الدكتور وائل أبو هندي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
جذب فكري موضوع مدونة اختلاف مفهوم الجنس بين الرجل والمرأة، وهذا الموضوع له اعتقادات وتعميمات خاطئة لدى العوام في كل شيء يختص بالجنس وبالممارسة الجنسية، وقد ساهم موقعكم الموقر في زيادة الوعي في هذا الموضوع.
دكتور وائل أتفق معك أن المرأة أكثر عاطفة وأكثر طلبا للحب من الرجل ولكن أن يصبح الدافع الأقوى والمسيطر للحب عند الرجل هو الجنس فهذا مذموم وفيه ظلم لمشاعر الرجل، وربما أورث ذلك معتقدات واتهامات حيث تتهم المرأة الرجل أنه شهواني ويتهم الرجل المرأة أنها باردة جنسيا.
خصائص مفهوم الجنس والحب عند الرجل والمرأة
من وجهة نظري أن خط سير مشاعر الحب والجنس مختلف بين الرجل والمرأة،
بالنسبة للرجل:
الرجل (إذا سلمنا أن الجنس عنده هدف أساسي لا غنى عنه) يكون الجنس بالنسبة له هدفا "أساسيا" يرغب في الحصول عليه والحب هدفا "أساسيا ثانيا" مصاحبا وتابعا للهدف الأول ويريدهما الرجل "معا" في نفس الوقت لأن وجود الحب والجنس "معا" يزيد التواصل "عمقا" ومتعة وغياب أحدهما يقلل من المتعة أو يجعلها متعة ناقصة، لذلك عندما يمارس الرجل العادة السرية لا يشعر بالإشباع الكامل رغم أنه أخذ اللذة الحسية الموجودة في الجنس، ولا يستطيع الرجل التكيف مع عدم وجود الهدف الأساسي الأول وهو الجنس ولذلك يطلب الرجل الجنس أكثر من المرأة ربما لأن الرجل أكثر استثارة بالنظر من المرأة فلا يستطيع أن يكتم ذلك، أو أن جسد المرأة كله مثير وأنه رمز للجمال بعكس جسد الرجل، أو أن كثرة تراكم المني داخل جسد الرجل يجعله قلقاً ويجعله يبحث عن الراحة من ذلك أولا.
ولا يمكن التكيف على عدم وجود الهدف المصاحب أي لا يستطيع أن يمارس الجنس في وجود كرهٍ بينه وبين زوجته، ويستطيع الرجل فصل هذين الهدفين الجنس والحب فصلا "نسبيا"ولكنه أقل من المرأة في القدرة على الفصل، ومع مرور الزمن وكثرة الشهوات وظهور المواقع الإباحية والنظرة السيئة للمرأة فقد الرجل القدرة على الفصل بين الجنس والحب وخاصة الشباب إلا ما رحم ربي فأصبح الحب "جنسا" فقط، وليس أن الرجل يعامل المرأة على أنها جسد فقط، وأن قلبه كالحجارة لا يعترف بمشاعر الحب.
ظواهر تدل على تعمق مشاعر الرجل في الحب منها:
1- شفاعة النبي على رجل يحب طالما هذا الحب لا ينافى الشرع كما في قصة مغيث في الحديث عن العباس قال؛ [أن زوج بريرة عبد أسود يقال له مغيث، كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعباس: (يا عباس، ألا تعجب من حب مغيث بريرة، ومن بغض بريرة مغيثا). فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (لو راجعته). قالت يا رسول الله تأمرني؟ قال: (إنما أنا أشفع). قالت: لا حاجة لي فيه].
2- اختيار الرجل فتاة واحدة ليتزوجها لأنه يحبها ويصر عليها وربما تكون هذه الفتاه متوسطة الجمال ويتألم لفراقها رغم أنه لم ينل منها قبلة أو كلمة.
