هل هذا ضربٌ من الوسوسة؟؟ أو الفوبيا؟؟
أكتب إليكم تلك الرسالة مستعينة بالله تبارك وتعالى أولا وأخيرًا.. وآخذةً بالأسباب لعل الله سبحانه وتعالى يكشف ما بي..
إنني فتاة أبلغ من العمر 19 عاما.. مَنّ الله سبحانه وتعالى علىّ بالهمّةِ العالية.. وحب العِلم وتعلّمه حبًا جمًا ..العلم الشّرعي أولا.. والعلوم التخصصّية في الاقتصاد الإسلامي؛ وكثيرٍ من القضايا الفكرية المُعاصرة.. لم يكن يعنيني في الحياة أي شيء بعد رضا ربى سوى أن أتعلم العلم وأُعلِّمُه.. وأتحرّى الصحيح لأدفع به الباطل.. أكبر متعة لي يمكن أن أنالها في الحياة أن أتدارس الكتب وأُنقِّح أقوال العلماء ومختلف القضايا المُعاصِرة وأستفيد بذلك، وأنصر به دين الله سبحانه وتعالى.. لتبدأ من تلك النقطة الدعوة إلى الله على بصيرة..
ولم تكن حاجتي للاختلاط بالناسِ كثيرة.. فكنت أحب الاطمئنان عليهم والاتصال بهم ولكن لست بالشخصية الاجتماعية أيضا.. والحمد لله رب العالمين منذ عامٍ تقريبا تمت خطبتي لشابٍ ملتزم وخلوق للغاية الحمد لله رب العالمين.. ولعلى ذكرت لكم ذلك حتى تُدرِكوا حجم المأساة التي أُعانيها منذ شهرين ونصف تقريبا.. فتحديدا في يوم 18 رمضان من هذا العام.. بدأت أشعر بأعراضِ شديدة جدًا.. من عدم القدرة على التنفس وعدم الشعور بالأطراف وزيادة ضربات القلب بشكل كبير للغاية. وداهمتني تلك الأعراض فجأة دون أي مقدمات..
ومع تكرار حدوث تلك الأعراض أكثر من مرة ذهبت إلى الطبيب لأعلم أنني أُعانى من أنيميا الحديد.. نقص في نسبة الحديد والهيموجلوبين في الدم.. والحمد لله رب العالمين... ولكن المشكلة لم تكن في الجانب العضوي.. الأزمة كلها حدثت معي نفسيا ومستمرة معي إلى الآن.. فكل ما كنت أشعره خلال فترة مرضى ذكرني بالعديد والعديد من الأحاديث والآثار التي جاءت عن الموت.. وأنّ الإنسان إذا حضره الموت يشهق بشدة ويبدأ في عدم الشعور بأطرافه..ووو..إلى آخره..
وظلت تلك الفكرة تُداهمني بشدة.. حتى بعدما شُفيت بفضل الله.. دومًا يتردد في ذهني أنني أموت.. أو مثلا أحدد ساعة معينة ويتردد في ذهني أنني سأموت في تلك الساعة.. أو يومُ محدد.. حتى إذا ما جاء ميعاد تلك الساعة أو ذلك اليوم أشعر بنفس الأعراض التي كنت أشعر بها من قبل.. فأقوم في فزعٍ شديد.. وتظل تتردد في ذهني فكرة أن زواجي لن يتم.. وأشعر بضيقٍ شديد في كثيرٍ من الأحيان.. وأجد نفسي أبكى كثيرًا.. وشعور الضيق هذا يكون رهيب.. سبحان الله رغم أنني الحمد لله استمر كثيرا مع القُرآن والأذكار وقيام الليل... ولكن لا أدرى.. أشعر حزن عميق يعتصر قلبي.. وخوف شديد..
ولا أخفى عليكم ما سّببه ذلك لي من سقوط شديد للهمّة.. وتأثير ذلك على المُذاكرة.. فأنا في الفرقة الثانية بكليةِ التجارة.. وامتحانات التيرم لها 3 أسابيع وتبدأ بإذن الله.. ولا أخفى عليكم أيضًا ما سببه ذلك من اضطراب في مشاعري تجاه الأخ المخطوبة إليه.. وبدأت أبكى كثيرا.. يعنى إذا زارنا في يوم أبكى عندما يمشى. وإذا اتصل أبكي عندما ينتهي اتصاله بنا للاطمئنان على أحوالنا..
