كما يشعر المطلقون بالفشل والضياع والوحدة والغضب في لحظة الطلاق وما بعده، يشعر أيضا أبناء المطلقين أن الأرض غارت من تحت أقدامهم، وأن زلزالا مروعا قد دمر البيت وذهب بالدفء والاستقرار والراحة والحب إلى الأبد، وهم ينظرون إلى الأب والأم وكل منهما يمشي عكس اتجاه الآخر ويعطيه ظهره، والأبناء لا يدرون مع أيهما يذهبون، والمؤكد أنهم سيلحقون بأحد الأبوين ويفقدان الآخر، وأنهما لن يريانهما "معا" بعد ذلك، وكلمة "معا" هنا تتغير معها نوعية الحياة.
وبناءا على ذلك يحتاج أبناء المطلقين إلى نوع من الرعاية النفسية والاجتماعية إذا أردنا أن نخفف أو نلطف من آثار الطلاق "أبغض الحلال عند الله، وأصعب الحلول عند الناس".
وقد نفهم من العنوان أن الرعاية تبدأ بعد الطلاق، ولكن هذا غير حقيقي وغير واقعي، فالرعاية تحتاج لأن نبدأها قبل وقوع الطلاق وأثناء الطلاق وبعد الطلاق.
قبل وقوع الطلاق:
كثيراً ما يشهد الأبناء مظاهر صراع الأبوين وخلافاتهما ونزاعاتهما المؤلمة، وبعض الأزواج والزوجات رغم علمهما بالأثر السيء لذلك ولا يستطيعان التوقف عن إظهار كل ذلك أو بعضه أمام الأبناء، وقد تكون ثمة رغبة لاشعورية أو شعورية لدى أحدهما لإظهار ذلك أمام الأبناء بهدف الضغط على الطرف الآخر (خاصة إذا بدا أنه يتألم من ذلك أو يحاول إيقافه) أو بهدف استقطاب الأبناء بعد تشويه الطرف الآخر وإهانته أمامهم (مع أن العكس يحدث في الحقيقة حيث يكره الأبناء الطرف المتعدي وربما يحتقرونه ويبتعدون عنه)، أو بهدف إظهار أنه ضحية وأنه يحتاج لمساعدة الأبناء للضغط على الطرف الآخر المعتدي.
المهم أن الأبناء في كل الحالات يعيشون في بيت قد تحول لحلبة صراع، وأصبح شبيهاً بساحة معركة بدلاً من أن يكون عامراً بمعاني السكن والمودة والرحمة. وهذا ما يدعو المتحمسين للطلاق كحل في مثل هذه الظروف لأن يقولوا بأن انفصال الأبوين عن بعضهما في مثل هذه الظروف أفضل للجميع، على الرغم من معرفتهم بكل مساوئ وتبعات الطلاق.
وقد تتوقف المنازعات والمشاجرات وتحل محلها حالة من الفتور واللامبالاة وفقد إحساس كل طرف بالآخر فيعيش الزوجان وكأنهما غريبين على بعضهما ويلف البيت سحابة باردة وينعدم فيه الدفء والحب والطمأنينة، ويعيش الأبناء في هذا الجو وكأنهم يعيشون في قبر تخلو منه الحياة والمشاعر، ويصبح كل شخص منعزلاً عن الآخر وكأن كل منهم يعيش في جزيرة وحده.
هذه الظروف سواءاً كانت الصاخبة منها أو الباردة الفاترة تترك آثارها العميقة على الأبناء، وقد يعبرون عنها بطرق مباشرة صريحة خاصة إذا كانوا في مرحلة من النضج تسمح بذلك وقد لا يستطيعون التعبير عنها بهذا الشكل فتتسرب إلى نفوسهم وتتغلغل فيها لكي تظهر في شكل اضطرابات في النوم أو أحلام مفزعة أو فقدان للشهية أو إفراط في الطعام،أو تغيرات في الوزن (بالنقص أو الزيادة) أو تبول لاإرادي، أو هرب من البيت أو من المدرسة، أو اندفاع نحو الأقران بحثاً عن الحب والأمان لديهم، أو تعاطياً لمخدرات أو مسكرات هرباً من الألم النفسي ومن الشعور بالتعاسة والإحباط وبحثاً عن لذة حتى ولو كانت زائفة، أو يتورطون في علاقات خطرة بحثاً عن الدفء الإنساني الذي افتقدوه داخل البيت.
