كلفني أستاذي د. وائل أبو هندي بالكتابة عن حدث اختارني لأصاحبه فيه وهو ندوة تقديمية لبرنامج تدريبي للوعاظ يبدأ بمرض الوسواس القهري، ووجدتني بعد انتهاء الحدث مكلفا بأن أكتب عنه رغم أني لم أشارك في الإعداد له منذ البداية، وبالتالي حاولت أن أستجمع كل ما لدي من معلومات سمعتها من هنا أو هناك عن الموضوع فضلا عن كل ما حضرته في اليوم نفسه، وأستطيع أن أجمل أن الندوة من التفكير فيها وحتى التنفيذ الفعلي مرت بعدة مراحل تختلف كل منها في درجة صعوبتها.
أولا كانت الفكرة واتخاذ القرار بالسعي لإقامة تعاون مباشر بين قسم الطب النفسي بكلية الطب البشري بجامعة الزقازيق ومديرية الأوقاف بمحافظة الشرقية لبدء سلسلة من الدورات التدريبية من أجل نشر الوعي النفسي بين الدعاة، حيث تقوم كلية طب الزقازيق بتوفير برنامج تثقيفي وتعليمي في نشر الوعي النفسي والمعلومات السليمة في التفسير والتشخيص كما في الوقاية والعلاج المجتمعي للأئمة والدعاة، الذين تنظم حضورهم وانتظامهم مديرية الأوقاف.
كانت هذه الخطوة من أسهل الخطوات لأنها تعتمد علي شخص واحد وهو د. وائل ثم بدأت محاولة التنفيذ لهذا المشروع فمرت في الأوقاف، بعدة عوائق مثل الروتين الحكومي وعدم وضوح الجهة المطلوب مخاطبتها لتقوم بتنظيم الدورات وتضمن انتظام الدعاة بما لا يتعارض مع ساعات عملهم، وتعبنا كثيرا مع وزارة الأوقاف، حتى تدخل السيد عميد كلية الطب بعلاقاته الشخصية وساعد في إتمام هذه الخطوة من خلال التوجه لإدارة الوعظ والإرشاد بالمنطقة الأزهرية المركزية بمحافظة الشرقية
أخيرا تم الاتفاق على موعد ورشة العمل الأولى يوم الثلاثاء 28 مايو 2013، وعلى وعد مع ما بين 100 و150 من الحضور وكان هذا عددا أضخم مما توقعنا وحقيقة أضخم مما نستطيع البدء به، وكان الموعد في الثامنة صباحا! أو هكذا قال مولانا.... هداه الله وجازاه خيرا على حسن ضيافته ووجهه البشوش.
معنويا مررت أنا ود. وائل بمرحلتين مختلفتين أيضا ًيومها المرحلة الأولى (البداية) كانت محبطة للغاية فبينما كان الموعد في تمام الساعة الثامنة صباحا وتوجهت أنا ود. وائل إلى المكان المحدد في الموعد إلا أننا لم نجد أي شخص في انتظارنا سوى عامل النظافة الذي لم يكن لديه أي علم بأي شيء!
أجرى د. وائل عدة اتصالات بالشيخ الذي تطوع بتنظيم الحدث حتى جاء إلينا في التاسعة صباحا ثم بدأنا في انتظار العامل ليفتح لنا القاعة التي كانت غير مؤهلة لهذا الاجتماع حيث كان معنا جهاز وشاشة العرض الخاص بالجامعة، وجهاز اللابتوب الخاص بد. وائل ولكن أقل الإمكانيات في القاعة لم تكن متاحة.... حتى مصدر الكهرباء المناسب وحتى المشترك الثلاثي الذي يناسب جهاز العرض لم نجده، لم يكن في القاعة غير سبورة ومكتب وعدد من المقاعد الخشبية المعتادة في المدرجات.
بدا لنا لوهلة أن الشيخ بالغ في توقعاته لكن لم نكن نعرف غير الاستمرار، وبالفعل بدأ د. وائل أبو هندي المحاضرة في العاشرة صباحا في وجود خمسة أشخاص وكانت بداية غير مشجعة ولكن مع مرور الوقت بدأ العدد يتزايد وبدأ اهتمام المستمعين والتفاتهم واضحا وبدأت استفساراتهم وأسئلتهم بخصوص مرض الوسواس القهري وبخصوص الأسئلة التي تعرضوا لها من بعض الأشخاص بحكم وظيفتهم.
كانت الأسئلة التي طرحها د. وائل في البداية وفي الختام طالبا من كل من حضر أن يجيب عليها خلال الفترة بين هذا اللقاء واللقاء التالي... وبدا واضحا أنها تهم الحضور جميعا هي:
ما هي الأشكال الأكثر شيوعا للوساوس القهرية في خبرتك؟.
هل هناك علامات معينة تميز سؤال الشخص الموسوس؟ ما هي تلك العلامات؟
هل هناك أشياء تجب مراعاتها عند الرد على الموسوس؟
إلى أي مدى يجب عليك الالتزام بطمأنة الموسوس؟
شرح الدكتور وائل معنى وسواس قهري وظاهرتي الوسوسة والأفعال القهرية، وأعطى فكرة عامة عن فهمه كطبيب نفساني مسلم للوساوس القهرية وعلاقتها بوسوسة الشيطان... وفتح عدة مجالات للتأمل والتدبر في الخصائص المعرفية لمريض الوسواس وكذلك أعطى إشارات إلى أهمية الاطلاع على فقه المستنكح وهو جزء في الفقه المالكي خاص بالموسوسين، كما أعطى عددا كبيرا من الأمثل الإكلينيكية للوساوس القهرية الدينية المحتوى والتي تمثل 60% على الأقل من أعراض الوسواس القهري في المجتمعات العربية.... ثم أعاد د. وائل نفس الأسئلة التي بدأ بها وطلب من الجميع التفكير فيها حتى اللقاء التالي.
وانتهت الندوة نهاية مشجعة للغاية فكانت القاعة ممتلئة (حوالي 100 شخص فعلا أو أقل قليلا) وكانت الأسئلة تنهال علينا بخصوص الموعد القادم لتكملة الندوة وبدا واضحا حرصهم على موعد يناسبهم جميعا لكي يتمكنوا من الحضور وكان الاتفاق على يوم 30 يونيو 2013 .... كما كرروا رغبتهم في الحصول على نسخة ورقية من مادة العرض الشرائحي الذي قدمَ لهم، وأعدكم أن أكتب لكم عن اللقاء القادم.
واقرأ أيضاً:
منهج الفقهاء في التعامل مع الوسواس القهري