أحلام يقظة ونوبات غضب..؟
سيدي الفاضل،
شكرا كثيرا بخصوص ردكم وهذا ردي علي أسئلتكم ومزيد من التفصيل عن مشكلتي.
أحلام اليقظة في العادة تأتي بعد حدوث موقف فيه مشكلة مع أحد الناس واعتبر فيه نفسي مظلوم (علي سبيل المثال فلان كلمني بطريقة من مناسبة، أحد أقاربي أخذ مني حقي في شيء معين...الخ). ولم أستطع أن أحصل على حقي أو أرد بالرد المناسب في وقتها، فدائما تأتي الأحلام ليلا (خصوصا قبل النوم)، أو عندما أكون لوحدي، وأتخيل الموقف من جديد (أو أتخيل موقف آخر مع نفس الشخص)... أو أتخيل نفسي أتخانق معه. أنا بكون مدرك جدا أن ذا خيال، لكن دائما من خلال هذا الحلم أزيد من كرهي أو حقدي للشخص ذا، أو بمعني آخر أنا أنجح في أن أشحن نفسي شحنات نفسية سلبية من أي شخص عاداني في الواقع.
موش شرط أن أحلام اليقظة الخاصة بموضوع تجيء بعده على طول، بالعكس ممكن تفضل تجيء بعد أسابيع أو شهور.
من الأمثلة: أتخيل نفسي أتخانق مع حماي / زوجتي علي أي شيء أتخيله، أو أتخيل نفسي أتخانق مع شخصية وهمية (واحد في الشارع / البقال / إشارجي مرور)
هذه الأحلام كانت بتجيلي من زمان، لدرجة لا أتذكر من متى، لكن هي زادت مؤخرا (من كذا شهر) بطريقة سخيفة جدا، لدرجة أني مكنتش بنام بسهولة بسببها، لكن مجرد ما أقوم من النوم تكون حالتي النفسية جيدة ومتفائل جدا.
المشكلة الثانية (أكلم نفسي بصوت عالي).. فهي دائما تحصل بعد حدوث أي موقف محرج مع أي أحد مهم بالنسبة لي، وموش بعرف أنا بقول إيه، أنا أفاجأ أني قلت الكلام ده، وده بيحصل في البيت وفي الشغل، والكلام ده كان بيجيلي من وأنا طفل.
الموضوع ده عمل ليا إحراج شديد في الشغل، وكذلك مشاكل مع زوجتي في بداية زواجي، وخصوصا بعد حدوث مشكلة كبيرة بيني وبين زوجتي في بداية الزواج...
أنا كنت أتابع مع طبيب نفسي من 8 سنوات، كان لمدة سنة، وكان تشخيصه لي هو اكتئاب، كنت آخذ دواء انفرانيل وكذلك زولام (بجرعات بسيطة).. وخلال السنة ديه تقدمت حالتي، من حيث قلت الرهبة مع الكلام مع الناس والعلاقات مع الأصدقاء. وكنت إيجابي جدا في وقتها. وعلاقاتي بأصدقائي تقدمت جدا وخصوصا مع فترة الخدمة العسكرية (والاختلاط ببيئات وطبقات مختلفة من الناس). وبطلت بعد ما الطبيب سافر، وأنا بصراحة مجلتيش الشجاعة أني أتكلم مع طبيب وأقول له كل إسراري، أحب أضيف انه في النصف الثاني من السنة اللي كنت بتعالج فيها الدكتور قلل من انفرانيل ومنع الزولام وكان متفائل أوي معي.
أحب أن أزود لحضرتك وصف أكثر لشخصيتي، على الأقل طبقا لوصف الناس ليا.. فدائما الآراء التي تقال لي أو أفهمها من وجوه الناس التي تتعامل معي أو عائلتي، أني شديد الحساسية سواء في الكلام اللي بقوله أو اللي بسمعه، دائما أحب أرضي الطرف الآخر حتى لو على حسابي، أتكسف كثير... (أو توكيد الذات عندي فيه قصور شديد).. لدرجة أني كان نفسي أسافر أكمل الدكتوراه في بلد ثاني / أو أشتغل في مكان ثاني أفضل في بلد ثاني لكن دائما أتراجع عن قراري بسبب إرضاء حد من عائلتي، وتكون النتيجة إحباط أكثر علي وخصوصا مع عدم تأقلمي مع أسلوب الناس في بلدي، كذلك دائما الناس تصفني بالموهبة والإبداع والذكاء سواء مديريّ أو زملائي في العمل أو الدراسة. وطيبة القلب والسذاجة في بعض الأحيان في التعامل مع الناس، وأخيرا قلة الخبرة في التعامل.
أنا موش حابب أروح لطبيب نفسي لأني موش حابب أقول أسراري لحد، بالإضافة أني موش حابب أن زوجتي تعرف بالموضوع ده، بالإضافة أنا فعلا مش حابب أني آخذ أدوية ثاني.
وشكرا لوقتكم
20/10/2010
رد المستشار
الأخ العزيز السيد "خالد" المحترم، أشكرك على ردك الذي وضحت فيه العديد من الجوانب الهامة التي ساعدتني على وضع تصور كامل عن حالتك.
