راجعتني في العيادة أم تشكو من خجل ابنها منذ الطفولة وتقارنه بنفسها ووالد الطفل وتقول إنها جداً إجتماعية، مرحة حيوية ونشيطة ولكن إبنتها لا تتصف بهذه الصفات بل هي العكس تماماً وهذا الأمر يقلقها ويجعلها تشعر بأن الطفلة غير طبيعية وتحتاج إلى علاج وتسألني ماذا تفعل ؟
درس كل من (Kagan, Reznick & Snidman ,1988) الأساس البايولوجي للخجل في فترة الطفولة، نتائج الدراسة شجعتهم للعمل المزيد من الدراسات على الصفات الأخرى وكانت النتيجة هي أن أغلب هذه الصفات وحتى المزاج العام (المزاج المرح أو الكئيب أو المتشائم والمتفائل) هي صفات وأمزجة ثابتة تقريباً تولد مع الطفل وتستمر مدى الحياة. كما بينت دراسة يانج وزملاؤه (Young, Klosko & Weishaar, 2003) بأن أغلب الأبعاد الانفعالية التي يولد معها الطفل تقع ضمن هذه الأطياف الموضحة في الرسم:
بالطبع التجارب التي يمر بها الطفل والبيئة التي ينمو فيها وطريقة تعامل الوالدين معه، تؤثر على تضخيم أو ترقيق صفاته. فإذا كان طبعه انطوائياً وخجولاً والأم أو الأب دائماً ينتقدان خجله أو انطواءه أو تصرفاته الأخرى فإنهم يزيدون من حدة الخجل فيه. فكثرة الملامة والتأنيب والانتقادات الجارحة، عموماً تشدد من الصفات السلبية للطفل، فإذا كان مزاجه كئيباً يزيد من كآبته وإذا كان عدوانياً يزيد من عدوانيته.
إذاً ماذا نفعل ؟
بالنهاية سوف يسأل الوالدان ماذا نفعل هل نترك الطفل يكون على ما هو عليه أم نقومه ؟ الإجابة تتلخص في النقاط التالية :
1- اكتشف طفلك واعرف أيّ الصفات هي صفاته الشخصية التي طُبع عليها وأيُّها مكتسبة تعلمها من الأسرة والبيئة.
2- لا تتكلم بسوء عن صفاته الذاتية مثل الخجل والانطواء أو حتى العدوانية ولا تجعله يشعر بأنه سيء لأنه خجول.
3- إياك أن تتذمر من صفاته لدى الآخرين فالأطفال ليسوا صُمًّا بُكمًّا لا يعقلون كما نتصورهم. تذمرك من صفاته يجعله يكره نفسه ويتشبث بتلك الصفات في نفس الوقت.
4- شجِّع تصرفاته البسيطة التي تكاد لا تُذكر والتي تكون عكس طبائعه، مثلا إذا كان خجولاً وتقدم من تلقاء نفسه ليسلم على الآخرين، انظر إليه نظرة تحسين عميقه دون أن تقول بصوت عالي أمام الآخرين الحمد الله أنك لم تحرجني هذه المرة !!.
5- تذكر دائماً أن الأطفال مثلنا تماماً فقط حجمهم أصغر منّا، فما يجرحنا يجرحهم لكنهم لا يستطيعون تشخيصه وبيانه. فأحبَّ لأبنائك من المعاملة ما تحب لنفسك.
6- وجه صفاته الضعيفة في المسار الإيجابي، مثلاً إذا كان عدوانياً سجله في الفعاليات العنيفة، وإذا كان كثير الكلام اطلب منه أن يحفظ قصصاً ويذكرها للأطفال الأصغر منه.
7- في أول فرصة تواجه فلاحاً اسأله هل الزراعة وتربية المحصول الزراعي أمر سهل أم صعب ؟!
المراجع:
1- Kagan, J., Reznick, J. S., & Snidman, N. (1988): Biological basis of childhood shyness. Science, 240, 167–171.
2- Young, J. E., Klosko, J. S., & Weishaar, M. E. (2003): Schema therapy: A practitioner’s guide. New York: Guilford Press.
واقرأ أيضاً:
سيكولوجية المتقين (2) / كيف تجتنب النساء إيذاءات المنحرفين / وباء النرجسية / ازدواجية العواطف / سيكولوجية العتاب.. دليل على الحب أم ... ؟ّ!