الطفـل العنيـد (4)
التفهم الإيجابي للمزاج
إن تفهم السلطة الأبوية لا يكفي وحده ولكن يجب استعماله مع عدد من وسائل التحكم التي تعتمد على تفهمك الجديد لمزاج طفلك. والتحكم يختلف عن العقوبة في كونه يستعمل بواسطة الوالد حين يشعر أن كون الطفل صعبًا ليس خطأ الطفل، ويأتي هذا التفهم حين يقوم الوالد بالربط بين سلوك الطفل والمزاج المسبب له، كذلك التحكم يؤدي إلى الإقلال من العديد من السلوكيات المرهقة مثل الخوف الزائد، ويكون المزاج في تلك الحالة أكثر تعاطفًا ويختلف عن حالة الوالد السابقة والتي كانت أكثر قسوة وتميل أكثر إلى الانضباط والعقوبة.
التحكم عبارة عن قسمين:
الأول: هو استجابة لحدث معين يتطلب رد فعل فوري.
الثاني: أفعال أخرى نقوم بالتخطيط لها مسبقًا لمنع أو تقليل السلوك الصعب للطفل.
إعادة تسمية السلوك = تفهم طفلك
أصبحت الآن لديك فكرة مبسطة عن السلوكيات المختلفة لطفلك والمزاج المسبب لها، أول هذه الخطوات هو "إعادة التسمية". هذا اللفظ مقصود به التعرف على المزاج المسبب للسلوك، إعطاؤه اسم معين، ثم مشاركته إما مع الطفل أو استعماله لتغيير موقفك تجاه الطفل.. إنك تقول رسالة للطفل "أنا أفهم ما تمر به".
لماذا هذا هامًا؟ لأن أي تغيير لا بد أن يأتي من كونك متعاطفًا مع طفلك الصعب....، هذا صعب جدًا في البداية لأن الوضع متفجر بينكما منذ فترة ولن تحقق النجاح فورًا ولكن أعط نفسك وقتًا.. إن أعطيت مسمًا للسلوك ستجد أن مرات ثورتك على طفلك أصبحت أقل، ستجد نفسك تنسى أحيانًا ولكن مرات النجاح أصبحت أكثر. وفيما يلي بعض الأمثلة عن المسميات، وتذكر كن واضحًا وبسيطً وهادئًا، نبرة صوتك هامة جدًا لأنها قد تفضحك:
السلوك | المسمى |
مستوى نشاط عال | إنك كثير الحركة اليوم. لا تستطيع الجلوس هادئًا. إنك متهيج اليوم. |
التشتت | أجدك تجد صعوبة في الانتباه. |
الحدة | صوتك عال جدًا ولكن لماذا لا تحاول التحدث بصوت منخفض. |
الاضطراب | أعرف أنك لا تشعر بالجوع الآن أو الرغبة في النوم. |
الإلحاح السلبي | أنا أعرف أنه من الصعب عليك أن تتخلى عن شيء تريده. |
سهولة التأثر | أنا أعرف أنك تشعر بالحرارة حتى عندما لا يشعر بها من حولك. |
الانسحاب المبدئي | أعرف أنك لم تتعود على ذلك الملمس بعد. أعرف أن بعض الروائح تبدو لك غريبة. أعرف أنك تأخذ وقتًا لتتعرف على الأماكن الجديدة / الأشخاص الجدد. |
صعوبة التكيف | أعرف أنه صعب عليك أن تتغير. لا تبدأ في الانغلاق حاول أن تنفتح على العالم حولك. |
المزاج السلبي | التعرف عليه هو من أجلك أنت. إنه يساعدك على ألا تشعر بالغضب من طفلك دائم الغضب والشكوى.. في المواقف الجديدة "يجب أن تقل لنفسك إن الطفل لا ذنب له فيما يحدث" |
السلوك الهائج
عادةً ما يكون الطفل مفرط النشاط متهيج السلوك وقد يخرج أحيانًا عن السيطرة، يتطور الموقف سريعًا ولذلك يكون أساس التدخل هو التدخل المبكر، ولابد أن:
٠ أن تلمح أمارات الخطر.
٠ تحيد موقفك.
٠ تُعطي مسمًا للسلوك.
٠ ثم تتدخل.
العنصر الأساسي في التعامل مع الطفل المفرط النشاط، المتهور بغض النظر كنت والدًا أو مدرسًا هو أن تتعرف على النقطة التي لا ينبغي تجاوزها عند الطفل قبل أن يخرج السلوك عن السيطرة. عادةً يكون الانتقال سريعًا ولا يمكن التقاطه بسهولة ولذلك يجب مراقبة الطفل في العديد من المواقف التي تهيج فيها لنرى تطور الموقف لكي تقرر متى تتدخل.
