"تطل برأسها"!
لا بل أظنها باتت من أهل الدار، وربما تستوطن الدار حتى تلتبس الأمور على أهلها فيقع في نفوسهم أنهم الضيوف فيها! أو ليست الفتنة من يدير "الضيافة" في ديارنا اليوم؟!.
طالعت تقريراً يقول أن 114 فلسطينياً قتلوا و467 وقعوا جرحى العام الفائت في غزة، غزةَ يغرقها الدم والدمع... والعتمة.
خضر عدنان يعاين ملك الموت الآن وأنا منشغلة أبحث في كومة مفرداتي عمّا أكتبه إليه:
"أنا لست قلقة بشأنك فالله إلى جانبك يتولاك برحمته، أراك عزيزاً في عينه التي ترقبك برضى، غالياً في يده الرؤوفة، صلباً كالحق الذي أنزل في كتابه...
أنا يا سيدي النبيل قلقة على نفسي! فهل سيسامحني الله لأني أبيت في فراشي كل ليلة بينما فراشك بارد في بيتك، ولأن زوجي يعود إليّ كل مساء بينما زوجتك والأطفال ما زالوا ينتظرون أن تطل عليهم من باب الدار؟.
أصلي لأجلك أيها البطل،
أفكّر فيك دوماً يا سيدة رندة،
نفّس الله كربتكم وعجّل لكم بالفرج وجعلها ثقيلة في ميزان حسناتكم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم...
آمين"
أظنه لن يقرأ منها حرفاً، وأظنني لست بجديرة بشرف أن يقرأها... ربما كتبتها لعلّي أحتال بها على ضمير يزعجني بأنينه، لكن هيهات هيهات!.
تحضرني تلك الليلة الباردة في نيسان 2002؛ أنا وأمي في غرفة الجلوس والتلفاز ينقلنا لمخيم جنين، اقترب حصار المخيم من نهاية أسبوعه الثاني، أحدهم يتصل من جوار المجاهد الكبير "أبو جندل" يطلب من السامعين في كل أطراف المعمورة أن يقرأوا الفاتحة على أرواح المحاصرين فهم لن يستسلموا وعدو الله والإنسانية لن يعود أدراجه دون انتقام... أمي بكت ساعتها بحرقة شديدة ودعت من لا يشغله سمع عن سمع أن يذيق العرب ما ذاقه الفلسطينيون! ذاقوه في العراق يا أمي، في ليبيا، في اليمن، في سوريا لجوءاً ودماً وحسرة. في مصر وتونس خوفاً وحرماناً وفوضى، وصحن "الضيافة" ما زال يدور وكلٌّ آخذ منه لا محالة.
في السماء عدل يا إخوتي؛ أو ليس مرتع الظلم وخيم؟ من سنن الله في الأرض أن يزول هؤلاء الذين أطبقوا على أنفاس العباد وأموال البلاد عقوداً طويلة، وأن يطعَموا الذلة كما أتخموا الخلق بها. أو لم نؤكل جميعاً يوم أكل الثور الأبيض؟ أو ليس التولي يوم الزحف من السبع الموبقات؟ ألا يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه حين نرتد عن دينه ونركن للدنيا وزخرفها ونشرك به المال والعيال؟ ولاة الأمر في بلادنا يحاسبون حساب الدنيا الآن، ومتى فرغت منهم ستلتفت لنا نحن الشعوب... يا ربّي أين المفرّ؟!.
في الصومال أرض الخيرات يجوع الناس ويضيع بهم الزمان ويضيق البرّ والبحر، حرّمت عليهم أعمارهم وأُلقوا خارج كل شيء إلى حيّز زمنيّ عجيب؛ فهم ليسوا في الدنيا ولم يغادروا للآخرة وما يحيونه لا يشبه البرزخ! كل ذلك كان كلٌّ منّا عنه مسؤولاً والله يمهل ولا يهمل.
يا ربنا، أما لمكة من فتح قريب؟!
واقرأ أيضاً:
غسالتنا المعطلة / الترهات الماكثة / نا حين لا تدلُ !! / يا ألله ُ !! بعد 6 ليت أنا ما كبرنا!!! / تقوى ! / كوفاد / من قصيدة لبغداد / عسى..يا عَسى! / تعالي..تعالي! / لُعْـبَةُ الزَّوجينِ !