الشذوذ الجنسي منذ مراهقتي
تحياتي للقائمين على هذا الصرح الرائع الجميل، وتحياتي لجميع القراء، واسمحوا لي أن أدخل في مشكلتي مباشرة. مشكلتي هي أنني أعاني من حالة الشذوذ الجنسي منذ مراهقتي، ففي مراهقتي تعرضت لعدة تحرشات جنسية ولكنني كنت أقاوم ولم أستجب لذلك، فقد كانت لدي قناعة بأن هذا الشيء خطأ وحرام، وكان ذلك رادع قوي لي لعدم الانسياق لذلك، لكن للأسف إن ما في داخلي يختلف تماما، فقد أصبحت أميل للجنس المماثل وقد لازمني ذلك في خيالاتي وأحلامي، فأنا الآن عمري ثمانية وعشرون لم أحتلم بامرأة قط، ولا أثار جنسيا بأي طريقة كانت مع امرأة، فالمرأة بالنسبة لي جسد عادي غير مثير، بعكس الرجل القوي ذو صفات معينة (أعتقد بأنه غير مهم ذكرها) أشعر بالإثارة بمجرد أن أراه في صورة أو تلفزيون أو حتى في خيالي.
وأضيف لكم أن ما زاد مشكلتي هو أنه بعد مرحلة المراهقة، وبالأخص في المرحلة الجامعية تعرفت على صديق لي، أحببته بكل جوارحي أصبحت أفكر به ليل نهار، وأن أضحي بحياتي لأجله، وبالفعل فقد بادلني ذلك الشعور وقد كان ذلك الحب ليس هدفه الجنس بالبداية، ولكن للأسف قد تطور الأمر للوقوع فيه تدريجيا، ولكن كان سطحيا (بدون إيلاج) فقد كنا نعرف أن ذلك خطأ فادح ودائما نعد أنفسنا بأن لا نرجع لذلك ولكن الشهوة والشيطان يسيطران علينا، وفي كل مرة نمارس ذلك نصاب بحالة ضيق وعذاب الضمير وكرهنا لبعض،
وبعد ذلك نرجع لما نحن فيه، حقيقة أن السبب في هذا هو أنا، فأنا الشيطان ذاته الذي غوى صاحبه وأوقعه في هذا المستنقع، وقد استمر ذلك لمدة 7 سنوات، وفي آخر سنتين من هذه السنوات أصبح الجنس مع صديقي روتين ممل، تولد عندي الشعور بالرغبة بالتغيير مع شخص آخر وخاصة بعد تخرجي من الجامعة وعملي الجديد في إحدى الشركات الخاصة، التي يعمل فيها موظفين من عدة جنسيات وأعراق مختلفة، ويوميا أقابل أشخاص أرغب بداخلي بأن أمارس تلك الرذيلة معهم، ولكن خوفي على عملي ومركزي وسمعتي مع زملائي قد منعني من الانزلاق في ذلك، ولكن الشعور بالغريزة يسيطر علي من داخلي.
أصبحت دائم الإبحار في عالم الإنترنت والمواقع الإباحية الشاذة، حتى صادف وأن تعرفت على شخص في مواقع الدردشة، وتواعدت معه في ساعتها (علما بأني من الأشخاص الحذرين جدا، والمغامرة لديهم معدومة) وقابلته، فهذا الشخص قد أخذ عقلي وتفكيري وشعرت أنه هو الذي يعيش في خيالي وفكري منذ مراهقتي، مارست معه الجنس وكأني لأول مرة أمارسه بالرغم من أنه كان سطحيا (حقيقة أنا لا أرغب في ممارسة الجنس الكامل سالبا كان أم موجب، وأن رغبتي الحقيقية هي الإشباع العاطفي بالقبل والمداعبة وملامسة الصدر بالصدر والجسم بالجسم كاملا والشعور بالحب والحنان، فأنا أكره أن أمارس الجنس للجنس فقط دون حب متبادل) وبعد تلك الليلة أصبحنا صديقين (بالرغم من عدم ارتياحي لذلك لقناعتي بحرمة ذلك)، صديقي هذا كان مقتنع بشذوذه، له عدة علاقات وأحزاب وجماعات من الشاذين جنسيا، يستمتعون بحياتهم وسعيدين.
