الذكورية «حلوة مافيش كلام» سلطة.. سيطرة.. تحكم.. قوة.. لماذا يترك الذكر أفكاراً تمنحه كل ما سبق وأكثر ويختار أن ينحاز للمساواة بين الجنسين؟ منطقي جداً أن يرفض، بل ويحارب ضد أي أفكار تسلبه تفوقه المزيف.
بالتأكيد المرأة هي الأكثر تضرراً من «الذكورية» لا مجال للمقارنة ولكنك أنت أيضاً «كذكر» يتم التعامل معك على أنك سلعة، الذكورية لم «تسلع» المرأة فقط. عندما تقرر كذكر الزواج مثلاً فأنت وبسبب «الذكورية» ولأنك مطالب بإثبات أنك رجل «والراجل مايعيبوش غير جيبه» يتم تقييمك على أساس ما الذي تستطيع أن تقدمه.. الشقة/ المهر/ الشبكة/ دخلك…إلخ. يتم تسليعك بسبب الذكورية ويطلب منك أن تتحمل وحدك أعباء مادية كبيرة وإذا لم تتمكن من تحقيق ذلك ينظر إليك باعتبارك «ناقصاً».
يوجد أيضاً معايير جسدية لتقييمك كذكر كامل الذكورة منها أن تكون طويلاً وذا جسم رياضي ممتلئ بالشعر ولا مانع من بعض العضلات وكلما كان صوتك أعلى وكنت أعنف وأعضاؤك التناسلية حجمها أكبر فأنت تقترب من صورة الذكر الكامل. فقدانك لأي من هذه الصفات ينتقص من «رجولتك» في عرف الذكورية. «الذكورية» ظلمت الرجال كثيراً، بدءاً من جملة بسيطة مثل «ماتعيطش.. انت راجل الرجالة مابيعيطوش» وكأن «الذكر» ليس كائناً حياً يشعر ويحتاج للتعبير عن هذه المشاعر.. وكأن الدموع تنتقص من ذكورة الذكر ولا أعتقد أنني بحاجة أو بصدد شرح فوائد الدموع فهي بخلاف كونها وسيلة للتنفيس عن الألم سواء النفسي أو العضوي لها فوائد طبية عديدة باعتبارها إحدى إفرازات الجسم الطبيعية.. يحرم الذكر نفسه من هذه الفوائد «لأنه راجل ومايصحش يعيط».
تحرم «الذكورية» الرجل من التعبير عن مشاعره الرقيقة لأنها «ضعف»، الحب مثلاً، الافتقاد. أخبرني شخص أنه لم يخبر أباه أبداً في حياته قبل موته أنه يحبه خوفاً من أن يتهمه الأب أنه «مش راجل» يا للقسوة! متى اعتبر الناس أن التعبير عن المشاعر الجميلة شيء ينتقص منهم بأي صورة من الصور؟ وحده الشخص القوي هو القادر على التعبير عن مشاعره بوضوح ولا يخجل منها ولا يعتبرها ضعفاً. «كن رجلاً» حيث لا مكان للضعف الإنساني، لا مجال للتعبير عن مشاعرك، كن الحامي والمانح، واستمتع بالكثير من عدم الثقة بالنفس والشعور بالتهديد الدائم من أي ذكر آخر تتوفر فيه الصفات المطلوبة أكثر منك. استمتع بالعنف اللذي تمارسه على الأضعف. استمتع بالاكتئاب والعقد النفسية النتيجة الحتمية إذا لم تكن تطابق الصورة المرسومة «للدكر» ولا تنسَ أن تخفي ألمك فالرجال لا يصح أن يتألموا.
هذه ليست دعوة لأن يكره الإنسان جنسه أبداً، هي فقط تأملات في أفكار تحتاج بشدة لإعادة النظر فيها وتقييمها مرة أخرى. أفكار تظلم الإنسان بشكل عام. أفكار قد يحملها ذكر أو أنثى، نعم فالكثير من النساء متعصبات بشدة للفكر الذكوري ويدافعن عنه بضراوة. كيف لا وهو في تفاصيله الصغيرة يعطي الأنثى قوة وقدرة أكبر على التحكم بالذكر دون أن يشعر بل بالعكس تجعله يعتقد أنه الأقوى؛ لاهية إياه في قشرة مزركشة ملونة يفرح بها وهو في الواقع يتم استغلاله بكل الصور. يعتقد أنه المسيطر والمتحكم و«سي السيد» في حين أنها تستغل ضعفها الظاهري في الحصول على كل ما تريده وأكثر.
غريب أن تشتكي نساء من الفكر الذكوري بينما تستطيع أخريات التحايل عليه واستغلاله. ربما هي وسيلة دفاعية ابتكرتها المرأة ورأت أنها تحقق بها مكاسب أكبر من المواجهة المباشرة مع كائن قد يتفوق عليها في قدرته البدنية، ربما تشعر بهذه الطريقة بتفوقها العقلي عليه، الخلاصة أن هذه الديناميكية تنتج نوعاً من العلاقات المهلكة والظالمة للطرفين.
وليست أيضاً دعوة لتحويل العالم من صورته الحالية الأبوية إلى صورة أمومية حيث تتحكم النساء فيه كما يتحكم الذكر الآن. هي ليست إلا مطالبة بعدالة ومساواة للجنسين، حيث لا يتعرضان ولا يعرضان بعضهما بعضاً للظلم وليكون العالم أكثر توازناً. المسألة ليست صراعاً بين الجنسين، المفترض أنه تكامل. لا يحدث التكامل إلا بين طرفين متساويين في الحقوق وفي الواجبات وبالنظر لكليهما باعتِبارهما إنساناً فقط.
كلمة أخيرة عزيزي الرجل الصغير أنت قبل أي شيء إنسان، وطفل. إذا تعرضت للضرب من أصدقائك الذكور في المدرسة هذا لا يجعلك «مش راجل» ولا يستدعي أن تشعر أنه نقص بأي شكل ولا عيب فيك. أرجوك أخبر والدتك ودعها تتصرف أو تتفاهم مع أصدقائك، حاول أن تتغلب على هذا الموقف وتتركه هناك في الطفولة لا تحمله معك في وجدانك إلى أن تصبح رجلاً كبيراً، لا تخبر نفسك أبداً أنك في يوم ما سوف تكبر وتضربهم، هذا ليس حلاً. أرجوك ارحم الكوكب من تبعات هذا الموقف.
واقرأ أيضا:
المرأة والرجل على الميزان / رجل وامرأة وآذان صاغية / عندما يصبح الرجل أنانياً / الرياء وسيلة دفاع المرأة أمام الرجل!! / أنا بقى بتاعة حقوق المرأة