التسوق الطبي والعلاج الذاتي والسحر والراقي!
هل الشفاء بيدي؟!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد أود أولا أن أشكر سيدي الفاضل محمد فاضل لرده على رسالتي والتحليل الرائع الذي تقدم به، ما فهمته من خلال ردكم سيدي أن تفصيل مشكلتي كان ناقصا لذا أود أن أوضح الكثير من الأمور وأتمنى مساعدتي وإرشادي، وأود الاعتراف بنقطة مهمة وهي نقص الأطباء النفسانيين في المنطقة التي أقطن فيها إن لم نقل انعدامهم، وفي انتظار إيجاد طبيب نفسي ماهر كما ورد في تعبيركم، لا تبخلوا علي سيدي بالإرشاد والمساعدة لكي لا يتفاقم الأمر... ولكي يكون تحليلكم كاملا أود إعطائكم خلاصة حياتي المليئة بالمفاجئات والمشاكل المؤثرة على الحياة النفسية.
أتذكر طفولتي جيدا، كنت بسيطة وبريئة ومحبة وخجولة، أحب الجميع وأخجل كثيرا من لون بشرتي الأسمر حيث كنت إذا تخاصمت مع إخوتي يعيرونني بالسوداء، لم يكن لدي الكثير من الأصدقاء، كنت انطوائية، أحب اللعب وحدي أو مع أخي المعوق حركيا الذي كان يصغرني بثلاث سنوات، كنت أحس أنني لست جميلة لأنني كنت الوحيدة ذات البشرة السمراء في عائلتي، كنت أحلم كثيرا وخيالي واسع.
بدأت في طرح سؤال ما هي الأنا في سن مبكرة 07 تقريبا، إن لم أكن أنا فكيف كنت سأرى إيمان، ما هذا الجسم الذي يحتويني، وكنت أرى دائما أن الأنا هي الروح وليس الجسد، كنت جد شاطرة في المدرسة ما جعلني أتباهى بشطارتي وكنت دائما أحاول تعويض عدم ثقتي في نفسي من ناحية جمالي بنجاحي في الدراسة، كنت دائمة الحصول على المركز الأول، كنت دائما أقول في نفسي أنا لست جميلة ولن أجد أبدا من يحبني ويتزوجني فكنت أحلم أن أعوض جمالي بنجاحي بالدراسة، بالعمل، نجاح ومال وسيارة وهكذا أحظى بحب الكثيرين.
أحلام وأحلام.... في سن 12 انتقلت للدراسة في المتوسطة، كنت دائما في المرتبة الأولى كالعادة ولكن كانت فترة مراهقة الإحساس بالبلوغ، أصبحت أحس أنني أكبر، ولكن.... نقص في الاهتمام، نقص في التوجيه يمكن أن يؤدي إلى الانحراف، كان أبي رجلا متقاعدا يقضي معظم وقته في مزرعته البعيدة عن المنزل، كانت الأم امرأة بسيطة لا تهتم إلا بالأكل والشرب وأبنائها الاثنين المعوقين، وابنها الأكبر الطائش المثير كثيرا للمشاكل، الابن الأكبر الذي علمته أمه أن الرجل مسموح له فعل أي شيء يريده والمرأة ممنوعة من كل شيء، علمته أن خروج المرأة للعمل حرام وأن دراسة المرأة ليست ضرورية وأن خروجها للتسوق أو مع الأصدقاء جريمة يجب أن تعاقب عليها.
الأخوات اللاتي تكبرنني كن يعانين في المنزل، ممنوع عليهم كل شيء، ممنوع استماع للموسيقى لأن هذا يدل على حب كامن، ممنوع طلب الخروج، ممنوع وضع المكياج، ممنوع أن يكون لديك أصدقاء وهذا بالنسبة للفتيات طبعا، أما بالنسبة للأولاد فكل شيء متاح حتى أن يدخل الولد سكران فهذا ليس عيبا.....
الأب لم يكن يقرر أي شيء في المنزل بحجة غيابه عن المنزل طيلة النهار فمن يقرر كل شيء هو الأخ الأكبر، تعرفت على شاب وأنا بسن 13، رآني أبي في الشارع برفقة ذلك الشاب، ضربت بشدة ومنعت من الدراسة لمدة أسبوع، كنت قد تعرفت على فتاة من عائلة سيئة قررنا الهروب من المنزل، هربنا بعد أسبوع من التخطيط، سرقت مبلغا من المال من المنزل وهربت باحثة عن الحرية والحياة المتمردة، كان يوم اثنين، الأمطار تهطل، وجدت نفسي في الشارع وحيدة لأن الفتاة رجعت، ليس هذا ما كنت أبحث عنه، حاولت الرجوع ولكن كان قد وصل الخبر لأخي الأكبر ما يعني الموت.