عرفني عليهم لأنضم لهذه الجماعة، ولكن الحمد لله أنني رفضت ذلك بقوة، فأنا مقتنع بأن ذلك خطأ فادح في نفسي وديني وسمعتي.وابتعدت عنه للأبد. منذ سنة فكرت بأن أتزوج، وكان هدفي هو الإشباع العاطفي وإعفاف نفسي، أنا أكره نفسي لأني شاذ جنسيا، أريد أن أحب امرأة وأتمنى أن أمارس الجنس معها واستمتع، والحمد لله من 6 أشهر تم عقد قراني بامرأة ذات دين وخلق وجمال وعلم، وتحبني حبا لا يوصف، وأنا أيضا أحبها، ونحن متفاهمان ومتفقان جدا، ولكن للأسف لا أشعر بالإثارة معها، فنحن نجلس بالساعات مع بعض ويكون بيننا قبلات وأحضان حارة، ولكن لا أشعر بأي رغبة تجعل قضيبي ينتصب، أحيانا أقول في نفسي أن ذلك جميل حتى لا أتعدى حدودي حتى زفافنا، وأحيانا أشعر بقلق من ذلك، وأسأل نفسي هل سوف أتخلص من رغبتي الشاذة بعد زواجي، أم سأستمر أشعر بالإثارة بمجرد أن أرى زميلي بالعمل (زميلي هذا أكبر مشكلتي حاليا، يعمل معي في نفس القسم، أشعر بإثارة غريبة بمجرد رؤيته أو سماع صوته، أشعر بتقلصات في بطني وأحيانا احتقان بالمثانة، ولا أخفيكم السبب هو أنني مارست معه الجنس السطحي عدة مرات متفاوتة، وقد ناوبنا الإحساس بالخطأ وعذاب الضمير، زميلي هذا لا يلمح لي ولا يذكرني بما حدث، ولكنني أنا الشيطان بعينه الذي يبدأ بالتلميح والإثارة).
أيها القارئ... إذا أردت أن تعاقبني وتلومني فضميري ونفسي اللوامة قد سبقاك،
أريد منك الحل لأكون سعيد ووفيا مع زوجتي، خيانتي لها لا تجعلني سعيدا، أنا أحبها، أريد أن أكون لها وحدها، قلبا وعقلا وجنسا.
07/09/2007
رد المستشار
الأخ السائل أهلا وسهلا بك، وشكرا على ثقتك في صفحتنا استشارات مجانين... لقد ختمت رسالتك بقولك: "إذا أردت أن تعاقبني وتلومني فضميري ونفسي اللوامة قد سبقك...." أود قبل كل شيء أن ألفت نظرك إلى أنه ليس من مهام الطبيب النفسي أياً كان وأينما كان في العالم... توجيه اللوم إلى من يراجعه طالبا العون والمساعدة من خلال المشورة أو العلاج والرعاية النفسية.... فالطبيب بشكل عام خُلِقَ ليُعَالِج لا ليُحاكِم... وليس من مهامه العقاب أو توجيه اللوم...
وما توقعك بأننا سنأخذ موقف اللوم أو العقاب منك، إلاّ نوع من أنواع التعبير التي يعلنها ضميرك، فأنت تسقط رفضك لميولك علينا، وكأننا لابد أن نقف موقف الرفض من شخصك نتيجة مشاعرك وميولك مثلما أنت ترفضها.
أمر آخر أود لفت نظرك إليه وهو أنك تريد الحل لتكون وفيا لزوجتك فتقول: "أريد منك الحل لأكون سعيدا ووفيا مع زوجتي, خيانتي لها لا تجعلني سعيدا, أنا أحبها, أريد أن أكون لها وحدها, قلبا وعقلا وجنسا"... إن مفهوم الخيانة الزوجية تكون بمعاشرة المرء لغير زوجه... وهو مختلف كليا عن الشذوذ الجنسي وحتى الأحكام الشرعية في كل من الحالتين مختلفة أيضا..
لاحظت أنك تفتتح رسالتك بالقول: "ففي مراهقتي تعرضت لعدة تحرشات جنسية ولكنني كنت أقاوم ولم أستجب لذلك, فقد كانت لدي قناعة بان هذا الشيء خطأ وحرام وكان ذلك رادعا قويا لي لعدم الانسياق لذلك"... كنتَ تقاوم ولا تستجيب لقناعتك بخطأ هذا الفعل وتحريمه شرعاً، وكان ذلك يشكل عندك رادعا قوياً لعدم الانسياق وراء هذه الرغبات.. أين هذا الرادع في تتمة مسيرتك؟...
