ما معنى النضج؟وما معنى الوجدان؟
وما معنى أن يكون الإنسان ناضجاً وجدانياً؟ .. وما قيمة هذا النضج للشخص نفسه وللمجتمع والحياة؟ وهل النضج مرتبط بمرحلة عمرية بعينها بحيث إذا بلغها الشخص أصبح ناضجاً بشكل تلقائي؟ .. أم هو شيء مكتسب يمكن الوصول إليه بالتدريب والخبرة في مراحل مبكرة من العمر؟ وكيف يعرف الإنسان أنه غير ناضج بالقدر الكافي؟ وكيف يعرف أنه قد خطا خطوات كبيرة نحو النضج أو أصبح ناضجاً فعلاً ؟ وهل النضج الوجداني مرتبط بالذكاء أم أنه وظيفة مستقلة؟
كل هذه وغيرها أسئلة تحتاج لإجابات لكونها تتصل بنوعية الإنسان ودرجة رقيه وتطوره وبالتالي نوعية الحياة ودرجة رقيها وتطورها.
تعريف النضج:
النضج بوجه عام هو الاكتمال والإحكام, ونضج الإنسان هو اكتمال الوظائف الجسمية والنفسية والاجتماعية والروحية والتناغم بينها.
والنضج الإنفعالى هو ارتقاء الفرد بضبط انفعالاته وتناسبها مع مستوى عمره الزمني وخبراته وطبيعة المواقف المتغايرة, بحيث تتفق استجاباته الانفعالية مع ما هو متوقع من طاقة محددة ومتناسبة مع الموقف (1).
تصورات مختلفة للنضج النفسي:
في بدايات القرن العشرين تحدث فرويد عن مبدأ اللذة وكان يعتقد أنه يحكم سلوك الإنسان بشكل كبير، ثم مع تطوره الفكري تحدث عن مبدأ الواقع، ومع تطوره أكثر وأكثر تحدث عن مبدأ الواجب، وبذلك تكون تركيب هرمي متدرج قاعدته مبدأ اللذة وقمته مبدأ الواجب، وكان من رأي فرويد أن الطفل يعيش على مبدأ اللذة فهو يفعل كل ما يجلب له الشعور باللذة والسعادة بصرف النظر عن أي اعتبارات أخرى، ثم حين يصل إلى مرحلة الشباب يكتشف أن هناك واقعاً من حوله يجب أن يضعه في الحسبان وإلا تعرض لمشكلات كثيرة إذا استمر فقط يبحث عن لذته الشخصية.
وفي هذه المرحلة يبدأ الإنسان في النظر إلى الحياة على اعتبار أنها ليست مكاناً له وحده بل يشاركه فيها آخرون ويجب بالتالي أن يضع في حسبانه احتياجاته دون أن تتعارض مع احتياجات ومطالب الآخرين، وهنا يتكون مبدأ الواقع.
ومع نضج الإنسان أكثر وأكثر لا يصبح مضطراً لاحترام احتياجات الآخرين تحت ضغط الأمر الواقع، وإنما يجد في نفسه رغبة للإيثار ورغبة في العطاء الاختياري النبيل للناس وللحياة، وهنا يصل إلى مبدأ الواجب وهو أعلى درجات النضج النفسي عند فرويد.
أما أوتورانك Otto Rank فيرى أن الإنسان حين يولد يتوحد نفسياً مع الأم فهي كل شيء في الحياة بالنسبة له ثم يكتشف بعد ذلك أنها لا تكفي كل احتياجاته فيتجه نحو الأسرة ككل فيتوحد معها، ثم يكتشف بعد فترة (أثناء مرحلة المراهقة) أن الأسرة ليست هي كل شيء فيستقل عنها نسبياً ليتوحد مع مجتمعه المحلي، ثم يكتشف أن هناك عالم آخر من البشر خارج نطاق مجتمعه المحلي فيتوحد مع الإنسانية كلها، وفي مراحل تالية في النضج يكتشف أن الكون أرحب بكثير من الأرض وما عليها من بشر فيستقل نسبياً عن الناس ليتوحد مع الخلود ومع العالم اللانهائي، وتلك أعلى درجات النضج النفسي عند أوتورانك.
وفي التصور الإسلامي هناك عدة مسارات أو مدارج للنضج نذكر منها على سبيل المثال:
* التدرج المتصاعد من النفس الأمارة بالسوء إلى النفس اللوامة إلى النفس المطمئنة.
* التدرج المتصاعد من الإسلام (وهو الأنشطة الظاهرية التي تعبر عنها الجوارح) إلى الإيمان (وهو نشاط قلبي أعمق) إلى الإحسان(وهو نشاط روحي أكثر امتداداً وعمقاً حيث يتواصل الإنسان مع حقيقة الألوهية والربوبية فيعبد الله كأنه يراه) .