كانت ليلة كالنقطة السوداء في حياتي، كانت الأمطار غزيرة سمعت نداءا فالتفت فإذا برجل يركب سيارة أجرة يناديني من داخلها، اركبي لأن الأمطار غزيرة، ركبت فإذا بي في مأزق، ليركب 4 رجال وأبقى أنا وسطهم، حاولوا إغوائي لأرحل معهم إلى مدينة أكبر، كنت أذكى منهم أظهرت لهم أن الفكرة مناسبة جدا لي، قلت أنني سأستعمل الهاتف وأعود، رأيت سيارة أجرى فأوقفتها هاربة ولكن إلى أين؟!!
كان صاحب السيارة شابا، أخبرته أنني هاربة وليس لدي مكان أبات فيه كان هو الآخر يود إيقاعي ولكن ولربما لصغر سني خاف فتركني بجانب نزل قال يجب أن أثير شفقة صاحب النزل ليقبل أن أقضي ليلتي في النزل لأنني لا أملك بطاقة هوية، كانت حوالي 10 ليلا طلبت من صاحب النزل أن أبيت تلك الليلة فقال إنه يستطيع استقبالي بشرط أن أبيت في غرفته، وكنت فريستة وأجبرني، وفي الصباح الباكر طلب مني الرحيل.... بقيت عذراء ولكن لن أنسى أبدا بشاعته، ذهبت باحثة على طريق العودة، الموت أهون من إتمام هذا الطريق البشع، عدت أخيرا...
تلقاني أخي، أوسعني ضربا وشتما، وقسم على قتلي، الأب كالعادة غائب، الأم خبأتني في غرفة وأغلقت الباب بالمفتاح، كنت أسمع ضجيجا وصراخا، لم أكن أحس أي شيء لم أستطع حتى البكاء، خبأتني مدة أسبوع عند خالتي، وأخذتني إلى طبيب نسائي لتتأكد من عذريتي، قبل رجوعي أخي إلى المنزل بشرط أن لا أخرج منه أبدا.... ممنوع كل شيء، حتى الكلام كثيرا، حتى الضحك، كل يوم أعاير وأشتم على ما فعلت، كنت أنا أسميها سنين الجمر، طلبت من أبي أن يقبل دراستي بالمراسلة وهذا لأنني أريد أن أملأ فراغي بالدراسة فوافق أبي وجن جنون أخي لما علم بالأمر.
بدأت أدرس بالمراسلة وكنت أقضي كل وقتي وحدي تقريبا فلم أكن أتواصل مع العائلة حتى وكما أذكر في أيام العيد كنت أغلق على نفسي لساعات وساعات وخلال هذه الساعات كنت أعيش في عالم خاص، أنظم وقتي وكأنني في المدرسة، كنت أحلم في خلال هذه الساعات ولا أحب من يكلمني لأنه سيفسد علي أحلامي، كنت أحلم بالخروج، بالرحيل بعيدا، بالحب، برؤية الشارع في الليل، بالذهاب للخارج، بالذهاب للجامعة، بلقاء الأصدقاء، بالتكلم في الهاتف... بالكثير من الأمور، ومرة السنوات وكانت المعجزة، حصلت على شهادة الباكالوريا، ولم يصدق الجميع، كيف تنجح فتاة تدرس وحدها!! لا أستاذ لا كتب كثيرة ولا حتى مساعدة من طرف أصدقاء، ولكن إذا شاء الله فلا مانع يمنع عنك.
فرح الأهل والوحيد الذي لم يفرح هو الأخ الأكبر، ولكن شاء الله أنه كان قد قرر الذهاب للعيش بالخارج، والفرحة كانت فرحتان فرحة الإحساس بالحرية لذهاب الطاغية وفرحة دخول الجامعة، دخلت الجامعة وكانت دراستي جيدة مشكلتي الوحيدة في الدراسة حينها أنني كنت لا أستطيع أن أتابع الدرس، كان ذهني شاردا في معظم الأوقات، وكنت أفضل القراءة على سماع الدرس، أردت أن تكون لي ثقة في نفسي ككل البنات في سني، أردت أن يكون لي شخص يحبني ولكن للأسف كنت دائما أبغض ممن أحبهم......
