السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
اسمحوا لي أن أبلغكم خالص امتناني على هذا الموقع الأكثر من رائع والذي أصبح ملاذاً دافئاً لي يحتضنني في وحدتي ويحدثني حين أشتاق إلى محدث بارع، ويصغي لشكواي وإن كثرت، ويمسح دمعتي بكل محبة. واسمحوا لي أن أدعو لكل المستشارين بالعافية وأن يفتح لهم الله أبواب الرزق والخير في الدنيا والآخرة. أعترف لكم أن هذه هي المرة الثالثة التي أكتب بها قصتي لا أدري في كل مرة أكتبها أجد أني أخفيت جزءاً من داخلي بين السطور، وأنا أتمنى أن أفرغ ما في جعبتي كله لديكم لعلّي أجد عندكم النصيحة التي أرجوها منكم كأخوة لي في الإسلام.
لقصتي أطراف عديدة، ولكن ما سأرويه اليوم هو هذا الجانب الذي يقلقني ويقض مضجعي.
أنا فتاة مسلمة والحمد لله، عمري 28 عاماً، حاصلة على شهادة جامعية وأعمل والحمد لله، ملتزمة بقدر ما أستطيع. تبدأ قصتي منذ عامين ونصف كنت وقتها أعاني من حالة اكتئاب شديدة وذلك كنت قد خسرت العمل الذي أعمل به وأصبحت حبيسة جدران المنزل الذي ليس فيه سوى أصداء للمشكلات الكثيرة التي تعم المنزل، فجميعنا فيه غير قادرين على التعايش مع بعضنا، وأشعر أحياناً أني أعيش في عالم منفصل رغم كل المحيطين بي.
أعاني من سمنة مفرطة منذ الطفولة، وفي تلك المرحلة ازداد وزني بسبب سوء وضعي النفسي، كما أني كنت قد تعلّقت بشخص متزوج، ورغم عدم بوحي له بشيء إلا أن مشاعر داخلي كبرت تجاهه. كان زميلي بالعمل، ووجدت فيه ضالتي لأملأ الفراغ الداخلي فأحببته بصمت، وحين انتهت فترة عملي كنت محطمة من داخلي، ورغم اعتراضي على كلمة الحب التي أصف مشاعري بها إلا أنها كانت سبباً في محاولة لجوئي لأي وسيلة أعود بها للحياة بعد ترك عملي والشخص الذي فتنت به وزيادة وزني السريعة وقلة اهتمام من حولي بي -رغم أني لدي الكثير من الأخوة والأخوات إلا أني أشعر كالمنبوذة-، فلا مكان لي بينهم ولم أحصل على أي اهتمام وذلك منذ طفولتي.
المهم أني في تلك المرحلة أصغيت لنصيحة إحدى قريباتي أن أملأ وقتي بالنت وذلك لأني لا أملك أي أصدقاء، وبالفعل بحثت عن شخص يحدثني على النت ووجدت ضالتي المنشودة. كان شاباً شديد الاهتمام بي، على دراية واسعة بعلم النفس، أظهر لي من الاهتمام ما لم أحظ به في عمري كله، وفي أيام قليلة أصبح الهواء الذي أتنفس. كان يصغي لمشكلاتي ويعطيني الحلول وشعرت معه بالأمان الذي لم أشعر به في منزلي ورغم أنني اخترت محادثة شخص من بلد بعيدة لكي لا أخجل من بوحي له أو أحبه وأفكر بالارتباط به، إلا أني أحببته وكان الأمر خارج سيطرتي، لا أستطيع الآن أن أجزم أنه كان يملأ الفراغ العاطفي داخلي أم كان حباً، ولكن ما أعلمه أني كنت أطير من السعادة حين أتكلم معه وأصبحت أنتظره بفارغ الصبر. ضبطت ارتفاع وزني وبحثت عن عمل وعملت وكنت كمن يحلق في عالم وردي اللون مليء بالسعادة، بعد عدة شهور اعترف لي بحبه واتفقنا على الزواج، ورغم كل المشكلات التي اعترضتنا لاختلاف بيئتينا وأفكارنا وحتى الأمور التي نحبها ونكرهها كنا نتشاجر كثيراً إلا أنه كان يعود دائماً لي مما أشعرني أني أحتل في قلبه مكاناً. أخبرته عن كل مشكلاتي وسمنتي ولم يهتم وكانت تلك المرحلة التي لا أظن أني قد أنساها يوماً، ولكن ما حدث بعدها كان من أشد أخطاء حياتي.
