كانت هي المرة الأولى لي في هولندا .... بعد طول اشتياق لزيارة هذا البلد المختلف، أكثر من زميل أكدوا اختلافه ولم أكن أحسبه مختلفا عن بقية أوروبا الشمالية وقد زرت النمسا مرتين قبل هذا ... لم أكن أهتم كثيرا وظني أن الاختلاف ليس إلا المنطقة الحمراء وإباحة بيع واستخدام الحشيش ... ظللت كذلك حتى شهر أغسطس من سنة 2017 وكان جواز سفري محجوزا في سفارة تونس حيث أمضى وجوازات سفر زملائي من أواخر شهر رمضان حتى بعد عيد الأضحى أي قارب الشهرين ...... والحجة كانت عندما عاتبت الأخوة في مطار تونس أنكم هكذا تعاملون وثائق السفر التونسية في مصر ...ساعتها شعرت بالخجل والغضب في آن لكنني آثرت السكوت فكنت أدرك أنني في بلد أطلق الثورة واستطاع الحفاظ عليها، .... الشاهد هنا أننا في ساعة ما كان علينا إما سحب جوازات السفر من سفارة تونس دون منحها تأشيرة الدخول أو التخلي عن رحلة إلى هولاندا لحضور ندوة علمية قصيرة واتخاذ ذلك حجة للفسحة ... وقتها جرت مكالمة بيني وبين د. نشأت عبد الفضيل وكان جواز سفره محتجزا مع جوازي في سفارة تونس بالقاهرة قال لي يا دكتور وائل جماعة تونس سيضيعون علينا سفرة هولندا ... وهي عندي أهم وأنا أنوي سحب جوازي فكان ردي هل زرت تونس من قبل يا نشأت فقال مرة من سنوات .... لكن هولندا بالتأكيد أجمل يا دكتور وائل ... قلت أنا من قبل لم أزر هولندا ولم أزر تونس ولكن تونس بالنسبة لي ستكون أجمل ... وقرر هو سحب جواز سفره وتقديمه في سفارة هولندا ... وضيعت أنا سفرة هولندا لعيني تونس ولم أندم على ذلك حتى بعدما زرت هولندا .... لكنني أذكر أنني في تلك الأيام كنت أحكي لأخي وزميلي في القسم د. هيثم هاشم خضري فكان رد فعله حد يضيع سفرية لهولندا ؟ إنها الوحيدة التي لا أرفضها حتى لو دعيت لها أكثر من مرتين في نفس السنة !! .... ما زادني ذلك إلا دهشة وفضولا لأعرف ماذا يختلف في هولندا ؟
كان علينا التجمع أمام (أو التوافد إلى) صالة السفر بمطار القاهرة في السابعة والنصف صباح الثلاثاء 30 أكتوبر لأن موعد إقلاع طائرتنا إلى أمستردام هو تمام العاشرة صباحا...... لنصل إلى وجهتنا في الثانية ظهرا بتوقيت أمستردام ... في المطار كان معي أستاذان من زملاء العمل بالطب النفسي بجامعة الزقازيق أخوان أصغر مني هما د. هيثم هاشم خضري ود. محمد جمال نجم رافقتهما مرة إلى ميلانو بإيطاليا (قبل زمن الكتابة في أخبار الموقع ! عن رحلات وأسفار القائمين على مجانين) ونادرا ما كنا ثلاثتنا نفترق أثناء الرحلة، وهذه المرة كنا كذلك إما ثلاثتنا أو اثنين منا دائما معا.. منذ انطلقنا بعد صلاة الفجر من الزقازيق لنكون في مطار القاهرة في حدود السابعة والنصف صباحا .... وتحركنا في إجراءات التفتيش والتمحيص وتحميل الأمتعة وأخيرا تختم جوازات السفر... وننتقل إلى جانب المسافرين ... شربنا مشربا ساخنا ... لا أدري إن كان السبريسو الذي طلبته أنا يشرب ؟ أم هو فقط لتتذوقه ؟ أنت إن شربته كما يكون الشرب فلن يكمل شربة واحدة، ربما من طلب قهوة أمريكية أو خلطة الشاي والقهوة كان يشرب .. لكن أنا كنت آخذ جرعة كافيين مركز سادة! أي بدون سكر ... طبعا أنا مسؤول عن اختياري -المتكرر والدائم لهذا السبريسو إلا إن وجدت القهوة التركية التي نشربها في مصر-، والاعتراض فقط على أن يعتبر السبريسو مشروبا ! إلا إن كان ما عينة للتذوق ... وعلى كل لا أظن أحدا يستطيع شربه.
