أفاقت عيونها على وقع يوم جديد, يوم يحمل الكثير والكثير تمنت لو نسيها الزمن وتركها تعيش بعيدة عن مجهره, قامت بتلكؤ هي تريد هدنة سلام طويل الأمد, تريد من أمواج الحياة أن ترأف بها لكن الدهر ومصائبه ليس بيدها.
نظرت من شباكها رأت السماء متدثرة بسحب سوداء أهو مطر ليحي الأرض أم غضب سيقتلع الأرض ومن عليها.
ثمة ضجيج في الخارج, استعداد لحفل سعيد, أصوات الضحكات والمرح تخنق المكان, أجواء السعادة تملأ المكان, أحكمت إغلاق بابها لا تريد تطفلا ولا تريد الانغماس معهم تريد البقاء في حصنها، لكنه كان ذلك الهدوء الذي يسبق العاصفة.
بدأت محاولات إخراجها وزجها في مناسبة عائلية بالنسبة لها هذه كارثة, تمنعت وبعد مفاوضات وإصرار الجميع بدأت رحلة البحث عما يناسب حدثاً سعيداً, يلزمنها وجها سعيدا لو ترتدي قناعا لكان حالها أفضل فثمة كآبة تملأ قسمات وجهها، توجهت لخزانتها ثمة لون واحد يميز لون ثيابها كلها متوشحة بالسواد كأن بها فقدان ذاكرة، أين اختفت الألوان؟ أين ألوان الربيع؟ هل صمت الربيع كل هذه المدة؟ ألم تنقشع سحب الشتاء القارس؟ لا؟ ملابسي كمتعهد موتى، لربما توفي الربيع له الرحمة.
تبدو الدنيا لها كمأتم كبير لا مساحات للفرح في حياتها لربما, سئمت الشكوى وسئمت اللون الداكن، سئمت الثلوج التي تسكن حجرات القلب, لست من ساكني الأقطاب الباردة ليغيب عني الربيع، تشرق الشمس ولا يصلني دفئها، يزهر الربيع ويفرش الأرض بحلله لكني يفوتني ذلك العرض.
تنجب الدنيا جمالا لا أراه ولا يتذوقه قلبي، تغرد الطيور ولا أسمع سوى صدى نفسي، لا أسمع سوى لحناً حزينا ً لربما هو لحن الرجوع الأخير.
استفاقت من صدى أفكارها على صوت أمها تطالبها بالسرعة لتلحق بموكب الفرح, لا أمي فاتني ذلك الموكب منذ زمن ليس هذا زماني ولا مكاني، لوهلة خزانتي أثنت على حكمتي لربما.
حزنت أمي وتركتي فتعلم أي رأس عنيد أخفي, بدأت بطقوسي المعتادة بعيدة عن البشر وتعقيداتهم, بعيد عن الاختناق بأحوالهم وأخبارهم, هنا أحيا حياتي آمنة.
لا أخفي أني أشتاق لألوان الربيع، متعطشة لورداته، متنية سماع تغريداته، لكن الشتاء مقيم.
واقرأ أيضاً:
صداقة الموتى / رسائل لن تصل / ابتسامة مسروقة / الترهات الماكثة / نا حين لا تدلُ !! / موعد ! / دخـولٌ ومغادرَةٌ! / شـاحِبَةٌ أنتِ ! / وقت لطقطقة الأصابع