بالمجتمعات العربية لو تكلمت الفتاة محاولة التعبير عن رأيها بموضوع ما, تجد من يقول بهلع "عيب، عيب تتكلمي وتناقشي بالجرأة دي خصوصا وانتي لسه بنت, إيه قلة الأدب دي" وتتزوج الفتاة.. لتجد من يرد بخبث "عيب يعني متجوزة ولازم يكون كلامها قليل, ومتقولش أي حاجة تظهرها.. وكده يعني". أما إن كانت مطلقة أو أرملة أو لم تتزوج, أو تبع مسميات مجتمعاتنا هن (الخايبة واللي حظها مايل والعانس) تلك الفئة والتي تبعا لمعايير وعادات مجتمعنا العربي وطبقا لمصطلحات التصنيع يعتبرها "فرز تاني".. التي تسمي عند الغرب فاقدين حدود الشرع الـ (سنجل وومن – Single woman)
لو إحدى نساء الفرز التاني فتحت فمها للنقاش والتعبير عن الرأي أو حتى التواجد, تجد عشرات الألسن ترد "هي لو كانت فالحة كانت فلحت في بيتها الأول, وكمان عيب أصلا تتكلم".. "ويا سيدي تلاقيها بتجر الرِجل ما هي خلاص عيارها فلت ومن غير راجل ولا حد يلمها". هذا على أساس أن المرأة العربية مفلوت أمرها بالفطرة كده على طول، ووجود الرجل وحده بصورة الأب أو الأخ ثم الزوج, هذا وحده الرادع الذي يجعلها يمين, ولولا وجود هؤلاء الرجال بمختلف مراحل حياتها لما خشيت أحد ولـعادت لفطرتها الأولى (الانفلات الأخلاقي) فالخوف, والخوف وحده هو ما يمنعها, وليس الوازع الديني أو المعايير الأخلاقية أو حتى احترامها وخوفها على قدسيتها, قبل أن يكون الخوف من رجل هو بنفسه من يحاول انتهاك تلك القدسية.
أما الرجل -ربنا يحميه ويكمله بعقله- فهو يعي تماما حدود دينه وما شرعه الله سبحانه وتعالى، لا يحتاج لرقيب أو شهيد, حيث تلك الحدود هي مرجعيته الأخلاقية والدينية بكل فعل له أو قول بمختلف مراحل حياته, فاهم حقوقه وواجباته ومذاكر الشرع والدين ولا يمكن أن يخطئ.. ولماذا يخطئ؟؟ وهو عنده مثني وثلاث ورباع في قائمة الـ"سكايب والياهو والفيس بوك"...! تَعدُد من نساء من المفترض أن المجتمع نصب الرجل الرقيب والناصح والحماية عليهن ولهن!
أما لو كانت تلك المرأة "الفرز التاني" بين أخواتها من النساء, لوجدت من تقول "أيوة ياختي ماهي عاوزة تخطف الراجل" (على أساس إنها خايفة على الحيلة اسم النبي حارسه)، ثم لترد بلحظة "على إيه يعني؟؟ اللي أخدته اللي في البيت تاخده اللي بره"
فهي تخاف عليه ليس من باب المحبة بقدر ما هو من باب (ضل راجل ولا ضل حيطة) فـ العيش بظله أفضل من ظل الحائط.. ثم إن هناك وتحت ظلال حوائط أخرى متعددة الكثير من أصدقائها, إخوانها, عشاقها ورجالها.. ولذا يكون ذلك الزوج وجوده مطلوب جدا ويكفي منه "ظله".. فهي تعلم أنها بمجتمع يغض الطرف عن المرأة طالما كانت بظل رجل, ظل قد تستخدمه هي كـ ستار تخفي وراءه الكثير.. وهو ذات المجتمع الذي قد ينهش عمليا ونظريا وحتى فكريا في أخرى خافت من الخالق وليس المخلوق, تمسكت بحدود الشرع وليس العُرف.. فضلت أن تكون "فرز تاني" على أن تكون "خائنة تحت ظل رجل"..
فكانت النتيجة.. أن استفاد بعضهن من أعراف مجتمعاتهن، وبمكرهن تحايلن عليها تحت حماية وقوامة وقوة "ظل" رجل البيت. بينما البعض الآخر منهن حاولن تقويم أحكام وأعراف عقول تتبع الظن وما تهوى الأنفس.. وما هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان.. واتبعن فقط شريعة ومنهاج الحق.
واقرأ أيضا :
رسالة إلى أخي وصحبه في المعتقل / نصف روح! / كله يشبهللو...وأنا تبع نجيب محفوظ / قصص قصيرة جدا