وقد يستقطب الأبناء ناحية أحد الوالدين ليدخلوا في صراع مع الآخر وقد ينقسمون بين الأب والأم فيذهب بعضهم مع هذا أو يذهب البعض الآخر مع ذاك ويتحول البيت إلى معسكرين متصارعين.
وربما انتبه الوالدان لذلك أو لم ينتبهوا، ولكنهم ماضون في صراعهم أو انفصالهم أو فتورهم أو استقطابهم غير مدركين (أو مدركين) لآثار كل ذلك على البنية النفسية لأطفالهم.
ومن هنا تأتي أهمية التدخل من المحيطين بهم والمهتمين بشئونهم والخائفين عليهم لتحسين هذه الأوضاع ولمحاولة رأب الصدع وحل الصراع. وإذا لم ينجح كل هذا فلا أقل من حماية كل الأطراف من الآثار المدمرة لهذا الجو المضطرب وذلك من خلال الارتقاء بلغة الخلاف ومن خلال وضع ضوابط وحدود لأدوات الصراع وآلياته.
وقد يكون هذا شبيهاً لما يحدث في الحروب،فعلى الرغم من شراسة ووحشية الصراعات المسلحة، إلا أن ذلك لم يمنع من وضع شرائع وقوانين تطبق في زمن الحرب فتحظر أشياءً وتجرم أشياءً بهدف التقليل من الآثار المدمرة للحرب إذا كان منعها صعباً أو مستحيلاً.
والطرف الثالث الذي يتدخل بين الزوجين يضبط إيقاع العلاقة المضطربة قد يكون أحد الأقارب من عائلة الزوجة أو الزوج، أو يكون اثنين أحدهما من عائلة الزوجة والآخر من عائلة الزوج، وهو ما جاء في القرآن الكريم "وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا....."(النساء:35)، والحكمة في هذا الاختيار الثنائي أن نضمن العدالة وعدم التحيز الذي قد ينشأ عن الانتماء العائلي والتحيز العاطفي.
ونلمح في الآية الكريمة معنى التبكير بهذا التدخل الإصلاحي وذلك في تعبير "فإن خفتم شقاق بينهما"، أي أننا كمجتمع سنقوم بهذه المهمة عند مجرد الشعور بالخوف من احتمالات الشقاق بين الزوجين ولا ننتظر أن تحدث الحرب بينهما فيدمر كل منهما الآخر ويصبح الإصلاح عندئذ مستحيلاً حيث يكونا قد وصلا إلى حالة اللاعودة.
فالعلاقة الزوجية هي علاقة إنسانية.. علاقة وجدانية.. علاقة روحية.. وهذه الكلمات: إنسانية ووجدانية وروحية كلمات رقيقة وحساسة لا تحتمل أن تعيش في أجواء الصراعات الدامية ولا تصبر كثيراً في أجواء الإهانات المتبادلة أو التجريحات القاسية أو الإهمال المميت. كما أن التأخر في التدخل والإصلاح قد ينتج عنه آثار مستديمة في البناء النفسي للأطفال الذين عايشوا أجواء الصراع لفترات طويلة دون مساعدة ودون حماية.
وإذا كان الطرفان المتنازعان قد فقدوا البصيرة أو الحكمة أو التحكم في نزعاتهما، وإن المجتمع المحيط بهما يتحمل مسئولية تخفيف هذا النزاع أو ضبط إيقاعه مع تقليل آثاره على الأبناء في الوقت المناسب، والهدف هنا ليس منع الآثار والتداعيات الضارة على كل الأطراف، فهي واقعة واقعة، وإنما هو تخفيف تلك الآثار قدر الإمكان.
وفي حالة عجز الآليات العائلية عن الإصلاح بين الزوجين، قد ينتقل الأمر كمرحلة تالية إلى أحد المتخصصين النفسيين أو الاجتماعيين لمساعدة الطرفين المتصارعين على الاستبصار بطبيعة الصراع وأسبابه وأدواته،ثم محاولة الاستفادة من هذه البصيرة في إطفاء بؤر الصراع لدى وبين الطرفين، أو على الأقل إدارة الصراع بطريقة متحضرة على الأمل الوصول في وقت ما إلى مرحلة حل الصراع والشخص المتخصص هنا سواءً كان طبيباً نفسياً أو أخصائياً نفسياً أو اجتماعياً يتميز بالخبرة والحيادية وعدم التحيز (أو يجب أن يكون كذلك)، إضافة إلى احتفاظه بأسرار الطرفين، وإدراكه لحساسية موقف الأطفال وضرورة رعايتهم في وقت احتدام الصراع.