* التدرج المتصاعد للنفس من المستوى الجسدي (المخ وما يستقبله من مدركات عبر الحواس أو ما يرسله من أوامر تنفيذية إلى الجوارح) إلى المستوى العقلي (حيث التحليل المنطقي والتفكير الموضوعي المجرد) إلى المستوى القلبي (حيث الإيمانيات والوجدانيات) إلى المستوى الروحي (حيث التواصل الأبدي مع عالم الغيب وحيث النزوع نحو الخلود والسعي لوجه الله)،
والوظائف النفسية –في هذا التصور– تنتقل بشكل دينامي صعوداً وهبوطاً عبر المستويات سالفة الذكر (الجسدي والعقلي والقلبي والروحي)، وفي حالة النضج النفسي نجد أن كل هذه المستويات نشطة وعاملة دون إهمال أو استبعاد لأي منها، وتكون قيادة النفس في وحدة العمليات المركزية وهي القلب (المعنوي).
أما في حالة عدم النضج فإن النشاط النفسي ينحصر في المستويات الأدنى فقط (الجسدي فقط أو الجسدي والعقلي) ويتثبت هذا النشاط في تلك المستويات بمعنى أن تصبح حركته أقل مرونة، وبالتالي يعيش هذا الإنسان غير الناضج وجوداً محدوداً ويغرق في تفاصيل احتياجاته الجسدية والعقلية ويقضي حياته مدافعاً عن ملذاته وممتلكاته ولا يتسع وعيه للمستويات الأعلى من الوجود. (لمزيد من التفاصيل انظر كتاب: "مستويات النفس" للمؤلف، إصدار دار البيطاش للطباعة والنشر بالإسكندرية 2003م-1424هـ) (2).
كانت هذه مقدمة ضرورية لكي نحيط بالإطار العام للوجود الإنساني ونشاطه النفسي في أكثر من تصور ولكي نكتشف آفاق وأبعاد النفس البشرية وبالتالي يسهل علينا اكتشاف أي محاولة لاختزالها أو تجزيئها أو تشويهها لأن كل مدرسة نفسية تدرك عدة أبعاد للنفس البشرية وتعلي من قيمتها وربما، بل كثيراً ما يحدث، أن تفلت باقي الأبعاد من منظور تلك المدرسة.
والآن نستطيع أن ندخل في تفاصيل ما يسمى بالنضج الوجداني بعد أن اطمأنت قلوبنا إلى الخريطة العامة الشاملة النفس البشرية.
التركيبة الثلاثية للإنسان:
قد قسم علماء النفس نشاطات الإنسان إلى ثلاثة أقسام في شكل ثلاث دوائر متشابكة هي المعرفة والوجدان والسلوك.
وإلى وقت قريب كانت دائرة المعرفة تحظى بتقدير أعلى وتعتبر هي المحرك الأساسي والرئيسي للسلوك وأن دائرتي الوجدان والسلوك هما دائرتين تابعتين لدائرة المعرفة، ولم لا والفكرة هي الأساس في أي شيء لأنها نتاج العقل والعقل هو المدبر والموجه لكل نشاطات الإنسان.
بل كان ينظر إلى الوجدانات والمشاعر والعواطف على أنها نقاط ضعف في الإنسان عليه أن يتخلص منها أو يقلل منها في شخصيته كلما استطاع ذلك، فالإنسان العاقل يجب أن يتخفف كثيراً من مشاعره التي ربما تورده التهلكة. وكان الإنسان يقيم من حيث ذكائه العقلي وتوضع درجات لتميز البشر بناءاً على ذلك. ثم اكتشف العلماء أن الذكاء العقلي وحده لا يحقق النجاح أو التميز فبدأوا يتحدثون عن ذكاءات متعددة مثل الذكاء اللفظي والذكاء العملي والذكاء الاجتماعي وأخيراً الذكاء الوجداني.
وكانت الطفرة الهائلة في المعرفة الإنسانية الحديثة هي اكتشاف الذكاء الوجداني حيث تبين أن هذا النوع من الذكاء أكثر تأثيراً في نجاح الإنسان ونموه وتطوره وتألقه مقارنة بالذكاء العقلي التقليدي القديم. وتبين أن المشاعر والوجدانات والعواطف ليست ترفاً أو شيئاً كمالياً أو عيباً في النفس البشرية، بل هي مصدر الطاقة المتجددة في هذه النفس وهي التي تعطيها اللون والطعم والرائحة وتعطيها المعنى والدافع.
مولد مفهوم الذكاء الوجداني:
وليسمح لي القارئ العزيز أن أنقل له الحدث الذي ولد فكرة الذكاء الوجداني في رأس دانييل جولمان Daniel Goleman مؤلف كتاب " الذكاء العاطفي Emotional Intelligence" بنفس النص دون تدخل (3):
"مازلت أذكر ذلك المساء شديد الرطوبة من أحد أيام أغسطس في مدينة نيويورك، حيث التجهم والتوتر السمة الغالبة على وجوه الناس. كنت في طريق عودتي إلى الفندق، وبينما كنت أصعد إلى الحافلة المتجهة إلى شارع ماديسون، شد انتباهي سائق الحافلة – وكان رجلاً في منتصف العمر أسمر اللون، ترتسم على وجهه ابتسامة دافئة – الذي حياني بود:" مرحباً، كيف حالك؟"، وبعد أن أخذت مكاني سمعته يرحب بكل راكب يصعد إلى الحافلة وهو يشق طريقه ببطء شديد وسط زحام المدينة.