من الواضح أن أحلام اليقظة التي تختبرها هي عبارة عن إعادة إحياء للخبرة أو الموقف المؤلم الذي سبق وأن اختبرته بشكل أو بآخر دون أن يتاح لك أن تتصرف خلاله بشكل مناسب، أو أن تسلك خلاله في شكل توكيدي تعبر فيه عن ذاتك وعن وجهة نظرك في نفس موضوع أو الموقف. وأعتقد أن هذه الأعراض ليست مؤشراً لوجود اضطراب نفسي بقدر ما هي نتيجة لهذه الخبرات والضغوط السابقة التي لم يتح لك الفرصة لأن تؤكد فيها ذاتك.
بالإضافة إلى ما سبق أن ذكرته لك في الاستشارة السابقة، أود أن أشير إلى أن الحساسية لما تقوله وتسمعه من الآخرين مع عدم القدرة على توكيد الذات والميل نحو إرضاء الآخر على حساب ذاتك ومصالحك ومستقبلك، قد يتسبب لك بعقبات كثيرة في المستقبل، سيما مسألة إرضاء الآخرين على حساب الذات، وأنت إنسان واع ومثقف وتعلم أن أرضاء الآخرين قد يكون مستحيل في مرحلة ما وممكن في مرحلة أخرى لاحقة، ولطالما ذكرت في مقاعد الجامعة وفي العديد من الجلسات الإرشادية مع مختلف الحالات المشابهة، أن حداً أدنى مما يسميه الآخرين بــ (حب الذات أو الأنانية) قد يكون ضرورياً، في حدوده الدنيا، للتكيف والاستمرار في الحياة بشكل سوي. فمن لا يحب ذاته ولا يعطيها حقها سوف لن يستطيع أن يمنح الآخرين الحب والرعاية اللازمين في المستقبل.
لست أدعوك لأن تصبح شخص أناني ينفر منه الآخرين، أو لأن تحب ذاتك ذلك الحب النرجسي ذو البعد المرضي، ولكنني أقول أنه من الضروري أن نتعلم وضع وترتيب أولوياتنا في الحياة والعمل على تحقيقها واحدة تلو الأخرى سواء رضي البعض أم لم يرض، إن هذا حق لنا وواجب علينا، حتى نستطيع في المستقبل إرضاء من هم حولنا ومنحهم الحب والرضا الذي يستحقونه.
لقد ذكرتك في استشارتك الحالية عبارة (توكيد الذات عندي فيه قصور شديد) وأعتقد أنك عرفت وحدك محور مشكلتك الحالية، وهذا مؤشر جيد وهو نصف العلاج، وسوف تلاحظ بنفسك أثره الإيجابي مستقبلاً. ويبقى أن تتدرب على استجابات توكيد الذات Self Assertiveness Techniques التي يمكن لأي أخصائي نفسي إكلينيكي أن يزودك بها، والتي يمكنك إيجادها في العديد من الأدلة العملية الموجهة للعموم أيضاً.
لفت نظري ما تفضلت بذكره في طلب استشارتك والمتعلق بعدم رغبتك بالذهاب إلى الطبيب لأنك لا ترغب بالبوح بأسرارك لأحد، حيث أريد أن أشير هنا إلى أن المكان الوحيد الذي يمكن أن يكون فيه الإنسان مطمئن وهو يتحدث عن نفسه ويبوح بأسراره دون أن يخشى إفشاءها أو انتقاص قيمتها أو السخرية منها هو "العيادة النفسية وغرفة العلاج النفسي"، حيث أن السرية وخصوصية المريض مصانة بموجب لوائح أخلاقيات المهنة والقوانين الناظمة لممارسة المهنة.
وبالنسبة لما ذكرته حول عدم رغبتك في تناول الأدوية من جديد، فإنني أريدك أن تعلم أخي الفاضل أن هذا الموضوع لا يخضع لرغبتك أو عدم رغبتك في تناول الدواء بالقدر الذي يخضع لاعتبارات طبية وعلمية ترتبط بمصلحتك المباشرة والتي تهدف إلى الحفاظ على صحتك وصون حياتك، وهذا الأمر يعود تقديره للأخصائي المشرف على العلاج الذي سوف يناقش هذا الموضوع معك ويراعي رغبتك في حال لم تكن تتعارض مع مصلحتك.
لست ألمح إلى أنك تحتاج لرؤية طبيب في الوقت الحالي، لكنني أريدك أن لا تقلق حول هذه الأمور التي قد تزيد من معاناتك وتحرمك من فرصة التعافي، لأن كافة الخدمات النفسية والمعنيين بتقديمها هم أشخاص مؤهلون ودرسوا هذه الأمور لمدة طويلة، أحرص فقط أن يكون الأخصائي المعالج من ذوي الخبرة والسمعة الطيبة، وتوكل على الله والأخصائي وعلى إرادة التغير الموجودة في أعماقك.
لا تنسى التقنيات التي أخبرتك عنها في الاستشارة السابقة، واكتب لنا دائماً عن أخبارك الطيبة.