قال الرجل لابنته: ماذا فعلتِ بشعرك؟ لقد كنت أحب ضفيرتكِ، قالت البنت: أنا أحبك يا أبي، لكن شعري هكذا أجمل، قال الرجل: بصراحة يا حبيبتي أنت هكذا مثل الولد، قالت البنت: ما هو أخي أطلق شعره مثل البنات، ألا تحب التغيير يا أبى؟ قال الرجل: أنتم تتشطرون على المظهر وتقولون تغيير. قالت البنت: ما هو حضرتك تقول نفس الكلام عن الحكومة! قال: بصراحة هذا ليس تغييرا، هو تشويه وتقبيح وحتى كذب، قالت البنت: هكذا؟ قال بسرعة مستدركا: لكنك جميلة في كل الأحوال، قالت: والحكومة؟ قال: الحكومة.. هي... هي الحكومة.
قال الرجل للبنت: ماذا تقرئين؟ قالت: كتابا، قال: أريني إياه، قالت: لماذا؟ قال: يعنى، قالت: يعنى ماذا؟ قال: هل فيه صور؟ قالت: صور ماذا؟ قال: فلماذا لا تريني إياه، قالت: لأنك لن تفهمه، قال بشخط: ماذا؟ قالت: آسفة، حضرتك لا تفهم إلا ما سبق أن فهمته، أعنى ما قلته لنا، أقصد....، قاطعها بحدة: هذه الكتب، بصور أو بغير صور، هي كلام فارغ وعيب، أنا أخشى عليكم من فهم ما يفسد أخلاقهم. قالت: وهل الفهم يفسد الأخلاق يا أبي؟ قال: يكفى أن ما بهذا الكتاب يخالف آرائي، قالت: أهكذا خبط لزق دون أن تعرف موضوعه؟ ثم هل لحضرتك" آراء"؟ لماذا لا تقولها لنا؟ قال: أنا قلت لكم ما أعرف، قالت: لكنها ليست آراءك. قال: وهل أخترع آراء غير ما سمعتُ ممن؟ قالت:مِنْ مَنْ؟، قال: من الذين "يعرفون"، قالت: وأنت يا أبى، ألا تعرف كيف تعرف؟ قال: لست فاهما.
قالت البنت لأمها: وأنتِ يا أمي.. هل لك آراء؟ قالت الأم: آراء!!، أعمل بها ماذا؟ قالت البنت: ألا تفكرين يا أمي، ولو أحيانا؟، قالت: طبعا أفكر باستمرار. قالت البنت: وهل تتغير أفكارك أحيانا؟ قالت الأم: ماذا تقولين؟ أنا لم أجن بعد، قالت البنت: وهل الذي يفكر مجنون يا أمي؟ قالت الأم: طبعاً، قالت البنت: ربنا يستر.
قالت البنت لأخيها: صدقني.. أبي وأمي لا يختلفان على الكراسي التي يجلسان عليها، قال الولد: اخفضي صوتك، يسمعوننا. قالت: من؟ قال: المباحث، قالت: أنا أتكلم عن أبي وأمي، هل هما مباحث؟ قال: لا، ولكن هذا الكلام لا يقال إلا على الحكومة، خصوصا في هذه الأمور. قالت: أي أمور؟ قال: أمور السياسة، قالت: أنا لم أتكلم في السياسة، أنا أريد أن أرقص وأهتف في الشوارع مثلما يفعلون في بيروت، قال لها: وتموتين، حين تختلفون وينطلق الرصاص؟ قالت: أحسن من هذا الموت وأنا لم أعرف الحياة أصلا.
قالت الأم للبنت: ماذا كنت تفعلين في الحجرة والكاسيت على الآخر؟ قالت: كنت أرقص أمام المرآة، ألم ترقصي أبدا يا أمي؟ قالت: يعني. قالت البنت: لماذا كففت عن الرقص، أنا حين أرقص حتى وحدي، أحبك أكثر، قالت الأم: صحيح؟! قالت البنت والله، وأحب الناس أكثر، هل شاهدتِ يا أمي البنات والرجال وهم يرقصون في البرد في شوارع بيروت؟ قالت الأم: ناس خالية البال!!، قالت البنت: بال ماذا؟ إنهم يحاولون، ويخاطرون، وربما يتغيرون، إنهم يحبون بعضهم أكثر، وربما لو رقصت يا أمي تحبين أبى بحق وحقيق. قالت الأم: ومن قال لك إنني لا أحبه بحق وحقيق؟ قالت البنت: أبدا والله العظيم، آسفة، أقصد: تحبين الناس بحق وحقيق، أخي يقول إن هذا الرقص تعبير سياسي؟
قالت الأم: سياسي!! يعني ماذا؟ ومن أدخل الرقص في السياسة؟ قالت البنت: أمريكا الجنوبية، قالت الأم: هل هذا عليكم في مقرر الجغرافيا؟ قالت البنت: هذا ما قرأته في الكتاب الذي خاف منه أبى. قالت الأم: خاف منه! لماذا؟ قالت البنت تحول الحديث: أحسن شيء عملتِه يا أمي أنت وأبى أنكما تنازلتما عن كل هذا، قالت الأم: عن ماذا يا بنت؟ قالت البنت: عن التغيير والتفكير والرقص والحكومة، قالت الأم: أبوك لم يتنازل عن الحكومة، قالت البنت: إن شاء الله!! قالت الأم: إن شاء الله ماذا؟ ما هذا؟ لا حول ولا قوة إلا بالله!! ماذا جرى لمخك يا بنت أنت؟ من الذي أفسد عقلك هكذا؟ قالت البنت:ربنا، هو الذي أنعم على بنعمته التفكير. قالت الأم: أستغفر الله العظيم. قالت البنت: من كل ذنب عظيم.
اقرأ أيضا:
تعتعة سياسية: أريد أن افعل مثلك يا أبى./ تعتعة سياسية: والله العظيم البنت معها حق!/ تعتعة سياسية: أبدا كنت أمزح!!/ أولادنا! والحزب الوطني. الإخواني (وبالعكس).