وكانت ملامح الدهشة تبدو على ملامح كل راكب مثلي تماماً. ولأن الجميع استغرقهم المزاج الكئيب لذلك المساء الشديد الرطوبة، لم تحظ تحية السائق بالرد إلا من عدد محدود منهم. غير أنه مع تقدم مسيره وسط الزحام الخانق إلى وسط المدينة حدث تحول بطيء وسحري داخل الحافلة.
فقد ظل السائق يجري "مونولوجاً" مع نفسه شد اهتمام جميع الركاب. سمعناه يعلق بصوت مرتفع على كل ما نراه من النوافذ حولنا مثل: "في هذا المحل تخفيض هائل في الأسعار"، أو "في هذا المتحف معرض رائع"، أو "هل سمعتم عن الفيلم الجديد الذي بدأ عرضه في هذه السينما؟.." ومع الوقت انتقلت عدوى ابتهاجه بما تتمتع به المدينة من إمكانات ثرية إلى الركاب.ونزل كل فرد في محطته، وقد خلع عن وجهه ذلك القناع المتجهم الذي صعد به. وعندما كان السائق يودع كلا منهم بقوله: "إلى اللقاء.. يوماً سعيداً.." كان الرد يأتيه بابتسامة جميلة على الوجوه. لقد انطبع هذا الموقف في ذاكرتي قرابة عشرين عاماً.
وكنت وقتها قد انتهيت رأساً من إعداد رسالتي لنيل الدكتوراه في علم النفس. لكن الدراسات السيكولوجية في تلك الأيام لم تكن تبدي اهتماماً يذكر بالكيفية التي يمكن أن يحدث بها مثل هذا التحول. إذ لم يكن العلم السيكولوجي يعرف سوى القليل، وربما لم يكن يعرف شيئاً أصلاً عن آليات العاطفة. ومع ذلك فكلما تخيلت انتشار "فيروس" المشاعر الطيبة بين ركاب الحافلة، اعتبرت ذلك السائق مصلحاً يجوب المدينة، أو "باعث السلام في مجموعة من البشر"، بمقدرته السحرية على التخفيف من حالة التجهم الشديد البادية على وجوه الركاب، فإذا بقلوبهم تنفتح قليلاً، ويتحول التجهم المرسوم على الوجوه إلى ابتسامة".
هذا النموذج –رغم بساطته– يوضح عناصر الذكاء الوجداني المرتفع لدى سائق الحافلة، فهو قد أدرك تأثير ظروف ذلك اليوم (من رطوبة عالية وازدحام شديد)على ذاته هو أولاً، وأدرك معاناة الركاب من مثل ما يعاني، ثم استطاع أن يسيطر على مشاعره السلبية ويطلق العنان لمشاعر إيجابية من التعاطف والود والمحبة، وقد تفجرت هذه المشاعر الإيجابية بداخله من خلال إدراك إبداعي استطاع من خلاله أن يخترق سحب الكآبة والرطوبة والزحام ليرى مواطن الجمال في المدينة فيبتهج بها أولاً ثم ينقلها في كرم ومودة وحب إلى كل ركاب الحافلة لتنتقل من خلالهم إلى باقي أنحاء المدينة.
وهؤلاء الأشخاص ذوي الذكاء الوجداني المرتفع ربما يكونون متوسطي الذكاء العقلي، ومع هذا نجدهم يحققون نجاحات هائلة في الدراسة والعمل والعلاقات الاجتماعية والزواج ونجدهم متألقين لامعين في مجالاتهم، ومن هنا نشأت فكرة أن للإنسان عقلين: عقل مفكر (موضوعي تحليلي تجريدي) وعقل وجداني، وسوف نركز في حديثنا في هذه الدراسة على العقل الوجداني.
يقول جولمان إن فهمه للذكاء الوجداني مبني على مفهوم هوارد جاردنر في الذكاءات المتعددة Multiple Intelligences وخاصة الذكاء العاطفي الشخصي Intrapersonal Intelligence والذكاء البينشخصي(Interpersonal Intelligence 4) .
وقد اكتشف ماير أن الناس يميلون إلى اتباع أساليب متميزة للعناية بعواطفهم والتعامل معها كالتالي (4):
• الوعي بالنفس: إن أولئك البشر يدركون حالتهم النفسية في أثناء معايشتها، عندهم بصورة متفهمة بعض الحنكة فيما يخص حياتهم الانفعالية، ويمثل إدراكهم الواضح لانفعالاتهم أساساً لسماتهم الشخصية، فهم شخصيات استقلالية، واثقة من إمكاناتها، ويتمتعون بصحة نفسية جيدة، ويميلون أيضاً إلى النظر للحياة نظرة إيجابية، وعندما يتكدر مزاجهم لا يجترون ذلك المزاج السيئ ولا يستبد بأفكارهم، فهم قادرون على الخروج من مزاجهم السيئ في أسرع وقت ممكن. باختصار تساعدهم عقلانيتهم على إدارة عواطفهم وانفعالاتهم.