"التهدأة" هي تقنية تستعملها عندما تجد طفلك على وشك الهياج، كن محايدًا وحافظ على اتصال العينين وقل للطفل "أنك شديد الغضب.. خذ وقتًا لتهدأ قليلاً" ولو كان ضروريًا احمله حملاً من المكان ومع الوقت ستصبح خبيرًا في التقاط التغيرات الأولى في السلوك، يمكنك أن تعطيه إنذارًا "لقد أصبح صوتك مرتفعًا، اهدأ قليلاً أو سأضطر أن أمنعك من الاستمرار في اللعب".
لابد أن يكون لديك بعض الوسائل التي تستعملها لتهدئة طفلك:
٠ مع طفل صغير قد يكون كتابًا خاصًا أو تسجيلاً تسمعانه معًا.
٠ مع طفل صغير قد يكون مجرد "تعال واجلس على قدمي قليلاً".
٠ معظم الأطفال كثيري النشاط يحبون اللعب في المياه، ضعهم في حوض مياه ودعهم يلهون قليلاً "هذا ينفع دائمًا ليس فقط عندما تريد تهدئتهم ولكن أيضًا عندما تريد نصف ساعة لنفسك".
٠ برنامجهم المفضل في برامج الكمبيوتر قد ينفع أو قد تسجله لهم من الإنترنت لتستعمله في ساعة الضرورة.
٠ لو كان طفلك يستمتع بوجبة خفيفة معينة كالأيس كريم أو فاكهة معينة قد يكون إعطاؤه إياها وسيلة تهدئة رائعة، مهما كانت طريقتك في تهدئة طفلك لا تفكر فيها أبداً على أنها رشوة على سلوك سيء. وإذا كان طفلك قد تعصب كثيرًا في الوقت الذي تدخلت فيه ببساطة أخرجه جسديًا من الموقف، أخرجه إلى "منطقة التهدئة" منطقة بسيطة من البيت لا تستعملها كعقاب ولكن كتهدئة للغضب قبل أن يتفاقم وحاول أن تبقى صديقًا وطيبًا.
وقد تحتاج إلى طريقة معاكسة نسميها "إطلاق البخار".
إن طفلاً كثير النشاط قد يجن إذا وجد نفسه محبوسًا في شقة صغيرة أو في يوم ممطر، ستجد أنه يخترع كل المشاكل في دقائق هنا أيضًا أخبره "أنا أعرف أنك تشعر بالملل والقلق واختر نشاطًا يسمح للطفل أن يصرف فيه طاقته، اذهب إلى الحديقة ودعه يجري أو في بهو المنزل لو كانت تمطر، كن صديقًا له وأنت تقول "أنا أعرف أنك ستجن لو جلست كثيرًا دعنا نتحرك".
وقل تلك الكلمات لطفلك "التهدأة وإطلاق البخار" سيتعود عليهم وسيعرف ما المقصود منها.
التململ
مع الأطفال كثيري النشاط قليلي التركيز عامل الوقت شديد الأهمية بالذات في المدرسة مع الواجب، يجب أن يسأل الوالد أو المدرس كم يستطيع أن يجلس لينجز ما يعمله، إنك تستطيع أن ترى الطفل وقد بدأ في التململ, في فقدان التركيز، لا يستطيع الجلوس على الكرسي أو يحدق في الفضاء، يهرش في رأسه، يلعب بالقلم والكراسة (عايز أشرب، عايز آكل، عايز أدخل الحمام، طب أطفي النور، طب أفتح الباب، أرد على التليفون).. هذا هو سلوك حلم اليقظة وهو يؤكد أن مستوى الطاقة عند الطفل قد ارتفع.
استعمل طريقة "الوقت المستقطع" Time out
اخبره "أنا أعلم أنك لا تسطيع الجلوس أكثر" واسمح له يأخذ راحة قصيرة واجعله يفعل شيئًا يخرج تلك الطاقة المكبوتة.
خلال الأنشطة مثل الواجب أو تناول الوجبات لو كنت ترى أن الطفل يمكنه السيطرة على نفسه عشر دقائق فقط ثم يبدأ في السرحان دعه يأخذ راحة كل عشر دقائق، اسمح له أن يترك المائدة، يتجول قليلاً ثم يعود.. هذا هام جدًا.
هناك شيئان لابد من تذكرهما مع الطفل القلوق شديد النشاط والتهور، قد لا تكون أنت موجودًا عندما يتفاقم سلوك الطفل إلى حالة خارجة عن السيطرة، لا يوجد ما يمكن فعله في تلك المواقف ولا يوجد أي فائدة من معاقبة الطفل على سلوك أنت لم تشهده وغالبًا لم يستطع الطفل التحكم فيه.
