بعد نشر مقال: "ماذا يريد الرجل من المرأة" وصلتني رسائل كثيرة أغلبها تحمل نبرة العتاب وبعضها يحمل نبرة الغضب من الرجل وأنانيته وطمعه واستبداده وقهره, أو سلبيته وإهماله في تعامله مع المرأة, وفي المجمل كانت صورة الرجل سلبية إلى حد كبير, ولذا طلبت من صاحبات الرسائل العاتبة والغاضبة والساخرة أن يرسلن رأيهن في "ماذا تريد المرأة من الرجل؟", وكانت هذه المشاركات التي أعتبرها من المنبع, حيث تمثل رأي المرأة مباشرة وهي تتكلم عن نفسها وعن احتياجاتها من هذا الكائن المتعب (والمرغوب حبا أو اعتيادا أو اضطرارا) المسمى "الرجل".
وما ورد في الرسائل هو تقريبا ما أسمعه في جلسات العلاج النفسي والعلاج الزواجي, وقد يعتقد البعض أن هذا الكلام بديهي وأن الرجل (أي رجل) يعرفه جيدا, ولكن في الحقيقة ما نلاحظه هو أن نسبة كبيرة من الرجال (حتى المثقفين والمتعلمين) لديهم "أمية نفسية" و"أمية وجدانية" فلا يدركون احتياجات المرأة الحقيقية التي وردت عفويا في هذه الرسائل والتي سأعرضها منسوبة لصاحباتها مع بعض الاختصار والتصرف لعل ذلك يصلح بعض الزيجات والبيوت:
أسماء مندور: إنه يكون حنين عليها ويدلعها ويهاديها, وراجل يقدر يحميها حتى لو من كلمة من والدته... ساعتها هيكون هو نور عينيها..... الحنية دي مهمة جدا... أنا أعرف زوجة بتحب زوجها جدا ومتزوجة من أكثر من عشرين سنة عمره ما صالحها لما بتزعل منه أو تتقمص بيسيبها لو شهر لحد ما نفسها تتكسر وترجع لوحدها.
رانيا منصور : أعتقد أن من أهم الأمور اللي لازم يفهمها الرجل عن المرأة قبل كل شيء هو مزاجها المتقلب، وتأثرها الشديد حتى بتوافه الأمور، وأنه لازم يستوعب دا ويحتويها في كل الأوقات، وخاصةً أوقات الحزن لا سيما لما يكون غير مبرر (حتى منها نفسها). بصفة عامة، الأنثى محتاجة من الرجل يكون أب وأخ وصديق وابن وحبيب.
ولازم يفهم امتى بتكون محتاجة لكل حالة منهم.... لازم يقدر يحتويها في كل حالاتها..... تحس صدقه في حبها.... تحس إختلافه معاها عن سائر بنات حواء... تشوف أنه بيعمل عشانها حاجة ولو بسيطة.... يقدس ذكرياته معاها.... يحترم عقلها وتفكيرها ويثق في رأيها.... يشاركها كل مشكلاتها وأفراحها.... باختصار يشاركها كل لحظاتها..... لا يراها مجرد جسد لأن دا شيء بتكرهه المرأة حتى وإن كانت جميلة فاتنة..... ولا يراها مجرد زوجة لأنها هتمل الدور دا مع الوقت لو مفيش جنبه مشاعر افتقدتها ببعدها عن أهلها وأصحابها.... وطبعا الكلمة الحلوة الطيبة بينضحك عليها بيها..... احنا منقدرش نقول إن الأنثى متطلبة لكن في الوقت نفسه منقدرش نقول انها بترضى بقليلها فيما يتعلق بالمشاعر، هي محتاجة فيضان مشاعر لكن كلمة حلوة في وقت معين، أو تصرف بسيط ممكن يمثل عندها الفيضان دا.
رانيا سمير: تريد المرأة من الرجل أن يحتويها وهي غاضبة.... أن يشعر بها ويراعي ظروفها النفسية والصحية... أن يشعرها أنها ملكة... أن يشعرها بأنوثتها ويمدحها... أن يلعب معها...
