ينظر إلى المشهد بعينين يبرق فيهما الذعر، يديرهما سريعًا بين طرفي المشهد؛ ما بين غضب وأسى! يخفق قلبه بشدة؛ كأنما يريد أن يفر من صدره بعيدًا عن ذلك البؤس الذي يعيشه صاحبه!
ينظر إلى أبيه بينما يلوي ذراع أمه خلف ظهرها، يضربها بشدة ويركلها، تصرخ هي ناقمة متألمة، يقف بينهما أخ له أكبر منه قليلاً، يحاول أن يدفع عن تلك المهيضة الجناح بأس ذلك المستأسد!
تتسارع أنفاسه، وتزداد دقات قلبه اضطرابًا، يشتعل وجهه ويكاد الدم ينبجس منه، تنهمر من عينيه الدموع في صمت ساخنة.
انغلقت الدنيا على ذلك المشهد وصنعت حوله دائرة.. فجأة يصل إلى حيث الحافة؛ لطم خديه بأقوى ما فيه، وصرخ بأقصى ما يستطيع جسده الهزيل وحنجرته الطفولية.. اسكتوا!!
يتوجه أبوه ناحيته في عاطفة كاذبة، يربت على ظهره.. يتوجه إلى أمه بالحديث: أخفتيه يا بنت الكلب! يلعن أهلك! اسكت يا بني!!
يدفع بتلك اليد في ضيق، يُشيح بعينيه، تبدأ ضربات قلبه في الهدوء وأنفاسه في التباطؤ مع انتهاء المشهد المؤلم.. يتساءل: هل يظن أبوه حقيقة أن أمه هي التي أفزعته؟!
مرة أخرى تنهمر من عينيه الدموع في صمت ساخنة.. تذيب طفولته!
واقرأ أيضًا :
احتياجات خاصة / قش الأرز / قطار آخر الليل / و. م. و. ز / الضيف / شخير في غرفة مجاورة / نُخْبة!