تقول: "لكن للأسف إن ما في داخلي يختلف تماما, فقد أصبحت أميل للجنس المماثل وقد لازمني ذلك في خيالاتي وأحلامي،" الحقيقة يبدو لي أنك أصبحت تحت تأثير ما يمكن أن ندعوه التعزيز وهو ما يفسر أنك أصبحت تميل للجنس المماثل (الجنوسة)... إن الميول الجنوسية (الجنسية المثلية) هي خلل لا يولد مع المرء (كما حاولت وتحاول المدارس الغربية للطب النفسي أن تدعي وتروج، لأسباب عدة شرح الكثير منها أ.د. وائل أبو هندي في استشارات سابقة)...
تقول أن جسد المرأة العاري لا يثيرك رغم مشارفتك على نهاية العقد الثالث من العمر في حين صورة لرجل قد تسبب عندك موضوع إثارة فتقول: "فانا الآن عمري ثمانية وعشرون لم احتلم بامرأة قط, ولا أثار جنسيا بأي طريقة كانت مع امرأة, فالمرأة بالنسبة لي جسد عادي غير مثير, بعكس الرجل القوي ذو صفات معينة (أعتقد بأنه غير مهم ذكرها) أشعر بالإثارة بمجرد أن أراه في صورة أو تلفزيون أو حتى في خيالي"... يجب الانتباه إلى أن الجنوسة (الجنسية المثلية) المطلقة غير موجودة عند أي كائن حي غير الإنسان.. كما أنا مجتمعات بأكملها لم تعرف الجنوسة (الجنسية المثلية) مطلقاً... ويميل معظم علماء الطب النفسي بتفسير الجنوسة (الجنسية المثلية) إلى تضافر مجموعة من أسباب (كرد فعل نفسي لظروف النشأة أو غيرها، أو رد فعل لمواقف اجتماعية وتربوية معينة، أو ورد فعل لبعض المصابين باضطرابات نفسية معرفية أثرت على ميولهم الجنسية...).
تقول: "إن ما زاد مشكلتي هو أنه بعد مرحلة المراهقة, وبالأخص في المرحلة الجامعية تعرفت على صديق لي, أحببته بكل جوارحي أصبحت أفكر به ليل نهار, وان أضحي بحياتي لأجله, وبالفعل فقد بادلني ذلك الشعور وقد كان ذلك الحب ليس هدفه الجنس بالبداية, ولكن للأسف قد تطور الأمر للوقوع فيه تدريجيا, ولكن كان سطحيا (بدون إيلاج) فقد كنا نعرف أن ذلك خطأ فادح ودائما نعد أنفسنا بان لا نرجع لذلك ولكن الشهوة والشيطان يسيطران علينا, وفي كل مرة نمارس ذلك نصاب بحالة ضيق وعذاب الضمير وكرهنا لبعض, وبعد ذلك نرجع لما نحن فيه, حقيقة أن السبب في هذا هو أنا, فأنا الشيطان ذاته الذي غوى صاحبه وأوقعه في هذا المستنقع, وقد استمر ذلك لمدة 7 سنوات, وفي آخر سنتين من هذه السنوات أصبح الجنس مع صديقي روتين ممل"..... إلخ".
الحب.. كلمة واحدة تختصر الكثير الكثير.. الحب أذكر أن السيد المسيح عليه السلام قال: إن الله محبة، وقال عز وجل في كتابه الكريم: إن الله يحب المتقيين... وقال أيضاً: إن الله لا يحب المفسدين... وهكذا يمكننا الانتباه والملاحظة بأن للحب حدودا... ويعتقد العلماء بأن الحب يجب أن يحقق مجموعة شروط مجتمعة كي يدعى حبا وفي مقدمتها: (المعرفة، الفضيلة، الصدق، الاحترام، المسؤولية، الاهتمام، الطهارة...).
أما ما عرضته من خلال رسالتك فلا يمكنني أن أدعوه حباً... لكن يمكنني تسميته بالتعلق: والتعلق هو نوع من التعويض والمرء هنا يفتقر إلى الوضوح مفاهيمه قاسية، وذهنه مستنفر وأفقه ضيق، ويسعى دوماً دون إرادة منه إلى التسويات العرجاء وغير السليمة لأيّ أمر يعترض طريقه، وهو لا يهتدي إلى مبادئ ومواقف عطوفة ومتسامحة نحو نفسه ومع محيطه، بل ينظر إلى الأمور وكأنه غنيٌ عن التَعَلُمْ، والشبه الكبير بينه وبين من يضع نظارات ملونة على عينيه، يرى كل شيء من خلال لون عدساتها، ولا يمكنه أن يرى الأشياء بألوانها الحقيقية.
