِ أو صرخت:
أوقفي التفاعل فورًا: "سأتحدث عندما تهدئين." ثم انشغلي بشيء آخر.
بهذه الطريقة تُفقد عادة الصراخ قيمتها لأنها لم تعد وسيلة فعّالة للتأثير عليكِ.
3) طقوس يومية لاحتواء الحساسية العالية: الأطفال شديدو الحساسية يحتاجون إلى:
عناق طويل 20–30 ثانية يوميًا.
وقت اتصال خاص (10 دقائق لعب حر معكِ بلا أوامر).
لغة هادئة جدًّا لأنهم يضخّمون أي انفعال.
عندما يشبع احتياجها بالحُب الهادئ، يقلّ سلوك التحدّي.
4) التعامل مع جملة "سأقول لأبي"
لا تستفزّكِ. قولي بكل ثبات: "لا مشكلة، أبوكِ سيقول لكِ نفس كلامي" ثم أنهِي الحوار. بهذا تسقط قوة التهديد.
5) ماذا عن عدم السلام أو انتقاء الناس؟
هذا طبيعي في عمر ٤ سنوات خصوصًا للأطفال الحساسين. لكن تحتاجين لضبطه بهدوء: قبل دخول الضيوف قولي: "سنسلّم معًا بطريقة لطيفة."
إن تجاهلت: "سأعود وأسلم وحدي، وعندما تكونين جاهزة تعالي". لا توبّخيها أمام الناس. ولا تربطي احترامك لها بسلوكها الاجتماعي
6) كيف تشعر أنها "ترتّب الناس درجات" بما فيهم أنتِ؟ هذا ليس احتقارًا. إنه سلوك طبيعي عند الأطفال ذوي الشخصية القوية:
يعطون قيمة لمن يضبط مشاعرهم ويحميهم من أنفسهم. وعندما تفقدين السيطرة أو تتناقض ردودكِ، تشعر أنها "فوقكِ" عاطفيًا. لكن بمجرد أن تصبح ردودك متزنة وثابتة، ستعود مكانتك تلقائيًا.
رابعًا: بخصوص الألفاظ غير اللائقة من الطفل الأصغر
هذا تقليد مباشر لسلوك أختِه أو أي انفعال يسمعه في البيت. التجاهل هو أفضل وسيلة، مع التركيز على تعزيز الكلمات المهذبة. قولي له بهدوء: "نقول كذا.... وليس كذا." ثم اشغليه فورًا بنشاط آخر.
لا تضحكوا على الكلمة، ولا تُعاد، ولا تُناقش بتفاصيل. يختفي هذا السلوك عادة خلال أسبوعين إذا لم يتلقَّ أي انتباه.
خامسًا: خلاصة العلاج
1. اتفاق واضح وثابت مع الأب.
2. هدوءك أهم من أي أسلوب آخر.
3. عدم مناقشة أخطائها أثناء الانفعال.
4. روتين احتواء يومي.
5. تعليم الحدود بلغة محبة لا مهانة.
6. عدم الصراخ مهما حدث.
7. اختصار التوجيه إلى جمل قصيرة وواضحة.
مع اتباعك لهذه الخطوات لمدة 6–8 أسابيع، ستلاحظين تغيّرًا واضحًا في احترامها لك، وتقليل نوبات الغضب، وتحسّن العلاقة بينكما.