3- وجود حالات وسواس العشق في الرجال وفيه تظل صورة المحبوبة مسيطرة على تفكير الشاب وهو بعيد عنها، وكذلك فيضان شعر الغزل الموجود في تراثنا الشعري فالحب دون الجنس هو الذي دفعهم للكتابة.
4- من تمرض زوجته بمرض يعيق الجماع فترة من الوقت يعاملها معاملة حسنه ويتقرب إليها بالكلمة الطيبة واللمسة والرقيقة.
5- من ماتت زوجته ولا يستطيع أن يتزوج غيرها لشدة حبه لها.
بالنسبة للمرأة:
يكون الهدف الأساسي لها الحصول على الحب والهدف المصاحب هو الحصول على المتعة الجنسية وقضاء الشهوة ولكن ينفصلان عن بعضهما "أحيانا"، ولا تستطيع المرأة التكيف مع عدم وجود الهدف الأساسي وهو الحب ولكن تستطيع المرأة التكيف مع قلة حدوث الهدف المصاحب أي قلة الممارسة الجنسية أو الإشباع الجنسي بعكس الرجل لأنه كما قال الدكتور محمد المهدي في مقالة العلاقة الحميمية بين الجسد والروح.
وهناك بعض النساء لا يستطعن لسبب أو لآخر الوصول إلى نشوة الجماع بشكلها المعروف، ومع هذا إذا كان هناك حب بين الزوجين فإن الزوجة لا تشكو من هذه المشكلة، فهي تشعر بالرضا لمجرد إحساسها بحالة الحب في لحظات اللقاء وتشعر بالرضا لأنها أسعدت زوجها الذي تحبه. أما إذا كان الحب غائبًا فإن عدم بلوغ الذروة الجنسية يؤدي إلى مشكلات جسدية ونفسية مؤلمة.
ظواهر تدل على طلب المرأة للجنس من أجل المتعة الجنسية
1- تمارس العادة السرية للحصول على النشوة الجنسية.
2- تتصفح المواقع الإباحية وتثار منها وربما تدمنها.
3- يستجيب جسدها للمداعبة الجنسية ثم يستجيب جسدها لرعشة الشبق.
4- أعطى الدين الإسلامي الحق للمرأة أن تطلب الطلاق في حالة الإيلاء وفيه لا تستطيع المرأة قضاء شهوتها فترة طويلة.
مقياس التفريق
مما سبق يتبين أن الرجل يعظم الحب ويشعر به والمرأة تتمتع بالجنس لذلك لابد أن يكون مقياس التفريق بين الرجل والمرأة في السلوك الجنسي والعاطفي من حيث الأكثر والأقل منهم استجابة للحب أو للجنس والذي يتكيف والذي لا يتكيف مع عدم وجود أحدهما وليس التفريق على أساس الذي يملك والذي لا يملك لأن كلاهما يمتلك الحب والرغبة في الجنس ولكن بنسب مختلفة، وذلك حتى لا يتهم الرجل المرأة بالبرود ولا تتهم المرأة الرجل أنه شهواني وأناني.
أسباب ارتباط الجنس والحب عند الرجل
(أ) ارتباط نفسي
1- الحب يخلق الرغبة في الاقتراب الجميل والتلامس الرقيق والتلاقي المشروع تحت مظلة السماء ويأتي الجنس كتعبير عن أقصى درجات القرب مع حدوث اللذة الجنسية الحسية كما قال الدكتور محمد المهدي في مقالة العلاقة الحميمية بين الجسد والروح وكما قال ابن الجوزي في صيد الخاطر.
2- القرب من المحبوب يعطي سعادة وراحة نفسية كبيرة مما يساعد في وجود جو مناسب لممارسة الجنس.
3- يفضل البعض وجود الحب والجنس معا "ليكون الإشباع إشباعا مركبا" لكل الاحتياجات الإنسانية العاطفية والجسدية والروحية وهذه الحالة مثل الذي يشتري وجبة كباب ليأكلها هو ومن يحب ليستمتع هو بطعم الكباب اللذيذ ويستمتع في نفس الوقت بوجود المحبوب وهو يشاركه الحب ويشاركه التمتع بطعم الكباب اللذيذ وعندما يأكل الكباب وحده لا يشعر بنفس اللذة.
