عندما يرفض الطفل المدرسة.. ماذا نفعل؟!1 مخطط يوضح طريقة التصرف لما يرفض الطفل المدرسة
يجب الانتباه للحالة بشكل مبكر, وكما ذكرنا أنها عرض لمرض وليست مرضا مستقلا، وبالتالي يجب التعرف أولاً على سبب مخاوف الطفل، والعمل على إزالتها، وهذا هو حجر الأساس في العلاج، ويمثل ثلاثة أرباع الشفاء. وفي هذه الحالة يجب التعاون ما بين الأهل وكادر المدرسة والطفل في التعرف على تلك المخاوف ومعالجتها.
وللتسهيل يمكن أن تكون خطوات المعالجة الرئيسية لحالة رفض المدرسة على الشكل التالي:
أولاً: زيارة المدرسة من قبل الأهل والتعاون مع الكادر التعليمي.
ثانياً: البحث عن أسباب الرفض ضمن ظروف البيت والمدرسة وافتراض أي سبب محتمل.
ثالثاً: تجربة إلزام الطفل على الذهاب للمدرسة بشكل حازم جازم، فلا عصبية ولا صراخ ولا ضرب ولا حمل، وبنفس الوقت لا ضعف ولا تراخي ولا رشاوي للطفل وتنازلات كأن نقول له (إذا ذهبت للمدرسة فسأعطيك كذا وكذا ....).
رابعا: إذا ظهر وجود خوف وقلق حقيقي عند الطفل يتعلق بالمدرسة:
1- البحث عن محرّضات الخوف والقلق ضمن ظروف العائلة.
2- التعاون ما بين الأهل وكادر المدرسة والطفل في التعرف على تلك المخاوف.
3- مناقشة مخاوف الطفل مع الطفل، للبحث عن الفكرة المسببة لمشاعر الخوف وسلوك الرفض للمدرسة:
من المفيد أن تعلم: أن خلف كل شعور سار أو مزعج تختبأ فكرة أو اعتقاد يفسر هذا الشعور، وعليه يترتب طريقة التصرف والسلوك ، وهي على نوعين لا ثالث لهما: إقدام أو هروب. وهذا تمثله حلقة موضحة في الشكل: تبدأ بموقف من مواقف الحياة يتولد عنه أفكار عن نفسي وعن المحيط من حولي تختلف من فرد لآخر، يليها مشاعر معينة مناسبة للأفكار ثم سلوك محدد مناسب، ويتم العمل على هذه الحلقة في جلسات العلاج السلوكي المعرفي.
4- تخفيض الضغوط على الطفل Stress Management في البيت والمدرسة.
مثلاً: عدم تكرار الموضوع على مسامعه ليلاً ونهاراً، فلا نسأله باستمرار عن شعوره صباحاً أو قبل أن ينام (هل أنت خائف؟)، وعند ذكره هو للمدرسة من المفضل أن نقول له مشجعين ومطمئنين: (ستذهب وسيكون غداً أسهل يا بني) ونغيّر الموضوع إلى موضوع آخر. أو نقول له: (إنك لا تكره المدرسة، إنك تحب المدرسة والمدرس والأصحاب، ابني سيصبح بطلاً ومتفوقاً، ابني سيكون أفضل من جميع إخوانه وأخواته دراسياً).
5- تدريب الطفل على كيفية التعامل مع الخوف والضغط النفسي بأسلوب المواجهة المتدرجة (أي يلتحق بالمدرسة على خطوات) أو غير المتدرجة (يدخل المدرسة مباشرة وبدوام كامل ولوحده).
وتكون الطريقة حسب طبيعة شخصية الطفل وسبب الرفض ودرجة الخوف وطريقة تعبير الطفل عن الخوف (سلوكياً أو جسدياً)، ونذكر منها:
٠ تعليم الطفل الاسترخاء Relaxation التخيلي والتنفسي والعضلي.
٠ التعرض التدريجي للمدرسة أو التعرض المباشر غير التدريجي للمدرسة، ويقرر حسب الحالة.
٠ إذا كان الطفل يشتكي من شكايات عضوية كآلام البطن أو الرأس، فمن الإنصاف أن يقيم عند طبيب أطفال وعمل بعض فحوصات لنفي أي مرض عضوي دون مبالغة. مع الانتباه إلى أن طعام الفطور أو العشاء مساءاً يجب أن يكون سهل الهضم خالي من الدسم.
6- تدريب الأبوين Parents Training على ردة الفعل المناسبة:
وهي مزيج متجانس من الهدوء والحزم والقوة في نفس الوقت، والبعيدة عن العصبية والضرب أو التراخي والإهمال، ممسكين بوسط العصا لا إفراط ولا تفريط.
7- تهيئة المدرسة:
أو ما أسميها خطة المدرسة >> بيت ( أي تحويل المدرسة في نظر الطفل وكأنها بيته)، من خلال ما يلي:
وصف المدرسة للطفل من قبل الأبوين بشكل تفصيلي جميل يدغدغ مخيلته.
طريقة الاستقبال: استقباله أولا في غرفة معدة للمدرسة كغرفة الجلوس في البيت، وعلى شكل زيارات قصيرة في أول الأمر للتعرف على المدرسة بشكل تفصيلي.
المعلم = أبي أو عمي : زيارة المدرس له في البيت، أو هدية من المدرس.
أصحابي = إخوتي: عمل مجموعة جذب له من بعض الأصحاب: دعوة بعض أصدقائه في الفصل لقضاء بعض الوقت معه في البيت أو أن يذهب هو إليهم.
