هل يصح أن يتزوج الطبيب النفسي من مريضته؟؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سيدي الفاضل دكتور مصطفى السعدني،
لقد قرأت لك (هل يتزوج الطبيب النفسي من مريضته؟) ولأني من النوع التي يستفزها أن نأخذ بعض أفكار من الغرب ونوافق عليها رغم أن ديننا لم يصرّح بها، ولأني أستفز أيضاً من أن نختلق عادات وأساليب للحياة ليست من واقعنا أكتب لك الآن وأرجو أن يتسع صدرك لكلامي لأنه سيطول.
سيدي نحن كلنا بما فينا من طبيب نفسي ومريضه بشر لكن بحديثك أنت النابع مما قال الغرب تشعرني أن الطبيب والمريضة فئتين أو مخلوقين يخضعان لأحكام مختلفة.
من بين سطورك شعرت أنه كان من المفروض أن ينزل الله فيهم آية -أستغفر الله على هذه العبارة لكنه يعلم ما أقصد بها-!، لماذا تتحدث عنهم وكأنهم خارج نطاق الخدمة؛ أذكرهم الله من بين المحرمات في الزواج؟ أذكرهم الرسول عليه الصلاة والسلام من بين المحرمات؟ ألم يعلم الله أنه سيكون هناك من الأمراض ما هو نفسي وأنه سيكون هناك طبيب ومريضة؟! لو كان الله يرى أن ليس من صالح المريضة أو الطبيب هذا الارتباط لنهانا عنه ولحذرنا منه!
قال تعالى: (وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) {27} الزمر، لم عقدة "الخواجا" إذن؟! يخترع الغرب ما يتماشى معهم ومع أخلاقهم وعاداتهم وما يروه في صالحهم ثم نأخذه منهم. سؤال لماذا لم يطالب الغرب بأن يعالج المريض دكتور ويعالج المريضة دكتورة؟ مع أن هذا سيتناسب معنا أكثر لأن ديننا يمنع الاختلاط واجتماع الرجل والمرأة بمكان بمفردهما وسيوفر علينا حدوث الارتباط بينهما من الأساس، فلماذا لم تتحدث أنت عن هذا بدلاً من أن تنجذب لرأي الغرب وتراه تقنية تستحق أن تحترم! لكن من الواضح أننا شعب نحب أن نلف حول أنفسنا ونحب تعبها ونفضل تعرضنا للمشكلة وبعدها نبحث عن حلولها، أليست الوقاية خير من العلاج، لم نضع الكبريت بجانب البنزين ونقول للنار إياك أن تشتعلي "أحسن كدة مش صح".
سيدي بالله عليك لو كان الغرب الذين تنجذب أنت لرأيهم قالوا أن المريضة تعالج عند طبيبة والعكس ألم يصبح وقتها هذا الرأي من التقنيات العالية التي توصل لها الغرب وكانت ستنال إعجابك؟ لماذا تصرون أن نأخذ منهم تقنيات وضعوها هم لأنها تناسبهم؟ ما كانوا أبداً ليضعوا تقنية أن يعالج المريض دكتور ويعالج المريضة دكتورة لأن دينهم لم يحرم الخلطة وعندهم حرية الخلطة في كل الأوضاع فلن يضعوا لأنفسهم إلا الذي يناسب وضعهم كمجتمع له عاداته وأوضاعه، أما نحن فحاذقون نقلّد فقط ونقول أننا سنأخذ منهم الصحيح فقط ونترك الغلط.
سيادتك قلت أن المريضة تبوح بكل ما بها وتكون صفحة مفتوحة لطبيبها لماذا لا تعتبر أن هذا في صالح الارتباط؟ّ ألم يزيد هذا من قوة التفاهم بينهما؟ ثمّ ماذا ينقص المريضة عن المرأة العادية؟ ومن قال لسيادتك أن الشاب والشابة العاديان لم يكن بينهما أحاديث وحوارات واضحة ودقيقة وأن كل منهما يكون صفحة مفتوحة للآخر؟!