أن يفاجئها كل فترة بأي شيء ولو صغير، أن يحن عليها ويطبطب عليها ويشكرها على كل ما تبذله، ألا يثقل عليها بالطلبات بدون مراعاة لما تقوم به طول اليوم، أن يتعامل بلطف وذوق كما يفعل مع الغريبات، أن يراعي غيرتها عليه ويقدرها، ألا يهملها أويستفزها أو يضايقها باستمرار. ألا يجعلها تشك فيه وفي تصرفاته خاصة لو كانت غيورة، أن يطمئنها دائما ويشعرها بالامان، أن يغض بصره خاصة وهو معها ولا يمتدح الأخريات وجمالهن وهي معه، ألا ينتقدها باستمرار وأن يحاول التركيز على الإيجابيات في شخصيتها، أن يكثر من عبارات الحب والود. أن يخرج معها ويسافر معها ويشعرها أنه سعيد لوجودها معه، أن يحترمها ولا يحاول إيذاءها، أن يساعدها، أن يحبها بطريقتها هي وليس بطريقته هو.
سالي عطيه: تريد المرأه من الرجل التقدير والاحترام وأن يشعرها بالحب والإخلاص، وأن يساعدها على تحقيق رسالتها، وتحب المرأه في الرجل الإهتمام بمظهره وأن يحترم أهلها ويتعامل معهم بمودة ويكون بينهم تفاهم ومودة ورحمة. المرأة تريد زوجها طموحا وكريم.
أم كلثوم حمدي (وهي أخصائية نفسية تنقل صرخات ومواجع كثيرات ممن تتعامل معهن): المرأة تريد من الرجل يكون أب وأخ وزوج وعاشق، يفضل طول عمره خطيبها اللي بناء عليه خدت قرار باستكمال حياتها معاه، يراعى احتياجاتها وميسخرش منها ولا يتفه مشاعرها، يفهم امتى تحتاج تشوف قوته وامتى تحتاج يراعى ضعفها، واحتياجها لحنيته. إنه يفهم تقلباتها ويتحمل مزاجها السيء واضطراباتها فى أوقاتها الخاصة، يفهم ان أمور النساء متعبة وان الحمل والولادة والرضاعة والتربية مش بنفس السهولة اللى بتحكى عنها الجيل الأثرى من النساء لما تقول كلنا حملنا وولدنا من غير ماناخد بالنا.
يفهم ان الحياة مشاركة وميقارنش زوجته بحد، ويفهم قبل مايطلب منها الكمال ان هو نفسه مش كامل، وان مفيش زوجة هتقدر تشتغل جوه وبره البيت وتربى عيال وتسهر وترضع وتنضف وتطبخ وتنور فى الضلمة وتغوية بالليل وهو كل مهمتهإنه يرجع من الشغل يمسك الموبايل فى إيده أو ينزل مع اصحابة ويرجع يقول انتى معملتيش كذا ليه. محتاجة انه يفهم ان دى مراته وفى حمايته ومسئول عنها مش دورة فى حياتها انه سيدها وتاج راسها ويأمر فيطاع من غير مناقشة، وانها لو هتعطيه بعض الخضوع فهو لازم يقابله ببعض الشهامة, يعنى مش هى تبقى خاضعة وتوطى راسها يقوم هو يدوس عليها!!!.
يفهم أن كلمة لأ ممكن تكون قابلة للنقاش -عادى- طالما مش قرآن منزل، وأن الاعتذار مش لازم يكون من طرف واحد على طول الخط فى كل المشاكل. المرأة محتاجة راجل يتفهم احتياجاتها ويقدر مسئولياتها وتعبها، يفهم انها ممكن تحتاج لأجازة أو سفر لمدة كام يوم -عادى- يفهم ان الهدية مش واجب تقيل او عبء مادى وإنما شيء له قيمة وأهمية ودلالة.