أفكار أخرى:
- التنسيق مع إدارة المدرسة ومعلم الفصل لزيارة عدد 3 أو 4 طلاب لتكريمهم في أي مناسبة ما يكون هو شارك فيها ولو بشكل جزئي، ويكرم هو ضمن هؤلاء الطلاب.
- تنسيق رحلة أو زيارة خارج المدرسة بصحبة الطلاب والمعلم عن طريق إدارة المدرسة، مثل رحلات أو زيارات حدائق الحيوان أو بعض قرى الألعاب.
- أن يقوم المعلم بتشكيل فريق الإذاعة الصباحية ويختاره من ضمن الفريق ويعطيه سطر أو سطرين، أو أنشودة لقراءتها في طابور الصباح، وأيضاً يشكل فريق النظام في الفصل ويجعله أحد أعضائه.
8- بعد ذلك عمل: اتفاق مع الطفل ((عقد)) للذهاب إلى المدرسة:
ويكون العقد مشتملاً على الاتفاق على النقاط التالية مع الطفل:
٠ ماذا يترتب على ذهابه إلى المدرسة؟ من رضا الأبوين و و و.. ولكن دون الوعد بمكافأة محددة لكيلا تكون كالرشوة، فتعزز من رفضه ليحصل دائما ويفاوض على ما يريد.
٠ ماذا يترتب على رفضه الذهاب إلى المدرسة ؟
في حال لم يذهب نطبق خطة البيت >> مدرسة ( أي يتحول البيت صباحاً في حال رفض الولد المطلق للذهاب إلى مدرسة، أي استيقاظ باكر ومذاكرة للدروس، لا تلفاز ولا كمبيوتر ولا فطور ولا كلام).
يجب تطبيق الاتفاق بحزم وبهدوء دون ضرب أو صراخ، والصبر على الطفل وعدم التراجع معه للعودة إلى البيت. ويجب إعادة التقييم مع المدرسة باستمرار حتى يطمئن الطفل فيها.
9- العمل على تحويل الارتباطات السلبية في ذهن الطفل مع المدرسة إلى ارتباطات إيجابية.
ارتبطت المدرسة في ذهن الطفل بمشاعر وأفكار سلبية مزعجة منفرة، مثل : مشاعر الوحدة والابتعاد عن بابا وماما، وبسبب المدرسة ساءت علاقتي معهما، فلم يعودا يحباني كالسابق. المدرسة حيث النوم الباكر والاستيقاظ الباكر، وانقطاع وقت المتعة واللعب... إلى آخره مما يسبب الضيق والنفور من المدرسة في نفس الطفل.
فيتوجب على الأبوين والمعلمين والأخصائي السلوكي العمل على فك الارتباطات السلبية السابقة، عن طريق إيجاد ربط للمدرسة مع مشاعر وأفكار إيجابية: كمشاعر الثقة بالنجاح والتفوق والتكريم، وأفكار أن لديه مدرسة فيها ملاعب لكرة القدم والسلة، وأن لديه أصدقاء كالإخوة يلعبون معه ويحبوه ويسألون عنه إذا غاب.... إلى آخره مما يرغّب الطفل في المدرسة فينجذب إليها.
10- إذا كان لدى الطفل مخاوف شديدة جداً يصعب تجاوزها، يمكن تطعيم خطة العلاج بأحد أنواع الأدوية المضادة للقلق المناسبة لعمره لتجاوز حاجز القلق والخوف الشديد عند الطفل من المدرسة، وذلك لفترة قصيرة من الزمن.
خامساً: لا يوجد خوف وقلق عند الطفل، فقط عناد وتهرّب:
1. البحث عن السبب ضمن ظروف العائلة.
2. البحث عن السبب ضمن ظروف المدرسة.
3. مناقشة الطفل.
4. تذليل العوائق في البيت أو المدرسة.
5. تدريب الأبوين على ردة الفعل المناسبة.
6. التعاون مع المدرسة.
7. بعد ذلك عمل: اتفاق مع الطفل ((عقد)) للذهاب إلى المدرسة.
وهنالك بعض الممارسات الخاطئة الشائعة والتي تساعد على استمرار المشكلة في كثير من الأحيان، ويتوجب على الأهل والمدرسة الابتعاد عنها، ومن أهمها:
1- التعامل القاسي مع الطفل بضربه أو حمله عنوةً وإدخاله المدرسة.
2- تغيير المدرسة إلى مدرسة أخرى أو المدرس إلى مدرس آخر، وخاصة إذا ثبت عدم وجود مبرر لذلك سوى مزاجية الطفل.
3- الاستجابة للطفل وإبقاؤه في البيت لفترة طويلة دون معالجة، مع السماح له باللعب في فترة المدرسة وكأن شيئاً لم يكن مما يعزز رفضه للمدرسة.
4- استجابة المعلمين لطلبات الولد بالاتصال بالأهل في كل وقت والسماح له بالعودة إلى البيت متى يشاء.
أخي المربي/أختي المربية: إذا كان لدى الطفل مخاوف شديدة، فمن الظلم له عدم معالجتها، وإن لم تنفع الطرق السابقة فلا تتردد من إحالة الطفل إلى الطبيب النفسي لتقييم الحالة والتعرف على السبب، وتصميم خطة متكاملة يشترك فيها غالبا الطفل والأهل والمدرسة.
واقرأ أيضاً:
الخوف من الذهاب للمدرسة / الطفل أثناء مرحلة المدرسة (فترة الكمون)