الشتائم
عندما كان عمري عشرة أعوام كنا نعيش في منزل جدتي، مرة كان كل أفراد العائلة (عمي، عماتي، وأولادهم) مدعوون عندنا فكان بعض أولادهم يشعرونني بأني حقير جداً ويعاملونني بطريقة كأني لست ابن عمهم، كأني واحد لا لزوم له، مع أن البيت هو بيت أبي.
كان عمي يستهزئ مني، وجدتي تصرخ فينا وتشتمنا وكأننا خدم عندهم، وكنا نسكت ونجد لها العذر في سنها الكبيرة، وبعد أن يغادروا تبدأ جدتي في الترقق معنا في الكلام من قبيل: "يا حبيبي، لا أقدر على العيش غيرك، ليس لي أحد غيركم...".
في عمر الـ 13 دخلت الإعدادية، كان أساتذتنا يشتموننا بشتائم لا داعي لذكرها لأني لا لأستطيع أن أذكرها فأنا مؤدب. كان لي 7 أصدقاء واحد منهم لم يكن مغروراً في البداية لكن بعد أن أدخلته في فريق الإذاعة -رئيسها هو صديقي الحميم وقد رجوته لإدخاله- صار هذا الولد مغروراً جداً ويتأخر عن مواعيده، وكنا نؤجل الإذاعة لأنه تغير، وكنا نحترمه أكثر من رئيس الإذاعة.
وفي الإجازة الكبيرة لأول إعدادي كان لي صديقان من المدرسة، كنت أحبهما لكن واحد منهما صار يستهزئ بي بسبب ضحكتي لأني أضع يدي على فمي عندما أضحك فأسناني كانت غير مستوية فكنت أحرج منها.
نعود لموضوعنا، ويشتمني في غيابي وكنت أسكت لا أرد لأني أعلم إن شتمني شخص أو انتقدني في غيابي معنى ذلك أني أحسن منه وهو لا يحب لي الخير،
فجعلت علاقتي به عادية مثله مثل أي أحد عادي وليس كما كنا.
15/11/2009
رد المستشار
ابني العزيز،
لا بأس عليك، فأنت تمر بمرحلة طبيعية "المراهقة" والتي يعيشها من في سنك بأحاسيس مختلفة. فتارة يحس الفرد أن الناس تكرهه، أو لا تفهمه، أو أنهم يغارون منه. على كل هذه مشاعر طبيعية وعابرة إلى أن يكتمل النضج، فأنت الآن تنتقل من مرحلة الطفولة التي تتسم بحب تملك أي شيء حتى الأشخاص بما فيهم الآباء والأقران، مما يولد الغيرة إذا ما زاحمك شخص آخر في الموضوع الذي تحبه. فلا تضخم الأمور وضع في ذهنك أنها عابرة وأن جدتك تحبك فعلاً ولكنها تتصرف بهذا الشكل حتى تعبر لأبناء أعمامك أنها تحبهم كذلك لتريحهم نفسياً أن حبها ليس موجهاً لكم أنتم فقط.
أما زملاؤك، فهذا طبيعي جداً بين الأقران، عتاب وشجار وخصام. وبما تبين لي من شخصيتك فأنت حساس جداً ولهذا فأنت تتأثر بما يحدث مع أصدقائك، مع أنني متأكدة أنهم يحبونك، لكن حساسيتك المفرطة تجعلك تتألم لمزاحهم وكلامهم الاستفزازي الذي يتكرر ليس فقط معك ولكن يحدث باستمرار مع بقية الشلة.
ابني العزيز،
إن الصفة التي ذكرتها وهي أدبك وعدم ذكر أخيك بما يكره هي صفات حميدة أحييك عليها، فقد أوصانا الله عزّ وجلّ بالتحلّي بها، وأدعوك لتحافظ عليها وتعززها حتى تكبر فيك وتصبح قدوة للآخرين.
بني،لا تضخم الأمور، وتأكد أنك تمر بفترة تختلط فيها الأحاسيس إلى أن تصقل شخصيتك وتنضج مع بلوغ سن الرشد. أدعوك لقراءة كتيبات عن المراهقة، وكذلك عن صفات الشباب القدوة، فإنك ستتعلم منها الأشياء الكثيرة التي تفيدك وتفيد من حولك من أصدقاء.
واقرأ على مجانين:
وأيُّ الناسِ ليسَ لهُ عُيوبُ؟!
الصداقة في المراهقة
العنف وأثره في حياتنا
العنف الجسدي في الطفولة والاكتئاب
الأمومة علم وفن: أبناء العنف والغضب مشاركة2
بورك فيك يا بني ووفقك الله لكل خير.