أسرفت كل من الولايات المتحدة و(إسرائيل) في الآونة الأخيرة في الحديث عن الأسلحة الكيماوية السورية وخطر استخدامها على الشعب السوري وكأنهم أصبحوا فجأة حريصين على الدم السوري المسفوح..!!، كما سمعنا تهديدات علنية بل استعدادات عملية تجريها كل من (إسرائيل) والمملكة الأردنية للتدخل حال سقط الأسد للسيطرة على الأسلحة الكيماوية للحيلولة دون سقوطها في أيدي "متطرفين إرهابيين" كما يزعمون، وكأنه يوجد في العالم أكثر إرهابا من (إسرائيل)....... ليس هذا لب الحديث ولكن ما أود الإشارة إليه هو التصريح الذي صدر مؤخراً عن (بان كى مون) والذي أعلن فيه صراحة "أن ما يجري في سوريا ما هو إلا حرب بالوكالة بين قوى عالمية" فيما يُطحن الشعب السوري تحت يافطات سرابية خادعة..!!
وهذا الكلام قلناه في مقالات سـابقـة حيث أكدنا أن ما يجري هو حرب على سـوريا ولكن بمقتلـة على أراضها، "حرب مصالح بين قوى اسـتعماريـة تريد موطئ قدم لها في قلب الشـرق الأوسـط كروسـيا والصين، وقوى أخرى تريد شـرق أوسـط مفتت ضعيف منقسـم على نفسـه كي يسـهل اسـتمرار نهب ثرواتـه وعربدة (إسـرائيل) بين جنباتـه..!!"...... (هنري كيسنجر) ـ داهية الدبلوماسية الصهيوأمريكية ـ قال قبل أشهر "أن طبول الحرب تدق في المنطقـة وأن من لا يسـمعها أصم"!!
وعليه بتنا نرى شرارات الحرب الإقليمية تبدأ بالاشتعال في مثلث الدول الثلاث: التركية ـ العراقية ـ السورية، علماً أن هذا الثالوث أُضيف له لاعب رابع وهو اللاعب الإيراني الذي نجح بالوصول إلى مثلث تلاقي حدود الدول الثلاث عبر ممر عراقي دخلت منه أرتال إيرانية مسلحة تحسباً للمعركة القادمة والستار لهذه الحرب هو منع قيام دولة كردية!
لكن السؤال: من سيُحارب من..!؟
(إسـرائيل)، التي تملأ الدنيا ضجيجاً عن نيتها توجيـه ضربـة إلى إيران "النوويـة"، بات معروفاً أن الهدف من هذا الضجيج هو ابتزاز الغرب، وعلى وجه الخصوص أمريكا، لمزيد من الدعم السـياسـي والدعم الاقتصادي لها، وفي ذات الوقت مزيد من العقوبات ومزيد من تحشـيد العالم ضد إيران، فيما تسـتخدم كل ذلك للتغطيـة على حربها التي تخوضها بإطلاق غول الاغتصاب للأرض والتهويد للمقدسـات وعلى رأسـها المسـجد الأقصى الذي تفكر بتقسـيمـه على غرار الحرم الإبراهيمي..!!
(إسرائيل) هذه وحسب الشواهد لن تكون طرفاً مباشراً في الحرب القادمة، ما دامت هناك أطراف تقوم بحرب بالوكالة.
العلاقات التركية ـ (الإسرائيلية) "السيئة" لن تكون حائلاً دون خوض تركيا حرباً بالوكالة ضد كل من سوريا وإيران والعراق بحجة الدفاع عن وحدة أراضيها في وجه مخاطر إقامة دولة كردية تقتطع جزءً كبيراً من أراضيها.
تماماً كالحرب التي تخوضها من تُسمي نفسها المعارضة السورية العرجاء على النظام السوري، فيما الوقائع تؤكد أن من يُقتل هو الشعب السوري وأن من يُفتت ويُقسم هو الأرض، وأن من يضعف ويتلاشى كخطر على (إسرائيل) هو سوريا كقلعة مقاومة وممانعة وليس النظام السوري فقط.
وما إقدام النظام السوري بسحب وحدات جيشه النظامي من خمس محافظات كردية حدودية وتسليمها ليد ميليشيات حزب العمال الكردستاني التركي، إلا عضاً سوريا لأصابع (رجب طيب أردوغان)، ورمياً لكرة الفتنة في أحضان المعارضة السورية العرجاء.
معركة عض الأصابع هذه دفعت (أردوغان) للمسارعة في حشد قوات نُخبة على حدودها مع سوريا والعراق، وعلى نشر بطاريات صواريخ متطورة في المناطق المطلة على المحافظات الكردية التي انسحبت منها قوات الأسد لحساب حزب العمال الكردستاني التركي، الذي يُنفد عمليات استنزاف ضد الأتراك هي الأعنف منذ ثمانينات القرن الماضى.... في الأثناء تقول الأنباء أن نوري المالكي قام بتحريك قوات عراقية من البصرة في الجنوب إلى هذه المنطقة في المثلث الملتهب على الحدود المشتركة السورية ـ التركية ـ العراقية؛ بحجة القيام بكل الاستعدادات، لمنع الأحداث التي تضرب سوريا من الامتداد إلى العراق، وذلك كغطاء لإيصال الأرتال الإيرانية إلى هذا المثلث.
في ظل ما سبق هل يمكن القول أن الحرب الإقليمية أصبحت بحكم المؤكدة، خاصة وان الجيش السوري بكل قدراته وإمكاناته التي تُقلق (إسرائيل) لم يقم النظام حتى الآن بإدخاله في أتون الفتنة الداخلية والصراع مع المعارضة العرجاء، ويقوم بتهيئته لحرب وليس لاستنزاف داخلي..!؟
لكن ما هو السيناريو المتوقع لسير مجريات الحرب المرتقبة التي أطلق عليها نبينا الأكرم ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حديث نبوي شريف بـ "حرب الجبابرة"؟
طبقاً لما نعرف عن الأسلحة الكيماوية السورية والأسلحة النووية الإيرانية، وطبقاً لحديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فان نصف الجيش التركي سيتم إبادته بهذه الأسلحة في هذه الحرب....تركيا ستنتقم لدمها المسفوح ولجيشها المسحوق وستقوم بإغلاق كافة سدودها على نهري دجلة والفرات لتقوم بتعطيش سوريا والعراق عقاباً لهما، وسينحسر الفرات عن جبل الذهب الذي ورد في حديث رسول الله، حيث ستقع الحرب على هذه الثروة العظيمة، والتي وصفها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ "بحرب الجبابرة" والتي أوصى أمته أن لا تتدخل فيها.
لكن من هم الجبابرة المقصودون في الحديث...؟ هل هم العراقيون والسوريون والأتراك والإيرانيون فقط..؟ أم سيتدخل الصليبيون الغربيون ـ أمريكا وأوروبا ـ في الحرب طمعاً في هذه الثروة العظيمة لإنقاذ أنفسهم من الأزمات الاقتصادية التي تضربهم..!؟
سوريا أعلنت على مسامع الجميع أنها تتعرض لمؤامرة كونية، فهل تتحول المؤامرة إلى حرب كونية...!؟
واقرأ أيضًا:
ثقافة الحرب، ونظرية المؤامرة، والجهاد الأكبر! / ما بعد الحرب.. ماذا يحصل وكيف نفعل؟! / تكلفة حرب العراق: رؤية أميركية