لا أظن أن شعبا في الدنيا فكهاً ويحب النكتة كالشعب المصري. والمدهش أنه يجيدها حين يكون (مفرفش) وحين يكون (حاله وحش).
فحين سطع نجم الفنانة نانسي عجرم قبل خمس سنوات أطلق المصريون نكته لطيفه هي (اللهمّ عجرم نساءنا) يدعو فيها الرجل المصري ربّه أن يجعل زوجته مثل نانسي عجرم:طرية، ناعمة، بشفتين نصف دائريتين حمراوين مثل تويجي ورده.. تتلوى أمامه بغنج وتؤدي له الرقصة المغرية لتوصله إلى الحالة التي بلغها المرحوم فريد الأطرش (أكلك منين يا بطه!).
وقبيل الانتخابات ظهرت صورة لرجل صعيدي رشّح نفسه لها وكتب تحت صورته:(وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم)!.
والمفارقة أن المحنة التي مرّ بها أشقاؤنا المصريون وأسميناها في حينها (عشرة أيام هزّت العالم العربي) بين 25 يناير و4 فبراير 2011 ظهر نوع جديد ساخر أبلغ من مقالات كتّاب محترفين.. تجعلك تعيش مزاج النقيضين.. تضحك وتبكي معا!.
الجديد في أسلوب هذه النكات أنها كتبت على ورق المقوّى (الكارتون).. ووظفت فنيا.. أليكم ما وصلني منها:
- اللافتة الأولى: شاب يرفع بيده اليسرى لافته كارتونية بلون وردي قصّت على شكل قلب مكتوب عليها: (ارحل.. عايز أتجوز)، وبيده اليمنى وردة صفراء. وتعني أن هذا الشاب في حالة حب، وأن وردة الحب الحمراء لحبيبته قد أصفرّ لونها من طول الانتظار، وأنه لن يستطيع الزواج ما دام الرئيس في الحكم.
- اللافتة لثانية: رجل يرتدي دشداشة وعلى صدره كارتونه مكتوب عليها: (ارحل.. صوتي راح)، وبيده اليمنى كارتونه أخرى مكتوب عليها: (أرحل.. أيدي بتوجعني) في إشارة إلى أن المصريين بحّت أصواتهم بطلب رحيل الرئيس وهو لا يكترث، وأنهم عجزوا من رفع اللافتات بأيديهم.. و"لاحظ أن اللافتة في اليد اليمنى"!.
- اللافتة الثالثة: كارتونه مكتوب عليها: (مبارك.. طير أنت)، وهي مستوحاة من فيلم مصري كوميدي لطيف بعنوان (طير أنت) ولا تحتاج إلى تعليق لمن شاهد الفيلم.
- الرابعة: (هتمشي.. هتمشي.. انجر عشان أستحمى) وفوق الحرف الأخير رسم دش حمّام يصب الماء، وتعني أن العامل المصري يقضي يومه كله في الشغل ولا يجد وقتا ليستحم ويزيل من على جسمه غبار الشارع والدهون التي تراكمت على جلده وصار برائحة لا تطيقها زوجته.
- الخامسة: وهذه مؤلمة كارتونه يرفعها رجل بعمر الخمسين كتب عليها: (أرحل.. مراتي وحشتني).. وتعني أن ملايين المصريين غادروا مصر إلى بلدان العالم بحثا عن عمل.. وأن النظام أفقرهم.. وحرمهم حتى من حياتهم العاطفية والأسرية.
- السادسة: كتب عليها (أرحل.. الوليه عاوزه تولد.. والولد مش عايز يشوفك).. في تلميحة إلى أن الريس باق لجيل آخر من المصريين إن لم يرحل الآن.
- السابعة: وهذه بليغة، لافته كارتونيه وخلفها منظر أخشاب مكتوب عليها: (رابطة نجّاري مصر يسألون الأسطه مبارك: ما نوع الغراء الذي تستخدمه؟).. ولكم أن تتأملوا بنوع اللاصق!.
تحية لك يا شعب مصر، ما أظرفك حتى وأنت تنزف دما!! وقبلات على خدود بسطائه.
مبتكري النكتة التي كانت أبلغ تأثيرا من خطابات السياسيين في صنع المعجزة!.
واقرأ أيضاً:
ما هو التوازن الذي نحتاجه؟/ العقل الجمعي المصري يقود الثورة/ حكاوي القهاوي