عامان من العدوان على غزة
أصدر مركز الميزان لحقوق الإنسان تقريراً في الذكرى السنوية الثانية للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة (عملية الرصاص المصبوب) وهي الذكرى التي تصادف اليوم الاثنين الموافق 27/12/2010. ويحمل التقرير عنوان "عامان على العدوان على غزة ... أوضاع المهجرين قسرياً من ضحايا هدم المنازل".
ويبدأ التقرير بمقدمة موجزة تستعرض أوضاع حقوق الإنسان واستمرار تدهورها ثم يستعرض بدء العدوان والطابع العام للهجمات التي استهدفت المدنيين وممتلكاتهم والأعيان المدنية على نطاق واسع. ومن ثم يستعرض التقرير بإيجاز استمرار الحصار المفروض على قطاع غزة للعام الرابع على التوالي ومساسه بجملة حقوق الإنسان ولاسيما آثاره الكارثية على حق الإنسان في سكن مناسب في قطاع غزة، وأثره في عرقلة جهود إعادة الإعمار، ثم ينتقل إلى تناول موقف القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان من الحصار ومن انتهاك قواعد القانون الدولي الإنساني. وينتقل التقرير إلى استعراض جهود مساعدة ضحايا هدم المنازل من قبل المؤسسات الحكومية والأهلية المحلية والدولية. ويبرز الجهات التي قدمت مساعدات مادية للضحايا وقيمة تلك المساعدات وأعداد المستفيدين منها وجهود الترميم وإعادة البناء، ويظهر رأي عينة صغيرة من الضحايا حول مدى رضاهم عن الجهود المبذولة لمساعدتهم.
ويستعرض التقرير خمس حالات دراسية لضحايا دمرت منازلهم وتعرضوا لتجربة قاسية خلال العدوان فمنهم من استخدم كدرع بشري ومنهم من أصيب وفقد أبنه. ويروي الضحايا معاناتهم بعد هدم منازلهم وفقدانهم لمقتنياتهم ومدخراتهم ومعاناتهم المستمرة جراء تشردهم المستمر ونفاذ المساعدات التي قدمت لهم. وتضيئ روايات الضحايا على جوانب أخرى من معاناة سكان قطاع غزة بسبب تفشي ظاهرتي الفقر والبطالة بين سكانه، والحصار وأثره في حرمانهم من إعادة تأهيل مساكنهم.
ويخلص التقرير إلى جملة من الحقائق يلخصها على النحو الآتي:
1. قامت قوات الاحتلال بهدم منازل المواطنين وتدمير ممتلكاتهم في انتهاك جسيم ومنظم لقواعد القانون الدولي، حيث تشير الحالات الواردة – وهي عينات فقط لغرض التحقق - إلى أن الهدم تم إما أمام عيون أصحابه والقوات متوغلة وتسيطر على المنطقة، وأن الحالات الأخرى كانت المنازل في مناطق حدودية كانت تحت السيطرة المطلقة لقوات الاحتلال ولا يمكن التذرع بالضرورة الحربية.
2. استهدفت قوات الاحتلال المنازل السكنية بشكل منظم كما استهدفت المدنيين بداخلها وأيضاً دونما ضرورة كما يتضح من رواية السيدة عواجة في الحالة الثانية.
3. تشير الروايات إلى أن رغبة السكان في الشروع في البناء كانت جامحة ولكن نقص مواد البناء وأسعارها المبالغ فيها - جراء استمرار الحصار والإغلاق المفروض على قطاع غزة ستة أشهر قبيل العدوان الإسرائيلي – عاملان أسهما في معاناة السكان وكلفا المانحين الدوليين والحكومة خسائر مضاعفة بسبب ارتفاع كلفة ترميم وصيانة المنازل المتضررة جزئياً وحالا دون الشروع في إعادة بناء المنازل المدمرة كلياً وبالتالي أسهم في مضاعفة الخسائر وأطال من عمر معاناة الأسر المهجرة قسرياً.
