أمم الدنيا تعيش في دولة، إلا أمة العرب فهي أمة بلا دولة!!
فالعرب أمة عاجزة على أن تكون في وعاء دولة، وعلى مدى القرن العشرين وحتى اليوم، فشل العرب في إقامة كيان الدولة بمعانيه السيادية والاقتدارية، وإنما ارتضوا صيرورة الكينونات التي تسمى أقطارا أو أوطانا، وهي منقوصة السيادة ولا وجود فيها لكيان الدولة ومؤسساتها، بل مضت تتدحرج في دروب التشظي والتناثر، وفقا لإرادات فردية وحزبية وعائلية، حتى وصل بها الأمر إلى أن تمعن في التفتت، فتجعل من أسباب قوتها مؤهلات ضعف وضياع.
فحال العرب ربما لن يتغير لأنه يمضي في طريق منحرف ومعوج، ويحيد عن الطريق الواضح المستقيم، الذي يستدعي وضع جميع الطاقات والقدرات في وعاء الدولة العربية الواحدة أو المتحدة. وبما أنهم لا يريدون التفكير مثلما تفكر البشرية في عصرنا العولمي الحيتاني الطباع، فإن الحيتان ستحاوطهم وسيعيش كل كيان في بطن حوت، يهضمه ويمزقه ويحرر ما فيه من الطاقات للحفاظ على قوته وسطوته.
فكل مقسم يتقسم، لأنه قد صار هدفا لإنزيمات الهضم الحضاري، التي تتسبب في تحويل الهدف إلى مواده الأولية القابلة للتمثيل الغذائي في بدن الاقتدار الفاعل. ومن الواضح أن إنزيمات الاتلاف الحضاري تسعى لتحويل العرب إلى موادهم الأولية وتفتيت أي كيان مقتدر فيهم، ويتم طبخهم أيضا وتقديمهم أطباقا على موائد المفترسين الجياع، المنهمكين بصناعة أحابيل الشرور والصراعات الكفيلة بصيد ثمين ووفير.
هكذا هي أحوال العرب، وناعور ويلاتهم الذي يغرف من دمائهم وأحلامهم وحقوقهم، ويسكب في رمضاء الوجود السقري الفيحاء، وما استيقظوا واستفاقوا من مأزق العدم والتصاغر والتداعي والانهيار في أحضان الطامعين، المكشرين أنياب وعيدهم والرافعين مخالب أحقادهم المتوثبة للانغراز في عيونهم المشوهة بالقذى!!
فهل سندرك أن العزة والسلام والاستقرار في الوحدة والاتحاد، والتواصل الإيجابي ما بين الكيانات العربية، التي عليها أن تخرج من بطن حيتانها وتكون مع بعضها قوة كبيرة وكتلة عظيمة تهابها جميع الحيتان؟
هذا تساؤل فشل العرب عن الإجابة عليه على مدى عقود، لكن مصيرهم اليوم أصبح على شفا النهايات المؤلمة، وما عليهم إلا أن تتشابك أياديهم وعقولهم وقلوبهم، لكي يكونوا أكبر من أية حفرة وخديعة وفم ومؤامرة، فالقطيع المتماسك تهابه الذئاب والأسود، فكيف بأسودٍ متماسكة وإرادات متفاعلة، متنورة بقوة الاتحاد والمصير المشترك والمصالح الثابتة الواضحة الواحدة؟!!!
اقرأ أيضا:
الامبراطوريات الفتاكة/ الإرادة المستلبة والمفروضة!/ الاتحاد الذي يجب أن يكون/ حرب على حرب!!/ العرب بين الدولة والإمبراطورية؟!!/ العقل الوطني المعصوب/ بُناة الأوطان!!/ جدار برلين ينادينا؟!!/ معا وسوياً!!/ الأوطان موجودات أرضية لا كيانات سياسية