كونت صداقات لا أدري لماذا كنت دائما أرى أن الشخص الذي بداخلي أجمل بكثير من هذا المظهر الغير مرغوب به، في السنة الثالثة تعرفت على شاب كان يدرس معي، تكونت بيننا علاقة صداقة وتحولت الصداقة من ناحيتي إلى حب، هو الآخر جرب أن يحبني ولكن لا أعتقد أنه أحبني، طلب إنهاء العلاقة، جن جنوني، أصبحت أحس أنه أهان كرامتي، لاحقته في كل مكان، لجأت حتى للسحرة غفر الله لي، بقيت ثلاث سنوات وأنا أسميه حبيبي، بعدها علمت أنه سافر للخارج، وبدأت أنساه ونسيته فعلا....
قيت وحدي كنت قد أنهيت دراستي ووجدت عملا، كنت دائما أتمنى إيجاد شخص يحبني خصوصا وأن أختي التي تكبرني ب 09 سنين لم تتزوج بعد والكل يقول أنها تعرضت لسحر يمنعها من الزواج، لم أكن أؤمن حينها بالسحر خصوصا أنني جربته لكي يحبني ذلك الشاب ولم يجدي نفعا، كنت دائما أقول أنه مجرد كذب، بعدها تعرفت على شاب عن طريق الإنترنت، كان شخصا متزوجا، كنا نتكلم يوميا، كان شخصا رائعا، وسيما رؤوفا، حنونا،.... كنت أحس بلهفته، بحبه، بمشاعره الجميلة، لكنه كان متزوجا بأجنبية، لقد أخبرني بذلك منذ أول يوم، وأخبرني كذلك أنه تزوجها لتسوية وضعيته في الخارج، لكنه أصبح لا يطيق حياته معها فهي ملحدة، وأنه مشتاق لتكوين أسرة مسلمة.
تعلقت به كثيرا، وكذلك بالنسبة له، فقررنا اللقاء وكان ذلك بعد شهرين من تعارفنا، وفعلا أخذ أول طائرة وجاء لزيارتي، أول لقاء كان رائعا، وجدته كما تمنيته، كما حلمت به طيلة سنين، عاد بعدها وكنا قد قررنا الزواج، وقال أنه سيسوي وضعيته ويعود عن قريب، أخبرني أن زواجنا لن يتم بسهولة وأنه إن كنا قد قررنا الزواج فعلينا بالصبر وربما لمدة طويلة لأن الطلاق في الخارج ليس بالأمر الهين وأن زواجي من شخص ليس من بلدي كذلك ليس بالأمر الهين أمام عائلتي، قال حبيبي أنه سيعود لخطبتي عن قريب، كان في هذه المدة يقيم مع زوجته في نفس المنزل وكان قد طلب مني عدم التسرع والعجلة لأنه يريد أن يطلب الطلاق منها بالتفاهم وقال بأنها تعلم أنه لم يعد لزواجهما قيمة وأنها تحس بذلك منذ زمن، قال أنه لا يود جرح مشاعرها وأنه يود البقاء في المنزل لمدة لإقناعها بالطلاق.