0 الغارقون في انفعالاتهم: هؤلاء الأشخاص هم من يشعرون غالباً بأنهم غارقون في انفعالاتهم، عاجزون عن الخروج منها، وكأن حالتهم النفسية قد تملكتهم تماماً. هم أيضاً متقلبوا المزاج، غير مدركين لمشاعرهم إلى الدرجة التي يضيعون فيها ويتوهون عن أهدافهم إلى حد ما، ومن ثم فهم قليلاً ما يحاولون الهرب من حالتهم النفسية السيئة، كما يشعرون بعجزهم عن التحكم في حياتهم العاطفية. إنهم أناس مغلوبون على أمرهم، فاقدوا السيطرة على عواطفهم.
0 المتقبلون لمشاعرهم: هؤلاء على الرغم من وضوح رؤيتهم بالنسبة لمشاعرهم، فإنهم يميلون لتقبل حالتهم النفسية دون محاولة لتغييرها، ويبدو أن هناك مجموعتين من المتقبلين لمشاعرهم: المجموعة الأولى تشمل من هم عادة في حالة مزاجية جيدة، ومن ثم ليس لديهم دافع لتغييرها. والمجموعة الثانية تشمل من لهم رؤية واضحة لحالتهم النفسية، ومع ذلك فحين يتعرضون لحالة نفسية سيئة يتقبلونها كأمر واقع، ولا يفعلون أي شيء لتغييرها على الرغم من اكتئابهم، وهذا النموذج من المتقبلين يدخل في إطار المكتئبين الذين استكانوا لليأس.
والعقل الوجداني ليس كياناً معنوياً هائماً في الفراغ ولكنه يستند إلى تركيب تشريحي ووظائف فسيولوجية واضحة، فهناك ما يسمى بالنظام الطرفي (الجهاز الحوفي)Limbic System وهو ما يقع في المنطقة الوسطي من المخ حيث تعلوه القشرة المخية Cerebal Cortex ويليه من أسفل جذع المخ Brain Stem، وفي وسط الجهاز الطرفي توجد لوزتين تسمى كل واحدة منهما Amygdala، وقد تبين من الدراسات الفسيولوجية العصبية أن هاتين اللوزتين يستقبلان ويرسلان كل الرسائل الوجدانية، وهما لا يعملان منفصلين عن باقي أجزاء المخ بل لهما اتصالات هامة بتلك الأجزاء وخاصة القشرة المخية حيث تنجز المهام التحليلية واللغوية وحيث الذاكرة العاملة.
يقول جولمان: إن العقل الوجداني يقوم بفحص كل ما يقع لنا لحظة بلحظة ليتبين ما إذا كان يحدث الآن يشبه حدثاً وقع في الماضي وتسبب في إيلامنا أو إثارة غضبنا. فإذا حدث هذا تدق اللوزة Amygdala ناقوس الخطر لتعلن عن وجود طوارئ وتحرك السلوك في أقل من الثانية. وهي تقوم بهذا التحريك بسرعة تفوق ما يحتاجه العقل المفكر ليتبين ما يحدث وهذا يفسر لنا كيف يسيطر الغضب أحياناً ويدفع الإنسان لارتكاب أفعال يتمنى لو لم يكن ارتكبها.
إن العواطف تؤثر في التفكير التحليلي، فإذا كان الاتصال بينهما ناضجاً وسليماً فإننا نستطيع أن نتحكم في استجاباتنا لما ترسله اللوزة من رسائل حيث تستطيع القشرة المخية Cerebral Cortex أن توقف الهجوم، فكل إنسان يغضب، ولكن ليس كل إنسان يستجيب استجابات تتسم بالعنف، أما الذين يعانون من حزن أو غضب أو قلق مرضي فيكون نشاط اللوزة Amygdala لديهم سابق للنشاط التحليلي الذي تقوم به القشرة المخية (5).
الأبعاد الخمسة للذكاء الوجداني:
ربما لم يجد جولمان تعريفاً لغوياً أو اصطلاحياً محدداً وموجزاً للذكاء الوجداني في هذه المرحلة، لذلك تحدث عن أبعاد خمسة لذلك النوع من الذكاء نوردها بإيجاز فيما يلي:
1- الوعي بالذات (Self – awareness):
الوعي بالذات هو أساس الثقة بالنفس وحسن إدارتها، فنحن في حاجة دائماً لمعرفة مواطن القوة ومواطن الضعف لدينا بشكل موضوعي، ونتخذ من هذه المعرفة أساساً لقدراتنا. كما أننا بحاجة لأن نتعلم منذ الصغر التعرف على مشاعرنا وتسميتها التسمية الصحيحة فلا نخلط بين القلق والاكتئاب والغضب والشعور بالوحدة والشعور بالجوع.. الخ. فهذا الوعي الموضوعي بالذات يجعلنا أكثر كفاءة في إدارتها ويجعل قراراتنا أقرب للصواب.