أحيانًا يتعمد الأطفال "بغض النظر كانوا صعبي المزاج أم لا" إساءة التصرف أو العدوانية وفي هذه الحالة يكون السلوك مقصودًا ويجب أن يتعامل الوالد مع هذه الحالة بصرامة وهنا بالتأكيد تصح العقوبة.
التعامل مع التغيير
مرة أخرى ستبحث عن المزاج المصاحب للسلوك، كن حياديًا وأنت تسميه، عندما تريد التغيير فإن غالبًا أول ما نريد تغييره هو التكيف السلبي والتراجع المبدأي، وستكون وسيلة التغيير هي "الاستعداد وإعطاء الفرصة للطفل للتعود على الموقف الجديد" وإنه مهم جدًا لك أن تفرق بين أن تُأهب الطفل للتغيير وبين المبالغة في تحذيره.
إن الأمهات القلقة تحضر طفلها للموقف الجديد بتكرار خوفها من سلوك الطفل.. "إننا سنذهب لحفل ذلك المساء، لا أريدك أن تمسك الأكل بأصابعك، لابد أن تحافظ على سلوك جيد، تذكر أن تحترم نفسك في الحفلة". أو المبالغة في التوضيح "اليوم سنذهب إلى صديقك، سنترك المنزل ونأخذ الأتوبيس، سنأخذ رقم 10، أَتذكر عندما تحدثت مع الأطفال في الأتوبيس وكم اسمتعت".
هذا التوضيح المبالغ فيه يجعل الطفل يدرك مخاوف الأم. بدلاً من ذلك كله عبارة واحدة من الأم ستكفي، مثلاً "ستذهب إلى حفل هذا المساء، أعرف أن هذا موقف جديد بالنسبة إليك، لو أردت البقاء بجانبي حتى تتعود عليه فلا بأس".
وقت التعود: هام جدًا بالنسبة إليك كما هو هام بالنسبة لطفلك، إن معرفتك أن طفلك يتراجع أمام المواقف الجديدة سيساعدك على الشعور بالاسترخاء أكثر مع عدم الضغط عليه وسيعرف الطفل أنك موجود لمساعدته وسيكون أكثر شجاعة. يمكنه البقاء بجوارك ولكن لا لزوم أن يجلس على قدميك.
إن مبدأ مساعدة هؤلاء الأطفال الخجولين المتحفظين في التقدم بخطواتهم الخاصة لهو هام جدًا للمدرسين أيضًا، فإن هذا الطفل قد يحتاج إلى أسابيع أو شهور طويلة قبل أن يستطيع المشاركة بفاعلية في الفصل.
لا تخلط هذا بالقلق ولا تعتبرها مشكلة نفسية، بكل الوسائل شجع الطفل على أن يشارك ولكن لا تضغط عليه وحاول ألا تنظر إلى خجله على أنه انعكاس سلبي على قدرتك كمدرس. إن الأطفال صعبي التكيف يكون أداءهم أفضل لو قيل لهم باختصار على ترتيب الأحداث، مثلاً:
سنذهب إلى صديقك بالأتوبيس اليوم.
شيء أساسي يساعد الأطفال صعبي التكيف يُطلق عليه "ساعة التغيير" يمكن استعماله للأطفال من سنتان ونصف وأكبر، إنها ساعة تعمل بالبطارية ولها أرقام "رقمية".. هذه الساعة للطفل ويجب أن يقرنها في ذهنه كوسيلة لمساعدته على التغيير، إنها ساعته، ضع عليها بوسترات ملونة باسمه وأخبره أن تلك الساعة ستساعده على التغيير من نشاط إلى آخر، وتساعده على أن ينهي ما يفعله قبل أن يبدأ في نشاط جديد، مثلاً قد يجد طفلك صعوبة في أن يترك النشاط الذي انغمس فيه للذهاب معك إلى الخارج. ابدأ في استعمال تلك الساعة كل مرة سيحدث فيها تغييرًا كبيرًا "لا تستعملها لشيء آخر إنها ساعة التغيير".
مثال
إن لديك حمام سباحة وطفلتك تحب اللعب فيه، وتحب طرطشة المياه.. عندما تناديها خارجًا كي تتناول الغداء تقاوم وغالبًا ما ينتهي ذلك بمعركة أو نوبة غضب، ولكن بساعة التغيير في يدك ستذهبين إلى طفلتك وتعطيها الساعة 12:10 عندما يتغير الرقم إلى 12:15 لابد أن تدخلي للمنزل لتناول الغداء.