لم أكن أرغب في التدخل في أموره معها، كنا نتكلم كل يوم في الهاتف وعلى النت، كلم زوجته في أمر الطلاق، رفضت في الأول ثم وافقت، وجد مسكنا جديدا فأخذ أغراضه وانتقل للعيش في المنزل الجديد، بالمنزل الجديد لا يوجد إنترنت فأصبحت لا أتمكن من رؤيته ولكن كان يكلمني في الهاتف، بعدها أصبحت أحس أن هناك شيء لا أستطيع فهمه، على العلم أنه كتوم بعض الشيء وأنني كنت دائما أرفض أن أتدخل في أموره مع زوجته، فكان دائما يفضل أن يحل مشاكله معها دون أن يخبرني بشيء، أصبحت كثيرة الإلحاح لأن يجد حلا لمشكلة الإنترنت، أصبحت أحسه غير مرتاح، الزوجة السابقة غنية، تملك فيلا جميلة وجميع مصاريف المنزل عليها، أصبحت أشك فربما هو نادم، ربما يحس أنه في ورطة، مصاريف كثيرة وفواتير كثيرة لم يتعود عليها؛
أصبحت كثيرة الأسئلة لماذا لا تكلمني كثيرا؟ ما بك؟!! لماذا هذا التغير؟! هل هناك مشاكل؟! بقي على موعد مجيئه أسبوعين، أخبرني أن لديه مشكلة بأن زوجته رأت صورتي عنده وأنها علمت أنه يرغب في الزواج من فتاة أخرى فقررت عدم قبول الطلاق وأنه كان قد طلب منها الطلاق بحجة أنها أصبحت كبيرة ولا يمكنها الإنجاب فقررا إجراء فحص طبي لتأكيد ذلك ولكنها اختارت أن يكون الموعد في اليوم الذي كان قد قرر فيه المجيء فقبل بالطبع خوفا منه أنه إن ضيع الفرصة فلن تذهب معه مرة أخرى، قلت أنا إنني لن أستطيع تأجيل الموعد وماذا سأقول لعائلتي فقد حددت الموعد، قال أنه سيتصرف، ليبعث لي بعد ثلاثة أيام رسالة هاتفية يقول فيها (آسف لا أريد أن أضيع حياتك وأضرك معي فأنا لدي مشاكل كثيرة لا أعلم متى ولا كيف ستنتهي، لا أستطيع أن أتحمل تعذيبك معي... آسف على قول هذا ولكنها نهاية علاقتنا فأنا لا أستطيع فعل شيء)....
كلمني بعدها بدقائق بعد أن طلبته أستفسر عما يجري قال أنه لا يستطيع حتى التفكير وأن لديه مشاكل مالية وإنه لا يمكن لعلاقتنا الاستمرار، طلبت منه أن لا يتسرع وطلبت أن يرحمني لأنه يعلم كم أحبه وأن رحمة الله واسعة ولربما سيجعل الله حلا لكل هذه المشاكل، ولكن بلا جدوى، ووعدني أنه سيكلمني وبقي هاتفه، صدمت صدمة كبيرة، أولها أنني كنت الفتاة التي دائما تدعي أنها ترفض الزواج وهذا خوفا من أن يقولوا هذه فتاة عانس، وكنت دائما أحلم بزوج رائع يحبني وأحبه، إنني لم أكن منبوذة من طرف جميع الشباب ولكنني كنت أرفض ممن اخترتهم أنا، ولم أحب أبدا شخصا اختارني هو، وها أنا أضيع الآن الشخص الوحيد الذي اختارني واخترته، تحطم حلم الزواج، في المنزل لم يكونوا يعلموا أنه شخص متزوج فماذا سأقول؟!! ما هي المشكلة، سيقولون أنه رفضني، تحطمت كرامتي أمام الجميع.
بالنسبة لدواء الديكزاميتازون، كنت قد تناولت علبتين قبل الصدمة وهذا من أجل محاربة النحافة فأنا دائما أحس أن نحافتي تسبب لي مشكلة -54 كلغ-، الخوف من الظلام والأبواب المغلقة فأنا ومنذ صغري أخاف من الباب المغلق بالمفتاح فأخاف من أنه لن ينفتح خصوصا إن كان المكان ضيقا، وتزداد درجة الخوف بازدياد ضيق المكان. الظلام الحالك أخافه فأحس أنني ولربما أصبحت عمياء، ويختفي الخوف بمجرد رؤية شعاع ضوء خفيف.
الخوف من المصعد لأنه مغلق، وأفكر فيه وربما يتعطل وأنا بداخله ولن ينتبه لي أحد فأختنق بداخله، علمت أن الديكزاميتازون يسبب التهاب المعدة، الحمد لله الآن قلت آلام المعدة وهي تظهر عند التوتر فقط، أحس الآن أن شهيتي تعود لشكلها الطبيعي خصوصا وأن أكلي ضعيف منذ الصغر، الوساوس قلت بشكل كبير بعد ردكم على رسالتي خصوصا التحليل الرائع الذي قمت به سيدي والذي من خلاله استطعت تحديد ما جرى معي واستطعت أخيرا الإجابة على الكثير من الأسئلة التي كانت تحيرني، ولكن الوساوس لم تنتهي بشكل كلي، وأتساءل أحيانا هل مثلما أحس أن المرض بداخلي فإن الشفاء بداخلي، هل شفائي كليا يعتمد على قرار مني، خصوصا وأنا أعلم الآن أن الوساوس تأتي بإرادتي.