قابلت كثيرين في تلك السفرة منهم د. لطفي الشربيني ود. كمال الفوال من الإسكندرية ود. محمد عادل الحديدي ود. مصطفى محمود من المنصورة ود. محمد التلاوي وخالد البيه ومدحت النجار من الصعيد ود. سعيد عبد العظيم د. أمجد خيري ود. وليد البوشي من القاهرة، .... وأغلب بل كل هؤلاء نادرا ما نلقاهم إلا في مثل هذه السفرات أو المؤتمررات العلمية الداخلية في مصر، .... تجولنا كثيرا في المطار حتى حان بدأ التفتيش الأخير قبل الصعود إلى الطائرة فتجمعنا في صالة الركوب ودارت حوارات كثيرة حول برنامج الرحلة، وعن طواحين الهواء التي تشتهر بها هولندا... وعن المنطقة الحمراء وعن برودة الجو وكثرة الأمطار.... ثم صعدنا إلى الطائرة وكنت جاهزا بملف استشارات لمجانين لأرد على ما يتيسر منها خلال رحلة الذهاب إلى أمستردام وكانت الرحلة طويلة بما مكنني من الرد على 7 استشارات ... وحين هبطت الطائرة كان واضحا أن من أشار بأن أحمل المعطف الثقيل مع على الطائرة كان محقا لدرجة تستوجب شكره لكنني مع الأسف لم أكن أذكر من الذي رآني في الصباح وأنا أضعه في الحقيبة التي ستشحن معنا على الطائرة فقال لي ناصحا ستحتاج إليه ربما قبل أن تصل إلى حقيبتك هذه في المطار........ وحين وصلنا إلى بوابة الجوازات شعرنا بالغيرة من مواطني الاتحاد الأوروبي وأوجعني شخصيا تذكري لحلم الوحدة العربية الذي وئد، ونحن أمة تخصص زعماؤها في قتل الأحلام وشبابها في اختيار الموت إما غرقا أو إدمانا أو تطرفا.... سريعا يمر الأوربيون ومثلهم أصحاب الشرف والمعالي من الأمريكان وأما أمثالنا فعلينا الالتحاق بأي طابور في الجانب الآخر وكفانا ما نحمل من أوزار الإرهاب ... وزاد وغطى أن يكون من حظنا ضابط جوازات موسوس ... في كل المواقف المشابهة حين يعرف ضابط الجوازات بعد مرور اثنين مثلا من مجموعة سياحية تجده يسأل كم عددكم ثم يبدأ بعد ذلك في خفض مستوى التفحص والتمحص ويتحرك الطابور... لكن الضابط هذه المرة عطلنا جميعا من الأول إلى الأخير وسأل نفس الأسئلة للجميع وبدا كأنه يستعذب تكرار سماع نفس الردود .....
