ما تزال (إسرائيل) تسعى لاستعادة رُفات جنودها وجواسيسها ممن فُقدوا أو قُتلوا منذ سنوات طويلة، فقد نشرت صحيفة (يديعوت أحرونوت) يوم أمس 10/10/2011 ملفاً عن أشهر الجواسيس الإسرائيليين في ستينيات القرن الماضي، وهو (إيلي كوهين) الذي أُعدم في سوريا عام 1965.
(إيلي كوهين) صهيوني يهودي من مواليد الإسكندرية، نشأ في حظيرة المخابرات الإسرائيلية، وغيَّرته (إسرائيل) في معامل الـ(موساد) ليُصبح رجل الأعمال "السوري الأصل المتحمس لوطنيته السورية" (كامل أمين ثابت) والذي عاش تاجراً كبيراً في الأرجنتين، قبل أن يعود إلى "وطنه" المزعوم ليخدمه!!!
وأصبح (كامل أمين ثابت) من أبرز قادة حزب البعث العربي الاشتراكي، وكان مستشاراً كبيراً في النواحي الأمنية، يزور القواعد العسكرية ويُصورها بدقة، حتى أن (إسرائيل) قالت عنه: "لولاه لما انتصرتْ (إسرائيل) في حربها عام 1967".
فها هي دولة (إسرائيل) اليوم تسعى بمختلف الجهود لإعادة رُفات هذا الجاسوس الكبير، ليُدفن كرمزٍ وطني أولاً، وكمصدر بطولة لأسرته ولزوجته ناديا ثانياً.
فقد كشف الصحفي (رؤفين ويس) في صحيفة (يديعوت أحرونوت) أن بروفسور اللغة العربية في الجامعة العبرية (شموئيل موره) تمكن من التعرف على سجينٍ كردي سُجن خمس سنوات في سوريا، اسمه داود باغستاني، شغِل زنزانة (إيلي كوهين) بعد مقتله، وهو يعمل الآن رئيس تحرير صحيفة (إسرائيل الكرد) في كردستان، تمكن من قراءة مذكرات (إيلي كوهن) على زوايا الحائط، وكان (كوهين) يشتكي في مذكراته من خيانة المقربين له.
ويُشاع بأن الجاسوس الوطني المصري المشهور الذي كان يعمل لحساب مصر رفعت الجمال، أو رأفت الهجان، هو الذي كشف أمر (إيلي كوهين) عندما وجد صورته مع المشير علي علي عامر، وهما يتفقدان التحصينات الحربية للجيش السوري قبل كشف الجاسوس.
أما عن رأفت الهجان، فلولا قصتـه التي ظهرتْ في كتاب، والمسـلسـل التلفزيوني، لما سـمعنا بـه نحن العرب، وما أكثر من اختفوا أو قُتلوا من مخلصينا الوطنيين، ممن لا تعرف الأجيالُ العربيـة عن بطولاتهم شـيئا!!
استعدتُ مرة أخرى الكتاب الذي صدر منذ أقل من عام واسمه (العرب من وجهة نظر يابانية) للكاتب الياباني (نوبواكي نوتوهارا)، الذي ترجمته منى فياض، ومما جاء فيه: "لا يكترث العرب لسـجنائهم السـياسـيين، ويتركونهم لأسـرهم كقضيـة شـخصيـة"!
نعم إنها إحدى أبرز جرائمنا في حق الوطن، حين ننسـى أبطالنا ومناضلينا ونُهملهم، فنحن بذلك قد أفسـدنا وطنيـة أجيالنا، ولم نقم بأهم واجباتنا، وهي تكريم المناضلين وترسـيخ بطولاتهم في أذهان أبنائنا، وصيـاغـة هذه البطولات في المناهج المدرسـيـة وفي الفنون بمختلف أشـكالها وألوانها، وجعلهم رموزاً من رموز التاريخ، لكي لا يندم المناضلون على نضالهم الشـريف، ويقولوا نادمين كما قال كثيرون، "ليتنا لم نناضل"!!
ما أكثر شهداءنا، وما أكثر أسرانا، وما أكثر مفقدودينا، ولكن ما أقل وفاءنا لهم!!
ألا نخجل من أنفسنا ونحن ننتظر الأرشيف الإسرائيلي عندما يُفتح لنعرف منه المذابح التي ارتُكبتْ بحق أهلنا وذوينا، ونكتشف منه الحقيقة التي كانتْ خافية علينا سنواتٍ طويلة..!!؟؟ فقد اكتشفنا في تسعينيات القرن الماضي مذبحة كبرى تُشبه مذبحة "دير ياسين" جرت في قرية "الطنطورة" في حيفا 1948 بفضل باحث إسرائيلي في جامعة حيفا هو (تيدي كاتس)!!
ألا نخجل من أنفسنا ونحن نقبل أن نُبادل عظام جندي إسرائيلي واحد قُُتل منذ سنوات، بمئات الأسرى الفلسطينيين والعرب، وأن نكتشف خطورة هذه الذَِلة والمهانة على تاريخنا ونضالنا..!!؟؟
ألا نخجل من أنفسـنا، ونحن ما نزال نسـتقي عدد أسـرانا الفلسـطينيين، من الصليب الأحمر الدولي..!!؟؟
ألا نخجل من أنفسنا ونحن نرى أبناء الأسرى الأبطال وأُسرهم يُعانون ضائقة الحياة، ويُقاسون الأهوال، بسبب بطولات أبنائهم وذويهم..!!؟؟
واقرأ أيضاً:
الدم الفلسطيني المنسي/ عيد الأسرى المبارك/ لا تنقذوا مستقبل إسرائيل/ يا ولدي هذا هو عدونا الصهيوني/ تحرير الأرض يبدأ بتحرير الإنسان/ رائحة العداء للفلسطينيين!!!