4- أن الرجل يقدم الحب ليحصل على الجنس ومن وجهة نظري أن هذا السبب أقل الأسباب سمواً بالعلاقة الزوجية والإنسانية بالمقارنة بالأسباب الأخرى السابقة وربما اتهمت به المرأة الرجل أنه شهواني وأناني.
(ب) ارتباط بيولوجي
قال ابن الجوزي في كتابه صيد الخاطر، ونكاح المرأة المحبوبة يستفرغ الماء المجتمع فيوجب نجابة الولد وتمامه وقضاء الوطر بكماله، فهل جماع الزوجة المحبوبة يجلب تغيرات جسدية في العملية الجنسية كإخراج المني بأكمله أو زيادة الرغبة الجنسية أو زيادة الانتصاب؟؟؟ أرجو الرد على هذا التساؤل يا دكتور وائل
الحب والجنس والزواج
* الشاب الذي يحب فتاة لأنها تثيره جنسيا أو عندما يكون الجنس دافعا للحب هذا "ليس حبا" بل ربما يكون إعجاباً أو رغبة جنسية أو حباً ناقصاً سطحياً يذبل ويموت عند ظهور التجاعيد في الوجه أو التقدم في السن أو المرض أو رؤية الزوجة أثناء عملها في البيت أو رؤية من هن أفضل منها في الجسم والشكل.
الشاب الذي يتزوج فتاة لأنها جميلة فقط وأنها تثيره جنسياً فهذا زواج فاشل لأن الرجل لم يقيم دين وسلوك وفكر هذه الفتاة ورسول الله يقول فاظفر بذات الدين تربت يداك.
* الزوج الذي يقدم الحب لزوجته من أجل أن يجني الجنس فقط هذا الزوج ليس بناضج الفكر لأنه عندما يقدم الحب لزوجته بعيداً عن الفراش سوف يجني أشياء كثيرة بجانب الجنس وهي أشياء أسمى وأدوم من الجنس مثل السعادة الزوجية والطاعة والابتسامة الجميلة والحضن الرقيق الاهتمام المحكم بالزوج من قبل الزوجة ثم تبحث الزوجة على كل قول أو فعل أو شعور يسعد الزوج وتفعله عندما يحزن الزوج تصبح الزوجة دمعة في عيونه وعندما يفرح الزوج تصبح الزوجة ابتسامة في وجهه وعندما يأتي الجنس تابع لهذا كنتيجة متوقعة فلا بأس.
الجنس حالة مؤقتة تنتهي بمجرد إفراغ الشهوة، أما الحب فهو حالة دائمة تبدأ قبل إفراغ الشهوة وتستمر بعده، فالشهوة تعيش عدة دقائق والحب يعيش للأبد والجنس.
الجنس (في حالة انفصاله عن الحب) فعل جسدي محدود زمانًا ومكانًا ولذة، أما الحب فهو إحساس شامل ممتد في النفس بكل أبعادها وفى الجسد بكل أجزائه كما قال الدكتور محمد المهدي في مقالة العلاقة الحميمية فهل الرجال يستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير.
* الزوجة التي ترى الجنس عيباً ودنساً أكثر من اللازم أقول لها أن الجنس له فوائد صحية كثيرة وأيضا يعطى الله أجراً عليه وقال تعالى (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) سورة البقرة ورغم أن ليل رمضان مليء بالطاعات مثل قيام الليل وتلاوة القرآن وغير ذلك وفي آخر الليل ينزل الله إلى السماء الدنيا، رغم ذلك أحل الله له الجماع وقبل منه ذلك أفلا تقبلينه أنت أيتها الزوجة.