وأشعر بضيقٍ شديد.. وكنت أنام بصعوبة شديدة جدا.. ثم تلاها فترة أنام فيها كثيرا جدا -إلى الآن-.. ودومًا أحلم بأن أشخاص من أهلي يموتون -وأقرب حلم كان بالأمس- ودومًا أريد أن أكون مع الناس وأشكى لهم أو أن أخرج في أي مكانٍ آخر خارج المنزل.. برغم أن هذا ليس من طبعي..
أصبحت لا أفكر بالنهوض بنفسي على الإطلاق.. وأترجم كل ما يحدث حولي واربطه بأنني سأموت الآن.. أو في يومٍ يخيله لي عقلي.. وأشعر بأنني لم أعد أتدبر القرآن كسابقِ عهدي.. وبملخص الأمر أشعر بهبوط في كل مؤشراتي.. فأشيروا علىّ أخواني الأفاضل.. ماذا أفعل؟؟ وهل هذا ضربٌ من الوسوسة؟؟ أو فكرة تسلطية معينة؟؟
جزاكم الله خيرًا.. ونفع بكم.. اللهم آمين..
أسألكم الدعاء..
والسّلام عليكم ورحمة الله وبركـاته.
15/12/2006
رد المستشار
الأخت المسلمة
شكرا لك على إتقانك العربية وشكرا لك على الاعتزاز بإسلامك.
أما ما تعانين منه إنما هو بالوسواس ناطق! فتخيلك ليوم أو ساعة تموتين بها وتقمصك الدور لدرجة أن إحساس الموت ينتابك وأنت تلفظين الروح!! إنما هو ضرب من الوسواس نسميه الخوف الوسواسى(Obsessive Phobia) وكذا الشعور الذي ينتابك وأنت تتخيلين فراقك عن أخ ترتضين زواجه، إنما هو خوف وسواسى أيضا يأخذك إلى أن تعيشي لحظة الوداع بما فيها من حرمان ودموع.
أما لماذا أنت موسوسة؟... هذا لأن الوسواس في معناه التحتى إنما هو شدة حرص، فلأنك حريصة على تدينك يأتيك الوسواس بالموت قبيل أن تتأهبي للرحيل بصالح الأعمال!، ولأنك حريصة جدا على أخ هو الأنسب لدينك ودنياك تخافين أيضا من أن تحرمي منه!!.
وأرى أن هناك شيئا ما لم تذكريه.... كصدمة شديدة في شيء عزيز جدا أو كموقف أظهر لك عدم الثقة والأمان في أمر كان مقربا إليك ومصدرا للأمان والثقة، أو كموقف أظهر سوء شخص كنت تحسبينه من الطيبين وهكذا..... فغالبا ما يحتاج الوسواس إلى موقف إما ضغطي جدا تشيب منه الولدان أو موقف يدعو إلى الشك وفقدان الثقة في أمور كانت ثوابت. وحينئذ ينتفض الخوف الوسواسى اللاشعورى ويعبر عن نفسه على هيئة أفكار وصور وسواسية محدثا خللا في ناقلات الأعصاب المخية بنقص في بعضها في مناطق معينة من المخ.
أما علاج المشكلة: فهو من شقين
أولاهما لا بد لك من تناول بعض العقاقير لدى أخصائي نفسي تصلح ما أفسده الوسواس وتهدأ من روع الأفكار في نفسك وترفع المزاج الذي انحط والنشاط المعرفي والذاكرة اللذان انخفضتا.
ثانيا: يلزمك التدريب على بعض الأساليب السلوكية المعرفية التي تساعدك على التصدي لأفكارك وهى إما بالتجنب وتشتيت الأفكار والهروب منها والبعد عن المواقف التي تستفز الأفكار الوسواسية(هذا في أول الأمر حتى تأتى ثمرات العلاج الكيميائي). أو التصدي لها قلبا لسيف! ووجها لكف! بحيث تتحملين التوتر والقلق اللذان ينتابانك مع حضور الوسواس علما بأن المعاناة لن تستمر وسيأتي يوم قريب جدا تقهرين أنت وسواسك ولا يكون هو لك وسواسا قهريا!!.
طمئنينا عليك