2- التعاطي مع الجوانب الوجدانية بشكل عام :(Handling emotions generally )
نحن نحتاج أن نعرف كيف نعالج ونتناول المشاعر التي تؤذينا وتزعجنا وتلك التي تسعدنا. وهذا المران المستمر في المعرفة والمعالجة والتناول يزيدنا خبرة يوماً بعد يوم في إدارة جهازنا الوجداني لنستفيد من مميزاته الهائلة ونتجنب مخاطره الضارة.
3- الدافعية (Motivation):
إن وجود دوافع قوية تحثنا على التقدم والسعي نحو أهدافنا هو العنصر الثالث للذكاء الوجداني. ويعتبر الأمل مكون أساسي في الدافعية، أن يكون لدينا هدف وأن نعرف خطواتنا خطوة خطوة نحو تحقيقه، أن يكون لدينا الحماس والمثابرة لاستمرار السعي.
4- التعاطف العقلي (التفهم)..(Empathy):
التعاطف العقلي (التفهم) هو المكون الرابع في الذكاء الوجداني ويعني: قراءة مشاعر الآخرين من صوتهم أو تعبيرات وجههم وليس بالضرورة مما يقولون. إن معرفة مشاعر الغير قدرة إنسانية أساسية نراها حتى لدى الأطفال. يقول جولمان أن الطفل في الثالثة من عمره والذي يعيش في أسرة محبة يسعى لتهدئة غيره من الأطفال أو التعاطف معهم إذا بكوا، على حين أن الأطفال الذين يسئ آباؤهم معاملتهم أو يهملونهم فإنهم يصرخون في وجه الطفل الذي يبكي وأحياناً يضربونه.
ويؤكد جولمان أن الذكاء الوجداني متعلم، وأن التعلم يبدأ منذ السنوات الأولى في الحياة ويستمر.
ويذكر جولمان حالة قاتل ارتكب سبعة جرائم قتل وفي إحدى المقابلات الإكلينيكية أجاب على السؤال: هل كنت تشعر بأي شفقة نحو الضحايا؟ أجاب: لا أبداً، ولو كنت شعرت بشفقة لما استطعت فعل ما فعلت. ونستخلص من ذلك أن التعاطف هو الذي يكبح قسوة الإنسان، وهو يحافظ على تحضر الإنسان وأن الذكاء الوجداني لا يرتبط بنسبة الذكاء العقلي المعروفة.
5- المهارات الاجتماعية (Social Skills):
كلما كان الإنسان مزوداً بمهارات اجتماعية مناسبة وكافية كلما كانت قدرته على التعامل مع المواقف والأزمات أفضل. أما أولئك الذين يفتقرون للمهارات الاجتماعية فإنهم يتخبطون ويعانون من اضطرابات سوء التوافق.
أهمية الذكاء الوجداني:
1- يلعب الذكاء الوجداني دوراً هاماً في توافق الطفل مع والديه وإخوته وأقرانه وبيئته بحيث ينمو سوياً ومنسجماً مع الحياة، كما أنه يؤدي إلى تحسين ورفع كفاءة التحصيل الدراسي.
2- يساعد الذكاء الوجداني على تجاوز أزمة المراهقة وسائر الأزمات بعد ذلك مثل أزمة منتصف العمر بسلام.
3- يعتبر الذكاء الوجداني عاملاً مهماً في استقرار الحياة الزوجية فالتعبير الجيد عن المشاعر وتفهم مشاعر الطرف الآخر ورعايتها بشكل ناضج، كل ذلك يضمن توافقاً زواجياً رائعاً .
4- والذكاء الوجداني وراء النجاح في العمل والحياة، فالأكثر ذكاءاً وجدانياً محبوبون ومثابرون وتوكيديون، ومتألقون وقادرون على التواصل والقيادة ومصرون على النجاح.
ونظراً لتلك الأهمية البالغة للذكاء الوجداني، فقد أوصى علماء النفس بتنميته من خلال دروس تعليمية ودورات تدريبية وورش عمل بهدف الوصول إلى درجات عالية من الذكاء الوجداني، وهو ما نطلق عليه النضج الوجداني، وسوف نتحدث عنه الآن بشيء من التفصيل نظراً لأهميته.
المقاييس المختلفة للعمر :
حين نسأل شخصاً ما: ما عمرك؟ يجيبنا على الفور: خمسون سنة (مثلاً). هذه الإجابة قاصرة جداً لأنه هنا ذكر عمره الزمني فقط، وهذا العمر الزمني لا يفيدنا كثيراً في معرفة أبعاد شخصية من سألناه لأن هناك مقاييس وأبعاد أخرى للعمر (أحياناً تكون منسجمة مع العمر الزمني وأحياناً أخرى لا تنسجم)، نذكرها فيما يلي:
1- العمر الزمني (Choronological age):
هو عدد السنوات التي عاشها الإنسان في الحياة .