ومن الأشياء المطلوبة قبل حدوث الطلاق:
1. تجنب إظهار الصراعات والخلافات أمام الأطفال
2. تجنب استخدام الأطفال للضغط أو لي الذراع وتجنب استقطابهم نحو أي طرف
3. إذا كان الطلاق قد أصبح وشيكاً أو مؤكداً فقد يصبح من المفيد أن يعرف به الأطفال على قدر ما يحتمل إدراكهم، على أن يتم ذلك بصورة فيها حكمة وهدوء وأن لا يتم تشويه صورة أحد الطرفين أو كليهما أثناء القيام بهذا الأمر، فمثلاً تقول الأم لطفلها: "قد نذهب أنا وأنت لنعيش في بيت جدو ولكنك تستطيع أن ترى بابا مرة كل أسبوع أو حيثما تسمح ظروفه بذلك".
4. وإذا كان الأبناء في سن أكبر فقد يجلس معهما الوالدان ويشرحان لهما صعوبة أو استحالة استمرارهما معاً ورغبتهما في الانفصال، وأن هذا لا يعني كونهما سيئين أو كون أحدهما سيئاً،وإنما يعني أنهما لم يتفقا في طباعهما، وأن الله قد أحل الطلاق في الظروف التي يصبح استمرار الزوجين معاً أكثر ضرراً عليهما وعلى أبنائهما،وأنهما حتى بعد الطلاق سيظلان أبوين راعيين لأبنائهما وأن كلاً منهما سيحترم الآخر في إطار الظروف الجديدة التي ستطرأ بعد الطلاق،وأنهما سيبذلان ما في وسعهما للمحافظة على استقرار وسلامة وسعادة أبنائهما، فعلى الرغم من أنهما لن يصبحا زوجين بعد الطلاق إلا أنهما سيظلان أبوين لأبنائهما.
قد يبدو هذا الأمر مثالياً بدرجة أو بأخرى، وقد يتساءل البعض: إن كان الزوجين على هذه الدرجة من النضج والرقي والتحضر فلماذا إذن الطلاق؟..
والجواب هنا أن نسبة من المطلقين قد يكونوا هكذا فعلاً، فكل منهما ناضج وراق ومتحضر في ذاته، ولكنه يفشل في علاقته بالطرف الآخر نتيجة اختلاف الشخصيات والتوجهات أو نتيجة اختلاف الظروف المحيطة بهما.
وقد تقل احتمالات هذا السلوك الراقي وهذا الطلاق المتحضر في حالة كون أحد الزوجين سيئاً، حيث سيحاول هذا الطرف السيء أن ينتقص الطرف الآخر ويلقي عليه بكل الأخطاء وسيحاول أن يستغل الأبناء في الصراع ولي الذراع والضغط وسيحاول استقطابهم.
ويزداد الأمر سوءاً في حالة كون الطرفين سيئين.
وهنا نحتاج إلى حكمة وتقدير الطرف الثالث لتحجيم عدوان أحد الطرفين أو كليهما وقد يتم ذلك بواسطة القاضي أو بعض الجهات الاجتماعية في حالة تعذر حدوثه بالطرق الودية.
وقد يقول قائل: ماذا لو رفض البناء الطلاق كحل وحاولوا الضغط على والديهم للاستمرار؟.. وهنا نقول أنه لا ضير في ذلك،فقد ينجح الأبناء في رأب الصدع أو في تحسين العلاقة أو تحجيم عدوان أحد الطرفين أو تبصيره بذلك.
وإذا لم ينجحوا فعلى الأقل تصبح لديهم قناعة أن الطلاق لا يمكن تفاديه.. ويجهزون أنفسهم لهذه الخطوة ويناقشون أبويهما في كثير من التفاصيل التي تهم حياتهم قبل وأثناء وبعد الطلاق فمثلاً يعرفون أين سيسكنون، وكيف سنحافظ على استقرارهم المادي، وعلى بقائهم قدر الإمكان في نفس مدارسهم وقريباً من أصدقائهم، وكيف ستستمر علاقاتهم العائلية (بالعائلتين) بعد الطلاق فضلاً عن استمرارهما مع الأبوين... وهكذا؟
أثناء الطلاق:
لحظة الطلاق (وما يسبقها وما يليها) هي لحظة مروعة فهي شهادة وفاة لعلاقة زوجية طال مرضها أو اشتد، ولهذا فهي تموج بمشاعر سلبية هائلة مثل الغضب والحزن والضيق والخوف واللوم وأحياناً الرغبة في الثأر والانتقام. وقد تحدث مشاحنات أثناء إجراءات الطلاق، وقد يحاول كل طرف أن يؤلم الطرف الآخر ويضغط عليه كنوع من الثأر أو العقاب أو كمحاولة لإثنائه عن ذلك القرار.
