يدخل النجم الكبير والمغني الشهير إلى المبنى محاطًا بمساعديه وفريق العمل الخاص به، جلبة قوية تصاحبهم، يستقبله القائمون على إدارة المشفى بنوع من الخفر.. نابع من شعورهم باحتياجات خاصة!
يدخل الفريق إلى غرفة، ويدخل النجم مع مساعديه إلى غرفة أخرى قد فرغت تمامًا لاحتياجاته الخاصة! ملامح التبرم والضيق تبدوان على وجهه، يتعجب من حوله.. ليست أبدًا كملامحه التي نراها على التلفاز، لا يفتأ يعلق على الأمور من حوله، ساخرًا وغاضبًا في معظم الأحيان!
بدأ الماكيير الخاص به في رسم ملامح وجهٍ وسيم باسم.. يتنقل بخفة عبقرية بين ثناياه.. يستعجله في تأفف: انته يا رجل! إنها حفلة خيرية!
قبل أن يخرج إلى المسرح توجه إليه مدير أعماله.. بدأ يعدِّل من هندامه، يضاحكه ببعض الكلمات، يخاطبه في ودٍّ مصطنع.. اجتهد أن تظهر بمظهر مناسب، فلنا احتياجات خاصة جدًّا في هذه الحفلة! لا تنس ما ستحققه لك من تلميع ضروري، ومن المتوقع أيضًا أن يكون لها دور جيد في تسويق ألبوماتك! الناس كما تعرف تحب الطيبين!
جمهور قليل متناثر فوق كراسي المسرح، شاحبو الوجه كأنهم في مأتم، وقد تناثرت حبات العرق على جباههم، يردد كلمات أغنيته التي تلعب على أوتار القلوب، تحاول أن تقلقل الشفقة المتبلدة في ثنايها، يحمل هذا، ويقبل الآخر، ويربت على كتف الثالث، ويمسح على رأس الرابع.. وقد عقد جبهته بينما ابتسامة صفراء مرسومة تعلو وجهه.
وحدهم هم الأطفال كانوا في صفاء يبتسمون؛ ابتسامتهم الساذجة البريئة وبريق أعينهم التائهة تجعلك تشعر بأنهم هم وحدهم الذين لا يعوزهم شيء، ولا توحي إليك ملامح وجوههم أبدًا بأن لهم أي احتياجات الخاصة!
في صحيفة الصباح وفي موضع بارز في صفحة الفن صورة باسمة قد كتب بجوارها عنوان ملون ببنط عريض واضح:
((النجم الجذَّاب ذو المشاعر الرقيقة.. يُظهِر جانبه الإنساني في زيارة لمشفى ذوي الاحتياجات الخاصة)).
واقرأ أيضًا :
كان جدي.. وكان / طفولة مذعورة / قش الأرز / قطار آخر الليل / و. م. و. ز / الضيف / شخير في غرفة مجاورة / نُخْبة!