2- العمر العقلي ( Intellectual age ):
وهو يشير إلى ما إذا كان ذكاء هذا الشخص أقل أو أكثر أو مساوي لعمره الزمني (أي الذكاء بالنسبة للعمر الزمني).
3- العمر الاجتماعي (Social age):
وهو يقارن النمو الاجتماعي للشخص بعمره الزمني، بمعنى: "هل هذا الشخص يتعامل مع الناس اجتماعياً كما يتوقع لمن هم في مثل عمره الزمني؟"
4- العمر الوجداني (Emotional age):
وهو يقارن النضج الوجداني للشخص بعمره العقلي، بمعنى: "هل هذا الشخص يتعامل مع مشاعره كما يفعل من هم في مثل عمره الزمني؟"
وهذه الأنواع المختلفة من الأعمار لا تسير متوازية ومتساوية في أغلب الأحوال، فنجد بعضها يسبق الآخر، وكلما كانت المسافة كبيرة بينها كلما أدى ذلك إلى اضطراب التوافق فنجد مثلاً رجلاً قد بلغ الستين من العمر ولكن علاقاته الاجتماعية تشبه إلى حد كبير علاقات المراهقين، كما أن نضجه الوجداني لا يتعدى نضج الأطفال.
ونحن ليست لنا سيطرة أو تحكم في عمرنا الزمني، وبالكاد لنا سيطرة ضعيفة على عمرنا العقلي، أما عمرنا الاجتماعي وعمرنا الوجداني فيمكننا تنميتهما وتحسينهما بدرجة كبيرة وصولاً إلى النضج الاجتماعي والنضج الوجداني.
ولكي نفهم أنفسنا أكثر ونعرف أين نحن من مراحل النضج الوجداني فسوف نستعرض خصائص تأخر النضج ثم خصائص النضج (6).
خصائص تأخر النضج الوجداني :
1- اضطراب المشاعر: وعلاماته: ثورات الهياج الانفعالي، السلوك الاندفاعي، الاستجابات الزائدة عن الموقف، الحساسية الزائدة، عدم تحمل الإحباط، نوبات الغضب الحادة، تقلبات المزاج، الغيرة الزائدة، عدم القدرة على التسامح، عدم تحمل الألم، عدم القدرة على السيطرة على الانفعال.
2- الاعتمادية الزائدة: إن النمو الطبيعي للإنسان ينتقل من الاعتمادية (أنا أحتاجك) إلى الاستقلال (أنا لا أحتاجك) إلى الاعتمادية المتبادلة (كل منا يحتاج الآخر).
والشخص الاعتمادي يحتاج الآخر بشكل زائد وممتد أكثر من اللازم، وهو لا يستطيع اتخاذ قرار بمفرده، ويسهل قياده، ويخاف التغيير ويفضل البقاء كما هو لأنه لا يتحمل تحديات التغيير. ويبدو أن الناس المحافظين والمتحفظين أكثر من اللازم ينتمون إلى هذه الطائفة من الناس.
3- الرغبة في الإشباع الآني: بمعنى أنهم يريدون الحصول على ما يريدون من اهتمام وإشباع في اللحظة الحالية، وليست لديهم القدرة على تأجيل إشباع بعض الرغبات سعياً لمستوى إشباع أفضل، فهم يريدون كل شيء الآن وحالاً. وهؤلاء الأشخاص يتميزون بالسطحية وعدم القدرة على التفكير وهم مندفعون غالباً، وولاءهم لا يستمر إلا بقدر ما يحققون من فائدة من العلاقة. وهم يهتمون بالأشياء الهامشية، وقيمهم الأخلاقية سطحية وهشة، كما أن حياتهم الاجتماعية والمالية تتسم بالعشوائية والاضطراب.
4- عدم القدرة على التعلم من خبرات الحياة (وجهة الضبط الخارجية): حيث أنه يرى أن ما يحدث له دائماً هو نتيجة الحظ أو الظروف أو أخطاء الآخرين، لذلك لا يسعى إلى التغير للأفضل بل يظل يكرر أخطاءه مرة بعد مرة.
5- التمركز حول الذات: والعلامة الأهم للتمركز حول الذات هي الأنانية، والأنانية تكون مصحوبة بانخفاض تقدير الذات، فالشخص الأناني لا يعطي اعتباراً للآخرين وهو في نفس الوقت لا يعطي إلا اعتباراً ضئيلاً لنفسه. وهذا الشخص مشغول دائماً بأحاسيسه ومشاعره فقط ويطلب –بشكل زائد– الاهتمام والرعاية والتعاطف والإشباع من الآخرين. وهو لا يستطيع أن يرى نفسه بواقعية، ولا يتحمل مسئولية أخطائه أو قصوره، ولا يستطيع أن ينقد نفسه نقداً بناءاً، وليست لديه الحساسية لأحاسيس الآخرين.