قلت أخاف أن تراودني فكرة الخوف عند معاشرة زوجي وهذا لأن صديقة لي أخبرتني أن أختها تعرضت للسحر وأنها ومنذ شهور لا تستطيع معاشرة زوجها وأنه كلما أراد معاشرتها أخذت بالصراخ بغير إرادتها، فأصبحت أفكر كثيرا ماذا لو حدث معي نفس الشيء، من وصف لي sulpirid.... -أنه طبيب عام- كما وصف لي atarax، ولكنني فضلت أخذ sulpirid لأنه لا يسبب لي النوم وأحس إذا شربته في نوبات القلق بأنه يقلل من قلقي.
سؤالك لماذا قلت زوجي؟!! لأننا قمنا بجميع شروط الزواج الإسلامي وقرأنا الفاتحة وأنا الآن زوجته على سنة الله ورسوله، إن صح القول هناك مشكلة أخرى أن زوجي ضد فكرة طبيب نفسي، وإن رآني يوما ومعي حالة قلق ووساوس فإنه يقول أنني أصبحت متشائمة وأن هذا غير منطقي، أخاف من فكرة العيش بعيدا عن عائلتي وبالخصوص أمي المريضة التي أحبها كثيرا وأفكر دائما أنني سوف لن أتمكن من رؤيتها كثيرا، ولكن أفكر كذلك في أنه علي الآن أن أركز تفكيري على العيش مع زوجي الذي أحبه كثيرا.
أتمنى حقا أن أعيش في سعادة مع زوجي وأن يرزقنا الله صغارا، وأن تنتهي الوساوس والمرض والأفكار السوداء إلى الأبد
جزاك الله خيرا سيدي وجعل مساعدتك وإرشادك لي في ميزان حسناتك.
28/07/2011
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
معذرة للتأخر في التعقيب فلك أن تعلمي يا سائلتي الكريمة أن لنا أسرنا وصحتنا ومرضانا وعياداتنا وفي زحمة العيادة يصعب الرد تكرار وعاجلا عموما اسمي خليل محمد فاضل وليس محمد فاضل ولا شكر على واجب.
ألقيت بالضوء على أمور مهمة كانت خافية في رسالتك الأولى هي:
كانت طفولتك (التي تتذكرينها جيدا) بسيطة ولكن (خجولة).
هناك عقدة واضحة من (لونك الأسمر) وعزز ذلك أن إخوتك عند الخصام يعايرونك (بالسوداء)ـ فأنتِ الوحيدة السمراء في عائلة بيضاء! تركيبة الأسرة لديك مضطربة للغاية (ولدين معوقين حركياً، أخ أكبر ديكتاتور وعنيف ـ أم بسيطة لا تهتم إلا بأبسط أمور الحياة الدنياـ أب حاضر غائب في مزرعته البعيدة– نظرة دونية عامة للمرأة).
بداية لعبك كانت مع أخيك المعوق حركياً، حالمة ذات خيال واسع ساعدك على التفوق علميا وطرح أسئلة ذات مغزى عن الأنا والروح والجسد.
لعبتِ لعبة التفوق العلمي لتغطية عقدة النقص اللوني مما أدى إلى تركيبة قابلة للإصابة بالمرض النفسي.
تأملي معي هذا التصريح: (كنت دائما أقول لنفسي أنا لست جميلة، ولن أجد أبدا من يحبني ويتزوجني، فكنت أحلم أن أعوض جمالي بنجاحي في الدراسة، بالعمل: نجاح ومال وسيارة وهكذا أحظى بحب الكثيرين).
هذه مقولة مغلوطة من أولها لآخرها، نعم الشكل مهم، ولكن الجمال نسبي جداً، فيه خفة الدم، اللباقة، في مصر نسميها (النغاشة)، الجاذبية، الشخصية، الثقافة. هكذا فليس ضرورياً أن يحبك الكثيرون لأنك ناجحة ولديك مال وسيارة، بل على العكس ربما اتخذوا منك موقفاً حاسداً أو كارهاً.. ربما أحبوك (نفاقاً)ـ أي أنك بهذا التصور تعتقدين أن بإمكانك شراء حب الناس بنجاحك ومالك وسيارتك وأعتقد أن كل هذا خطأ مُطلق.
فترة بلوغك ومراهقتك مِفصل مهم في تكوينك، لأنك افتقدت الاهتمام الوالدي والرعاية الأسرية، والتوجيه اللازم والحازم الذي يحمي من الانحراف، باختصار كان هناك حرمان وإهمال وانعدام لمفهوم التربية كما يجب أن تكون، هذا بجانب مفاهيم متخلفة عفا عليها الزمن مثل أن خروج المرأة للعمل حرام، وأن دراستها ليست ضرورية وخروجها جريمة، والاستماع إلى الموسيقى ممنوع، وكذلك وضع الماكياج.