والمرء مجبول بالفطرة على حب التعويض في أي نقصٍ يشعر فيه بشكلٍ واعٍ، أو غير واعٍ، فأمر طبيعي أن يتعزز التعويض... والمرء هنا يعوّض من خلال التعلّق بكل الأشياء، والموجودات، ويخيل إليه أنه الحب..
والحب... عقلية مرنة قبل أي شيء... تتجاوز أطُر ذواتنا المنكمشة... التي نعطيها أهمية كبرى... والحب فعلٌ خلاقٌ يصل الكائن البشري بجواهر الأمور وحقائق الأشياء... وليس الحب أبداً كما يراه ويعتقده البعض على أنه تملك وامتلاك... ولكنه هبة الله... أمّا التملك فهو نوعٌ من التعلق... وحلٌ للصراعات بطريقة لا شعورية يحقق الأمن الداخلي للمرء بصورة مؤقتة، وآنية... ويهتز المرء وكأن الأرض قد زلزلت تحت قدميه عندما يشعر بخسارته لما يمتلك... والتملك يجعل المرء متمحوراً على ذاته، وحولها فقط، وهو كذلك خوفٌ داخلي... ولا يمكن أن نجد حباً ناضجاً وتفكيراً سليماً في حالة الخوف.
وبالعودة إلى ما وصفته في رسالتك نجد سلوكك تعلقاً وتملكاً، فالطفل الذي تُقَدمْ إليه لعبة ما، يطير بها فرحاً، ويفقد صوابه وينفجر انعكاسياً إن حاول أحد من أترابه المساس بها.
نلاحظ أن هذا الطفل عندما تُقَدمْ إليه اللعبة ينشغل عن الكون برمتّه، ويتفرغ لها وكأن الملائكة قدمت له الدنيا بأكملها، وتنفجر البراكـين وتزمجر الأرض زلزالها، إن حاول أيّاً كان المساس بهذه اللعبة، ثم نجده بعد فترة وجيزة من الزمن يملّ هذه اللعبة وقد يرميها أو يحطمها أو يهبها لأحدٍ ما... وإذا عدنا إلى سلوكك الذي وصفته ألا نراه شبيها بسلوك ذاك الطفل من الناحية النفسية على الأقل؟!
بقي أن أقول لك كثيرا ما تتجلى الصراعات النفسية بشكل أعراض جسدية... وهذا ما يحصل عندك... وحسنا فعلت بارتباطك بأنثى ذات دين وخلق وعلم, لكن الزواج وحده غير كفيل بحل مشكلتك، وأود أن أذكرك بتلاوة آيات القرآن الكريم بشكل يومي فهو عدا عن كونه يهدي... يساعد على هدوء النفس واستقرارها ويزرع الأمل والطمأنينة...
نعم إن لمشكلتك حل... ولكن ليس بتلك السهولة... يسعى مجموعة من الزملاء أطباء النفس في عالمنا العربي ومنهم الأستاذ الدكتور وائل أبو هندي ومستشارين في بوابة مجانين، إلى العمل المستمر لمحاولة إيجاد طرق علاجية لحالات الجنوسة (الجنسية المثلية) وبقية الشذوذات الجنسية... وأملنا بالله كبير في التوصل إلى نتائج مفيدة..
واقرأ ما يظهر تحت العناوين التالية ستجد من بينها وصفا دقيقاً لمراحل البرنامج العلاجي السلوكي المعرفي للجنسية المثلية:
الخروج من سجن المثلية: ما ظهر وما بطن!
الميول الجنسية المثلية: الداء والدواء
سجن الميول المثلية: قضبان وهمية!
الشعور بالذنب قد يكونُ مفيدًا!
الجنس الثالث والنفس اللوامة
ومن خلال خبرتي السريرية لاحظت تحسنا مقبولا لدى الصادقين في رغبتهم بالخلاص من الجنوسة (الجنسية المثلية) إذا التزموا بالصبر والدقة في تنفيذ البرامج العلاجية، وبكل الأحوال المطلوبٌ منك ومن الطبيب النفساني الذي سيسير معك في مسيرة العلاج الصبر قبل كل شيء.