أنا ووالداي
والداي يقهرانني نفسياً وسببا لي الاكتئاب دون إحساسهما بذلك....
أنا فتاة في الرابعة عشر، جسمي يبدو أكبر من سني قليلاً بسبب دخولي المدرسة وأنا في الرابعة لوجود استثناءات من مدرستي في ذلك الوقت. المشكلة بدأت منذ الطفولة وترسخت في ذهني حتى المراهقة؛ إن والداي لديهما منظور مختلف عني في الحياة، فهما يتخذان أقل غلطة مني على أنها مصيبة! وينظران دائماً إلى الجوانب السلبية في سلوكي حتى يعيبانها علي، ويقولان لي دائماً ألفاظاً مشينة ولا يهتمان لمشاعري- خصوصاً الأب- حتى يعودان بعد ساعات لمواساتي، وبعد قليل أسمعهما يضحكان عليّ ويتكلمان عني بالسوء ولا يهتمان إذا سمعتهما، وإذا فاتحتهما بالموضوع يجلسان ويحكيان لي قصة حمل أمي يي تسعة شهور وسنتي الرضاع ووصاية الله بهما...
دكتور أنا البنت الأكبر بين إخوتي، فنحن بنتان وولد، وقد لاحظت أن أمي تفضل أخي علينا لأنه ولدها الوحيد وأبي يفضل أختي الصغرى علينا، فأصبحت بين هذا وذاك لأنهما يتوقعان مني أن أكون الأعقل وأتفهم ذلك. يمنع والدي عني اللعب ويعتبر المرح والفرح والابتسامة والترفيه عليّ عيباً، إذ يتوقعان مني القيام بجميع أمور المنزل، أنا أحياناً أضحك دون سبب وأبكي أيضاً دون سبب، وأحياناً أبكي فأجد نفسي أضحك على حالي! أصبحت أخاف من الناس وأحب الانعزالية واللون الأسود، وعندما أقول لنفسي تسلّي قليلاً حتى لا أموت حزناً أجد أني قد تعلق قلبي بالحزن ولا أريد فراقه أبداً، وهذه هي بالتحديد مشكلتي،
فانا لا أريد أن أجن وأسجن روحي في القبو.
مع ذكر أنني حاولت الانتحار مراراً وتكراراً ولكنني أرجع في اللحظة الأخيرة.
18/12/2008
رد المستشار
الأخت الفاضلة "ميساء"،
أنت تصفين في رسالتك حالة من الاكتئاب لديك بقولك "قد تعلق قلبي بالحزن" والتي تصاحبها بعض الأفكار الانتحارية، كما أنك تعتبرينها مشكلة وذلك من خلال قولك "وهذه هي مشكلتي" وتطلبين المساعدة "لا أريد أن أجن وأسجن روحي...." وهو دليل جميل على وعيك وإدراكك واستبصارك بالأمر، خاصة في تراجعك الرشيد والمتكرر عن المحاولات الانتحارية، وهذا دليل في الواقع على التوازن النفسي والنضج الفكري لديك رغم يفاعتك، إلا أن هذا لا يمنعك من مراجعة الطبيب النفساني احتياطياً لتقييم وقياس حالة الاكتئاب لديك وتحديد سمات شخصيتك وتدريبك عبر الخطة العلاجية المناسبة على اكتساب مهارات تحديد الأهداف وأخذ القرارات وحل المشكلات وتطوير الجانب الروحاني فيك، وهي مهارات تستفيدين منها على المدى الطويل في حياتك الخاصة الفردية والجماعية.
ولعلمك فإن حالات الاكتئاب -على غرار حالتك– والتي تنتج عن سبب واضح يسهل تحديده مثل المشاكل الأسرية أو الاجتماعية أو المهنية أو الدراسية عادة ما تستجيب للعلاج سواء الدوائي أو النفسي، وأحياناً تتحسن بصفة تلقائية دون أي تدخل علاجي، وهذه الحالات من الاكتئاب هي عبارة عن اضطراب في المزاج لا يؤدي إلى "الجنون" مثلما تبادر إلى ذهنك.
وعلى اعتبار أنك تردين هذه الحالة لديك إلى تصرفات ومواقف وردود أفعال أبويك مع الاستشهاد بأمثلة من الواقع (النقد، النظر إلى الجوانب السلبية، تفضيل الابن والبنت الصغرى...) مع عدم ذكر تأثير ذلك على إخوانك وطبيعة العلاقة بينك وبينهم، فإنه من الواضح ضرورة تقييم الوضع الأسري ودراسة توزيع الأدوار لكل فرد منكم بهدف مساعدة الأسرة على القيام بدورها وتثبيت استقرارها وتوازنها.