الأطفال الذين يعانون من صعوبة في التكيف يكرهون المفاجآت ولابد من إعطاؤهم فرصة لتقبل التغيير في وقت محدد، استعمل الساعة لكل التغيرات الكبيرة "اقتراب موعد النوم، وقت المدرسة، الخروج للتسوق"، ولكن لا تبالغ فمثل كل شيء ستفقد ساعة التغيير مصداقيتها لو استعملتها عشرين مرة في اليوم.
غير المتوقع
يحير الآباء سلوك الأطفال الفوضوي وصعوبة توقعه وخاصةً منطقتي الأكل والنوم. إنه شديد الصعوبة أن تتعامل مع طفل ليس جائعًا ولا يريد النوم في أغلب أوقاته.
الطبع المزاجي هو عدم الانتظام والمفتاح أو أن تفرق بين وقت الفراش من وقت النوم وتفرقة وقت المائدة عن وقت الأكل.
تستطيع أن تجبر الطفل على الذهاب إلى الفراش في وقت محدد ولكنك لا تستطيع إجباره على النوم، اشتري ضوء ليلي وعندما يحين وقت النوم اجعل الطفل يذهب إلى الفراش، أطفئ كل الأضواء ما عدا ذلك الضوء الصغير واسمح له بأخذ لعبة صغيرة أو كتاب إلى الفراش ولكن لا تسمح له أبدًا بمغادرة الفراش هذا هو وقت النوم.
فرص نجاحك ستكون أكبر لو كان وقت ذهابه إلى الفراش جزء من روتين ثابت كما أوضحنا من قبل.
السماح له بلعبة أو كتاب يجب أن يكون امتياز خاص و أن توضح للطفل أنه سيحرم منه إن قام من فراشه، لو وجدت أن طفلك عاجز عن البقاء وحده في غرفته رغم وجود ضوء فربما يكون ما تتعامل معه هو الخوف وليس التحدي وسنتعلم كيف نساعده على التغلب على مخاوفه.
وبنفس المنطق إنك لا تستطيع إجبار طفل غير جائع على الأكل ولكن أصر على لقاؤه على المائدة بينما العائلة تتناول الغداء.
لو أحس الطفل بالجوع بين الوجبات أعطيه شيئًا يأكله ولكن حاولي الحفاظ على توازن هذه الوجبات الخفيفة ويجب ألا تتعدى ساندويتش أو كوب من الحساء أو فاكهة ولكن لا تضعي أبدًا وجبة كاملة في هذه الأوقات.
وتستطيعين أيضًا تقسيم وجبته الأساسية إلى أجزاء.
وهناك طريقة فعالة جدًا "الطبق المفضل" املئي له طبق بقطع من اللحم البارد، البطاطس، الجبن، الجزر، الفاكهة (أو ما شابه) وأخبريه أن هذا هو طبقه ويمكنه تناول منه ما يريد وقتما يريد.
الأطفال الفوضويين يكونون أيضًا عرضة لتقلبات المزاج، تعلمي أن تتجاهلي هذا فلا يوجد ما يمكنك عمله في هذا الأمر إلا أن تقولي لنفسك إنه طفل صعب وهذا أمر خارج عن سيطرته، ولا تأخذي أبدًا تلك التقلبات بصورة شخصية وستجدين أن تلك التقلبات تخف كلما تحسن الوضع العائلي.
إنه لا يستمع
شكوى عامة من كثير من الآباء وهي عادةً تشير إلى أن الطفل عنيد ومتحدي، ولكن غالبًا ما يكون الطبع المزاجي هنا هو "سهولة التشتت" من الخطأ إذن أن نفكر "إنه لا يستمع بقصد لأنه لا يهتم بكلامي" من الأفضل أن تفكر فيه على أنه سهل التشتت ويعاني صعوبة في التركيز.
الطريقة الأساسية هنا لمعالجة ذلك هو الحفاظ على التواصل البصري، انزل إلى مستوى عيني طفلك قبل أن تخبره بما تريد. اقترح تلك الوسائل على مدرسيه ويجب أيضًا ألا يجلس في المؤخرة بل دائمًا في مقدمة الفصل ولا بجانب الباب أو الشباك حتى لا يتشتت انتباهه وحيث تستطيع المعلمة الحفاظ على الاتصال البصري معه.
ويتبع >>>>>>: الطفـل العنيـد (6)
واقرأ أيضاً:
كيف نربي طفلاً منظمًا؟ (2) / الطفل العصبي / كيف تصنعين طفلاً يحمل هم دينه؟