اضغط الصورة لرؤية نسخة أكبر |
حين اكتمل استلام الحقائب وخرجنا إلى خارج المطار كان هناك مطر بين الخفيف والمتوسط واتجهنا إلى الحافلة التي انطلقت بنا إلى فندق موتيل1 .... وكانت الأجواء غائمة والمطر يشتد وكان واضحا أن الطقس سيكون قاسيا إلا أن جمال البلد ونظافته كانت واضحة، ... وصلنا إلى الفندق وابتلت ملابسنا وحقائبنا خلال الثواني التي انتقلنا فيها من الحافلة إلى بوابة الفندق... واتفقنا على أن نتقابل في بهو الفندق في الثامنة لننطلق إلى حيث العشاء... كانت الساعة وقتها في حدود الرابعة عصرا .... وتبادلنا أنا وهيثم ونجم أرقام الغرف وكنت وحدي في الدور السادس بينما كليهما في الدور الثاني .... وحين وصلت غرفتي وبدأت في إخراج الملابس المضغوطة من الحقيبة لأضعها في خزانة الملابس كان مفاجئا أنه لا توجد جزانة للملابس في الغرفة ... في البداية ظننت أنه لابد من وجود خزانة ورحت أتفحص جدران الغرفة حتى وجدت 4 شماعات على الحائط أعلى السرير !! فعرفت أنه فعلا لا توجد خزانة للملابس وقلت لعلها الطريقة الهولندية في تعليق الملابس... توضأت وصليت الظهر والعصر ولما لم أكن أعرف هل أذن العصر في هولاندا أم لا ؟ فقد قصرت وجمعت ولم أكن أعرف إن كان جمع تقديم أم تأخير، اتصلت بعدها بهيثم وقلت له ما رأيك في أخذ جولة أنا وأنت ونجم في المتجر المجاور للفندق فقال لا أدري إن كان نجم مستيقظا أم نام ؟ وانتظرت في البهو فجاءني هيثم وحده وانطلقنا ونحن نظن المطر أصبح أهدأ مما كان لحظة وصولنا ... ثم تبين أن لا وأن معدل المطر وسرعة الريح سريعا ما تتغير دون سابق إنذار... حينما دخلنا إلى ذلك المتجر فوجئنا بأنه محل واحد من طابقين كلاهما أكشن Action لم نستطع إيجاد فرق بين المعروض في هذا وذاك لكن الطابق الأعلى كان أوسع وكمية المعروض فيه أكثر ... كانت الأسعار فعلا مفاجئة ومغرية... وأدركت ساعتها لماذا قال لي هيثم أنه في سفرات هولندا غالبا ما يخصص حقيبة كاملة للشيكولاته ! أسعار الأحجام الكبيرة والعبوات الضخمة منها كانت بين أقل من يورو و5 يورو ... ورغم أن اليورو أصبح يساوي حوالي 22 جنيه مصري إلا أن الأسعار التي نراها أقل من أسعار مصر بعد تعويم الجنيه المصري بمقدار النصف على الأقل ! هذا فضلا عن الأنواع المتعددة التي ضمت كل ما أعرف من أصناف إضافة إلى أصناف أخرى.... وحين خرجنا من المتجر كانت الأمطار أهدأ لكنْ كلٌ منا كان يحمل حقيبتين من الورق المقوى ممتلئتان حتى الحشر وثقيلتان حتى انحناء الظهر... وحدثت نفسي بأن من الواضح أنني سأحتاج حقيبة واحدة إضافية ... هذا إن لم أعد مرة أخرى لشراء المزيد
اضغط الصورة لرؤية نسخة أكبر |
العشاء كان في مطعم لبناني تميز فعلا بجمال طعم المأكولات كان عشاء شهيا.... وكان الجوع قد استبد بأغلبنا ... ومعروفة طريقة المطاعم اللبنانية يقدمون لك من السلطات ما لذ وطاب وحين يصل الطبق الرئيس تكون على وشك الشبع إن لم يكن الامتلاء ......وبعد العشاء عدنا مباشرة إلى الفندق وعرفت أن د. هيثم ذهب مرة أخرى قبل ذهابنا للعشاء مع د. نجم لشراء الشيكولاته، وصلت غرفتي وكان الطقس باردا وإن خفَّت جدا حدة المطر، وكنت صليت المغرب والعشاء جمع تقديم قبل النزول للعشاء، ولم أكن نمت نهارا فكان سهلا أن أستغرق في النوم حتى الصباح.... خاصة وأن علينا الاستيقاظ مبكرا لأن الأربعاء كان مكتظا بالأنشطة والأماكن التي سنزورها .
ويتبع>>>>> : مجانين .. أمستردام .. لاهاي ... مجانين2
واقرأ أيضًا:
ثانية ألتقي سدادا .... جمعا في لندن / مجانين ... استانبول ... بوخاريست استانبووووووول3 / مجانين... هونج كونج !! تيفون !! .. دبي.... مجانين1