4. تشير الإحصاءات والتي تعززها المعلومات الميدانية سواء تلك التي جمعها باحثو مركز الميزان أو التي ترد في الجدول الإحصائي للجهات التي قدمت المساعدات وعدد المستفيدين إلى جملة حقائق أهمها:
• في كثير من الحالات لم تكن هناك مراعاة للفروق بين المساكن المتضررة كلياً وكان المعيار الأهم هو حجم الهدم وأوراق الملكية.
• بعض المنازل المهدمة أعيد بناء بديل لسكانها من الطين وعلى مساحات صغيرة لا تفِ بحاجة السكان الذين يقبلون بالأمر كأمر واقع في ظل غياب الخيارات.
• لم يتم توضيح المساعدة المالية وإذا ما كانت دفعت في سياق تحمل نفقة الإيجار من قبل الجهة التي تقدمها، أم أن جزء منها بدل إيجار والجزء الآخر هو للمساعدة في شراء متطلبات الأسرة، مما ساهم في مصدر جديد لمعاناة المهجرين وخاصة من العاطلين عن العمل.
• عدم توافر شقق للإيجار أسهم في مبالغة المؤجرين في قيمة الإيجارات حيث تركت قيمة الإيجارات لقانون العرض والطلب ولم يلمس أي تدخل لوقف ارتفاع قيمة الإيجارات.
وفي خاتمة التقرير يجدد مركز الميزان تأكيده على أن الممارسات الإسرائيلية التي يتضمنها التقرير تشكل انتهاكات خطيرة للقانون الدولي، وخاصةً هدم المنازل على نطاق واسع دون أي ضرورة عسكرية. وقد أضافت هذه الانتهاكات عشرات الآلاف من الضحايا إلى عشرات من الآلاف قبلهم، ممن هدمت قوات الاحتلال منازلهم في السنوات التي سبقت العدوان الذي بدأ في كانون الثاني ( ديسمبر) 2008.
ويؤكد التقرير أنه بينما يحتاج ضحايا هذه الانتهاكات للغوث والمساعدة بشكل فعال وعاجل، فإنه من المهم جداً العمل على ضمان عدم عودة قوات الاحتلال إلى مثل هذه الممارسات في المستقبل، وهو ما لن يتأتى بدون ضمان مساءلة ومحاسبة مرتكبيها. إن أي تدخل في الوضع الذي يصفه هذا التقرير يجب أن يشمل إغاثة الضحايا وعقاب مرتكبي الانتهاكات واتخاذ خطوات لضمان عدم تكرار الانتهاكات في المستقبل.
عليه، فإن مركز الميزان لحقوق الإنسان يطالب المجتمع الدولي بما يلي:
- العمل على ضمان توفير الحماية للسكان المدنيين وممتلكاتهم وكرامتهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة في ظل استمرار الهجمات والانتهاكات الإسرائيلية.
- تأمين تقديم أكثر فعالية وسرعة للمساعدات الإنسانية للضحايا، والعمل على إنهاء أزمة التهجير القسري في قطاع غزة دون مزيد من الإبطاء.
- مضاعفة الجهود الدبلوماسية المبذولة لتأمين إنهاء الحصار الإسرائيلي غير القانوني المفروض على قطاع غزة، والتأكد من السماح بمرور مواد البناء الضرورية لإنهاء أزمة التهجير القسري في قطاع غزة.
- دعم الجهود المبذولة لمحاسبة القادة والجنود الإسرائيليين الذين ارتكبوا أو أمروا بارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي، بما في ذلك الجهود التي تقوم بها أجسام الأمم المتحدة في مجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة ومجلس الأمن.
واقرأ أيضاً:
إسرائيل: البيئة السياسية كحاضنة للعنصرية/ فتوى يهودية بإقامة معسكرات إبادة للفلسطينيين / المصلحة الإسرائيلية في قتل المتضامن الإيطالي/ إلى القيادة السورية سوريا أمام مهمة تاريخية