علامات النضج الوجداني:
1- القدرة على أن يُحِب ويُحَب: ذلك الشخص لديه إحساس بالأمان والثقة، ولذلك يستطيع أن يعبر بمرونة عن مشاعر حبه تجاه الآخرين كما أنه يستطيع أن يستقبل منهم مثل تلك المشاعر دون خوف أو خجل.
2- القدرة على مواجهة الواقع والتعامل معه: الأشخاص الناضجون يواجهون الواقع كما هو ويعرفون أن أقرب طريق لحل المشكلات هو التعامل معها فوراً.
3- الاهتمام بالعطاء بنفس قدر الاهتمام بالأخذ: إن الإحساس بالأمان لدى الناضجين وجدانياً يسمح لهم بإعطاء الاعتبار لاحتياجات الآخرين، ويسمح لهم بالبذل لهم سواء بالمال أو الوقت أو الجهد لتحسين نوعية حياة أولئك الناس الذين يحبونهم. وهم قادرين أيضاً على تقبل عطاءات الآخرين لهم. فالتوازن والنضج يسيران جنباً إلى جنب.
4- القدرة على النظر إلى خبرات الحياة بشكل إيجابي: من علامات النضج أن يرى الإنسان في خبرات حياته شيئاً إيجابياً دائماً، فهي إن كانت خبرات سارة استمتع بها، وإن كانت خبرات مؤلمة فهو يتقبل مسئوليته الشخصية عنها ويكون واثقاً أنه سيتعلم منها لتحسين نوعية حياته المقبلة.
وعندما تسير الأمور على غير ما يريد فإنه يترقب الفرصة لتحقيق النجاح. وهذا الشخص لا يتنكر لأي من خبرات حياته لأن التنكر لخبرة ما أو فترة ما من حياة الإنسان يترك مكانها فجوة سوداء تهدد أمنه واستقراره. فكل خبرة وكل موقف في حياتنا هو جزء من تاريخنا الشخصي نعتز به لأنه يبني خبرتنا المتراكمة.
5- القدرة على التعلم من الخبرات (وجهة الضبط الداخلية): وهي القدرة على تحمل مسئولية الأخطاء، والقدرة على النقد الذاتي والتغير للأفضل حتى لا تتكرر نفس الأخطاء السابقة، فالشخص الناضج لا يلقي اللوم على الحظ أو الظروف أو الآخرين بل يراجع نفسه ويتعلم من أخطائه وخبراته.
6- القدرة على تحمل الإحباط: فعندما يواجه الشخص الناضج إحباطاً فإنه لا يتجمد في مكانه ولا تتوقف أنفاسه ولا يسب القدر أو الدهر (كما يفعل غير الناضجين) وإنما يحاول التعامل بطرق أخرى مع المشكلة ويجرب حلولاً جديدة ومبتكرة ويتحرك في اتجاهات شتى حتى يتغلب على المصاعب التي واجهته.
7- القدرة على التعامل الإيجابي مع مشاعر العدوان: عندما يتعرض الشخص الناضج لإحباط فهو لا يبحث عن شخص آخر يلقي عليه اللوم (كما يفعل غير الناضج)، وإنما يجتهد فوراً في البحث عن حل للمشكلة التي أحبط بسببها، فغير الناضجين يهاجمون الناس بينما الناضجون يهاجمون المشكلات.
والشخص الناضج يستخدم غضبه كمصدر للطاقة ويضاعف من جهوده للوصول لحل المشكلات.
8- التحرر النسبي من أعراض التوتر: فالشخص الناضج وجدانياً يتمتع بحالة سلام داخلي ولديه إحساس بالأمن وإحساس بالقدرة على الحصول على ما يريده من الحياة، على عكس غير الناضج الذي تمتلئ نفسه بمشاعر القلق والرفض والتشاؤم والغضب والغيرة والإحباط.
9- القدرة على حل الصراعات : فالحياة لا تخلو من صراعات بين البشر، والإنسان الناضج يعترف بهذه الحقيقة، ويمتلك آليات كثيرة لحل الصراعات بشكل آمن دون مواجهات مدمرة لنفسه أو للآخر.
10– قبول الاختلاف والبعد عن التعصب: فالاختلاف من السنن الكونية في هذه الحياة، وبالتالي علينا أن نتعامل معه ونستفيد منه في إثراء الحياة من خلال التواصل الجيد والتعايش السلمي البناء مع الآخر المختلف.
11- التوازن: لا تجد في الشخص الناضج نتوءات أو تشوهات نفسية أو خلقية، بل هو متوازن في كل شيء، والتوازن هو من أهم سمات النضج الوجداني والصحة النفسية، وهو الوسط العدل البعيد عن الإفراط والتفريط.
12- الدافعية للإنجاز: والدافعية هنا ذاتية وداخلية، فالشخص الناضج يعرف ما يجب عليه فعله، وهو مدفوع داخلياً لتحقيق أهدافه المشروعة، ولا يحتاج لدفع خارجي بل يكفيه دوافعه الداخلية ليبقى منتجاً طول الوقت.