سيدي أنت لا تعيش واقع الناس في الشارع ولا تعلم أن ضغوط الناس ومشاكلهم جعلت الحوارات بين الأطراف مفتوحة تماماً في الكلام والأفعال وليس عند الطبيب فقط؛ إذا ركبت الباص سيقول لك الجالس بجوارك كل أسرار بيته وكل ما يعانيه من طلبات زوجته وظلم الأخوات وجشع التجار وقلة الفلوس وأعصابه المنهارة وخوفه من الدنيا وقلة نومه واحتياجه للراحة والأمان! لقد رأيت ذلك بنفسي أليس الطبيب الذي سيتزوج امرأة عادية سيكون أكثر منها قوة وخبرة؟ أليس له من الحيل والأساليب التي تجعله يسيّرها كما يشاء مع علمه بكل ما تشعر به من رغبة أو خوف أو قلق أو ضعف؟
إذن الأفضل ألا يتزوج الطبيب إطلاقاً، لماذا تريدون أن يصبح الطبيب آلة تتحكم في مشاعرها وإلا يكون خان الأمانة أو فشل في مهنته؟ كيف يتحكم في ذلك وسيد الخلق لم يتحكم وهو الأدعى أن يتحكم؟ لأنه عادل وكان يجب أن يكون عادلاً مع زوجاته لكنه لم يتحكم في ما يملكه الله، أنت شخصيا إذا فعلت ما بوسعك لكي تتحكم في مشاعرك نحو مريضتك وكنت في أقصى قوتك لكي لا تتزوجها وأراد الله عكس ذلك لجعلك تفعل رغماً عنك فليس هناك داع لأن نبتدع أشياء ليست في ديننا لمجرد أنها آراء متطورة مأخوذة من الغرب فما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا.
وأخيراً، لا أملك غير أن أطلب من سيادتك أن تركز جيداً بهذا الحديث وتقرأ عن معناه لأن ((من أحدث)) تعني في كل شيء: الزواج، والزكاة، والصوم، والصلاة، والدعاء؛ عن أم المؤمنين أم عبد الله عائشة رضي الله عنها قالت:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" رواه البخاري ومسلم، وفي رواية لمسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" هذا الحديث خرجاه في الصحيحين. وشكرا لاتساع صدركم وأعتذر على الإطالة.
27/07/2008
رد المستشار
أختي الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
أحال إلي الدكتور وائل مشاركتك، وأرجو أن يكون في سطوري بعض ما ينفع؛
قرأت مشاركتك أولا، ثم طلبت من الدكتور وائل أن يرسل لي ما كتبه الدكتور مصطفى، فلما قرأته، وجدت أنك بنيت رسالتك على ما استفزك عاطفيا في ما كتبه الدكتور مصطفى، لا على بناء عقلاني يناقش ما كتبه دون إسقاطات أراها مفتعلة..
غاية ما كتبه الدكتور مصطفى هو توضيح الرأي العلمي الغربي في الموضوع، وأنه يراه وجيها، وأنه لا علم له بما تقرره التشريعات السماوية في هذا الموضوع.. فطرحه كان منهجيا ولا اجتراء فيه على الدين.
وبالنسبة لما طرحت فيظل رأيك الشخصي، فلا تحمليه الدين رجاء، فمن يتحدث في الحكم الشرعي من الابتداع وغيره، هو الفقيه المؤهل، لا العامي غير المتخصص، فتنبهي لهذا الأمر بارك الله فيك..
وتبقى المسألة مطروحة لأن يتحدث فيها من هو أهل لذلك من أهل العلم الشرعي مستعينين بالمتخصصين في الطب النفسي..
والله أعلم
ويتبع...........: هل يصحّ أن يتزوج الطبيب النفسي من مريضته؟ م