سرقة الأخ الأكبر الأرعن لدور الأب في أسرة بها أم وبنت وولدين معوقين حركياً وأم تفتقد إلى فن الحياة، طامة كُبرى. هذه هي إذن ازدواجية المعايير؛ فمن حق هذا الأخ الأكبر أن يضرب وأن يخرج وأن يسكر، ومن حق الأب أن يغيب وأن يغيب قراره، مُنتهى العبث في أسرة فقدت وظيفتها.
أدى كل هذا إلى (هروبك) الحدث الأخطر، حدث وقوع أنثى قاصر ضحية لعالم ذكوري صارخ الذكورة، هكذا تبدأ كل البدايات للمومسات. وماذا كنت تتوقعين غير أن تكوني غير فريسة بشاعة رجل غريب (على الرغم من وجود غشاء بكارة، لكنكـ في الحقيقةـ فقدتِ عذرية الإحساس وبكارة الإحساس لأول مرة برجل وهذا أمر مؤثر سَهَّل في تكوين الأعراض).
عدتِ ودفعتِ الثمن حتى رحل ديكتاتور البيت (أخوكِ)، وحصلت على البكالوريا وبالطبع لم يفرح الذكر الأكبر.
تسألين سؤالاً مهماً (لماذا كنتْ دائماً أرى أن الشخص الذي بداخلي أجمل بكثير من هذا المظهر غير المرغوب فيه)، ارجعي إلى بداية إجابتي وتفسيري وستتأكدين أن هذه هي عقدتك، هذا هو مربط الفرس. ثم أحببتِ (ذكراً) لم يحبك، وبقيت ثلاث سنوات تسمينه (حبيبك) لأن هذا هو مرادك، أنت عمرك ما أحسستِ بأنك (محبوبة).. أنتِ دائماً (مرفوضة) و(مهملة) و(منبوذة) وتمنيتِ دائماً أن تجديـ بأي شكلـ شخص يحبك (وهذه ذروة المأساة) وهذا أيضاً (حقك).
وقعت في إطار قصة مرتبكة متشابكة غريبة، حبيبك متزوج بأجنبية لغرض الإقامة، وكل ما يشوب هذا من تعقيدات وإجراءات، خدمتكما النت والهاتف فتركها وهي التي تملك فيلا جميلة، وجميع مصاريف المنزل عليها (ما أحلاها عيشة، فرصة! تضحية ضحى بها من أجل عيونك).
المهم تخافين من (العنوسة) وتحلمين بزوج (رائع) تحبينه ويحبك، مع العلم أنك لم تكوني منبوذة من الشباب (لأني أعتقد أن لون بشرتك مع شخصيتك بكل ما لها وما عليها فيها سحر غامض، وبدا حلم الزواج يتلاشى لأنه (حلم) وسقطت في بئر مُعالجة نفسك بنفسك. Self Medication ).... أصابتك:
1- النحافة.
2- الخوف من كل شيء.
3- الوساوس.
نعم كما تحسين وإحساسك صادق، وأحسن طبيب للمريض هو (نفسه).. فهو الذي يحس ويدرك طالما أن لديه الوعي، وهكذا أعامل مرضاي اللذين يمتلكون أبسط أدوات الوعي وآخرهم قال لي (الله عليكـ أنا أحترمك فأنت لم تسلط علي ديكتاتوريتك الطبية لتملي علي علاجاً!).. لقد قلت لي (أنا أملك العلم والخبرة والمعرفة وأنا كمريض أملك الإحساس بمرضي).
المهم قمتما (بإجراء) كل شروط الزواج الإسلامي لكنك تخافين من معاشرة زوجك لأنك:
- عاشرتِ رجلاً آخر وأنت قاصر دون أن يفض غشاء بكارتك.
- وهو عاشر امرأة من أجل المصلحة وعاش في عزّها.
- تخافين البعد عن عائلتك ووطنك خشية غدر زوجك (الذكر).
نعم. قرري انتهاء المخاوف والوساوس السوداء، وأيضا كل الأفكار العبيطة الخيالية، دائما المسي أرض الواقع واحذري دون خوف وكوني شجاعة وفقك الله.