13- الإبداع: وثمرة الإحساس بالأمان والإحساس بالحب والتوافق النفسي والاجتماعي أن يتوجه الناضج وجدانياً نحو الإبداع، فهو لديه رؤية إيجابية للحياة تجعله ينصت لأسرارها وبدائعها ويكتشف العلاقات بين الأشياء المتباعدة، وبذلك يصبح مبدعاً ومطوراً لنفسه ولمجتمعه ولحياته. وهذا الإبداع يجعل الشخص الناضج متجدداً وطازجاً طول الوقت ويعطيه مذاقاً خاصاً وبريقاً مشعاً وتوهجاً دائماً.
14- القدرة على العمل الجماعي: وبما أن الشخص الناضج يقبل الاختلاف والتعدد، ولديه مشاعر حب للآخرين ويريد أن يبدع ويضيف في هذه الحياة، لذلك نتوقع منه أن ينجح في العمل كفريق، تلك الملكة الاجتماعية التي لا يمكن الاستغناء عنها لتحقيق الإنجازات الكبيرة.
15- التوافق والانسجام مع النفس ومع الناس ومع الله: وثمرة كل ما سبق من علامات وخصائص النضج هو حالة من السلام الشامل والتوافق مع النفس ومع الناس ومع الله.
كيف نحسن نضجنا الوجداني؟(6):
هي رحلة طويلة تبدأ من الطفولة المبكرة وتستمر حتى آخر لحظة في الحياة إذ ليس هناك سقف للنضج الوجداني. وإليك عزيزي القارئ بعض التوصيات:
1- الوعي بالذات: حاول أن ترى نفسك كما هي لا كما يجب أن تراها، ستواجهك بعض المصاعب حيث أن الدفاعات النفسية (مثل الكبت Repression والإسقاط Projection والإنكار Denial والتبرير Rationalization)
ستحول بينك وبين هذه الرؤية الموضوعية، لذلك اسأل الناس المخلصين الصادقين من حولك أن يحدثوك عن نفسك بصراحة، وتقبل رؤيتهم حتى ولو لم تعجبك. تدرب جيداً وطويلاً على قراءة ما يدور بداخلك من أفكار وما يعتمل في نفسك من مشاعر.
2- تقبل الذات: وتقبل الذات لا يعني موافقتها على ما هي عليه دائماً وإنما هي مرحلة مهمة يبدأ منها التغيير للأفضل.
3- لا تحاول السيطرة على الآخرين: فبدلاً من السيطرة والتحكم في الآخرين حاول أن تتعاون معهم، وعندما يكون هناك صراع أو خلاف مع طرف آخر فحاول أن تصل إلى حل يكون الطرفان فيه رابحين، ولا تحرص على أن تكون أنت الرابح الوحيد دائماً.
4- كن مستعداً لتغيير صلاتك الاجتماعية: تجنب الناس والمواقف التي تخرج أسوأ ما فيك، واحرص على أن تعرض نفسك للناس وللمواقف التي تخرج أحسن ما فيك.
5- ابحث عن معنى للحياة يتجاوز حدود ذاتك: ذلك المعنى الذي يعطيك منظوراً تلسكوبياً واسعاً للحياة، وليس ذلك المعنى المحدود الضيق الذي لا يتجاوز حدود اهتمامك الذاتي. وإذا كان لديك هذا المعنى الكبير الممتد للحياة فإنك ستعمل للخلود وبالتالي ستكون أهدافك عظيمة ومحفزة لقدراتك لكي تنمو بشكل مضطرد وعلامة نجاحك في الوصول إلى هذا المعنى هي شعور ثري وممتلئ بالحياة؛
ليس حياتك فقط بل أيضاً حياة الآخرين، وعمارة الكون، ذلك الشعور الجميل لا يحس به إلا من وصلوا إلى النضج الوجداني سعياً لوجه الله الذي امتدح صفات النضج الوجداني في رسوله صلى الله عليه وسلم قائلاً: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) صدق الله العظيم (آل عمران:159).
المراجع:
1 - مصطفى كامل ( 1993 ). موسوعة علم النفس والتحليل النفسي الطبعة الأولى, دار سعاد الصباح للطباعة والنشر, الكويت, صفحة 800
2 - محمد المهدي (2003). مستويات النفس. دار البيطاش للطباعة والنشر بالإسكندرية.
3 - دا نييل جولمان ( 1995) . الذكاء العاطفي. تأليف د ا نييل جولمان ، ترجمة ليلى الجبالي، مراجعة محمد يونس، إصدار عالم المعرفة رقم 26، رجب 1421 ه – أكتوبر 2000م، صفحة 7،8، عن كتاب :Emotional Intelligence , by Daniel Golman , Bantam books , New York , u.s 1995 .
5 - صفاء الأعسر وعلاء الدين كفافي (2000) . الذكاء الوجداني. دار قباء للطباعة والنشر، القاهرة، صفحة 66.
6 - Jerome Murray (2004) . Are you growing up or just getting older?. An internet article under the title" Emotional Maturity" with modifications