نحن الآن أمام منعطف تاريخي هام ألا وهو انكسار حاجز الخوف لدى أبناء وطننا الغالي، فالخوف هو حالة من الانفعال الشديد الذي يوقف عمليات التفكير والعمليات العقلية العليا الأخرى، وهذا معروف من خلال الدراسات العلمية، ومع زيادة هذا الانفعال يصبح الفرد في حالة من عدم الوعي فيقوم بتنفيذ ما يملى عليه ويرضي بأي شيء، يرضى بالذل ويرضى بالمهانة ويرضى حتى بالعار في نهاية المطاف، هذا الخوف قد تم ممارسته علينا من قبل حفنة من أفراد في أوطاننا العربية ادعوا أنهم زعماء الأمة، وما هم بزعماء ولكنهم أتوا إلينا كلهم بالصدفة ليتولوا مقادير هذه الأمة، ونتيجة لثقافة الخوف السائدة من ناحية؛
وحب التملك من ناحية أخرى اصطنع هؤلاء (من يسمون أنفسهم بالزعماء) نظماً استبدادية أحاطوها بأبواق إعلامية مبتذلة لغسل عقول الشعب والتأكيد على الخوف وبث الذعر يوميا، وتمجيد هؤلاء الأفراد الذين في معظمهم أنصاف متعلمين لا يفقهون شيئا لا في السياسة ولا في التنمية ولا حتى في التحدث بدون خطاب مكتوب من قبل أحد الحاشية المحيطين به، وللأسف حصلوا على مكاسب وصفات هم بعيدين عنها بعد السماء من الأرض، فحصلوا على الدكتوراه الفخرية وحصلوا على صفات كالزعيم والفيلسوف والملهم، وفي بعض الأحيان تم وصفهم بصفات إلوهية كالرازق والوهاب (حاشى لله)، وفى نفس الوقت أنشأوا جيوشا بمسميات متنوعة قوات أمن مركزي مخابرات جيش شعبي إلخ.............. وإذا تحدث أي شخص من الشعب أو نبس بكلمة واحدة أصبح عميلا وخائنا وفي أبسط الأمور ليس مع النظام لا يضطلع بأي مهام في التفكير أو استغلال قدراته العلمية للتقدم أو الرفع من شأن بلده ويكون عليه في نهاية المطاف إما البقاء في بلده محبطا روتينيا محبطاً، مكتئباً، أو الرحيل فيعاني من الغربة طوال حياته.
نتيجة لما سبق ذكره يتضح لنا انتشار اضطراب جنون العظمة لدى هؤلاء الأفراد. ونحن نعرف أعراض هذا الاضطراب الخطير، ومنها التقلب في المشاعر، والبعد عن الواقع، والشعور الداخلي بالدونية مما ينعكس على الآخرين بالتسلط، والخوف الشديد من المستقبل (وقد يفسر ذلك البخل وكنز الأموال والعبث) الخ...
إخواننا الأعزاء، تمت صحوة مجيدة بدأت من تونس على يد محمد بوعزيزى الذي كسر حاجز الخوف لهذه الأمة وتحرر الشعب التونسي من هذا الخوف ،من الفرد القابع على نفوسهم ينشر ثقافة الخوف فيهم لمدة تزيد عن ثلاثة وعشرين عاما، وتلاه شباب الشعب المصري، الذي أطاح بدكتاتوره الذي ظل ينشر هذه الثقافة لمدة تزيد عن ثلاثين عاما، ثم جاء الدور الآن على ليبيا والبقية تأتي.
الزملاء الأعزاء، أؤكد أن لا عودة لـ"ثقافة الخوف" مرة أخرى لأبناء امتنا العربية وشعوبها، وأدعو أن يبذل علماء النفس والطب النفسي وعلماء الاجتماع قصارى جهدهم في التصدي لدحر هذا الاضطراب الذي يصيب الأفراد بصورة جمعية ووضع الخطط والبرامج التي تعالج هذا الاضطراب بصورة جمعية .
واقرأ أيضاً:
مفهوم الحرب النفسية / الحرب النفسية وغسيل الدماغ / الثورة في مصر وأبعادها النفسية