وفي كثير من الأحيان يستخدم الأطفال كأدوات في الصراع والمساومة، فيحاول أحد الطرفين أن يستخدم الأطفال كورقة يساوم بها الطرف الآخر ليدفعه إلى قبول شيء أو التنازل عن الشيء، وقد يلجأ هذا الطرف المستغل إلى وسائل غير شريفة كأن يشوه صورة الطرف الآخر في عين الأبناء أو يلوح لهم بمزايا أو رشاوى في حالة وقوفهم في صفه، أو يبالغ في تدليلهم وتلبية كل مطالبهم في مقابل استقطابهم، أو يستخدمهم للتنصت والتجسس على الطرف الآخر، أو يقسو عليهم أكثر من اللازم، أو يحول بينهم وبين رؤية أمهم أو أبيهم.
وهكذا يدخل الأطفال كوقود في معركة الطلاق وقد يترك ذلك جروحاً نفسية لا تلتئم أبداً بعد ذلك.
وإذا كان قد بقي لدى الزوجين المتنازعين قدر من البصيرة فإننا نقول لهما:
1. لا تعتبرا الطلاق صفقة تحاولان الحصول فيها على أكبر مكسب.
2. حين تتنازل عن بعض حقوقك للطرف الآخر في سبيل الحفاظ على الحد الأدنى من العلاقة الجيدة فأنت الرابح لنفسك ولأطفالك.
3. تذكري (أو تذكر) أنه بالرغم من انتهاء علاقتكما كزوجين بالطلاق إلا أن ثمة علاقة أخرى باقية بينكما وهي أبوتكما المشتركة لأبنائكما، وهذا يستدعي الإبقاء على قدر من الود والاحترام يسمح بالتواصل من أجل مصلحة الأبناء.
4. لا تضع (لا تضعي) أبنائك كوقود في محرقة الصراع الزواجي مهما كانت استفزازات الطرف الآخر.
5. حين تجدين (تجد) أن الطرف الآخر يبالغ في التعدي ويحاول استخدام الأطفال، فلا مانع من طلب المساعدة من طرف ثالث يتسم بالحكمة والقدرة على ضبط الأمور.
6. تمسك (تمسكي) بهدوئك قدر الإمكان لحظة الطلاق ولا تدع غضبك يدفعك إلى قطع كل حبال الود مع الطرف الآخر أو مع عائلته.
7. لا تلجأ (تلجئي) لأساليب غير شريفة لتوريط الطرف الآخر في إشكالات قانونية أو إجرائية ولا تلتفت لإغراءات بعض المحامين أو بعض الأقارب أو المعارف لفعل ذلك،فالخسارة بشرف أكرم وأفضل من الكسب بنذالة أو تزوير أو افتراء.
بعد الطلاق:
كما يشعر الزوجان بعد الطلاق بالغضب والفشل والوحدة والضياع، يشعر أيضاً الأبناء بذلك- بل إن خسارة الأبناء أكثر، فهم يشعرون بالتصدع والانشقاق لأنهما لم يعودوا يرون الأب والأم "معاً" في بيت واحد، وأصبح لديهم مشكلات في الانتماء لأسرة، وهم حيارى بين الولاء للأب والولاء للأم. يشعرون أنهم مختلفين عن بقية زملائهم، فقد فقدوا دفء الأسرة وسكينتها وفقدوا حنان ورعاية وحماية أحد الأبوين، وذهبوا ليزاحموا أسرة أخرى في مسكنها وفي طعامها.
والأكثر من ذلك أنهم فقدوا فرصة النمو النفسي والتربوي الطبيعي، فالولد يحتاج لأبيه كي يتوحد معه كنموذج للرجل ويحتاج لأمه كي ينشأ في نسيجه النفسي ذلك الجزء الأنثوي الذي يشعر بالأنثى وينجح في التعامل معها، والبنت تحتاج لأمها كي تتوحد معها كنموذج للمرأة، وتحتاج لأبيها كي ينشأ في نسيجها النفسي ذلك الجزء الذكوري الذي يشعر بالرجل وينجح في التعامل معه.