كنت فاقدة الأمل في الزواج وفي أن أجد شريكاً لحياتي، وبعد أن اتفقنا على الزواج كان ذلك أكثر ما أتمناه وحاولت بشتى الوسائل أن أرضيه لم يكن عندي أي تجارب جنسية قبلاً ولم أعرف يوماً ما هو الجنس وبحجة أنه يريد أن يعلّمني كيف أسعده انجرفت وراءه ووقعت في أخطاء لا أعلم إن كان ربي سيغفرها لي. علم اسمي وعائلتي ومكان إقامتي وشاهد صوراً لي ولجسدي عدا الكلام على الهاتف وكل الأمور الأخرى التي أخجل من البوح بها، المهم أنه وعدني بالقدوم لثلاث مرات ولم يأتِ، واكتشفت في مرحلة أنه كان على علاقة بفتاة غيري على النت يساهرنا معاً، وواجهته إلا أنه أنكر وصدقته وكذبت نفسي وعيوني، في تلك المرحلة بدأت أستفيق من سكرة الأخطاء والحب والجنس وامتنعت عن تلك الأمور الشنيعة التي علّمني إياها رغم أن جسدي كان وما زال يؤلمني لشدة احتياجه، أخبرته عدة مرات أني سأتركه إن لم يأتِ ورغم كل وعوده خذلني، وآخر صدمة كانت لي رسالة بعثتها فتاة من بلده له تحدثه فيها على أنه خطيبها ووجدته قد أرسل لها ملفات جنسية، جنّ جنوني وحين واجهته اعترف بأنها زلة ارتكبها أثناء فراقنا.
ابتعدت عنه فترة وكنت أموت في كل مرة، لم أستطع كرهه ولم أستطع نسيانه ولم أسامح نفسي، أردته أن يخبرني أنه كان يخدعني لعلّي أقدر على كرهه ولكنه بدل ذلك قال أنه سيأتي، وفي اليوم الذي كنت سأقطع فيه كل اتصال لي به ليقيني أنه لن يأتي اتصل بي وأخبرني أنه يعاني من مشاكل في الفيزا وعليّ مساعدته وأنه سيأتي فور إرسال الفيزا له!.
المشكلة الآن أني منذ سنة وأنا أعاني وأتألم، قلبي محطم والعمر يجري بي ولا أعرف ماذا أفعل وكلما أردت تركه ينتابني تأنيب ضمير كيف سأتركه وربما هو صادق وسيأتي وأنا لم أصبر عليه، حتى أني رفضت عدة شبان تقدموا لخطبتي لأني لم أتخيل زوجاً لي غيره، أما الآن لم أعد أعرف هل أنا مستعدة لقدومه أم لا؟ هل أريده أم لا؟ هل من الممكن أن أغفر له خياناته أم لا؟ هل من الممكن أن أصدقه بعد كل تلك الأكاذيب؟ وهل يستحق أن أضحي من أجله بالأمان الذي أشعر به في بلدي ووطني وعملي؟ مع أني لم أعرف ما حلّ بي؛ بدلاً من أن أفرح أشعر بالخوف والقلق، هل لو قدم سأتزوجه فعلاً؟ هل أتخلى عن كل شيء لأجل زواج أظن أنه لن يستمر لأكثر من خمس سنين وربما قبل ذلك، هل لو تركته سأستطيع نسيانه؟ وهل قد يلاحقني ويفضحني أمام أهلي أو زوج المستقبل لو تزوجت؟ هل سيكون هناك أب آخر لأولادي؟ وهل سأغفو إلى جوار زوجي لو تزوجت وأنا أتخيله هو؟ لم أعد أدري هل أحبه أم لا؟ هل أريده أم لا؟ هل أنا خائفة فقط منه أم أن قلبي ما زال ينبض بحروف اسمه؟
شعرت في مراحل سابقة أني أمه وابنته، وأنه طفلي الذي عليّ حمايته، أما الآن فأنا متلّبدة المشاعر لا أدري ما عليّ فعله؟ هل عليّ الزواج به لأنه استباحني ولأني لن لأقدر على أن أخفي عن أي رجل آخر قد أتزوجه يوماً هذه الأخطاء التي ارتكبتها؟ وما ذنب أي رجل أن يرتبط بي وهو يظنني عفيفة وأنا لست سوى قذارة؟ وهل إن رفضته أكون أنا من تخلّى عنه؟ وقد يلاحقني ويهددني بالفضيحة أو يدعو عليّ خاصة أنني أشعر أن بيننا فجوة لا أدري لو كنا قادرين على ردمها لو ارتبطنا.
