(230)
فتوى القتل
عندما شارك السادات في اغتيال أمين عثمان، لم يشعر السادات وقتها أو بعدها بتأنيب الضمير على اغتيال الرجل. وكانت عملية الاغتيال هذه تحت لافتة الاغتيالات السياسية وتصفية الخصوم أو الخونة من وجهة نظر القاتل. بمعنى أن القاتل نفذها لأهداف سياسية ولم يفكر في الدين أو الآخرة وقت ارتكاب القتل، فالقاتل مقتنع بما فعل أياً كانت النتيجة سواء بإعدامه أو حتى بدخوله النار؛ فلا مجال لإقحام الدين في المسألة.
على الجانب الآخر نرى في تصريحات عبود الزمر بعد خروجه من السجن بضرورة إتباع قياداتهم وفتاواهم، كما يرى أنه إذا أفتى شيخهم وأخطأ فله أجر؛ وإذا أصاب فله أجران. وهذا يعني أنه إذا أفتى من أفتى له بجواز قتل الحاكم فيجب إتباعه وإذا أصاب في فتواه فله أجران وإن أخطأ فله أجر. لهذا فمن يفتي عند السلفية "كسبان كسبان .. وتحدي" إما بأجر أو أجران. فالشيخ الغزالي قد أفتى بقتل السادات ولم يندم على قتل الرجل بسبب فتواه ونام وارتاح؛ فله أجر إن لم يكن أجران.
بل ويعتقد الكثيرون أن الرجل مثواه الجنة فقد اختاره الله ليدفن في البقيع؛ وهو فيه أجمل من كده. رغم أن الشيخ طنطاوي شيخ الأزهر اختاره الله أيضاً ليدفن فيها، يعني البقيع فيها اثنين واحد ضد الحكومة والثاني معها .. وعجبي. عبود الزمر وجماعته نفذوا الفتوى وليس أكثر؛ فلا جرم عليهم إذن عملاً بمبدأ الممثل الرائع عادل أدهم "اقتل يا زكي قدره؛ فيقتل زكي قدره"، والراجل نفذ الأوامر، تماماً كما فعل قتلة وجلادي النظام من كلاب أمن الدولة. لهذا أعتقد أن عقلية عبود الزمر وأمثاله لا تختلف كثيراً عن عقلية أمن الدولة في إتباع أسيادهم، الفارق أن هذا يتبع فتوى والآخر يتبع أمراً. كما أن عقلية كلاهما تعطي لنا نموذجاً في كيفية رؤية الآخر، فالآخر لديهما مجرد شيء يجوز لهما التصرف فيه كيفما شاءوا، ولهذا أيضاً عندما يتعاون الاثنان فإنهما يكونا ثنائي لا مثيل له. السؤال الذي يفرض نفسه في هذه المرحلة هو إلى أين ستقودنا فتاوى مشايخ وقيادات السلفية؟
(231)
لهم الحق
للشعب الأمريكي والأوروبي كل الحق في أن يفرحوا لمقتل أسامة بن لادن فقد ألآمهم كثيراً، ولكن أيضاً لكثير من الشعوب العربية المقهورة كل الحق في أن تحزن لمقتله فقد كان هو من ينوب عنهم لسنوات طويلة في قول لا للظلم الذي يقع على العرب والفلسطينيين بسبب سياسات أمريكا وأوروبا المتعصبة لإسرائيل. لا مقتل أسامة بن لادن سيحل مشكلة الغرب ولا بقائه حياً كان سيحل مشكلة العرب. أعتقد أنه بقيام الثورات في المنطقة العربية سيكون هناك الحل لكثير من مشاكلنا مع العالم الغربي ومع إسرائيل.
(232)
أروح لمين؟
لا أعلم بأي حق يرفض وزير العدل تقديم طلب للقضاء لتفتيش القصور الرئاسية لمبارك وفيلاته وفيلات أولاده للكشف عما يمكن أن يكون موجوداً بها من أموال ومقتنيات أثرية لعله ترك بعض مما ترك بئس العابدين بن علي في تونس؟ هل النظر في طلب لهذا يحتاج موافقة وزير العدل أم موافقة القضاء؟ وهل يعكس رفض وزير العدل أنه لا استقلال للقضاء في مصر؟
(233)
دولة ذقون أم دولة قانون
يتشابه السلفيون مع رجال الكنيسة في كثير من الأمور، فكلاهما أطال ذقنه، وكلاهما أوقف عقله عند العصور الوسطى، وكلاهما جعل من نفسه المحقق والقاضي والجلاد فلا وجود لدولة القانون، وأخيراً كلاهما عمل مع جهاز أمن الدولة.
ما يؤكد صحة هذه الرؤية حكاية كامليا شحاته، فقد خرج علينا أبو يحيى بطل مسلسل كاميليا شحاته في برنامج الحقيقة منذ أيام ليقول أن الذي طلب منه تولي عملية إشهار إسلامها ضابطي أمن دولة بدعوى "إن ذنبها حيكون في رقبتنا". وقال أيضاً أن الذي قبض عليه وضربه وأختطفه هو وكاميليا رجال أمن الدولة وعندما أدرك أنهما من الجهاز سكت وذهب معهم ولم يقاوم، مما يعني أن الذي دفعه والذي أوقفه هو نفس الجهاز. بعيداً عن كامليا وإسلامها فما يرويه لنا الرجل يعكس مدى التعاون الذي كان قائماً بين الجماعات السلفية وجهاز أمن الدولة، وأن السلفيين ليسوا أكثر من أدوات لهذا الجهاز يحقق بهم أهدافه بدءاً بإثارة الفتنة وانتهاءً بعمل ما يلزم من تفجيرات. في المقابل فإن الكنيسة كانت متعاونة مع جهاز أمن الدولة، فهذا الجهاز هو الذي يقوم بتسليم كل من حاول إشهار إسلامه للكنيسة حتى تفعل به الكنيسة ما تشاء. وهذا يعني باختصار أن السلفيين ورجال الكنيسة يعملون مع أمن الدولة وينفذون أجندتها الخاصة في الإبقاء على الوضع مشتعلاً بين المسلمين والمسيحيين وإسقاط دولة القانون لصالح بقاء النظام.
هذا الاتفاق الضمني بين السلفيين والكنيسة وأمن الدولة مازال قائما وكأن الثورة لم تقم في مصر، فخروج السلفيين من ناحية في تظاهرة بسبب موضوع كاميليا رغم أن موضوعها منظور أمام المحكمة، ثم إصرار الكنيسة على عدم ذهابها للمحكمة وإدعائها أنها لا تعرف أين هي وأنه لا سلطان للكنيسة عليها، ما يعكس لنا بوضوح إسقاط الكنيسة والسلفيين لدولة القانون لصالح دولة الذقون. والآن يتكرر نفس السيناريو في إمبابة فدون سند قانوني وكأن أمن الدولة هو الذي يعطي لهم الضوء الأخضر ليفعل السلفيون ما يشاءون، فيفتشون بالكنيسة وكأنهم الشرطة والقاضي. مما يؤكد على إسقاط دولة القانون لصالح دولة الذقون.
8/5/2011
ويتبع >>>>>>>>: حكاوي القهاوي (52)
واقرأ أيضاً:
قنا: البحث عن.. جملة مفيدة/ أهم من الاستفتاء، وأخطر من ثورة مضادة/ هنا والآن.. الثورة تكون إزاي؟؟/ حكاوي القهاوي