هي بنظرهم متحررة جريئة وبل بلغتنا فضيحة, كفرت بالرجل الذي اصطفاها زوجة وكسرت قيود المجتمع بخلعها لنصفها الآخر.
هي بنظرهم لا تستحق شرف الأمومة ولا أن تكون سمو زوجة تسهر على راحة أميرها أو تنشر لحظات دافئة في جنته وواحته الغضة.
هي بنظرهم أوراق الخريف المتهالكة سقطت لتوها تتجاذبها الرياح وترمي بها في كل الأماكن فما من شجرة تحتضنها وما من أرض تبتلعها.
هي بنظرهم الساذجة التي ثارت ثورة مستوردة وترسانة من أفكار كافرة لا وجود لها في مجتمع يصنع من الذكور أبطالا من ورق وهي جمهور هذا الورق.
هي بنظرهم منبوذة لابد من ردها لصوابها وإخضاعها لسيدها وجرها لمحرابها لتصلح حال الأمة ويقل الفساد وتمنع من بث سمومها في المجتمع الطاهر.
هي امرأة ككل النساء لديها كرامة وكبرياء, لم تعد قيود المجتمع تكبح ما يختفي تحت رأسها الجميل من أفكار, ليست أفكارا كافرة وليست متحررة, لا لكنها ارتضت لنفسها حياة تناسب مقاييسها وقواعدها, لم تعد تثق بقصة قوامة الرجل وسطوته لم تعد تحبذ فكرة الضحية المتألمة, نثرت ذلك الضعف, وكشرت عن أنيابها ولربما تخلت عن شيء من أنوثتها ورقتها, وأطلقت ساقيها للريح, فواجهت الحياة وحصدت النجاح تلو النجاح وكان نصيبها تهنئة ملغومة بالشماتة والحقد الذي يمتد لسنين حقد لخطيئة واحدة لم يكن لها يد بها _خطيئة كونها امرأة_ امرأة آثرت القوة على الوهن, نعم تهنئة صفراء وكلام ملغوم ومدسوس بسم زعاف ينم عن أسى كاذب عن كونها عزباء بلا أمير على فرس أبيض, لقد سمعت من هذا الكثير وآثرت أن تسمع ما تحب وتمضي قدما.
نزعوا عنها حقها في الأمومة وهي أشرف مكانة في هذه الدنيا حاولوا اغتصاب حقها في أمومتها لكن كانت لهم بالمرصاد، أنا أم نمت حياة في داخلها احتضنتها شهورا وراقبتها تنمو يوما بيوم, وعندما حان ميعاد قطافها تألمت ألما كاد يقتلها زال بمجرد مشاهدة ما نما بداخلها, حضنت صغيرها وجعلته همها الأكبر, تغرس به ما تحب وترضى من مكارم الأخلاق تعمل من أجله وتتلهف لمشاهدته إذا فارقته ساعات... يجعل لحياتها معنى وقيمة.
متهمة بأخلاقها وبمنطقية أفكارها وعقلانيتها عندما اتجهت للقاضي وترافعت أمامه لتخلي سبيلها من عهد وميثاق برجل لم تعد ترغب حتى بمجرد النظر إليه, عودي لبيتك قال القاضي عودي لولي نعمتك عودي لمن ستتك كما تقولون في مصر عودي لمن أسبغ عليك النعم واختارك أميرة في دوحته, لا سيدي القاضي لم تعد ترغب بأن تكون أميرة أو زوجة ببساطة تريد تنسم حريتها تريد أن تكون مركز القوة وليس الضعف تريد أن تكون الآمر والناهي في محميتها الخاصة تريد استرداد حياتها وخوض تجاربها فلا تقصفوها بكلمات قاتلة وجارحة لا ليست متحررة ليست جريئة إنما تعلم حدودها وقيمة حريتها وتعلم قيمتها ومكانتها وحساسية من تكون أما وابنة وأختا وصديقة فلا تشكوا في أخلاقها!؟ من أعطاكم الحق للتهامس حول عفتها, حتى السماء أحلت لها إخلاء سبيلها إن كان هذا خيارها اعذروني واعذروا كلماتي ليس انفصال المرأة عن شريكها بداية لانحراف متوقع منها فلا داعيَ للتخوف وإلقاء التهم واستباق الأحداث.
علموا الرجل كيف يكون رجلا بكل ما تحمل الكلمة من معان راقية ورائعة فتبقى حواء تدور في فلكه, علموا الرجل بأن الرجولة ليست سطوة وحظوة وقسوة واستغلالا لكائن ضعيف يعذبه أثناء النهار ويقضي به حاجته أناء الليل.
أعود لها وأقول اجعلي صبرك على آدم أكبر وأعطيه حجمه الذي يستحق فهو والد أطفالك وشريك حياتك لكن لا تنسي نفسك وكرامتك وكبريائك, لا أحرض النساء على الرجال إنما أحاول تقويم اعوجاج آدم واعوجاج حواء فالكمال لله وحده عز وجل.
إن بقيت الحياة على هذه الوتيرة وبقيت عقلية آدم محشوة بهذا البلاء المتوارث والجاهلية فاحذروا من الضغط على حواء واحذروا كبت حريتها وقمع حياتها فانتبهوا حواء لم تعد ضعيفة ولم تعد ساكنة وساهية هي داهية ومدعمة بأسلحتها القاتلة وليست كل حواء سواء فمنها الفاضلة ومنها للأسف الفاجرة، لكن أكرموا الفاضلات وانتبهوا فلم نعد نرغب بصداقة الخراف ونفضل أن نكون ذئابا على أن نكون خرافا وليعم الشفاء على الكثيرمن بنات جنسي من متلازمة ستوكهولم.
والسلام ختام
واقرأ أيضاً:
رجل وامرأة...(2) / على باب الله: هو وهي... الجهل أول الفشل / رجل وامرأة 3(هو بقى بابا وهي بقت ماما)
التعليق: أولاً وبعد السلام والتحية
علي أولاً أن أشكر القائمين على العمل في موقع "مجانين" وأخص بالذكر د. وائل أبو هندي الذي أنزله منزلة الأب وأصفه بالحبيب الكريم.
ولولا الغربة التي كنت مخيراً فيها لتمنيت أن أستمر في العمل على هذا الموقع فقد كنت من القائمين على العمل فيه.
ثانياً الأخت الفاضلة جزاك الله كل خير ولك مني كل تقدير وأود أن أقول أن "المرأة إن سلمت فكل الخلق قد سلموا " إنها ليست كلمات ولكنها هي الحياة.
وأنا أقرأ تلك الكلمات التي قمت بكتابتها وصدق قلمك في التعبير الرقيق حول ديالكتيكية المرأة لامست شيئاً يداهم نساؤنا في الوقت الذي نعيشه شعورها بالتهميش، والاضطهاد، وقمع حريتها، والغريب في الأمر أن النساء اللاتي يشعرن بذلك هن نساؤنا نحن العرب (من المحيط إلى الخليج) هذا إذا وضعنهن في مقارنة بين نساء العالم الغربي، ودعينا نتساءل لما هذا الشعور ولما وصلت هذه الأفكار إلى عقولهن،
أنا لا أنكر أن في بلادنا العربية وحتى في مصر تغلب صفة استئساد الرجل على المرأة ولكن هذا لا يكون إلا - لحاجة في نفس يعقوب - انظري إلى حال المرأة في الغرب أنا تعاملت معهم ورأيت استغلال المرأة في أنقى صوره...