أرجوكم، أريد النصيحة، وهل إن تركته سأبدأ من جديد مع رجل آخر؟ وكيف سأعترف له أني فتاة رخيصة أضاعت عرضها؟ وهل إن تركته سأجد رجلاً يتزوجني وأنا عايش في بيئة ليس فيهم من ديني إلا القلة القليلة؟ أعاني من الكآبة وأبكي كل يوم، ولم أخبر أحداً من أسرتي بما حصل لي، ربما يعلمون عن قصتي أني أحبه ولكن لا أحد يعلم تفاصيلها المخجلة، أشعر بالخجل من ربي ومن نفسي ومن جسدي ومن والدي ومن أي شخص ينظر لي باحترام لأني إنسانة لا أستحق الاحترام لأني أضعت شرفي ورضيت بما لم أتخيل نفسي أرضى به يوماً، وماذا أفعل لجسدي الذي بات بحاجة لرجل أكثر من احتياجه للطعام والشراب؟ وهل سأستطيع أن أثق برجل بعد ما جرى؟ وهل إن تركته سيبقى ضميري يؤنبني لأنه ظلّ يقول أنه يحبني وسأفكر دوماً أني من تخلّيت عنه؟ أنا لا أفعل شيئاً سوى البكاء والنوم كآخر طريقة للهرب، حتى عملي الذي أحمد الله أنه رزقني به لم أعد أرغب به وأفكر بتركه، أفكر بالانتحار ولكن أخاف الله فأدعو على نفسي. لم يعد لي رغبة بالحياة، أرجوكم ساعدوني، وأريدكم أن تعلموني ما عليّ فعله في حالة الكآبة التي أعاني منها، أبكي كثيراً وأتناول الطعام بشكل غريب وأتقيّأ أحياناً، نومي وعملي مضطربان.
أرجوكم أعلموني هل عليّ أن أكمل معه أم أقطع علاقتي به خصوصاً أن هناك أسرة تحاول التعرف عليّ من أجل الخطبة لأحد أبنائها؟ أنا استخرت ربي وأنتظر نصيحتكم أستحلفكم بالله لكل من يقرأ استشارتي هذه ألا ينخدع بالنت وكلامه المعسول، وإن كان له بنات أن يقوم بتوعيتهن لخطره وليراقبهن، ولكل فتاة أن تمتنع عن الحديث إلى أي شاب على النت لأنها ستكون فريسة سهلة لوحوش لا ترحم، أرجو من الله أن يرفع درجاتكم إلى جوار الشهداء والعلماء.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
ملاحظة: أرجو إخفاء بياناتي وخاصة الدولة لأن أختي تقرأ في الموقع أيضاً.
وشكراً لكم.
05/07/2009
رد المستشار
صديقتي،
لا أكاد أصدق أنك قد قاربت على الثلاثين من عمرك! إن أفكارك عن الحب والجنس والعرض والشرف والعلاقات بين الرجل والمرأة لا تكاد تتعدى أفكار طفلة لم تبلغ أكثر من عشرة سنوات على الأكثر!.
أولاً: عريك أمام الكاميرا والكمبيوتر (حسبما فهمت من كلامك المبهم) مع أنه خطأ فهو بالقطع لا يساوي الزنى أو التفريط في العرض.
ثانياً: معرفتك بشاب عبر البحار أو من بلد آخر عن طريق الإنترنت لا تؤدي إلى علاقة حب حقيقية أو صحية.
ثالثاً: لقد اكتشفت خداعه وكذبه وخيانته ووعوده الزائفة عدة مرات ومع ذلك تأملين في أن يكون صادقاً ويأتي للارتباط بك...كيف؟!.
رابعاً: لم تجرّبي الجنس ومع ذلك تقولين أن جسدك بات بحاجة لرجل أكثر من الطعام والشراب... كيف؟.
خامساً: تخافين من أن تنطقي اسمه وأنت متزوجة لرجل آخر.. بسيطة، لا تتزوجي دون أن تحبي الرجل الذي سيتزوجك.
سادساً: تقولين أنك يجب أن تبوحي لزوج المستقبل بما حدث في هذه العلاقة الافتراضية (الإنترنت) الخيالية، لماذا؟.
سابعاً: تقولين أنك تحبينه ولكن الحب يحتاج إلى معرفة واهتمام واحترام ومسؤولية بالتبادل ما بين الطرفين قبل أن يسمى حبّاً.. متى حدث هذا؟ نصيحتي لك أن تقطعي صلتك به تدريجياً وألا تصدقيه حتى ولو هددك بالفضيحة أو وعدك بالزواج أو أتي لرؤيتك، أنت لا تشكلين كل هذه الأهمية بالنسبة له، لا أنت ولا غيرك.
من المهم تكوين علاقات صحية وجهاً لوجه وفي تعاملات مستمرة تعرفين منها شخصية الآخر ومبادئه من خلال مشاهدة معاملاته معك ومع من حولك ومع الغرباء.. هذا يحتاج إلى وقت ورويّة.
إن ما تقولينه يدل على رغبة في أن تعيشي قصة حب تملأ لك فراغك العاطفي.. هذه روشتة أكيدة للفشل.. من يعانون من الفراغ العاطفي أو يخافون منه لا يقدرون على حب آخر ولا استقبال الحب من آخر. إن الحب الحقيقي يبني ويقوي ويشجع الطرفين على التقدم وعلى الالتزام بالأخلاق والكرامة وعلى عدم وجود ما يشين أو يخجل منه في العلاقة.
وفقك الله وإيّانا لما فيه الخير والصواب.
واقرئي على مجانين:
يا ريتني عمري ما حبيت