يفهم أن المرأة تحتاج لحظة تفصل فيها من كل الدوشة اللى حواليها، تخرج مع صاحباتها مرة لوحدها من غير أطفال ومسؤولية ودوشة وبهدلة زى ماهو بيعمل، بتحتاج تتخلص من عبء المنزل وتتعزم بره على غدا أو عشا -عادى، مخربتش الدنيا-. المرأة محتاجة راجل يفهم انها لما اتجوزته مكانتش بتتجوز محفظة فلوس أو واحد يصرف عليها وبس، وبالتالى مينفعش كل مايتحاسبوا يقول لها انا مش مقصر فى حاجة وباشترى كل طلباتك!!! لإن ببساطة لو الحسبة كده يبقى البنت من حقها تختار أغنى واحد فى اللى اتقدمولها أو على الأقل لازم يكون أغنى من أبوها طالما المسألة بقت انفاق وبس.
المرأة محتاجة راجل تلمح فى عينه الإعجاب وتحس منه الإخلاص والوفاء والحنااااااااااااااان، المرأة محتاجة تحس بالأمان وإنها حتى لو غلطت مش هتلاقى زوجها واقف فى وشها وإنما واقف جنبها، وإنها لو وقعت هيمد إيده يسندها مش هيقف يهزأها ويهزأ من ضعفها وخيبتها، محتاجة تحس انه فى المشاكل بينها وبين الأخرين مش هيظلمها ويقف فى صف حد ضدها وهو عارف انها مش غلطانه بس مضطر يمثل الشهامة.
محتاجة لراجل تتكلم معاه بلا حدود وهى مش خايفه يتعصب أو يعاقبها أو يسخر منها أو من تفكيرها ويغلطها فى كل جملة فى الحوار، محتاجة لشخص تحس معاه انها طايره فى الهوا، مش غرقانة فى البحر وهو اللى بمزاجة يسحبها ينجيها أو يغرقها، المرأة محتاجة تحس بالأمان.
أسماء الزلاقي: المرأة تريد حنان ونظرة ولمسة محبة، تريد ان يبتسم لها ويتحدث إليها, لا هذه النظرة الجامدة والصمت الذييذبلها. تريد أن يخبرها بما يفعل ويجعلها على نور دائما لأنها سرعان ماتقع فريسة الشكوك وتتوحش دون أن يفهم السبب لأن الأوهام كبرت براسها، وتريده مسؤولاً مهتما بأولاده يتفقد احتياجاتها واحتياجاتهم ليلبي منها ما استطاع، وأن يريدها لذاتها لا لحاجاته، ويشكر صنعها في بيته.
إذن في النهاية تنحصراحتياجات المرأة في التقدير والإحترام والحب والإحتواء والحماية والدلع, ومراعاة ظروفها الصحية والنفسية, وتحمل مزاجها الأنثوي المتقلب, وأن يكون لها وحدها ولا يشعل غيرتها بغيرها, ويحترمها كإنسانة ولا يراها مجرد جسد, ويغدق عليها من مشاعره, ويحتويها وهي غاضبها ويحتضنها ويطبيطب عليها, ويصالحها بعد الخصام, ويساعده في القيام بواجباتها, ويمنحها الأمان المادي والمعنوي, ويشعرها أنها ملكة, ويمتدح أنوثتها, ويفاجئها من وقت لآخر بهدية ولو بسيطة, ويشكرها على ما تفعله من أجله ومن أجل أبنائه, وأن لا يهملها أو يستفزها, وأن يغض بصره عن الأخريات, وأن يهتم بمظهره, ويحترم أهلها ويودهم, وأن يتحمل أخطاءها, ولا يستغل ضعفها, ولا يسخر من تفكيرها أو يسفه آراءها, ولا يتجبر عليها بقوته, ولا يعايرها بنقصها..... هي تريده باختصار أن يكون رجلا.
واقرأ أيضاً:
الدردشة الالكترونية وحوار الأعماق / مشاعر أرملة عصرية / الرعاية النفسية للمغتصبات / الرعاية النفسية للعانس / بين الأنوثة والعنوسة