وكل الجهود والمحاولات التي تبذل سوف يكون غاية مرادها التقليل من آثار الطلاق وليس منعها، إذ لا يملك أحد هذا المنع، ولكنه -الطلاق- أبغض الحلال عند الله، وأبغض الحلول عند الناس، نلجأ إليه حين تتأكد استحالة وجود السكن وتحقق المودة والرحمة، ونحاول أن نجعله -كما وصفه الله تعالى- تسريحاً بإحسان بعد أن تعذر الإمساك بالمعروف. وهنا نشير إلى عدة توصيات يلتزم بها الأبوين أو يلزمهما بها الحكمين من العائلتين أو الأخصائي النفسي أو الاجتماعي أو القاضي إذا لزم الأمر.
وهذه التوصيات نوجزها فيما يلي:
1. استبقاء علاقة الأطفال بوالديهم قدر الإمكان وعلى فترات قريبة وذلك لضمان استكمال وتوازن البناء النفسي والتربوي للأطفال.
2. عدم لجوء أحد الطرفين لتشويه الطرف الآخر أمام الأطفال، فهذا سلوك يدل على الخسة وسوء الخلق وضعف الثقة بالنفس، فضلاً عن أثره المدمر على الطفل، والذي يريد أن يحب ويحترم أمه وأبيه، وأن انهيار صورة أحدهما يحدث انهياراً مقابلاً في نفس الطفل.
وإذا كان أحد الطرفين يفعل ذلك بوعي أو بدون وعي، ببراءة أو بخبث، فلينبهه الطرف الآخر ولا يستدرك هذا الطرف لفعل مماثل بل يلتزم الهدوء والعقلانية والنبل والشرف حتى لا تنهار صورة الأبوين معاً. ومع الوقت سيعرف الأطفال حقيقة الطرفين.
3. إبقاء الأطفال في مسكنهم الذي اعتادوا عليه وفي نفس مدارسهم وفي نفس ناديهم، وأن تستمر علاقاتهم بأصدقائهم وبأفراد العائلتين.
4. المحافظة على المستوى المادي الذي عاشه الأطفال.
5. إتاحة الفرصة لوجود الأب ووجود الأم في المناسبات المختلفة التي تهم الأبناء، وذلك تفادياً لشعور الأطفال بالضياع أو الفقد أو النقص.
6. الحفاظ على السلطة الوالديه (للطرفين الأب والأم)، وأن لا يلجأ أحد الطرفين لتهميش دور الطرف الآخر أو إلغائه.
7. في حالة اختفاء الأب أو الأم من حياة الأطفال بعد الزواج (طوعاً أو كرهاً) فالأمر يحتاج إلى تعويض دور الطرف الغائب، ويقوم بذلك أحد أفراد العائلة التي يقيم في كنفها الأطفال كالعم أو الخال أو العمة أو الخالة أو الجد أو الجدة.
وأخيراً نقول للطرفين، لقد تزوجتما بكلمة من الله، وافترقتما بكلمة من الله فراعيا الله في كل ما تقولان وتفعلان ولا تكونا سبباً في ضياع أحب الناس إليكما ونذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء إثماً أن يضيع مايعول".. فتضييع الأبناء تحت أي مسمى أو أي دعوى هو إثم أي....، بل هو من أعظم الآثام التي يمكن أن يقترفها أب أو أم.
وقد يقول قائل، إذا كنا سنحتاج إلى كل هذه التوصيات والجهود لنتفادى الآثار الضارة للطلاق على الأبناء، فلماذا لانضغط على الزوجين ونمنع الطلاق،.. وهذا قد يبدو حلاً مريحاً ومفضلاً لدى من يتعامل وهو خارج أطار المشكلة الزوجية، ولكن الأمر في النهاية يخضع للتوفيق بين احتياجات الطرفين المتصارعين غير المتوافقين من جهة واحتياجات الأبناء من جهة أخرى، والوصول إلى حالة من التوازن المعقول والواقعي بين الاحتياجات المختلفة.
وقد يترك الأمر بين الزوجين العاقلين الناضجين لعمل هذه التوفيقات المتوازنة، أما في حالة فقد القدرة على ذلك، وفي حالة التورط في الصراع إلى درجة فقدان الرؤية والبصيرة، فإن التدخل الإصلاحي العائلي أو الاجتماعي أو المتخصص أو القانوني لجدير بتخفيف حدة الصراع ووضع الضوابط الآمنة له للحفاظ على سلامة ومصالح كل الأطراف.
اقرأ أيضاً :
مقالات عن الطلاق / نفسي عائلي: عواقب الطلاق Divorce Consequences / سيكولوجية التبني.. الكفالة.. الأسرة البديلة