أفكار وأفكار..أريد حلاً..!؟
تحية إلى فريق عمل ومستشارو مجانين، أما بعد؛
فقد قرأت كتاب لـ (Philippe Turchet.) (تَعرَّف واقرأ لغة جسم محاورك) وهذا ما سبب لي عذابًا ومعاناةً وكأني في الجحيم...
كنت يومًا في القطار فجلس رجل أمامي وبدأت أنظر إليه وأتذكر ما قرأت عن الوضعيات والإيماءات وماذا تعني. ثم رجع السؤال إلى نفسي فدخلني الشعور بالخوف واستمر هذا معي كلما نظرت لأحد أو تفكرت في نفسي حتى لم أعد أستطيع أن أمنع هذا الشعور وأصبحت في ضغط شديد لم أعد أتحمله!! أرجو منكم المساعدة.
قد كنت أصبت بالوسواس واستطعت التغلب عليه، وكنت أدفعه عن نفسي كلما أتاني وأقول في نفسي "هذا وسواس" حتى تغلبت عليه. لكن الذي يحصل لي الآن لا أعرفه ولا أعرف كيف أدفعه. دخلت في صراع مع نفسي هل هذا وسواس أم فكرة وسواسية أم اقتحامية أم تسلطية أم ماذا؟
قد قرأت في موقعكم عن "الفكرة التسلطية أم حديث عقل"، "الفكرة التسلطية الأولى" و"الفكرة التسلطية الثانية" لم أفهمها جيدًا.
أريد أن أعرف تشخيص حالتي أو ترشدوني إلى حالة مشابهة لحالتي. وأريد أن أعرف ما الفرق بين "الفكرة الوسواسية" و"الفكرة الاقتحامية" و"الوسوسة" و"الفكرة التسلطية" وإذا كان ممكن أن تشرحوا لي لماذا سميت كل واحدة منهم بهذا الاسم، وإذا أممكن أن تعطوني أمثلة عن كل واحدة.
أرجوكم أريد الجواب بسرعة فأنا أشعر بألم، الله وحده الذي يعلمه.
وشكرً، أعانكم الله.
24/12/2010
رد المستشار
الأخ العزيز السيد "عبد الله" المحترم, أهلاً وسهلا بك في مجانين, وسوف يسعدني اليوم أن أجيب على استشارتك.
من الجيد أنك نجحت في التغلب على أفكارك الوسواسية سابقاً, وأعتقد أنك ستنجح في التغلب عليها مجدداً بعد أن أوضح لك هذه الحالة, وقبل أن أدخل في الموضوع, لا بد من التوضيح أنه من الصعب أن تحصل على تشخيص لحالتك دون مقابلة الأخصائي في العيادة, حيث يلزم توفر معايير محددة للبت في التشخيص, فقد تكون حالتك مؤشر لوجود أفكار وسواسية التي هي أحد أعراض الوسواس القهري وغيره من الاضطرابات, ولكنها قد تكون حالة عابرة أو طبيعية.
أما ما تريد معرفته عن الفرق بين الفكرة الوسواسية والاقتحامية والوسوسة التسلطية وسواها, فإن كافة هذه العبارات هي ترجمات مختلفة لشيء واحد هو الأفكار الوسواسية (Obsessions) وهي أحد أعراض اضطراب الوسواس القهري التي توصف بالاقتحام والتسلط والإلحاح, والتي تختلف بدورها عن الأفعال العقلية (Mental Acts) التي تصنف في دائرة السلوك القهري (Compulsions) لأنها تأخذ شكل مختلف (العد القهري مثلاً) وهو أحد أعراض الاضطراب أيضاً. وأعتقد أنك لست مطالب بفهم ومناقشة هذه المصطلحات إلا إذا تطلب تخصصك ذلك, وإذا تطلبت حالتك فهماً محدداً لجوانب معينة, فأقترح أن تحصل عليها من قبل خبير الذي يستطيع أن يوضحها لك بشكل صحيح ومبسط.
أما بالنسبة لما حصل معك, فإن انشغالك بالتفكير بإيماءات جسمك في ذلك الموقف وما صاحبه من محالات مستمرة للتحكم بالجسد والأفكار المرتبطة قد سبب لديك خوف أو هلع أن صح التعبير (ربما من أن يعرف الناس أفكارك من خلال لغة جسدك, أو من أتصبح موسوساً), فأدت محاولتك منع هذه الأفكار أو التحكم بها بشكل متعمد إلى نتائج عكسية تسببت في زيادة حضور وتداعي (أو إلحاح) هذه الأفكار في ذهنك, وهذه العملية ترتبط بعملية معالجة المعلومات في الدماغ وهي عملية طبيعية تحدث بشكل عام لدى جميع الناس (ولديك قبل أن تسيطر عليك هذه الحالة) الذين تعودوا إحداث تغير في أفكارهم وحالتهم النفسية بشكل تلقائي وفي ظروف عقلية أكثر راحة, في الوقت الذي حالت فيه حالة الإجهاد العقلي لديك في ذلك الموقف, وخوفك الذي صاحبه محاولات متعمدة للتحكم في هذه الأفكار دون تجاوز هذه الأفكار بشكل تلقائي كما كان يحدث معك من قبل.
ويبدو أنك نتيجة حالة القلق التي تعيشها في الوقت الراهن قد نسيت كيف كنت تتعامل مع مثل هذه الأفكار فيما مضى, وكيف كنت قادراُ على تجاهلها أو تغيرها بشكل تلقائي, وأصبحت عوضاً عن ذلك, تحاول متعمداً السيطرة على أفكارك, من أجل خفض حالة القلق عند توارد هذه الأفكار, والمطلوب منك هو العودة إلى الاستجابة القديمة والتعامل مع هذه الأفكار بالشكل الطبيعي من خلال تجاهلها بشكل تلقائي (وليس متعمدا) وتحرير نفسك منها دون الاستجابة لها والسماح لها بالاستحواذ على انتباهك.
تذكر أنه ليس كل ما تقرأه قد ينطبق عليك, ومن الضروري أن تتعامل مع الموضوعات التي تطالعها بحياد دون إسقاطها على نفسك, أي أن تكون موضوعياً في التعامل مع المادة التي بين يدك, دون السماح لها بالتأثير على حالتك العقلية, وإذا كان لديك اهتمام خاص ضمن هذه المجالات, فعليك بكتب المساعدة الذاتية التي تهدف إلى تطوير مهارات الحياة بعيداً أن مصطلحات الطب النفسي ومتاهاته, انتقي مراجعك بعناية ويمكننا توجيهك نحو مصادر مفيدة في هذا المجال.
وفي حال وجدت صعوبة في ذلك خلال الوقت الراهن, فلست أرى مانعاً من مقابلة الطبيب أو الأخصائي النفسي, على أن يكون من ذوي الخبرة في العلاج السلوكي المعرفي, ويمكنك الكتابة إلينا مجدداً في حال أردت الاستفسار حول أي شيء آخر.
مع أطيب تمنياتي