* هناك فرق بين القاعدة وبين ما هو شائع فإذا كان معظم الرجال في هذه الأيام يهتمون بالجنس أكثر من الحب فلابد أن يعرفوا أن هذا السلوك غير ناضج وغير صحيح ومؤقت الفائدة واللذة ولابد من تغيره وغير طبيعي في عالم الرجال وتبين ذلك عند المقارنة بين رجال اليوم ورجال العرب قديما، أصبحت حياتنا تيك أواي للمشاعر وسيطرت علينا الماديات في كل المجالات سلم يارب سلم.
أرجو من حضرتك يا دكتور وائل التعليق على ما كتبت في المشاركة خاصة:
1- وسائل الارتباط بين الحب والجنس عند الرجل
2- لماذا الرجل أكثر طلباً للجنس من المرأة ولا يستطيع أن يستغني عن هذا الهدف رغم أن الرجل يتمنى وجود الحب والجنس معاًُ؟ هل كما قلت أنا في خصائص مفهوم الجنس أعلى من قدرته الكبيرة على الاستثارة بالنظر ولكثرة المفاتن في جسد المرأة أم هناك أسباب أخرى أكثر تأثيراً من ذلك، فالحذر الحذر من التكاسل عن التغير والحذر الحذر من التعميمات والاتهامات الزائفة التي تزيد الأمر سوءاً بين الزوجين.
آسف على الإطالة فقد رغبت في تقديم نص يليق بقراء موقع مجانين ويليق بأهمية الموضوع، نثق في علمكم نثق في ضمائركم.
الكاتب عمرو عماد
الابن العزيز عمرو؛ أهلا وسهلا بك وشكرا على مشاركتك الدسمة التي لا أراني أختلف معك في معظم ما جئت به فيها، ولا شك لدي في أن العلاقة الجنسية مع امرأة يحبها الرجل تختلف طعما وشكلا عنها مع امرأة أخرى، ونفس الكلام ينطبق على المرأة مع رجل تحبه بل هي أوضح في حالة المرأة، وأما تأثير ذلك وتفسيره الفسيولوجي فلا تعليق عليه لدي يا عمرو، وذلك ببساطة لأنه ليس هناك تفسير علمي ناضج أو نهائي للحب.
يعني حين تكون المادة هي ما نعوِّلُ عليه في تقييمنا وحكمنا للأمور -وهذا واقع العلم الحديث- فإن كل رجل وامرأة في علاقةٍ جنسية يتساويان مع أي رجلٍ وامرأة في علاقة جنسية بصراحة أكبر أقول لك العلم الحديث لا يعول كثيرا على المشاعر ولا يثق فيها ولا يفهم فيها في كثيرٍ من الأحيان!
ثم أن هناك أمران مهمان في رأيي يتعلقان بالممارسة الجنسية بين رجل وامرأة:
الأول هو أن وجود الحب بينهما يجعل كل شيء مختلفا وربما تعجز وسائل قياسنا عن إدراكه يا عمرو.
والثاني هو أن هنالك عنصرا غيبيا أحسب أنه حاضر في كل ممارسة جنسية، ويستطيع التأثير في كل أبعادها سواء الشعورية أو الفكرية أو الجسدية وحتى هذه الأخيرة ليست تقاس بدقة لا تستدعي التساؤلات خاصة تساؤلات رجل مثلك يا عمرو.
تكلمت أنا في تلك المدونة عن الشائع ولم ولن أعمم لكنني متمسك بما قلته فيها، وما زلت أرى البنت غير الولد، وإن كنت أتوقع تغيرات واختلافات جسيمة ستطرأ على مفهوم الجنس لدى المرأة في الأيام القادمة ولا تسألني عن تفصيلات ذلك يا عمرو حتى أحدث لكم منه ذكرا يا مجانين.
ويتبع>>>>>>>>: اختلاف مفهوم الجنس... مشاركة2
واقرأ أيضًا:
جاثوم الجنس والفتاة العربية.. خبرة ومحاولة.. (4) / كيف تقي نفسك من التحرش الجنسي(2) / الجنس في حياة الفتاة العربية! / من يعلم الجنس لأولادي !؟